«أوراسيا ـ آسيان».. محور موسكو البديل للتغلب على مصاعبها الاقتصادية

سوتشي استضافت قمة لـ«التوازن» وترحيب من جنوب شرقي آسيا بتأسيس التحالف

«أوراسيا ـ آسيان».. محور موسكو البديل  للتغلب على مصاعبها الاقتصادية
TT

«أوراسيا ـ آسيان».. محور موسكو البديل للتغلب على مصاعبها الاقتصادية

«أوراسيا ـ آسيان».. محور موسكو البديل  للتغلب على مصاعبها الاقتصادية

كانت الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي حافلة بالأحداث في مدينة سوتشي، المنتجع الروسي الشهير المطل على البحر الأسود؛ حيث استضافت المدينة فعاليات قمة روسيا - رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، لأول مرة منذ انطلاق التعاون بين الجانبين. وتحمل القمة دلالات كثيرة وعلى أكثر من اتجاه؛ إذ جاءت في الذكرى اليوبيلية العشرين، إن جاز التعبير، لتأطير العلاقات بين موسكو ومجموعة «آسيان»؛ حيث نشأت روابط الحوار والشراكة بينهما منذ عام 1996. أما أول قمة تحمل صفة (روسيا - آسيان) فكانت في كوالالمبور عام 2005؛ حيث وقع الجانبان اتفاقية للتعاون ووضعا برنامج عمل مشتركا. ومنذ ذلك الحين تولي روسيا اهتماما للتعاون مع دول «آسيان»، في إطار سياسة الانفتاح على جميع «الأسواق»، بما يوفر التنوع أمام الاقتصاد الروسي من جانب، ويمنحه من جانب آخر مساحات واسعة من المناورة، تساهم في جذب الاهتمام الخارجي بالأسواق الروسية.
ومنذ أن انطلقت علاقات الشراكة بين روسيا ودول «آسيان» طرأت كثيرا من التغيرات على مستوى الدول الأعضاء في «آسيان»، وبالنسبة إلى روسيا التي استضافت القمة وهي تمر بظروف اقتصادية معقدة جدا يمكن اختصار أسبابها بعبارة واحدة هي «التوتر في العلاقات مع الغرب». وفي هذا الإطار يبدو أن قمة سوتشي قد حملت رسائل عدة سعت روسيا من خلالها تأكيد أن اختيار الغرب «القطيعة الاقتصادية» معها لأسباب سياسية، لا يعني عزلة روسيا اقتصاديا عن العالم، ولا يشكل تلك الخسارة الكبيرة بالنسبة لموسكو التي تجمعها علاقات تعاون مميزة مع دول أخرى تشغل مكانة مميزة في الاقتصاد العالمي.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لدول «آسيان» يبلغ قرابة 3.5 تريليون دولار، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 4 تريليونات بحلول عام 2020، فضلا عن ذلك فإن دول «آسيان» تشكل منطقة جاذبة للاستثمارات الأجنبية التي سجلت نموا عام 2014 بقدر 16 في المائة، وبلغت 136 مليار دولار أميركي.
من جانب آخر فإن مجموعة «آسيان» التي تشكل بحد ذاتها تنوعا؛ حيث تضم مجموعة من الدول التي أصبحت رائدة في مجالات كثيرة من الصناعات، ودولا أخرى ما زالت تسير على دربها نحو التنمية، تشكل بطبيعتها هذه شريكا مناسبا لروسيا التي يمكنها بناء علاقات شراكة اقتصادية قائمة على المصالح المتبادلة مع تلك الدول. ولا شك أن «آسيان» تشكل بالنسبة إلى الاقتصاد الروسي سوقا مهمة، وتملك قدرة عالية على الاستيعاب، بتعداد سكان يزيد عن 600 مليون نسمة، واقتصاد عام يبلغ حجمه قرابة 2.6 تريليون دولار أميركي. هذه المقومات ستساعد الروس في طرح منتجاتهم بصورة أوسع في أسواق دول طالما جمعتها تاريخيا مع موسكو علاقات صداقة تقليدية، وما زال بعضها يعتمد على المنتجات الروسية لاسيما في مجال الصناعات العسكرية.
أما روسيا فيمكنها أن تحصل على مصادر تمويل بديلة عن مصادر التمويل الغربية، وذلك إن تمكنت من جذب استثمارات أكبر من دول «آسيان» في الاقتصاد الروسي. وسيكون لتعزيز التعاون بين الجانبين ثمار سياسية من دون شك ستتجلى بتعزيز موقف روسيا ونفوذها في الفضاء الجغرافي لدول «آسيان».
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أشار في كلمته أمام قادة الدول العشرة الأعضاء في «آسيان» إلى توفر إمكانيات كبيرة لتوسيع التعاون التجاري بين الجانبين، لافتا إلى أنه وعلى الرغم من كل هذا فإن حجم التبادل التجاري بين روسيا و«آسيان» لم يتجاوز العام الماضي 13.7 مليار دولار، وهو مؤشر منخفض جدا مقارنة بميزان التبادل التجاري مع الدول الأخرى وفق ما يرى بوتين، الذي أضاف أن «الاستثمارات الحالية لا تتناسب أيضا مع تلك الإمكانيات المتوفرة»، داعيا إلى أن تأخذ دول «آسيان» بالحسبان التجارب على مستوى التعاون الثنائي بين روسيا وبعض دول «آسيان»، ونبه على سبيل المثال إلى الاستثمارات التايلاندية في مجمع الصناعات الروسية، والفيتنامية في مجال إنتاج النفط والغاز، والسنغافورية في مجال التقنيات الحديثة. كما ذكر أن قطاع الأعمال الروسي يستثمر أيضا في استخراج المواد الخام في إندونيسيا، وفي مجال الطاقة النووية السلمية في فيتنام، ويخطط للاستثمار في مجال التقنيات الدقيقة في ماليزيا.
اهتمامات روسيا لم تقتصر على تعزيز موسكو علاقاتها مع «آسيان»، بل تجاوز ذلك نحو الدفع لتعزيز العلاقات بين المجموعات والتكتلات الإقليمية، وذلك حين دعت إلى إقامة منطقة تجارة حرة بين رابطة «آسيان» والاتحاد الاقتصادي «الأوراسي» الذي يضم روسيا وكازاخستان وبيلاروس وأرمينيا وقرغيزيا. وقد عبر بوتين بوضوح عن تلك الرغبة خلال القمة، معربا عن قناعته بأن إقامة مثل تلك المنطقة سيشكل مساهمة في تشكيل منطقة التجارة الحرة في منطقة آسيا - المحيط الهادئ.
ويبدو أن القمة قد نجحت في تحقيق نتائج غاية في الأهمية، ترسم معالم تطوير التعاون بين روسيا و«آسيان»، وبين «آسيان» والاتحاد الاقتصادي «الأوراسي». وتحت عنوان «على درب الشراكة الاستراتيجية القائمة على أساس المنفعة المتبادلة»، أشار البيان الختامي لقمة سوتشي إلى خطوات عملية على تلك الدرب، الذي جاء فيه أن «دول (آسيان) تعرب عن استعدادها لدراسة الاقتراح الروسي حول إقامة منطقة تجارة حرة مع الاتحاد الاقتصادي (الأوراسي)، وستنظر في آفاق التعاون مع منظمة شنغهاي للتعاون الاقتصادي، وستبذل الدول المشاركة في البيان كل جهودها لتحقيق زيادة ملموسة على حجم التبادل التجاري بين (آسيان) وروسيا»، كما تضمن البيان الختامي للقمة خطة شاملة لتطوير التعاون بين الجانبين لمرحلة 2016 - 2020.



السعودية توقّع تسع صفقات استراتيجية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية

وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)
وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)
TT

السعودية توقّع تسع صفقات استراتيجية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية

وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)
وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح خلال مؤتمر الاستثمار المقام في العاصمة السعودية الرياض (وزارة الاستثمار)

أعلن وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، تسع صفقات استراتيجية جديدة ضمن برنامج «جسري» لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد العالمية، مؤكداً أن هذه الصفقات تأتي في إطار «رؤية 2030» للتحول الاقتصادي، وتهدف إلى تحسين الوصول إلى المواد الأساسية وتعزيز التصنيع المحلي، بالإضافة إلى تعزيز الاستدامة والمشاركة السعودية في سلاسل الإمداد العالمية.

وفي كلمة له خلال مؤتمر «الاستثمار العالمي 28» الذي يُعقد هذا الأسبوع في الرياض، بمشاركة أكثر من 100 دولة، أشار الفالح إلى أن هذه الصفقات تمثّل خطوة مهمة نحو تحقيق هدف المملكة في بناء سلاسل إمداد أكثر مرونة وكفاءة.

وأكد أن البرنامج يعكس رؤية الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي الذي كان له الدور البارز في إطلاق هذه المبادرة قبل عامين، مشيراً إلى أن البرنامج هو جزء من الاستراتيجية الوطنية للاستثمار، ويشمل عدة برامج حكومية داعمة، مثل برنامج تطوير الصناعة الوطنية واللوجيستيات (ندلب).

وأضاف الفالح أن المملكة تسعى إلى تسهيل الوصول للمعادن الأساسية، وتشجيع التصنيع المحلي، وزيادة الوصول إلى أسواق الطاقة الخضراء العالمية. وأوضح أن «التوريد الأخضر» هو جزء من المبادرة السعودية؛ إذ ستعزّز المملكة سلاسل الإمداد عبر الاستثمار في الطاقة المتجددة.

وأشار الفالح إلى أن المملكة بصدد تطوير 100 فرصة استثمارية جديدة في 25 سلسلة قيمة، تتضمّن مشروعات رائدة في مجالات، مثل: الطاقة الخضراء والذكاء الاصطناعي. وأوضح أن الحكومة السعودية تقدّم حوافز خاصة إلى الشركات الراغبة في الاستثمار بالمناطق الاقتصادية الخاصة.

وأوضح أن المملكة تستعد للتوسع في استثمارات جديدة تشمل قطاعات، مثل: أشباه الموصلات والتصنيع الرقمي، في إطار التعاون المستمر بين القطاعات الحكومية والقطاع الخاص لتعزيز قدرة المملكة على تحقيق أهداف «رؤية 2030».

واختتم الفالح كلمته بتأكيد التزام الحكومة السعودية الكامل بتحقيق هذه الرؤية، مشيراً إلى أن الوزارات الحكومية المعنية ستواصل دعم هذه المبادرة الاستراتيجية التي تهدف إلى تحقيق تنمية مستدامة وتوطين الصناعات المتقدمة في المملكة.