الموصل تئن تحت قمع «داعش» وغياب الدولة

هاربون من جحيم التنظيم الإرهابي لـ «الشرق الأوسط» : نُقتل لأتفه الأسباب وقياداته مرفهون

عائلات هاربة من الموصل تصل إلى مخيم للنازحين في ناحية ديبكة التابعة لقضاء مخمور جنوب غربي أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
عائلات هاربة من الموصل تصل إلى مخيم للنازحين في ناحية ديبكة التابعة لقضاء مخمور جنوب غربي أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
TT

الموصل تئن تحت قمع «داعش» وغياب الدولة

عائلات هاربة من الموصل تصل إلى مخيم للنازحين في ناحية ديبكة التابعة لقضاء مخمور جنوب غربي أربيل أمس («الشرق الأوسط»)
عائلات هاربة من الموصل تصل إلى مخيم للنازحين في ناحية ديبكة التابعة لقضاء مخمور جنوب غربي أربيل أمس («الشرق الأوسط»)

بعد قطعهم طريقا مليئا بالمصاعب والمخاطر ومطاردات من قبل مسلحي تنظيم داعش، استطاعت مجموعة من مواطني الموصل الوصول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات البيشمركة في ناحية ديبكة التابعة لقضاء مخمور (60 كيلومترا جنوب غربي أربيل).
محمد اللهيبي، شاب موصلي قضى ليلتين في العراء لحين الوصول إلى المناطق الخاضعة لسيطرة البيشمركة، التقته «الشرق الأوسط» في المخيم المؤقت في ديبكة وهو منشغل بإتمام المعاملات الأمنية مع مجموعة أخرى من المواطنين الموصليين الذين نجوا بأنفسهم من الأوضاع الصعبة التي تشهدها مدينتهم، حيث يوزعون على مخيمات دائمة في ناحية ديبكة بعد إتمام الإجراءات الأمنية المتمثلة في التدقيق بأسمائهم ومعرفة فيما إذا كانوا منتمين لـ«داعش» أم لا.
يتحدث محمد عن آخر تطورات الوضع في مدينة الموصل التي تركها منذ أيام قليلة، ويمضي بالقول: «نحن في الموصل منقطعون عن العالم منذ نحو عامين. الحياة صعبة جدا وكل شيء ممنوع فيها، اللغة الطاغية على الحياة هي لغة الموت. مسلحو التنظيم يقتلون كل من يخالفهم وكل من يشكون فيه. وكل من لا يحضر إلى المسجد لأداء الصلاة يغرمه التنظيم بمبلغ 75 ألف دينار عراقي ويُجلد، كذلك كل من لا يُطلق لحيته يُعاقب من قبل التنظيم. السجائر والهواتف الجوالة وكذلك أجهزة استقبال القنوات الفضائية (الستالايت) هي الأخرى باتت ممنوعة، وجواسيسه منتشرون في كل مناطق وأحياء المدينة، يراقبون كل صغيرة وكبيرة.. الاعتقالات مستمرة، وينفذ التنظيم يوميا كثيرا من عمليات الإعدام وبطرق مختلفة في أسواق المدينة وساحاتها. كنا نعيش حالة رعب مستمرة في ظل هذه الممارسات». ويمضي محمد بالقول راويًا ما تعرض له جراء بيعه السجائر: «اقتحم مسلحو التنظيم منزلنا في أحد الأيام وقالوا لي إنني أبيع السجائر، لكنني نفيت ذلك، رغم أنني كنت فعلا قد بعت السجائر، وطالبتهم بالدليل، لذا جاءوا بشخص من المنطقة التي أقطنها وشهد ضدي وأنا أعرف هذه الشخص جيدا، وهو من جواسيس التنظيم، فساقوني إلى دائرة الشرطة، أو كما يسمونها (الحسبة)، وأصدروا عقوبة الجلد بحقي، وجلدوني أمام الناس 50 جلدة بأنبوب بلاستيكي غليظ، فتعرضت للأذى، ومن ثم غُرمت بمبلغ 75 ألف دينار، ومنذ ذلك اليوم لم أخرج من المنزل وبقيت فيه لحين الهروب من المدينة».
وعن كيفية الهروب من المدينة، بين محمد بالقول: «مشيت لعدة ساعات متتالية، لكن بحذر لكي لا أقع في كمائن مسلحي التنظيم، حتى وصلت إلى منطقة كانت عبارة عن غابات. اختبأت فيها يومين ثم واصلت السير، وقطعت النهر سباحة حتى وصلت إلى جبهات البيشمركة، وهناك استقبلوني ونقلوني مع عوائل أخرى كانت قد هربت هي الأخرى من الموصل، إلى مخيم مؤقت لإتمام الإجراءات الأمنية، ومن ثم سينقلوننا إلى مخيمات دائمة».
أما المواطن عامر، الذي لم يشأ أن يذكر اسمه الكامل لنا لدواع أمنية مرتبطة بوجود عائلته في الموصل، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأوضاع الاقتصادية صعبة جدا، المواد الغذائية قليلة جدا في الأسواق وأسعارها غالية بحيث انتشر الجوع. المواطن لا يستطيع أن يؤمن سوى وجبة طعام واحدة في اليوم. وأصبح التمر والباقلاء هما الغذاءان الرئيسيان في المدينة، والمواد الغذائية تدخل المدينة عن طريق الحدود السورية، كذلك الدواء أصبح قليلا جدا. كثيرون يموتون يوميا جراء نقص الغذاء والدواء، خصوصا كبار السن والأطفال. ومستشفيات المدينة مغلقة بوجه المواطنين لأنها تكتظ بجرحى وقتلى التنظيم».
ويشير عامر: «قادة التنظيم ومسؤولوه يعيشون في رفاهية ويأخذون الإتاوات من أصحاب المحلات التجارية والمواطنين، ويشن مسلحو التنظيم يوميا عدة حملات لاعتقال الشباب والأطفال والزج بهم في المعارك. أما النساء فيوزعهن التنظيم بالقوة على مسلحيه الأجانب، وإن امتنعن عن ذلك توجه لهن تهم الشرف ويُرجمن أمام الناس حتى الموت. لذا نساؤنا يختبئن داخل البيوت لكي لا يراهن مسلحو التنظيم». وكثف التنظيم خلال الأيام الماضية من حملات اعتقال المواطنين ونشر المئات من مسلحيه في كل أرجاء المدينة. واتخذ كثيرا من الإجراءات الدفاعية داخل الموصل تحسبا لأي عملية عسكرية موسعة قد تشنها القوات العراقية لتحريرها، خصوصا بعد الهزائم التي لحقت بـ«داعش» على كل الجبهات أمام قوات البيشمركة الكردية، والعمليات العسكرية التي بدأتها القوات العراقية خلال الأسابيع الماضية لتحرير القرى الواقعة جنوب مدينة الموصل. في غضون ذلك، سلط المراقب السياسي الموصلي هيثم العنزي، لـ«الشرق الأوسط» الضوء على أوضاع الموصل في كل المجالات، وأوضح بالقول: «الأوضاع المعيشية في الموصل سيئة. أسعار المواد الغذائية والوقود أصبحت مرتفعة جدا، مثلا سعر اللتر الواحد من مادة البنزين رديئة النوعية وصل إلى 1500 دينار. ووصل سعر كيس الطحين إلى نحو 60 ألف دينار عراقي، أما كيس الأرز فوصل سعره إلى نحو 70 ألف دينار».
وتابع العنزي: «بعد كل هروب لمسلحي التنظيم من ساحات المعركة يتعرض مواطنو الموصل إلى أقسى أنواع الإساءات والاتهامات من قبلهم، واعتقال أعداد كبيرة من المواطنين واتهامهم بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، وبلغ عدد الأشخاص الذين أعدمهم التنظيم خلال الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي نحو 80 شخصا. واستخدم التنظيم عدة أساليب لإعدامهم. بينما نشر التنظيم خلال الأيام الماضية عددا كبيرا من عناصره ومن المؤيدين له في شوارع الموصل، حيث نصبوا كثيرا من نقاط التفتيش في أحياء وشوارع المدينة، لمتابعة أشخاص معينين. وبحسب المعلومات التي وصلت إلينا من داخل المدينة، فإن عناصر التنظيم كانوا يحملون معهم صورا وأسماء أشخاص معينين وأرقام سيارات كانوا يبحثون عنها. اعتقلوا خلال هذه الحملة عددا من المواطنين بتهم مختلفة، وتجاوز عدد المواطنين الذين اعتقلوا في الموصل خلال الشهر الماضي وبداية الشهر الحالي400 مواطن». مشيرا إلى أن التنظيم حفر مجموعة من الخنادق في مداخل المدينة تحسبا للعملية العسكرية المرتقبة لتحريرها، وكذلك حفر خنادق رئيسية حول المدينة، خصوصا من الجهات الشمالية والشرقية والجنوبية.



«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
TT

«متحالفون» تدعو الأطراف السودانية لضمان مرور المساعدات

صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف
صورة نشرها الموفد الأميركي على «فيسبوك» لجلسة من المفاوضات حول السودان في جنيف

جدّدت مجموعة «متحالفون من أجل إنقاذ الأرواح والسلام بالسودان»، الجمعة، دعوتها الأطراف السودانية إلى ضمان المرور الآمن للمساعدات الإنسانية المنقذة لحياة ملايين المحتاجين، وفتح معابر حدودية إضافية لإيصالها عبر الطرق الأكثر كفاءة.

وعقدت المجموعة، التي تضم السعودية وأميركا وسويسرا والإمارات ومصر والاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة، الخميس، اجتماعاً افتراضياً لمواصلة الجهود الرامية إلى إنهاء معاناة الشعب السوداني.

وأكد بيان صادر عنها مواصلة العمل على إشراك الأطراف السودانية في جهود توسيع نطاق الوصول الطارئ للمساعدات الإنسانية، وتعزيز حماية المدنيين، مع الامتثال الأوسع للالتزامات القائمة بموجب القانون الإنساني الدولي و«إعلان جدة».

وأضاف: «في أعقاب الاجتماع الأولي بسويسرا، أكد مجلس السيادة على فتح معبر أدري الحدودي للعمليات الإنسانية، ما سمح، مع ضمانات الوصول على طول طريق الدبة، بنقل 5.8 مليون رطل من المساعدات الطارئة للمناطق المنكوبة بالمجاعة، والمعرضة للخطر في دارفور، وتقديمها لنحو ربع مليون شخص».

ودعت المجموعة القوات المسلحة السودانية و«قوات الدعم السريع» لضمان المرور الآمن للمساعدات على طول الطريق من بورتسودان عبر شندي إلى الخرطوم، كذلك من الخرطوم إلى الأبيض وكوستي، بما فيها عبر سنار، لإنقاذ حياة ملايين المحتاجين، مطالبةً بفتح معابر حدودية إضافية لمرورها عبر الطرق الأكثر مباشرة وكفاءة، بما فيها معبر أويل من جنوب السودان.

وأكدت التزامها بالعمل مع الشركاء الدوليين لتخفيف معاناة شعب السودان، والتوصل في النهاية إلى اتفاق لوقف الأعمال العدائية، معربةً عن قلقها الشديد إزاء التقارير عن الاشتباكات في الفاشر، شمال دارفور، ما أدى إلى نزوح الآلاف، ومجددةً تأكيدها أن النساء والفتيات هن الأكثر تضرراً، حيث يواجهن العنف المستمر والنهب من قبل الجماعات المسلحة.

وشدّدت المجموعة على ضرورة حماية جميع المدنيين، بما فيهم النازحون بالمخيمات، وأن يلتزم جميع الأطراف بالقانون الدولي الإنساني لمنع مزيد من المعاناة الإنسانية، مؤكدةً على مواصلة الارتقاء بآراء القيادات النسائية السودانية ودمجها في هذه الجهود.