الطبقة المتوسطة في دول «الربيع العربي».. من «محرك» إلى «عائق» للنمو

تُعزز الطلب على التعليم والصحة والبنية التحتية

إحدى المدارس في مصر (رويترز)
إحدى المدارس في مصر (رويترز)
TT
20

الطبقة المتوسطة في دول «الربيع العربي».. من «محرك» إلى «عائق» للنمو

إحدى المدارس في مصر (رويترز)
إحدى المدارس في مصر (رويترز)

ليست المهمة الوحيدة للطبقة الوسطى هي تعزيز الطلب على السلع والخدمات الخاصة، لكنها تعزز أيضًا الطلب على الكثير من الخدمات، مثل التعليم، والصحة، والبنية التحتية. والإنفاق الاستهلاكي المرتفع من قبل الطبقات المتوسطة يُسهم بصورة رئيسية في تحسين قدرة الاقتصاد على النمو ليس فقط بسرعة أكبر، ولكن أيضا على نحو مستدام وجامع.
وفي تقرير حديث صادر عن البنك الدولي، قدر حجم الطبقة الوسطى في مصر، الأردن، فلسطين، سوريا، تونس، واليمن باستخدام نهج الضعف. وبموجب هذه الطريقة، تعرف الطبقة الوسطى على أنهم ذوو الدخل الأعلى من خط محدد بنحو الضعف؛ أي أولئك الذين هم يأمنون بشكل معقول من الوقوع في براثن الفقر. وحسب البنك خط الضعف عند 4.9 دولار في اليوم للشخص الواحد بتقديرات عام 2005.
ووفقًا لتقديرات البنك الدولي، نحو 36 في المائة من سكان من هذه الاقتصادات الخمسة كانوا ينتمون للطبقة المتوسطة حتى منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، وتضخمت الطبقة الوسطى إلى 42 في المائة بحلول العام 2010. وكان نمو الطبقة الوسطى قويا بشكل خاص في سوريا وتونس، ولكن كانت ديناميات الطبقة المتوسطة سلبية في أماكن أخرى. وفي مصر واليمن، انخفض حجم الطبقة الوسطى بشكل كبير. وبحلول نهاية العقد تراجعت الطبقة الوسطى إلى أقل من 10 في المائة فقط.
وتتألف الطبقة الوسطى في الكثير من الدول العربية من فئتين رئيسيتين: موظفو القطاع العام والعاملين في المؤسسات الأمنية. هذه المجموعات هي من بين الأكثر تعليما ومؤثرة؛ ومع ذلك، فقد شهدت تراجعا في مستوى معيشتهم مع تقليص الحكومات إنفاقها على تنميتهم، وخاصة في مجال التعليم. ونتيجة لذلك، فقدت الطبقة الوسطى الكثير من الحوافز والامتيازات التي كانت تتمتع بها. وبحلول بداية القرن الواحد والعشرون، كان الشرق الأوسط المنطقة الوحيدة في العالم التي تعاني من الانخفاض الحاد في الرفاهية الذاتية. وفي أواخر عام 2010 وأوائل عام 2011. تدفقت الملايين من الناس في شوارع المدن الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (MENA)، تدعو إلى التغيير، بعد أن سادت الاضطرابات الاجتماعية في منطقة الشرق الأوسط بسبب عدم المساواة في توزيع الناتج الإجمالي لموارد الدول.
وكان مواطنو الطبقة الوسطى، هم أول من تدفقوا إلى الشوارع نتيجة تدهور معيشتهم بسبب انعدام فرص العمل في القطاع الرسمي، وسوء جودة الخدمات العامة، وعدم وجود مساءلة الحكومة. وحتى عشية الربيع العربي، كان الرضا عن الحياة منخفضا نسبيا، وارتفع الشعور بعدم الرضا عن الحياة والنمو.
وعلى وجه الخصوص، كان هناك ارتفاع في عدم الرضا عن جودة الخدمات الحكومية التي تؤثر على نوعية الحياة في منطقة الشرق الأوسط. وارتفعت النسبة المئوية للأشخاص غير الراضين عن توافر السكن بأسعار معقولة، وكان هناك زيادة في نسبة السكان غير الراضين عن وسائل النقل العام، الرعاية الصحية عالية الجودة، وتوفر فرص عمل جيدة.
وفي عام 2011، جلبت الانتفاضات معها مناقشات واسعة النطاق حول قضايا الإنصاف والإدماج في الصدارة. ورجح بعض الباحثين لدى مؤسسة البنك الدولي أن يكون عدم المساواة في الدخل كان أحد أهم العوامل وراء أحداث الربيع العربي.
ويوضح تحليل البنك الدولي لديناميكية الطبقة المتوسطة أنه لم يكن هناك توافق للطبقة المتوسطة في بلدان الربيع العربي. فلم تكن الطبقة المتوسطة الكبيرة والمتنامية في تونس تشعر بالازدهار، فضلا عن أنها كانت ممزقة من حيث الرؤى الاجتماعية والسياسية. وسبق أن صرحت المنظمة «التونسية للدفاع عن المستهلك» بأن مستوى المعيشة في البلاد تدهور على نحو وصفته بالخطير خلال السنوات الخمس الأخيرة، مرجعة ذلك إلى غلاء الأسعار وعجز الحكومات المتعاقبة عن التحكم في أسعار المواد الأساسية.
ووفقًا لبحث أجرته جامعة تونس في العام 2015، تدهورت القدرة الشرائية للمستهلك التونسي، بما يناهز 40 في المائة خلال الأربع سنوات التالية للثورة التونسية، أي بمعدل يناهز 10 في المائة سنويًا. وفي مصر، تعاني الطبقة المتوسطة من التآكل والتضاؤل المستمر، مع تفاقم معدلات الفقر بين الكثير من السكان. ويأتي هذا نتاجًا لعدد من الأسباب أهمها التدهور المستمر للأسعار - خاصة أسعار الغذاء - حتى أن معدل التضخم الشهري وصل لأكثر من 10.3 في المائة.
أما في سوريا، فقد نمت الطبقة المتوسطة سريعًا من مجرد قاعدة صغيرة، إلا أن الطبقة المتوسطة الصاعدة كانت تزداد تعاسة وتمزقا حيث إنهم كانوا من أصحاب المال الذي يجعلهم ضمن فئات الطبقة ذوي الدخول المرتفعة، لكن لظروف الحرب المستمرة تحولوا إلى متوسطي الدخول. وفي اليمن، أدى مزيج من الانقسامات الحادة وضآلة الطبقة المتوسطة وتقلصها إلى توفير الظروف المواتية لانعدام الاستقرار.



تباطؤ في تسريح العمالة بأميركا خلال أبريل

عمال يُسوّون خليطاً مصبوباً في مصنع «آيس ستون» لأسطح الزجاج المعاد تدويره بنيويورك (رويترز)
عمال يُسوّون خليطاً مصبوباً في مصنع «آيس ستون» لأسطح الزجاج المعاد تدويره بنيويورك (رويترز)
TT
20

تباطؤ في تسريح العمالة بأميركا خلال أبريل

عمال يُسوّون خليطاً مصبوباً في مصنع «آيس ستون» لأسطح الزجاج المعاد تدويره بنيويورك (رويترز)
عمال يُسوّون خليطاً مصبوباً في مصنع «آيس ستون» لأسطح الزجاج المعاد تدويره بنيويورك (رويترز)

تراجعت عمليات تسريح العمالة المُعلنة من قبل أصحاب العمل الأميركيين خلال أبريل (نيسان)، إلا أن الشركات واصلت ترددها في تعزيز التوظيف وسط غموض يكتنف التوقعات الاقتصادية نتيجة السياسات الجمركية.

وأفادت شركة «تشالنجر غراي آند كريسماس» العالمية للتوظيف الخارجي، الخميس، بأن خطط تسريح العمالة انخفضت بنسبة 62 في المائة لتسجل 105,441 وظيفة خلال الشهر الماضي. ومع ذلك، لا تزال هذه النسبة أعلى بـ63 في المائة مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي، كما تمثل أعلى حصيلة تُسجل لشهر أبريل منذ خمس سنوات، وفق «رويترز».

وقال أندرو تشالنجر، النائب الأول لرئيس الشركة: «تشير الشركات إجمالاً إلى حالة الاقتصاد والتحوّلات التكنولوجية. هناك تباطؤ في التوظيف، حيث يعمد أصحاب العمل إلى تقليص خطط التوظيف في انتظار ما ستؤول إليه الأمور على صعيد التجارة وسلاسل التوريد وإنفاق المستهلكين».

وقد أثر التوسع الكبير في الواردات، الذي جاء نتيجة مساعي الشركات لتسريع عمليات الشراء قبل دخول رسوم الرئيس دونالد ترمب الجمركية حيّز التنفيذ، على الناتج المحلي الإجمالي بالربع الأول من العام.

وبلغ عدد الوظائف التي أُعلن عن تسريحها منذ بداية العام 602,493 وظيفة، وهو أعلى إجمالي يُسجل منذ عام 2020، ويزيد بنسبة 87 في المائة مقارنة بـ322,043 وظيفة تم الإعلان عنها في الفترة ذاتها من عام 2024.

وقد تصدّر القطاع الحكومي هذه التخفيضات، حيث تم تسريح 282,227 موظفاً، من بينهم 281,452 وظيفة تعود إلى وزارة كفاءة الحكومة (DOGE)، التابعة لرجل الأعمال وملياردير التكنولوجيا إيلون ماسك.

وفي المقابل، ارتفعت خطط التوظيف إلى 16,191 وظيفة خلال أبريل، مقارنة بـ13,198 وظيفة في مارس (آذار)، لكنها لا تزال منخفضة نسبياً. ومع ذلك، فإن هذا الرقم يُمثل زيادة بنسبة 65 في المائة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.