ليلى يافاري: الموضة هي الحلقة الأضعف في الساحة الإبداعية بإيران حاليا

الإيرانية التي استغنت عن الدكتوراه في الاقتصاد السياسي لتصبح عارضة أزياء ثم سفيرة تسوق

في أسبوع لندن، بجاكيت من «بالمان» Balmain، توب من «سيلين» Celine، بنطلون من «بوتشي» Pucci، حذاء وحقيبة يد من «فندي» Fendi (تصوير: فيل تايلور) خلال أسبوع ميلانو الأخير وتظهر في كاب من «كلوي» Chloe، توب ونظارات شمسية من «سيلين» Celine، شورت من «نيل باريت» Neil Barrett (تصوير: فيكتوريا أدامز)  -  ليلى في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2014
في أسبوع لندن، بجاكيت من «بالمان» Balmain، توب من «سيلين» Celine، بنطلون من «بوتشي» Pucci، حذاء وحقيبة يد من «فندي» Fendi (تصوير: فيل تايلور) خلال أسبوع ميلانو الأخير وتظهر في كاب من «كلوي» Chloe، توب ونظارات شمسية من «سيلين» Celine، شورت من «نيل باريت» Neil Barrett (تصوير: فيكتوريا أدامز) - ليلى في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2014
TT

ليلى يافاري: الموضة هي الحلقة الأضعف في الساحة الإبداعية بإيران حاليا

في أسبوع لندن، بجاكيت من «بالمان» Balmain، توب من «سيلين» Celine، بنطلون من «بوتشي» Pucci، حذاء وحقيبة يد من «فندي» Fendi (تصوير: فيل تايلور) خلال أسبوع ميلانو الأخير وتظهر في كاب من «كلوي» Chloe، توب ونظارات شمسية من «سيلين» Celine، شورت من «نيل باريت» Neil Barrett (تصوير: فيكتوريا أدامز)  -  ليلى في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2014
في أسبوع لندن، بجاكيت من «بالمان» Balmain، توب من «سيلين» Celine، بنطلون من «بوتشي» Pucci، حذاء وحقيبة يد من «فندي» Fendi (تصوير: فيل تايلور) خلال أسبوع ميلانو الأخير وتظهر في كاب من «كلوي» Chloe، توب ونظارات شمسية من «سيلين» Celine، شورت من «نيل باريت» Neil Barrett (تصوير: فيكتوريا أدامز) - ليلى في أسبوع ميلانو لربيع وصيف 2014

ما بدأ بالنسبة للعارضة الإيرانية سابقا، ليلى يافاري كهواية مؤقتة إلى أن تتخرج في الجامعة وتحصل على شهادة الدكتوراه، تحول إلى مهنة، أولا كعارضة أزياء وحاليا كسفيرة ومديرة في موقع «ستايل بوب» الألماني (StyleBop.com).
كانت ليلى تدرس في جامعة بيركلي في قسم الاقتصاد السياسي التنموي والنظريات الثقافية، عندما اكتشفت في عام 2004 ومنحت فرصة المشاركة في عروض أزياء. كأي شابة في مقتبل العمر، كانت تعشق الموضة وتتابعها، لكن من بعيد ولم تكن تتوقع أن تغويها إلى حد احترافها. ورغم أن اسمها ليس له رنة العارضات السوبر، فإنها لو بدأت في الثمانينات أو بداية التسعينات لكانت واحدة منهن، لكن اكتشافها جاء بعد ذلك بكثير، وبعد أن تراجع مفهوم العارضات السوبر لحساب عارضات أوروبا الشرقية. الدليل أنه ما إن تقع عليها العين حتى تقتحم مخيلتك صور سيندي كروفورد، كريستي تورلينغتون، ناعومي كامبل، ليندا إيفانجليستا نظرا لمواصفاتها الجمالية ورشاقتها البعيدة كل البعد عن النحافة الأنوركسية. أما هي فتعد نفسها محظوظة لأن الأمور جرت بطريقة طبيعية جدا، وبشكل لم تكن تتوقعه أو تسعى إليه: «لقد كان هدفي التخرج بشهادة الدكتوراه، لهذا عندما عرضت عليه فرصة المشاركة في عروض أزياء، كانت الفكرة في البداية أن أشارك فيها بشكل مؤقت، وفي أوقات لا تتضارب مع دراستي، بيد أنني لا أنكر أنني بدأت أستمتع بها بالتدريج، خصوصا بعد أن أخذتني في أسفار ممتعة إلى باريس وميلانو وعواصم أوروبية أخرى، بل وحتى جنوب أفريقيا. وبعد أن كنت أقبل السفر للعمل في فترة الإجازات الصيفية فقط، بدأت أجد صعوبة في رفض فرص مهمة كانت تعرض عليَّ خلال العام الدراسي. في كل مرة، كنت أقنع نفسي بأنني، وبمجرد انتهاء عملي وعودتي، سأعوض الوقت الذي قضيته بعيدا عن الجامعة. في المقابل، وجدت نفسي أتغيب أكثر وأكثر، وفي كل مرة كنت أقنع نفسي بأن الفرصة لا تعوض ولا يجب رفضها».
هكذا كانت نقلة ليلى يافاري من المكتبات والأبحاث الجامعية إلى جلسات تصوير لا تنتهي وعروض أزياء تحملها إلى كل بقاع العالم. فقد تحول ما بدأ كهواية مؤقتة إلى مهنة أخذت مع الوقت وجوها مختلفة. ففي عام 2011 تحولت إلى تحرير الأزياء في موقع «ستايل بوب» ولم يمر سوى عام آخر حتى ترقت إلى وظيفة مشترية رئيسة فيه.
وتشرح أنها بعد أن تقاعدت كعارضة وهي في سن الشباب، لم تستطع الانفصال عن هذا العالم تماما، وبقيت فيه كخبيرة أزياء تارة، وكمحررة تركز على ثقافة الموضة وعلاقتها بالمجتمعات تارة أخرى، قبل أن تصبح المشترية الرئيسة والمديرة في موقع «ستايل بوب دوت كوم». الموقع كما تؤكد متخصص في المنتجات المترفة، ويعد أهم موقع تسوق في أوروبا، مضيفة أنها شعرت بحسها بأنها فرصة لا يمكن أن تعوض بمجرد أن عرضت عليها أول مرة في عام 2010. ما زاد من حماسها شخصية الأخوين المؤسسين للموقع، اللذين أعجبت بنظرتهما المستقبلية وطريقة عملهما. تقول: «بهرتني عصاميتهما وقصة بدايتهما من لا شيء. فقد بدآ منذ عشر سنوات تقريبا في شقة صغيرة فوق محلهما الخاص ببيع ملابس التجزئة. كانا يقومان بكل شيء بأنفسهما، من تعليب وتلقي الطلبيات وإرسالها وغير ذلك. الآن يعد الموقع واحدا من أكبر وأهم مواقع التسوق في العالم، يوظف ما لا يقل عن 220 موظفا سيرتفع عددهم إلى 300 موظف أو أكثر مع نهاية هذا العام».
التقت ليلى المؤسسين أول مرة في حفل اجتماعي ببرلين، وكانت الفكرة أولا أن توظف خبرتها التحريرية في مجال الموضة للإشراف على مجلة الموقع لاستقطاب قراء موضة قد يتحولون إلى زبائن. لم يمر سوى عام واحد حتى ترقت إلى سفيرة الموقع بعد أن تولت منصب المشترية الرئيسة فيه. فقد برهنت على إلمام تام بخبايا الموضة، فضلا عن حس فني وشبكة علاقات طويلة مع المصممين. فهي المسؤولة عن اختيار من ينضم منهم إلى الموقع، تلتقطهم بحس وعينين عارفتين. فالمهم بالنسبة لها، أن «يتمتعوا بأسلوب فريد وخاص يخاطب كل الجنسيات والأجناس، وخصوصا أن الموقع مفتوح على كل العالم بما في ذلك كوريا الشمالية وإيران».
تذكر إيران بابتسامة واسعة ونظرة لها مغزى، وكلما تعمق الحديث عن الموضة وعلاقتها بالثقافة، تزيد تلقائيتها وتسهب في الحديث بفخر عن أصولها الإيرانية، مؤكدة أنها وعلى الرغم من تربيتها في كاليفورنيا، تبقى إيرانية 100 في المائة: «فنحن في البيت نتخاطب مع بعض بالفارسية ونسمع موسيقى إيرانية وكل ما يمت لهذه الثقافة من صلة». كانت ليلى شابة عندما زارت مسقط رأسها، طهران، أول مرة، وكان ذلك منذ أكثر من عشر سنوات تقريبا، عندما كانت تحضر شهادة الماجستير عن المسرح الإيراني وعلاقته بمسرح بريخت، ما شجعها على زيارتها في الإجازات الصيفية. تتذكر أن المشهد كان جديدا عليها «فقد أصبت بصدمة ثقافية لأنني لم أكن محضرة نفسيا لما وجدته. فقد كبرت وأنا أسمع قصصا أشبه بالأساطير عن إيران قبل الثورة، إلى حد أنني كونت صورة مختلفة تماما في ذهني عما صادفته». وتضيف ليلى، وهي الأصغر بين ستة أخوة، أن علاقتها بمسقط رأسها مختلفة عن باقي أفراد الأسرة. فعلى العكس منهم، لم تكن فيها أي ذكريات خاصة، ولم تعش فيها أي تجارب أو تربط فيها صداقات طفولة تعزز انتماءها إليها، لهذا أحست بنوع من الغربة عندما زارتها لأول مرة في عام 2001.
هل هذا يعني أنها نادمة لأنها لم تعش طفولتها وحياتها في طهران؟ ترد بالنفي، لكنها تعترف بأن حياتها كانت ستأخذ مسارا مختلفا تماما، على الأقل من ناحية أنها كانت ستدرس مجالا إبداعيا عوض التخصص في مجال علمي، الأمر الذي كان سيلخص المسافات ويختزل الوقت بالنسبة لها: «فالإبداع يجري في دمي الإيراني، بينما فرضت الغربة تخصصي. فقد كان عليَّ وإخوتي دراسة مجال عملي يمكن الاستفادة منه والنجاح فيه». ومع ذلك لا تشعر بذرة ندم، فكل تجربة خاضتها، علمتها شيئا جديدا، ثم إنها في الأخير اتجهت إلى مجال إبداعي هو الموضة، كما تقول: «قطاع مهم، يدر المليارات على الاقتصاد مثله مثل قطاع السيارات، رغم أن الكثير من الناس لا يقدرون أهميته حتى الآن».
ثم تعود لتقول إن حالة عدم الانتماء التي شعرت بها في طهران جعلتها تنظر إلى الأمور بعيون موضوعية أكثر منها عاطفية، وهو ما يعد أمرا إيجابيا: «فأنا محظوظة أكثر من غيري لأنه بإمكاني زيارة مسقط رأسي والتعرف على البلد الذي شب فيه والداي وشكَّل شخصيتهما، وكبرت على قصصه وثقافته ولو من بعيد. فعندما غادرنا إيران لم نكن نتوقع أن يسمح لنا بالعودة أبدا، لكن لحسن الحظ أن السلطات خففت من القيود بعد أن شعرت بأن فتح الأبواب لعودة رجال الأعمال وبعض الأطر مثل الأطباء أمر إيجابي، وهكذا اتصلوا بوالدي لطمأنته بأنه من الأشخاص المرحب بعودتهم».
زيارتها لإيران أول مرة كانت لتحضير شهادة الماجستير، ولأن إيران معروفة بالشعر والفنون، فإن الموضة لم تثر اهتمامها، وخصوصا أن غياب الألوان فيها لم يحفزها على الغوص فيها. وتشير إلى أنها الآن وبحكم عملها في مجال الموضة تسأل كثيرا عما إذا كانت تحاول أن تستعمل نفوذها لاكتشاف مصمم إيراني موهوب، وهو ما تقول إنه صعب في الوقت الحالي بحكم أن «إيران، مثل كوريا الشمالية منغلقة على نفسها ومنعزلة عن العالم منذ سنوات، لهذا من الصعب القول إنها تتوفر على صناعة موضة بالمعنى الصحيح. أتمنى أن تتطور للأحسن عندما تتحسن الأوضاع الاقتصادية مثل ما حصل في تركيا». وتستطرد مصححة ومدافعة عن نفسها في الوقت ذاته: «هناك إبداع، لا تفهميني خطأ، فالإيرانيون يتقنون صناعة السينما ومتألقون في الشعر والأدب وغيرها من الفنون، لكن الموضة ليست واحدة من تلك الفنون في الوقت الحالي، ولا يمكن القول إنها جزء من القوة الإبداعية في البلد. بل هي الحلقة الاضعف ففي أحسن الحالات، لا تزال تعتمد على تقليد التصاميم الغربية القديمة، من مجلات عمرها أكثر من عشر سنوات، وبالتالي لم تتطور ولا تواكب العصر. ما لاحظته أنها تتوفر على الكثير من الخياطات الماهرات، وبأن الذوق العام متأثر إلى حد كبير بالأسلوب الآسيوي من ناحية التطريز وما شابه ذلك».

* بحكم وظيفتها كمديرة قسم المشتريات في موقع «ستايل بوب» (stylebop.com) فإن ليلى يافاري مطالبة بمتابعة كل أسابيع الموضة لتتابع تطوراتها وتوجهاتها.. وفي الوقت ذاته لاكتشاف أسماء جديدة يمكن أن تضيفها إلى لائحة المصممين الموجودين حاليا في الموقع.. شهر كامل من العروض بدأ في نيويورك وانتقل إلى لندن ثم ميلانو وأخيرا وليس آخرا باريس لخصته في الملاحظات التالية:
* أسبوع لندن يدهشني دائما وهو المفضل لديَّ من بين كل أسابيع الموضة لأنه يضج بالابتكار والمواهب عدا أن العاصمة نفسها تتميز بحيوية معدية.
* التصاميم المستوحاة من التفصيل الرجالي إلى جانب الرومانسية الغامضة والبوب آرت كلها توجهات مهمة لخريف 2014 وشتاء 2015.
* الأزياء الخاصة بالنزهات ذات الطابع الرياضي المريح كانت هي الأخرى مهمة وتتنافس إلى حد ما مع التصاميم المطبوعة بالورود أو المطرزة.
* إذا كانت هناك قطعة أساسية لا بد من اختيارها بدقة للفت الأنظار في الموسمين المقبل فهي معطف بنوعية جيدة وتصميم عصري.
* المصمم الذي أثار انتباهي أكثر من غيره هو الكرواتي الأصل دامير دوما.. أعتقد أنه من الأسماء التي يجب الانتباه إليها لأنه سيكون له مستقبل باهر لما يتمتع به من أسلوب نظيف وقصات واضحة وعصرية رغم أن أساسها كلاسيكي.
* أعتقد أن البنطلونات المشبوكة مع قميص لتشكل قطعة واحدة تناسب المرأة في الشرق الأوسط فهي عصرية ومواكبة للموضة وفي الوقت ذاته محتشمة وهذا يعني أنها من التصاميم التي تتجاوز الصرعات والاتجاهات الموسمية وحتى البيئة وتخاطب كل الأنيقات.



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.