«شمشون» الأسطوري.. هل صهره الألمان إبان الحرب العالمية الثانية لصنع السلاح؟

بعد مضي ما يزيد عن سبعة عقود، لم يفقد علماء الآثار والمؤرخون الروس الأمل حتى اليوم في الحصول على معلومات دقيقة حول مصير التمثال الشهير «شمشون يمزق فك الأسد»، الواقف وسط نافورة الماء الرئيسية قبالة القصر في بيترهوف، بالقرب من مدينة بطرسبورغ الروسية (ليننغراد سابقًا). وفي مؤتمر صحافي بمناسبة افتتاح نوافير بيترهوف الشهيرة خلال موسم ربيع هذا العام، قالت يلينا كالينتسكايا، المديرة العامة لمجمع بيترهوف التاريخي إن مصير تمثال «شمشون»، الذي اختفى منذ 71 عامًا، ما زال مجهولاً منذ أن سرقه النازيون عندما دخلوا المدينة إبان الحرب العالمية الثانية.
وكشفت كالينسكايا عن انضمام عدد من المحققين الألمان إلى البحث المستمر منذ عقود عن تمثال «شمشون»، لكن دون أن تساعد نتائج تحقيقاتهم في التوصل إلى استنتاج دقيق تمامًا حول مصيره، واستطردت موضحة أن «المحققين الألمان عرضوا وثائق تاريخية حول صهر المعادن في تلك المرحلة في ألمانيا، وهم واثقون أن تمثال شمشون كان بين ما تم صهره»، إلا أن تلك المعلومات لم تكن كافية بالنسبة للمؤرخين الروس ومنهم مديرة مجمع بيترهوف، التي قالت: «نحن علماء تاريخ ونحتاج إلى معلومات دقيقة وموثقة» تساعد على تحديد مصير تمثال «شمشون يمزق فك الأسد» بدقة. وأكدت بعد ذلك أنه وعلى الرغم من عدم توصل التحقيقات والبحث المستمرين دومًا عن ذلك التمثال إلى أية نتائج ملموسة تساعد على تحديد مكان «شمشون»، فإن العاملين في المدينة التاريخية، التي أصبحت اليوم واحدة من أهم المعالم التاريخية، لم يفقدوا الأمل بأن يتمكنوا ذات يوم من الكشف عن الحقيقة كاملة حول مصير ذلك التمثال.
ويقف تمثال «شمشون يمزق فم الأسد» في وسط بحيرة قبالة القصر الرئيسي في مجمع بيترهوف، وهو أكبر وأقوى نافورة ماء في المجمع، حيث ينتصب على قاعدة من الغرانيت ارتفاعها ثلاثة أمتار، ومن فم الأسد الذي يبدو شمشون وهو يمزقه تنطلق نافورة ماء تصل حتى ارتفاع 21 مترًا. وتحيط شمشون عند قدميه ثمانية تماثيل لدلافين ذهبية، عبارة عن نوافير جانبية، بينما تضم القاعدة السفلى أربعة رؤوس لأسود تنساب المياه من أفواههم ويمثلون الاتجاهات الأربع. وتم نصب هذا التمثال عام 1735، بمناسبة مرور ربع قرن على انتصار الروس في معركتهم ضد السويد قرب بالتافا (مدينة أوكرانية حاليًا).
وتعود فكرة إنشاء مجمع بيترهوف، ومخططاته الرئيسية وأفكار تصميمه الفني إلى قيصر روسيا بطرس الأول. بينما تم سكب ونحت تمثال «شمشون يمزق فك الأسد» وفق نموذج للنحات الشهير بارتولوميو كارلو راستريلي.
وإبان الحرب العالمية الثانية سيطرت القوات النازية على مجمع قصر بيترهوف، الذي اختفى منه حينها تمثال «شمشون». ويسود اعتقاد بأن ألمانيا النازية قامت بصهره لأغراض عسكرية. إلا أن السلطات السوفياتية، وبعد أن انتصرت في الحرب العالمية الثانية واستعادت السيطرة على كامل الأراضي، بما في ذلك بيترهوف، تعاملت مع قضية بقاء التمثال في موقعه في مدينة القيصر بطرس على أنها مسألة كرامة وشرف، لذلك قام النحات السوفياتي فاسيلي سيمونوف ومساعده ميخائيلوف بدراسة دقيقة لمخططات بيترهوف كما كانت عليه قبل الحرب.
ومن ثم صمموا مجسمًا تم بفضله سكب تمثال «شمشون يمزق فك الأسد» من جديد. وفي عام 1947 تم افتتاح نافورة «شمشون»، بينما تأخر العمل بعض الشيء بالنسبة للنوافير - الدلافين الثمانية عند قدمي «شمشون»، التي تمكن النحاتون السوفيات من إعادة سكبها بحلول عام 1956.