صدر مؤخرا عن الهيئة العامة السورية للكتاب بدمشق «موسوعة سينما البلدان» من تأليف مجموعة من الباحثين، وترجمة نبيل الدبس، ومراجعة وتقديم الدكتور جمال شحيد. والكتاب الموسوعة الذي يقدّم إضافة جيدة للمكتبة العربية وللجانب التوثيقي في السينما العالمية، كان قد صدر عن دار (لاروس) الباريسية في عام 2011 تحت عنوان «القاموس العالمي للسينما». وهو يتناول، حسب التقديم، نشأة السينما وتطورها في أكثر من ثمانين بلدا في العالم، أي البلدان التي اهتمت بالسينما. ويحلل الكتاب المراحل التي مرت بها السينما والمخرجين والممثلين وكتّاب السيناريو والمنتجين والتيارات السينمائية والمدارس التي عرفها هذا البلد أو ذاك.
اعتمدت في الكتاب الأحرف الأبجدية للبلدان في الحديث عن تاريخها السينمائي وليس الأقدم فيها فالأحدث؛ إذ يبدأ الكتاب بتوثيق السينما في الأرجنتين لينتهي باليونان، عابرا عشرات البلدان في غربي وشرقي الكرة الأرضية، مقدّما معلومات قيّمة عن السينما فيها. ففي فصل الولايات المتحدة الأميركية يؤكد المؤلفون أن اختراع السينما فيها تزامن مع أوروبا تقريبا، حيث لعب إديسون في الولايات المتحدة دورا مشابها لدور الأخوين لوميير في فرنسا. وسرعان ما أخلى جهاز المشاهدة الفردية (الكينيتوسكوب) مكانه للعرض الجماهيري. وكانت الغالبية العظمى من جمهورها تتألف من المهاجرين القادمين من أوروبا الوسطى والشمالية، الذين كانوا يعيشون في أحياء الصفيح المعدمة حول كبريات المدن.
ربما (فرنسا) البلد الوحيد الذي احتل من الكتاب العدد الأكبر من صفحاته في توثيق السينما فيها، فعبر 44 صفحة يطلع القارئ على المعلومات القيمة التي يقدمها مؤلفو الكتاب عن تاريخ ومراحل تطور السينما الفرنسية، وهي الأعرق أوروبيا وعالميا. ويؤكد لنا المؤلفون، أن هوية رواد السينما الفرنسية تبين بوضوح مدى تنوع مؤسسي هذه الوسيلة الجديدة للتعبير؛ فهذه الفاعلية الاقتصادية المستقبلية من خلال الأخوين لوميير وهما كانا مخترعين، ولكنهما في الوقت نفسه أبناء عائلة من الصناعيين المحترفين.. شارل باتييه جاء من التجارة الخفيفة (حتى أنه كان بائعا جوالا)، وليون غومون مقاول ناجح في معدات التصوير الفوتوغرافي، وجورج ميليس هو قبل كل شيء رجل مسرح... كل مشروع من مشاريع هؤلاء، حسب المؤلفين، سيساهم بطريقته في جعل الصناعة السينمائية الفرنسية الأولى في العالم حتى مطلع الحرب العالمية الأولى عام 1914 حين أوقفت الحرب عجلة الصناعة السينمائية الفرنسية، رغم أن المسلسلات الكوميدية وسلاسل الأفلام (مصاصو الدماء ـ جودكس لفوياد) حافظت على حيويتها. ثم ينقلنا مؤلفو الكتاب وبرشاقة كسلاسة معلوماتهم وغزارتها بين مراحل تطور السينما الفرنسية من زمن الفن الصامت حتى قدوم الناطق في عام 1929. الذي كان عاما مثيرا للشجون حين استولى القلق على الجميع، ممثلين ومنتجين، مستثمري الصالات والفنيين في ترقب احتضار السينما الصامتة. ثم ينقلنا المؤلفون إلى العصر الذهبي للواقعية الشعرية والفيلم الشعبوي، ومن ثم الإنتاج السينمائي الفرنسي أثناء الاحتلال النازي، حيث حال اندلاع الحرب دون إقامة أول مهرجان دولي للسينما في كان، لننتقل بعدها مع نهضة السينما الفرنسية بعد الحرب ومع كلاسيكية السينما الفرنسية والموجة الجديدة.
بريطانيا العظمى، وحسب مؤلفي الكتاب، تملك عددا من كبار المخرجين والفنيين والممثلين، غير أن الصورة الثقافية التي تعطيها السينما البريطانية لنفسها تجعلها لا تتبوأ سوى مرتبة متواضعة بعيدا خلف الرواية والمسرح. ولكن «السينما البريطانية حية ترزق على شاشة التلفاز»، وهي مقولة ظهرت في السبعينات، ولا تزال صالحة في أيامنا هذه؛ إذ لطالما عدّ التلفزيون البريطاني أفضل تلفزيونات العالم من هذه الناحية. ويتابع مؤلفو الكتاب في فصل «بريطانيا» توثيقهم من خلال محطات في مسيرة الصناعة السينمائية البريطانية تبدأ من عام 1895، وقت إنجاز الريبورتاجات الأولى لبيرت إيكرس، مرورا بعام 1932 الذي شهد تأسيس المعهد البريطاني للسينما، وانتهاء بعام 2008 الذي شهد إعلان دمج المعهد البريطاني للسينما ومجلس السينما.
أما في السويد، مثلا، فشاهد الجمهور السويدي في نوفمبر (تشرين الثاني) 1894 عرض (Schnellscher)، وهو جهاز لعرض «المشاهد المتحركة» اخترعه الألماني أتومار أنشوتز، وبعد ثلاثة أشهر عُرض كينوتوسكوب إديسون، وفي يونيو (حزيران) 1896، وبمناسبة معرض الصناعات في مالمو جرى عرض بعض أفلام الأخوين لوميير. وفي عام 1897 صور بروميو أحد أشهر مصوري لوميير الجوالين وصول الملك أوسكار الثاني إلى معرض اليوبيل ليفتتح في استوكهولم صالة عرض (لوميير كينيماتوغراف).
السينما في أفريقيا حديثة نسبيا، ففي ساحل العاج انطلقت في عام 1962 مع إدارة الشركة العاجية للسينما الإنتاج السينمائي في البلاد، وفي الغابون ظهرت السينما في عام 1968مع وصول عصر بانغو إلى السلطة.
وفي تونس، التقط مصورو لوميير مشاهد متحركة من تونس والحمامات وسوسة، وعرضوها في تلك الأماكن عام 1896 بعد بضعة أشهر من ولادة السينماتوغرافيا. وفي مصر، حيث فرضت السينما المصرية تفوقها على العالم العربي برمته من المحيط إلى الخليج جرى عرض شرائط للوميير في الخامس من يناير (كانون الثاني) عام 1896 في مقهى الزواني في الإسكندرية، تلاه في 28 يناير عرض في فندق كونتيننتال في القاهرة، فيما يؤكد باحثون أن أول صالة في الإسكندرية افتتحت في 30 يناير عام 1897، وفي القاهرة في 3 أبريل (نيسان) عام 1897.
العراق اكتشف السينما في بغداد عام 1911، وفي عام 1948 تأسس استديو بغداد برؤوس أموال خاصة، وتم تجهيزه بمعدات حديثة، وبعد سقوط الملكية تم إنشاء المؤسسة العامة للسينما والمسرح عام 1959.
وفي سوريا اكتشفت مدينة حلب عام 1908 ومدينة دمشق عام 1912 السينماتوغراف، وكانت هناك تجارب إنتاج سينمائي فاشلة أيام الانتداب الفرنسي ولم تترك آثارا تذكر من عام 1920 وحتى عام 1946، باستثناء عمل مهم بعنوان «تحت سماء دمشق» أُنْتِجَ عام 1932.
14:11 دقيقه
القاموس العالمي للسينما مترجمًا للعربية
https://aawsat.com/home/article/646036/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%85%D9%88%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A-%D9%84%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7-%D9%85%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D9%85%D9%8B%D8%A7-%D9%84%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9
القاموس العالمي للسينما مترجمًا للعربية
معلومات عن بداياتها وتطورها في 80 بلدًا
غلاف الكتاب
- دمشق: هشام عدرة
- دمشق: هشام عدرة
القاموس العالمي للسينما مترجمًا للعربية
غلاف الكتاب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة
