«دليفري بوك»: مكتبة متنقلة تعيد أمجاد الحرف بطرق عصرية

تهدف إلى رأب الصدع بين الكتاب والباحثين عنه

بكداش يتأكد من وجود كتاب طلبه أحد الزبائن
بكداش يتأكد من وجود كتاب طلبه أحد الزبائن
TT

«دليفري بوك»: مكتبة متنقلة تعيد أمجاد الحرف بطرق عصرية

بكداش يتأكد من وجود كتاب طلبه أحد الزبائن
بكداش يتأكد من وجود كتاب طلبه أحد الزبائن

إذا كانت الثقافة غذاء الروح، وصقل النفس فإن تحقيقها والحصول على مادتها الأولية الأساس ومتمثل بالكتاب. وبمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي والشبكة العنكبوتية، تيسرت المصاعب ودخل مفهوم جديد لا سيما بين الشباب لنشر الثقافة والتحفيز على القراءة. إنه Bookpostأو خدمة توصيل الكتب بطريقة الـ«دليفري»، وبشكل مجاني.
هي ليست دعابة أو إعلانا بل فكرة إبداعية انطلقت من صفحة على الـ«فيس بوك» تحت عنوان bookpost «خدمة التوصيل المجاني للكتب» لتصبح اليوم مكتبة جوالة تؤمن كل الكتب والروايات. كل ما عليك فعله هو إرسال رسالة على الهاتف أو «WhatsApp» على رقم الهاتف الجوال 9613887909 للحصول على الكتب التثقيفية أو المدرسية.
ويقول هادي بكداش، صاحب المشروع في حديث لـ«الشرق الأوسط» الذي التقته في المكتبة: «الفكرة انطلقت في أغسطس (آب) الماضي، وهذا يشجع القارئ على طلب ما يريد من مؤلفات بسهولة، ويسمح له باختصار الوقت والمسافة، فلا ينتقل من مكانه أو يقصد المكتبة لابتياع الكتب، بل يطلبها بالهاتف، تماما كما يفعل حين يطلب وجبة طعام، فتصله على وجه السرعة».
ويضيف: «الفكرة بدأت من معاناة شخصية من مسألة تأمين الكتب المدرسية لأولادي. كنت أبحث في أكثر من مكتبة لتأمين الكتب، لذلك قررت أن أقوم بهذه المهمة بنفسي لأريح الأهالي من عبء هذه المهمة الصعبة».
وما هي إلا أيام قليلة حتى باشر بكداش بإنشاء فريق عمل يقوم بتلبية كل الاحتياجات، وراح الأخير يتواصل مع وكلاء الكثير من دور النشر لتأمين الكتب المطلوبة وبالتالي توصيلها إلى الزبون دون أي تكلفة إضافية.
لقد عاش بكداش بين الكتب منذ صغره في دار النشر التي يملكها والده الأديب اللبناني عبد الحميد بكداش مؤسس «دار المصور العربي»، وسرعان ما تلاشى ولعه في الكتب بعدما أحرقت الدار في الحرب. وهو يعرف جيدا كيف ينتقل بين الروايات والمنشورات بدقة وذكاء حتى صارت حياته تقتصر على نشر ثقافة الورق بكل وسائلها.
ومع تزايد ارتباط البشر بوسائل التواصل الاجتماعي، وحاجاتهم إلى كسب الوقت، وسعيهم للحصول على حاجاتهم بأسهل الطرق، جاءت فكرة إنشاء صفحة على «فيسبوك» تعنى بتأمين هذه الخدمة إلى مختلف المناطق اللبنانية، وهذا ما حصل فعلا. وتتنوع خدمة التوصيل خارج نطاق بيروت الكبرى عبر البريد (ليبان بوست أو آرامكس) أو بواسطة سائقي حافلات المناطق كمدينتي بشري وزغرتا شمالا وصيدا والنبطية وبنت جبيل جنوبا بهدف تنشيط حركة البيع والتشجيع على القراءة. فبالنسبة إلى بكداش تكمن مشكلة الكتاب في غياب الدعاية، وبالتالي كان لا بد من ابتكار فكرة تسويقية كفيلة بتفعيل هذه الخدمة بما يتلاءم مع عصرنا هذا. واللافت في هذا المشروع الإبداعي هو النجاح الملحوظ الذي حققه في السوق اللبنانية - في ظل تراجع عدد المكتبات المهمة والشاملة - بدليل المبيعات وعدد الزبائن الذي وصل إلى 1000 زبون تقريبا في بداية المشروع، خصوصا وأن الكتب جميعها متوفرة بلا استثناء وترضي مختلف الأذواق وبجميع اللغات.
وردا على سؤال يجيب بكداش: «نوفر أي عنوان مطلوب من الناشر أو المؤلف مباشرة، العناوين الجديدة والقديمة ودون أي اعتبار لتاريخ النشر، أي حتى الكتب القديمة نبحث عنها لدى ناشرها أو مؤلفها أو في المكتبات الخاصة ونعمل على تأمينها، والنسخ النادرة نعمل على تصويرها للراغبين».
ويصر صاحب الـ44 عاما على أن تسهيل توصيل الكتاب يرفع نسبة استهلاكه، أو طلبه. رغم أنه لا يستطيع أن يحقق تأمين كل الطلبات، في ساعات قليلة. عازيا ذلك إلى وجود كتب غير موجودة دائما في بيروت وصادرة في مصر أو المغرب العربي وغيره، وإلى طبيعة عمل بعض دور النشر التي تقفل أبوابها مبكرا.
أما على المستوى التسويقي فإن زبائن «Bookpost» بكداش، اعتادوا على طرحه عروضا شبه اليومية، كمجموعة روايات لكاتب واحد بسعر أقل من مجموع تكلفتها. علما أن نسبة الحسم التي يحصل عليها من دور النشر، تؤمن جزءا من تكاليف التوصيل المجاني.
وحول الصعوبات التي يواجهها مشروعه التثقيفي هذا، يؤكد بكداش: «نحاول اليوم الوصول إلى المناطق المحاذية للحدود جنوبا وشمالا وبقاعا، إضافة إلى مشكلة الكتاب القديم حيث إن أكثر المدارس لا تقبل بكتب قديمة حتى لو كانت صالحة، زيادة على احتكارها أحيانا لبيع الكتب وهذا ما يخالف قرار وزارة التربية، طالما أنها لا تملك دار نشر مسجلة».
هذا الواقع دفع ببكداش إلى التعامل مباشرة مع الأهل. وهو يطلب منهم - منذ بداية عمله - أن يحتفظوا بالكتب المدرسية، فإذا كانت في حالة جيدة يشتريها ليبيعها بالأسعار المناسبة التي لا تحمل الأهل أعباء مالية متزايدة.
ومن الصعوبات المادية أيضا التكاليف الأخرى المتعلقة بالدعاية وبالمستلزمات الجانبية، والنشاطات التي ينوي بكداش إقامتها ومنها ملتقى لأصحاب الكتب القديمة والمستعملة وأصحاب المكتبات الخاصة، وآخر للأهالي الراغبين ببيع أو تبديل كتب أولادهم المدرسية.
والملاحظ أن نسبة المستفيدين من هذا المشروع في تزايد مستمر، بعد نجاحه في الجمع بين الشأنين التجاري والثقافي، وسعيه إلى جذب أكبر عدد من القراء، مما سمح للكتاب باستعادة مكانته ولو جزئيا، ولم يعد موضوعا غريبا عن يوميات الناس، بل بات بمقدورهم أن يطلبوه في أي وقت وفي أي مكان.
في ظل التنافس الكبير الذي يشهده عالم الكتاب في عصر التكنولوجيا، يشدد بكداش على حرصه على تحويل الكتاب إلى حاجة أولية من السهل تحقيقها، أيا كان عنوانها أو لغتها. فكل الكتب حاضرة في مكتبته الافتراضية، تترقب طلبها، كي تسكن رفوف المكتبات الخاصة، وكي تلتهم عيون القراء صفحاتها، وهذا ما يراهن عليه.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.