غواصة فرنسية تنضم إلى فريق البحث عن الصندوق الأسود للطائرة المصرية

تضارب حول صحة تقرير يؤكد تعرض الطائرة المنكوبة للانفجار

غواصة فرنسية تنضم إلى فريق البحث عن الصندوق الأسود للطائرة المصرية
TT

غواصة فرنسية تنضم إلى فريق البحث عن الصندوق الأسود للطائرة المصرية

غواصة فرنسية تنضم إلى فريق البحث عن الصندوق الأسود للطائرة المصرية

لا يزال الغموض هو سيد الموقف في لغز تحطم الطائرة المصرية التي كانت في طريق عودتها للقاهرة من مطار شارل ديغول بالعاصمة الفرنسية باريس، الخميس الماضي. فبعد ساعات من معلومات خرجت من فرنسا رجحت فرضية «الخطأ الفني»، قال مصدر قضائي مصري إن المعاينة الأولية لأشلاء ضحايا الحادث تشير إلى وقوع انفجار داخل الطائرة المنكوبة، قبل أن ينفي رئيس هيئة الطب الشرعي رسميا صحة هذه التسريبات ما أعاد التكهنات حول حقيقة ما جرى للمربع الأول.
وفي غضون ذلك، استقبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وفدا برلمانيا فرنسيا، معتبرا أن الزيارة تمثل ردا على محاولات النيل من علاقات البلدين، في إشارة إلى حادث تحطم الطائرة المصرية.
رسميا تقف باريس والقاهرة على مسافة واحدة. ويشدد المسؤولون في البلدين على ضرورة انتظار نتائج التحقيقات، التي تنتظر بدورها نجاح جهود البحث عن الصندوقين الأسودين للطائرة الـ«إيرباص 320». وفي مسعى لتعزيز تلك الجهود دفعت فرنسا بإحدى غواصاتها أمس للمشاركة إلى جانب الغواصات المصرية في البحث عن تسجيلات الرحلة 804 المنكوبة.
وأكد الرئيس السيسي خلال لقائه وفدا برلمانيا فرنسيا أمس أهمية تعزيز الجهود المصرية - الفرنسية من أجل الكشف عن ملابسات الحادث. واعتبر الرئيس المصري أن زيارة الوفد الفرنسي في هذا التوقيت تعكس عمق العلاقات بين البلدين، وقدرتها على تجاوز مختلف التحديات، كما تمثل ردا على أي محاولات تستهدف النيل من العلاقات المصرية الفرنسية، مؤكدًا حرص مصر على عدم المساس بتلك العلاقات أو الإضرار بها.
وقدم الرئيس السيسي التعازي في الضحايا الفرنسيين الذين لقوا حتفهم في حادث تحطم الطائرة المصرية، وأعرب في الوقت نفسه عن اهتمام القاهرة بعودة حركة السياحة الفرنسية إلى مصر إلى طبيعتها.
من جانبه، أكد وفد الصداقة الفرنسي خلال لقائه رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل أن الحادث لن يكدر صفو العلاقات المتميزة بين البلدين، والتي شهدت تقدما وتطورا كبيرا على الأصعدة السياسية والاقتصادية كافة خلال الفترة الماضية.
لكن خلف النبرة الهادئة للتصريحات الرسمية، يدور صراع بين فرضية «الخطأ الفني» التي تبرئ ساحة الإجراءات الأمنية في مطار شارل ديغول، وقد تلقي بلوم على الطيارين المصريين، وبين فرضية «العمل الإرهابي» والتي من شأنها إعادة بناء سياق جديد حول مسؤولية الأمن المصري في مطار شرم الشيخ عن تحطم الطائرة الروسية فوق سماء شبه جزيرة سيناء في أكتوبر (تشرين الأول) العام الماضي.
وقالت مصادر مطلعة باللجنة المصرية المكلفة بالتحقيق في حادث الطائرة المنكوبة إن التقرير الأولي للطب الشرعي يقول إن أشلاء ضحايا الطائرة التي تم انتشالها حتى الآن تشير إلى حدوث انفجار قبل سقوط الطائرة.
وأضافت المصادر، في تصريحات للصحافيين، أن تقارير الطب الشرعي الأولية تشير إلى عدم تعرض الأشلاء للافتراس من جانب الأسماك بالبحر المتوسط، كما تبين وقوع انفجار قبل سقوط الطائرة، حيث إن «الجثث كلها عبارة عن أشلاء صغيرة لم تتغير بعد سقوطها في المياه وهذا يؤكد تعرضها للانفجار»، مضيفة أنه لم تتضح بعد طبيعة هذا الانفجار أو أسبابه وجار فحص الأشلاء لاكتشاف باقي التفاصيل.
لكن هشام عبد الحميد، رئيس قطاع الطب الشرعي في مصر، نفى صدور أي تقرير رسمي أو تصريح بشأن وقوع انفجار على متن الطائرة، استنادا إلى فحص أشلاء بعض الضحايا.
وقال عبد الحميد في بيان له إن «ما نشر في هذا الصدد مجرد افتراضات لم تصدر عن المصلحة أو أي من أطباء المصلحة أو العاملين بها».
إلى ذلك، أصدرت لجنة التحقيق المصرية ثاني بياناتها الرسمية، مؤكدة أنه «تم نقل 18 مجموعة من حطام الطائرة إلى معامل البحث الجنائي بالقاهرة، وتم استصدار قرار النيابة بشأن أخذ عينات الحامض النووي DNA للبدء من اليوم (أمس الثلاثاء) لمضاهاتها من خلال الأطباء الشرعيين، وذلك تحت إشراف كامل من السلطات القضائية والتي تقدم دعمها الكامل للجنة التحقيق الفني».
وأشار بيان لجنة التحقيق إلى أن فريق التحقيق المصري يدرس بالاشتراك مع المحققين الفرنسيين جميع جوانب التحقيق المختلفة واضعين الأولوية لانتشال جثامين الضحايا وتحديد مكان الصندوقين الأسودين للطائرة.
وأضاف البيان أن فريق التحقيق بدأ بدراسة المعلومات المتصلة بالطائرة وأنظمتها وإجراءات صيانتها منذ بدء تشغيلها وحتى وقوع الحادث، إضافة إلى كل ما يتعلق بطاقم الطائرة من حيث ساعات الطيران والسجلات التدريبية، كما لفت إلى قيام فريق التحقيق بدراسة دقيقة لصور الرادار ومسجلات الحركة الجوية وحالة الطقس والمساعدات المقدمة من مطار الإقلاع، فضلا عن الحصول على جميع المعلومات المتاحة لدى الدول التي مرت عليها الطائرة خلال رحلة الحادث.
وفقدت طائرة الرحلة رقم 804 التابعة لشركة مصر للطيران فوق البحر المتوسط فجر الخميس الماضي بعد الدخول إلى المجال الجوي المصري بعشرة أميال وكان على متنها 66 شخصا، 30 مصريا و15 فرنسيا، 21 من جنسيات أخرى، فيما عد ضربة جديدة لقطاع السياحة في مصر الذي يعاني أصلا منذ حادث تحطم الطائرة الروسية.
وتأتي التسريبات حول تقرير الطب الشرعي في مصر على ما يبدو في محاولة لمواجهة سيل المعلومات التي تتداولها وسائل إعلام غربية نقلا عن مسؤولين فرنسيين تكرس فرضية الخطأ الفني.
وفي وقت طالبت فيه النيابة العامة في مصر اليونان وفرنسا مدها بوثائق خاصة بطائرة الركاب المصرية المنكوبة خلال وجودها في فرنسا وفي المجال الجوي اليوناني، قالت القاهرة إن ما تم تداوله في بعض وسائل الإعلام عن وجود اتصال بين قائد طائرة مصر للطيران «إيرباص 320»، بوحدات المراقبة الجوية المصرية «ليس له أساس من الصحة».
وقال إيهاب محيي الدين عزمي، رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لخدمات الملاحة الجوية، إن «ما تناولته بعض وسائل الإعلام من أن هناك اتصالا تم من قائد طائرة مصر للطيران المنكوبة قبل تحطمها ليس له أساس من الصحة».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.