سوق عمل عصيبة تواجه الشباب الأميركي غير الحاصل على مؤهل جامعي

الحاجة لكسب المال أبرز معوقات استكمال الدراسة.. والعاطلون يتجاوزون 3.2 مليون شاب

الحصول على وظائف جيدة أصبح مقترنا بدرجة كبيرة بالحصول على مؤهل جامعي
الحصول على وظائف جيدة أصبح مقترنا بدرجة كبيرة بالحصول على مؤهل جامعي
TT

سوق عمل عصيبة تواجه الشباب الأميركي غير الحاصل على مؤهل جامعي

الحصول على وظائف جيدة أصبح مقترنا بدرجة كبيرة بالحصول على مؤهل جامعي
الحصول على وظائف جيدة أصبح مقترنا بدرجة كبيرة بالحصول على مؤهل جامعي

كان أرباب الأعمال مصطفين منذ فصل الخريف لإجراء المقابلات الشخصية مع خريجي جامعة ميتشيغان هذا الشهر، وسط كثير من التفاخر والمباهاة بالمزايا والفوائد التي توفرها شركاتهم. وكان مسؤولو التوظيف يسألون إدارة الجامعة عن مواعيد المقابلات الشخصية للشركات المنافسة، كما تقول غيني هاركلرود، مساعدة مدير الجامعة لشؤون التنمية الإدارية، التي قالت إن أرباب الأعمال يقولون: «حسنا، نريد الحضور قبل أسبوع»، وأضافت: «لقد كان هذا الموسم من أكبر مواسم التوظيف لدينا، لقد كانت سوق التوظيف جيدة للغاية».
وتبدو التوقعات بالنسبة لكثير من خريجي المدارس الثانوية أكثر تحديا، كما يمكن لفيني براون أن يقول، وهو يبلغ الآن من العمر 20 عاما. ولقد تخرج قبل عامين في مدرسة والر الثانوية في ولاية تكساس، وظل يعمل لمدة عام كامل تقريبا لدى سلسلة مطاعم بابازيتو كانتينا المكسيكية في الولاية. وهو يحصل على أجر يبلغ 7.25 دولار في الساعة، حيث يدور عمله حول توصيل الطلبات للمنازل أو يزيد أجره بواقع 2.13 دولار في الساعة من البقشيش الذي يتركه الزبائن، الذي نادرا ما يصل إلى الحد الأدنى المتوقع كما يقول. وهو يريد أن يتقدم لشغل وظيفة المدير، غير أن مثل هذه المناصب تستلزم الحصول على مؤهل جامعي.
يقول براون: «ليس لدي هذا المؤهل، وذلك من أكبر العوائق التي تواجهني»، مشيرا إلى عدم قدرته على تغطية المصاريف الدراسية للالتحاق بالجامعة.
ويعاني معظم العمال الشباب من مشكلة السيد براون. إذ إن نسبة 10 في المائة فقط من الشبان الذين تتراوح أعمارهم بين 17 إلى 24 يحملون درجات جامعية أو دراسات عليا، وفقا لدراسة أجريت حديثا بواسطة معهد السياسات الاقتصادية، على الرغم من أن كثيرين منهم في طريقهم فعلا نحو التخرج.
وبالنسبة للشبان من خريجي المدارس الثانوية، يعتبر معدل البطالة مرتفعًا بصورة كبيرة ومزعجة، حيث يبلغ 17.8 في المائة من إجمالي عدد الخريجين. وبالنسبة للعاطلين منهم، فإما أنهم يريدون الحصول على وظائف بدوام كامل ولا يجدون إلا الوظائف بدوام جزئي، أو أنهم محبطون من الوضع الراهن لدرجة فقدان الرغبة في البحث الجاد عن الوظائف، وترتفع النسبة في ذلك وصولا إلى 33 في المائة.
ظل العمال الأصغر سنا يعانون من أوقات عصيبة في العثور على الوظيفة بمعدلات أكبر كثيرا من أقرانهم الأكبر سنا والأكثر خبرة. وحتى مع ذلك، كان التعافي الاقتصادي يشهد تقدما طفيفا بالنسبة للشبان من خريجي المدارس الثانوية عن أولئك المتخرجين من الكليات والجامعات.
وتقول أليس غولد، الخبيرة الاقتصادية البارزة في معهد السياسات الاقتصادية: «لقد تحسن الوضع منذ الركود الأخير، ولكنه لم يتحسن بصورة كبيرة»، ولقد لاحظت انخفاض متوسط الأجر بالساعة بالنسبة لخريجي المدارس الثانوية منذ عام 2000، على الرغم من الزيادات في متوسط الأجور في بعض الأماكن.
والسيدة غولد هي فرد من عدد متزايد من خبراء الاقتصاد وأرباب الأعمال والمدرسين الذين يطالبون ببذل المزيد من الجهود من أجل تحسين التوقعات والآفاق بالنسبة للشباب من دون الشهادات الجامعية.
ويقول تشونسي لينون، رئيس مبادرات القوى العاملة لدى بنك جيه بي مورغان تشيس: «لقد فشلنا من دون شك في الانتباه إلى (والاستثمار في) الفرص المتاحة للشباب الذين لم يسعفهم الحظ للالتحاق بالكليات والجامعات»، ولقد بدأ البنك في تنفيذ برنامج يتكلف 75 مليون دولار بهدف تصميم وتنفيذ التعليم الموجهة لسوق العمل في المدارس الثانوية والكليات الأهلية. بالنسبة لطلاب المدارس الثانوية، تعتبر الدراسة الجامعية ذات الأربع سنوات، وفي كثير من الأحيان، السبيل الوحيدة لتجاوز أزمة العثور على الوظائف، وعلى وجه التحديد بسبب أن فرص العمل المتاحة والأجور المعروضة هي أفضل بكثير بعد التخرج. ولكن الكثيرين ممن يلتحقون بالكليات لا ينتهون من تعليمهم العالي. وكما يقول السيد لينون، فإن «أكثر الأسباب شيوعا لعدم استكمال التعليم الجامعي هو حاجتهم لكسب الأموال من أجل إعالة أسرهم».
واعتبرت المدارس الثانوية المهنية والفنية بمثابة الملاذ الأخير بالنسبة لمن لم يستكملوا تعليمهم الجامعي. وفي الوقت نفسه، تعرض المعلمين والإداريين في بعض المؤسسات التعليمية للانتقادات بسبب توجيه الطلاب من الأقليات نحو تلك المدارس بدلا من البرامج الأكاديمية.
وتهدف المبادرة التي يرعاها بنك مورغان تشيس إلى إصلاح تلك السمعة. وعلى الرغم من تقلص بعض الفرص المتاحة في مجال مهارات البناء والوظائف المكتبية، كما يقول السيد لينون، فإن بعض المجالات الأخرى في نمو مطرد. ففي مجال الرعاية الصحية، على سبيل المثال، هناك حاجة مستمرة إلى الفنيين في الأشعة والفصد، وفي مجال التصنيع والطيران المتقدم، هناك حاجة إلى عمال الصيانة الميكانيكية.
وأضاف السيد لينون يقول إن المدارس المهنية لم يعد يُنظر إليها بوصفها الملاذ الأخير، إذ إنها يمكن أن تكون بمثابة نقاط انطلاق نحو الحصول على شهادات المساعدة من الكليات الأهلية أو تتيح فرصة الالتحاق بالمؤسسات التعليمية ذات الأربع سنوات الدراسية.
حصل إيزاك كوردسو (17 عاما)، المتخرج في مدرسة ميدفورد الفنية المهنية في ولاية ماساتشوستس في يونيو (حزيران)، على وظيفة كهربائي تحت التدريب، التي يحصل فيها على أجر يبلغ 12 دولارًا في الساعة. ويقول: «التحقت بالمدرسة الفنية المهنية بهدف العثور على وظيفة في مجال السيارات، ولكنني وقعت في عشق الكهرباء ورأيت لنفسي مستقبلا عظيما من خلالها».
ولقد تقدم كوردسو بطلب الحصول على مكان جيد للغاية في الاتحاد المحلي لعمال الكهرباء، حيث تبدأ الأجور من 18.25 دولار في الساعة. وكونه تحت التدريب، يتيح له العمل أثناء متابعة الدراسة، والتدرب في ذات الوقت، لكي يصبح عاملا ماهرا، وهي وظيفة يبلغ أجرها بالساعة 28 دولارا. وهناك الكثير من الوظائف في انتظار زملائه في الدراسة المهنية كما يقول.
ستيفاني ديلوكا هي عالمة الاجتماع لدى جامعة جونز هوبكينز، وأيضًا هي المؤلفة المشاركة في دراسة حول جيل الألفية من الشباب الأميركيين الأفارقة من ذوي الدخل المنخفض في بولتيمور، كانت بعنوان «بلوغ سن الرشد في أميركا الأخرى». وهي توافق على أنه هناك حاجة ماسة إلى وجود المزيد من البرامج المهنية الموجهة في المدارس الثانوية وفي الكليات الأهلية.
وتقول ديلوكا عن الشباب الذين عقدت معهم المقابلات الشخصية: «إنهم يبحثون عن الوظائف. وهم في حاجة إلى انطلاقة سريعة».
ومع ذلك، فإن الأجور المتدنية إلى جانب ارتفاع أسعار المساكن تجعل المضي قدمًا من الصعوبة بمكان. وتقول السيدة ديلوكا: «إنهم يبحثون عن الوظائف في المطاعم ومحلات الوجبات السريعة، والوظائف الأمنية التي يعملون خلالها لمدة 60 ساعة في الأسبوع ولا تكاد تكفي مطالب الحياة».
وعلى الرغم من التحسينات التي تشهدها سوق العمل، فإن أكثر شيء سبب الإزعاج للسيدة مارثا روس، الباحثة لدى معهد بروكيننغز في واشنطن، كان الشباب الأميركي المحروم من فرص العمل، والذين يبلغون 3.2 مليون شاب ما بين 16 و24 عاما والذين لم يتمكنوا من الالتحاق بالمدارس وليست لديهم وظائف.
وتقول السيد روس: «إن تعداد أولئك الشباب كان أكبر بكثير مما توقعت»، وهي أيضًا المؤلفة المشاركة لورقة بحثية حول توظيف الشباب في الولايات المتحدة. وعلى الرغم من التفاوت الواسع بين مختلف المدن الحضرية، كما خلصت الدراسة، ففي بعض المجتمعات، فإن الشباب الأميركي من أصول أفريقية أو لاتينية هم أكثر عرضة بواقع 3 إلى 5 مرات من الشباب البيض لأن يندرجوا تحت هذه الشريحة.
وإذا كانت الأوضاع عصيبة بالنسبة لخريجي المدارس الثانوية، فإن البحث عن الوظيفة بالنسبة لغير الخريجين منها سوف يكون أكثر صعوبة. يقول آدم ماكينلي (18) عاما أنه ترك الدراسة في المدرسة الثانوية في بولتيمور العام الماضي نظرا لحاجته للعمل بدوام كامل. ولقد عمل لفترة وجيزة لدى مطاعم دانكن للفطائر المحلاة، ثم بحث عن عمل في المقاهي والحانات والمطاعم والفنادق والمخازن. وبسبب أن معظم طلبات التوظيف تتم عبر الإنترنت، يقول ماكينلي إنه لا يعرف لماذا لا يتصل به أحد من أرباب الأعمال.
ويضيف قائلا: «إن الوضع محبط للغاية.. وليست لدينا أية فكرة عما يجري هنالك».
* خدمة «نيويورك تايمز»



جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة
TT

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

جامعة ياغيلونيا البولونية... احتلها النازيون فأسست مؤسسة تعليمية سرية مناهضة

تم تصنيف جامعة ياغيلونيا في مدينة كراكوف البولندية كأفضل مؤسسة تعليمية جامعية في البلاد، إلى جانب كونها واحدة من أعرق الجامعات في العالم. بدأت قصتها عام 1364 عندما نجح الملك كازيمير الأعظم بعد سنوات طويلة في إقناع البابا أوربان الخامس بمنح تصريح لإنشاء مؤسسة للتعليم الجامعي في مدينة كراكوف، قام الملك بتمويلها بعائدات مناجم فياليتشكا الملحية القريبة.
بعد ثلاث سنوات كان الجرس يدق في أرجاء المؤسسة معلناً عن بدء الدروس والتي كانت في الفلسفة والقانون والطب. وبدأت الجامعة، التي كان أول اسم يطلق عليها هو أكاديمية كراكوف، في الازدهار والنجاح خلال القرن التالي عندما بدأت في تدريس الرياضيات واللاهوت والفلك، حيث جذبت تلك المواد الباحثين والدارسين البارزين من مختلف أنحاء أوروبا. وتطلب توسعها بخطى سريعة إنشاء حرم جامعي أكبر. وقد التحق نيكولاس كوبرنيكوس، الذي أحدث بعد ذلك ثورة في فهم الكون، بالجامعة منذ عام 1491 حتى 1495.
مع ذلك، لم يستمر ما حققته الجامعة من نجاح وازدهار لمدة طويلة كما يحدث طوال تاريخ بولندا؛ ففي عام 1939 احتل النازيون مدينة كراكوف وألقوا القبض على الأساتذة بالجامعة وقاموا بنقلهم إلى معسكري التعذيب زاكزينهاوسين، وداخاو؛ ولم يعد الكثيرون، لكن من فعلوا ساعدوا في تأسيس جامعة مناهضة سرية ظلت تعمل حتى نهاية الحرب. كذلك اضطلعت جامعة ياغيلونيا بدور في الاحتجاجات المناهضة للنظام الشمولي في الستينات والثمانينات، واستعادت حالياً مكانتها المرموقة كمؤسسة لتدريب وتعليم النخبة المتعلمة المثقفة في بولندا.
ساعد انضمام بولندا إلى الاتحاد الأوروبي عام 2004 في زيادة موارد الجامعة، وفتح أقسام جديدة، وإنشاء مرافق أفضل منها ما يسمى بـ«الحرم الجامعي الثالث» أو «الحرم الجامعي للذكرى الـ600» في منطقة بيخوفيسه. وبلغ عدد الملتحقين بالجامعة في 87 برنامجا دراسيا خلال العام الدراسي 2015-2016 47.494 طالباً.
وطوال قرون التحق خلالها عدد كبير من الطلبة بالجامعة، كان التحاق أول طالبة بالجامعة يمثل حدثاً بارزاً، حيث قامت فتاة تدعى نوفويكا، بالتسجيل في الجامعة قبل السماح للفتيات بالالتحاق بالجامعة بنحو 500 عام، وكان ذلك عام 1897، وتمكنت من فعل ذلك بالتنكر في زي شاب، وكانت الفترة التي قضتها في الدراسة بالجامعة تسبق الفترة التي قضاها زميل آخر لحق بها بعد نحو قرن، وكان من أشهر خريجي الجامعة، وهو نيكولاس كوبرنيكوس، الذي انضم إلى مجموعة عام 1492، وربما يشتهر كوبرنيكوس، الذي يعد مؤسس علم الفلك الحديث، بكونه أول من يؤكد أن الأرض تدور حول الشمس، وهو استنتاج توصل إليه أثناء دراسته في الجامعة، ولم ينشره إلا قبل وفاته ببضعة أشهر خوفاً من الإعدام حرقاً على العمود. من الطلبة الآخرين المميزين كارول فويتيالا، والذي يعرف باسم البابا يوحنا بولس الثاني، الذي درس في قسم فقه اللغة التاريخي والمقارن بالجامعة.