واشنطن تقود عملية وشيكة لطرد «داعش» من معقله شمال سوريا

مصدر كردي: الهجمات جزء من خطة تبدأ من الموصل وتصل إلى الرقة

مقاتلون سوريون عرب يتدربون على أسلحة صغيرة في منطقة غير محددة شمال سوريا أمس (أ.ب)
مقاتلون سوريون عرب يتدربون على أسلحة صغيرة في منطقة غير محددة شمال سوريا أمس (أ.ب)
TT

واشنطن تقود عملية وشيكة لطرد «داعش» من معقله شمال سوريا

مقاتلون سوريون عرب يتدربون على أسلحة صغيرة في منطقة غير محددة شمال سوريا أمس (أ.ب)
مقاتلون سوريون عرب يتدربون على أسلحة صغيرة في منطقة غير محددة شمال سوريا أمس (أ.ب)

تكثّفت الاستعدادات لإطلاق هجمات واسعة ضد مدينة الرقة، وهجمات متزامنة في ريف حلب الشمالي، بهدف طرد تنظيم داعش منها، تشارك فيها قوات المعارضة السورية في الريف الشمالي، وقوات «سوريا الديمقراطية» التي تنسق مع الولايات المتحدة الأميركية لإطلاق الهجمات باتجاه عاصمة التنظيم، الرقة، وذلك بعد تعديل في الخطة المرسومة مسبقًا للانطلاق في المعارك.
وقالت مصادر سورية واسعة الاطلاع لـ«الشرق الأوسط» إن الخطة الجديدة وضعها التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة، واطلعت عليها قيادة «قوات سوريا الديمقراطية» التي ستشارك بفعالية في المعركة، مشيرة إلى أن المعركة «ستنطلق قريبًا جدًا بهدف الوصول إلى معقل التنظيم في الرقة».
وأوضحت المصادر نفسها أن الخطة جاءت بديلاً عن خطة سابقة كانت موضوعة للدخول إلى الرقة بعد طرد «داعش» من ريف حلب الشرقي، وتجفيف مصادر إمداداته عبر السيطرة على الخط الممتد من جرابلس الحدودية مع تركيا، وصولاً إلى منبج والباب، لإقفال سبعين كيلومترًا يستخدمها التنظيم منفذًا له على العالم، وذلك قبل التوجه إلى الرقة. وأشارت المصادر إلى أن تلك الخطة تبدلت قبل عدة أسابيع، ووضعت الآليات التنفيذية لها، و«ستنطلق الهجمات قريبًا جدًا»، لافتة إلى أن زيارة المسؤول الأميركي إلى شمال شرقي سوريا أول من أمس السبت «جاءت بهدف هذه الغاية».
وأعلن مصدر عسكري أميركي أن قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط الجنرال جوي فوتيل قام بزيارة قصيرة لسوريا السبت، حيث التقى قوات أميركية خاصة منتشرة في سوريا ومقاتلين محليين. وقال بريت ماكغورك المبعوث الخاص للرئيس الأميركي لدى التحالف ضد «داعش» في تغريدة على «تويتر» أن فوتيل زار سوريا السبت «للتحضير للهجوم على الرقة». والتقى الجنرال فوتيل «قوات خاصة أميركية تعمل مع مقاتلين عرب سوريين ومسؤولين في القوات الديمقراطية السورية».
وتزامن ذلك مع معلومات نشرها «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن تحركات للقوات الأميركية وطائراتها في مطار رميلان ووصول عناصر متدربة إلى سوريا من قواتها. وأوضح أن مطار رميلان العسكري شهد تحركات مستمرة من القوات الأميركية، حيث شوهدت طائرات مروحية تهبط في المطار الواقع بالقرب من بلدة رميلان. ونقل عن مصادر متقاطعة وصول عناصر متدربين من القوات الأميركية إلى سوريا، مرجحة احتمال بدء عملية عسكرية واسعة بغطاء من قوات التحالف الدولي ضد تنظيم داعش في أقصى ريف الحسكة الجنوبي وبشمال الرقة.
وتنشر الولايات المتحدة الأميركية في شمال سوريا نحو 250 خبيرًا أميركيًا لتنسيق القتال ضد «داعش».
وقال مصدر كردي لـ«الشرق الأوسط» إن الاختلاف في المعلومات حول المعركة: «ليس تباينًا»، مشيرًا إلى أن ما ذكره «المرصد السوري» يندرج ضمن إطار التفاصيل. وأكد أن المعركة ضد «داعش» «ستبدأ من الموصل العراقية وتصل إلى الرقة»، مشيرًا إلى أن الخطة «شاملة، وستشمل في سوريا مناطق ريف الحسكة وجزء من ريف حلب قرب ضفة نهر الفرات، كذلك الرقة».
وإذ نفى المصدر مشاركة قوات النظام السوري في العملية، أكد أن «المعلومة المؤكدة أن هناك تنسيقًا روسيًا – أميركيًا للإطاحة بتنظيم داعش»، مشيرًا إلى أن رفض مشاركة قوات النظام «التقت عليه الولايات المتحدة الأميركية وقوات سوريا الديمقراطية اللتان هدفتا لأن يُعطى الهجوم شرعية من خلال مشاركة السوريين غير النظاميين». وأكد «تعدد الأطياف السورية المشاركة في الهجوم»، موضحًا أن قوات «وحدات حماية الشعب» الكردية، ستشارك إلى جانب (جيش الثوار)، و(ثوار الرقة)، وآلاف المقاتلين من العشائر العربية الذي سيكون لهم دور مهم في طرد «داعش» من الرقة.
وأكد المصدر أن الحشود التي ستشارك في العملية «قادرة على تغطية المنطقة السورية الممتدة من ريف الحسكة (شمال شرق) وحتى مدينة الرقة وريف حلب الشرقي»، مؤكدًا أن «الاستعدادات بلغت جهوزية لخوض الحرب»، وأن «عشرات آلاف من المقاتلين باتوا في مواقع قتالية استعدادا لإعلان ساعة الصفر».
وتثير مشاركة الأكراد أسئلة عما إذا كان هؤلاء يسعون لتوسيع الإدارة الذاتية من كوباني (شمال شرقي حلب) الحدودية مع تركيا، باتجاه الرقة جنوبًا، وهو ما نفاه المصدر الكردي البارز، قائلاً: «ليس هناك ما يشير إلى ذلك. فالإدارة الذاتية لم تأخذ أي قرار من هذا النوع، وليست هناك معطيات حول إمكانية انضمام الرقة للإدارة الذاتية»، مشددًا على أن الهدف «هو تحرير الشعب السوري من الإرهاب، وطرد (داعش)». وقال: إن قرارًا مشابهًا بضم الرقة «لا يمكن أن يُتخذ قبل تحرير الرقة وتحقيق النصر».
وبموازاة الاستعدادات للهجوم على الرقة، بدأت قوات المعارضة السورية في شمال البلاد التحضير للهجوم على تنظيم داعش في المنطقة المحاذية للشريط الحدودي مع تركيا في ريف حلب الشمالي.
وأفاد «المرصد السوري لحقوق الإنسان» بأن دفعات جديدة تحوي عشرات المقاتلين من الفصائل الإسلامية والمقاتلة عبرت من ريف إدلب الشمالي ضمن الأراضي التركية إلى ريف حلب الشمالي، وذلك ضمن استعداداتها للهجوم على تمركزات لتنظيم داعش في ريف حلب الشمالي.
وأوضح مصدر عسكري معارض في شمال سوريا لـ«الشرق الأوسط»، أن انتقال المقاتلين «ليس جديدًا، حيث سمحت تركيا في وقت سابق بعبور مقاتلين من ريف إدلب إلى ريف حلب عبر أراضيها بغرض قتال تنظيم داعش»، مشيرًا إلى أن الهجمات «ستتفعل، لكننا نحتاج إلى غطاء جوي من قوات التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب بهدف بدء المعركة»، بالتزامن مع «الضربات المدفعية التركية التي يمكن أن تطلقها تركيا كما في مرات سابقة تستهدف مواقع وتمركزات لـ(داعش)».
من جهته، عبر أسعد الزعبي رئيس وفد المعارضة السورية إلى جنيف، عن قلقه من مخطط أميركي بالتنسيق مع روسيا لتسليم الرقة للأكراد خلال الساعات المقبلة، بعد تقييد حركة المعارضة، من خلال فتح عدة جبهات قتالية جديدة، فضلا عن الجبهات المعروفة.
وقال الزعبي لـ«الشرق الأوسط» إنه بعد السيطرة الروسية وقوات النظام على تدمر وانسحاب «داعش» منها، كانت هناك نية روسية لمتابعة الزحف نحو الرقّة، غير أن الولايات المتحدة الأميركية رفضت أن تنفذ هذه الخطوة على أيدي الروس، لأنها تعتبر أنها المعنية بالسيطرة على الرقة». وحذر الزعبي من أن خطة لتقسيم سوريا تبدأ الآن «باعتماد واشنطن على قوات سوريا الديمقراطية، ذات الأغلبية للقوات الكردية الانفصالية». لافتا إلى أن إلقاء التحالف بآلاف المنشورات على أهل الرقة تحثّهم على الخروج، هو بغرض أخلائها تمهيدا لتسليمها للأكراد». ووفق الزعبي، فإن «داعش»، هو الآخر، يحثّ أهل الرقّة على الخروج، وأن ذلك يأتي ضمن الأجندة الرئيسية المطلوبة منه: «لذلك فإن (داعش) يطلق اليوم آخر أهدافه وهي تسليم مدينتي الرقة ومدينة الزور، إلى الانفصاليين من الأكراد لتكوين كيان منفصل في منطقة تقع شمال شرقي سوريا».
وتساءل الزعبي عن سبب استبعاد الجيش الحر أو الفصائل الكثيرة التي تنتمي للجيش الحر من تحرير الرقة: «ولدينا فصائل هناك هي خلايا نائمة لا تستطيع الظهور؟»، مؤكدا أن أميركا بإمكانها العمل على تحرير الرقة بتسليح أهلها بالسلاح، وحينها يكون الهدف صائبا. متسائلا عن كل هذا التأخير في عملية السيطرة على الرقة، إلى هذه الفترة قبل نهاية فترة الرئيس الأميركي باراك أوباما.
وفيما يتعلق بإمكانية العودة للمفاوضات مرة أخرى، قال الزعبي إن «الحديث عن المفاوضات يختلف كليا عما يجري على أرض الواقع، مشددا على أن الاتجاه العام على أرض الواقع، هو في تعزيز الحل العسكري».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».