التمر.. فخر المائدة الخليجية

نشأ في الجزيرة العربية والعراق وتاريخه يعود إلى ستة آلاف عام

التمر.. فخر المائدة الخليجية
TT

التمر.. فخر المائدة الخليجية

التمر.. فخر المائدة الخليجية

يعد التمر من الثمار ذات القيمة الغذائية العالية، حيث يحتوي على البروتينات، والسكريات، وأملاح البوتاسيوم، والفيتامينات، والألياف. وهو من الأغذية المفضلة في إفطار رمضان، ويساهم في مد الجسم باحتياجاته الأساسية من المكونات الغذائية. ويثمر التمر في نهاية الصيف، وتوفر كل نخلة محصولا يتراوح بين مائة و400 كيلوغرام من التمر كل موسم.
وتختلف الآراء حول منشأ نخيل التمر تاريخيًا، حيث يشير بعض الباحثين إلى العراق كأول منطقة قامت بزراعة النخيل قبل أربعة آلاف عام. ولكن آثار النخيل في منطقة الخليج تعود إلى ستة آلاف عام. وعرف النخيل وثماره في كل من الشام ومصر وشمال أفريقيا وإيران وشبه الجزيرة الهندية. وانتقل من أفريقيا إلى إسبانيا. ثم أحضره الإسبان إلى المكسيك وغرب أميركا بداية من عام 1760.
وتؤكد بعض المراجع أن الحفريات الصخرية تشير إلى وجود نخيل التمر قبل 50 مليون عام. ويثمر التمر من البذور أو من الفسائل، وهي الطريقة المثلى لأنها تعتمد على تكاثر الأصناف الأفضل إنتاجا. وتجري أبحاث حديثة على استنساخ أفضل أنواع النخيل لزراعتها على نطاق تجاري. وتستنبط هذه الأبحاث أفضل أنواع الشتلات المقاومة للأمراض، مع التركيز على الأنواع التي تنتج أفضل أنواع التمور.
وتمتلك الدول العربية فيما بينها نسبة 90 في المائة من إجمالي النخيل في العالم. ويوفر مناخ الخليج الصحراوي الجاف أفضل بيئة لنمو النخيل.
وتنقسم أشجار النخيل إلى ذكور وإناث، ويتم التلقيح طبيعيًا عن طريق الهواء. ولكن مزارع النخيل تعتمد على أكبر عدد ممكن من الإناث المثمرة مع عدد محدود من الذكور التي تستخدم في التلقيح. كما يتم التلقيح أحيانًا يدويًا بصعود النخيل ونثر اللقاح الذكري على النخيل الأنثوي. وفي بعض الحالات يثمر بعض أنواع النخيل بلا تلقيح، وتكون الثمار في هذه الحالة عديمة البذور، ولا تصل إلى مرحلة النضج النهائي، كما لا تصلح للاستهلاك الآدمي. وتستخدم بعض هذه الأنواع من التمور في علف الحيوانات.
وتعد نخلة التمر من أكثر الأشجار نفعا للبيئة البدوية أو الريفية، حيث تتم الاستفادة من جميع أجزائها، بداية من الثمار، وحتى استخدام أليافها في صناعة السلال وأنواع الأثاث الخفيف. وتستخدم جذوع النخيل في تسقيف المنازل ويستخرج الزيت من نوى التمر. ويتحمل النخيل جفاف وملوحة التربة، وهو يوفر الظلال في المناطق التي يزرع فيها. ولكن أفضل أنواع النخيل ينمو في التربة الرملية سهلة الصرف.
وتتصدر السعودية ومصر قائمة الدول المنتجة للتمور في العالم، تتبعها العراق والجزائر وعمان والإمارات وتونس وباكستان. وتنتشر زراعة التمور حاليا في كل قارات العالم. وهناك أكثر من ألفي صنف من التمور، وتشتهر كل منطقة بأنواع معينة منها. وأهم الأنواع العربية دقلة نور ومجهول وأمهات وزغلول. وفي السعودية تشتهر أنواع المدينة، وبرحي، وخصاب، وربيعة، وإرزيز، وشيشي، وحاتمي، وطيار.
وفي مزارع التمر المتخصصة، تزرع شجرات النخيل في صفوف، ويتم تلقيحها في الموسم يدويًا، وبواقع ثلاث مرات لكل نخلة. ويتم بعد ذلك إزالة بعض الفروع المحملة بالتمر لكي تتاح فرصة النمو الكامل لنسبة 40 في المائة من التمر لكل نخلة.
وعلى رغم من أن النخيل يحتاج إلى مناخ جاف فإن الحاجة إلى الماء لا تقل عن الأشجار الأخرى. وتحتاج كل نخلة إلى ما يقرب من 60 ألف غالون من المياه سنويا، ولكن فقط عند الجذور. ويجب الإبقاء على المساحات المحيطة بالنخيل خالية من الأعشاب.
وفي بدايات شهر أغسطس (آب) تتم تغطية أغصان التمر من أجل حماية التمر من الطيور والحشرات. وتحفظ هذه الأغطية التمور التي تسقط من أغصانها قبل موعد الحصاد.
وتتم زراعة أشجار النخيل الجديدة من فسيلات تنبط بجوار النخيل الأم. ويتم فصل هذه الفسيلات وزراعتها بعد تغليفها لحمايتها من الطقس وسقيها بانتظام. وتستغرق الفسيلات ما بين ست وثماني سنوات حتى تنتج بدورها محصولا جديدا مشابها تماما لمحصول النخلة الأم.
ويتم جني المحصول يدويا في صناديق خشبية على رافعات وتصنيف التمر وفقا لدرجة النمو. وتترك التمور غير الناضجة في الطقس الحار، ولكن بعيدا عن حرارة الشمس المباشرة، حتى تنضج. وتبدأ بعد ذلك عملية تنظيف التمور على طاولات خاصة ثم تعبئتها وفقا للحجم والنوعية. وبعد التعبئة يتم تخزين التمور في البرادات حتى موعد نقلها إلى أسواق التصدير أو البيع في السوق المحلي.
ويؤكل التمر طازجا أو مجففا. ويتم تسويق التمر في عبوات تقليدية ينزع منها النوى ويحشى بالمكسرات. ويمكن استخدام التمر في صنع المربى، كما يدخل في مكونات الوجبات العربية ومنها الطواجن المغربية. ويمكن صناعة بعض أنواع الكعك والخبز المحلى من التمر.
وتشتهر أنواع التمر المحفوظ المعروفة باسم العجوة، كما يمكن صناعة أنواع من العسل تسمى الدبس من التمر. ومن المنتجات الحديثة للتمر مشروبات تمر غازية وعبوات تمر مغلفة بالشوكولاته. وتستخدم التمور المجففة لغذاء البعير والخيول.
وفي العشرينات من القرن الماضي تم نقل 11 نخلة تمور من نوع مجهول من المغرب إلى الولايات المتحدة، وتمت زراعتها في ولاية نيفادا. وأثمرت تسع نخلات وتم استنتساخ بعضها للزراعة في مناطق أميركية أخرى تنتشر ما بين كاليفورنيا وأريزونا. كما عادت بعض الأشجار الأميركية للزراعة في شمال أفريقيا مرة أخرى. وتبدأ أشجار النخيل في الإثمار بعد ثلاث إلى خمس سنوات من زراعتها وتصل النخلة إلى ذروة نموها بعد 12 عاما.
ويعد التمر من الأغذية الكاملة من حيث الفوائد الغذائية والصحية. ويحتوي التمر على الألياف والحديد والبوتاسيوم وفيتامين أ وب. والفوائد المثبتة للتمر تشمل المحافظة على صحة العينين والرئة والعظام ونظام المناعة. كما يساهم تناول التمر في منع أمراض القلب والذبحات الصدرية والحماية من الكثير من أنواع السرطان.
وتشير إحدى الدراسات الطبية إلى أن التمر يحتوي على 15 نوعا من المعادن بما فيها مادة السلينيوم المهمة لمناعة الجسم ضد السرطان. ويحتوي البروتين في التمر على 23 نوعا من الحمضيات الأمينية غير المتاحة في الكثير من الفواكه الأخرى مثل التفاح والبرتقال والموز.
وتختلف ألوان التمور ما بين الأصفر والبني والأحمر، ومن أكثر أنواعه شهرة في الغرب نوع مجهول والذي يتم تصديره من شمال أفريقيا، وهو نوع يتميز بحلاوة طعمه.
وتتاح الأنواع الطازجة من التمور في أشهر الخريف والشتاء بعد نضج المحصول، أما الأنواع المجففة فهي متاحة على مدار العام. ويمكن تخزين الأنواع الطازجة لمدة أسبوع في البرادات، أما الأنواع المجففة فيمكن أن تخزن لمدة عام كامل في مكان جاف.
* حقائق حول التمور ونخيلها
هنالك الكثير من الحقائق الغريبة حول التمور وأشجارها، منها أن هناك 2500 نوع مختلف من النخيل وليس كلها منتجة للتمور، حيث بعضها ينتج الزيوت، والبعض الآخر ينمو عليه جوز الهند. ويصل ارتفاع أكبر نخلة إلى 197 قدما، وهي تنمو في كولومبيا في أميركا الجنوبية.
من الحقائق الأخرى:
- أفضل أنواع التمور تنمو في مزارع تزرع فيها أيضا أشجار الرمان والزيتون والتين والكروم، حيث تساهم هذه الأشجار في مد التربة بالنيتروجين، وتمنح النخيل مناعة ضد الأمراض.
- يزرع النخيل للكثير من الاستخدامات الأخرى إلى جانب محصول التمور، فالأغصان تستخدم في صنع الأقفاص، والأخشاب تستخدم ضمن مواد البناء في البيوت الريفية.
- يساهم التمر في خفض ضغط الدم، وبالتالي يحافظ على القلب من الصدمات.
- من النادر وجود حالات لأشخاص لديهم حساسية ضد التمر
- التمر من الفواكه القليلة التي تحتفظ بنوعيتها ولا تفسد لعدة شهور.
- تشير اللغة الهيروغليفية إلى مدة عام بنخلة التمر لأنها تثمر 12 فرعًا كل عام.
- تغطي أشجار النخيل نسبة ثلاثة في المائة من مساحة الأراضي المزروعة في العالم، وهي تنتج أربعة ملايين طن من التمور سنويًا.



ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
TT

ما قصة «الفوندو» وأين تأكله في جنيف؟

ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)
ديكورات جميلة وتقليدية (الشرق الاوسط)

إذا كنت من محبي الأجبان فستكون سويسرا من عناوين الأكل المناسبة لك؛ لأنها تزخر بأنواع تُعد ولا تُحصى من الأجبان، بعضها يصلح للأكل بارداً ومباشرة، والأصناف الأخرى تُؤكل سائحة، ولذا يُطلق عليها اسم «فوندو» أو «ذائبة».

من أشهر الأجبان السويسرية: «الفاشرين» Vacherin، و«الغرويير»، و«الراكليت»، و«الإيمينتال»، ويبقى طبق «الفوندو» الأشهر على الإطلاق، لا سيما في فصل الشتاء؛ لأنه يلمّ شمل العائلة حوله، وترتكز فكرته على المشاركة، والنوع الأفضل منه يُطلق عليه اسم «مواتييه مواتييه»، ويعني «نصف - نصف»، وهذه التسمية جاءت من مزج نصف كمية من جبن «الفاشرين»، والنصف الآخر من جبن «الإيمينتال»، يُؤكل ذائباً بعد وضعه في إناء خاص على نار خافتة، يتناوله الذوّاقة عن طريق تغميس مكعبات لذيذة من الخبز الطازج وبطاطس مسلوقة صغيرة الحجم في الجبن إلى جانب البصل والخيار المخلل.

جلسة خارجية تناسب فصل الصيف (الشرق الاوسط)

عندما تزور مدينة جنيف لا بد أن تتوجه إلى القسم العتيق منها حيث تنتشر المقاهي والمطاعم المعروفة فيها، وبالقرب من الكاتدرائية لن يغفل عنك مطعم «ليه أرمور» Les Armures، المعروف كونه أقدم المطاعم السويسرية في جنيف، ويقدّم ألذ الأطباق التقليدية، على رأسها: «الراكليت»، و«الفوندو»، واللحم المجفف، و«الروستي» (عبارة عن شرائح بطاطس مع الجبن).

يستوقفك أولاً ديكور المطعم الذي يأخذك في رحلة تاريخية، بدءاً من الأثاث الخشبي الداكن، ومروراً بالجدران الحجرية النافرة، والأسقف المدعّمة بالخشب والمليئة بالرسومات، وانتهاء بصور الشخصيات الشهيرة التي زارت المطعم وأكلت فيه، مثل: الرئيس السابق بيل كلينتون، ويُقال إنه كان من بين المطاعم المفضلة لديه، وقام بتجربة الطعام فيه خلال إحدى زياراته لجنيف في التسعينات.

جانب من المطعم الاقدم في جنيف (الشرق الاوسط)

يعود تاريخ البناء إلى القرن السابع عشر، وفيه نوع خاص من الدفء؛ لأن أجواءه مريحة، ويقصده الذوّاقة من أهل المدينة، إلى جانب السياح والزوار من مدن سويسرية وفرنسية مجاورة وأرجاء المعمورة كافّة. يتبع المطعم فندقاً من فئة «بوتيك»، يحمل الاسم نفسه، ويحتل زاوية جميلة من القسم القديم من جنيف، تشاهد من شرفات الغرف ماضي المدينة وحاضرها في أجواء من الراحة. ويقدّم المطعم باحة خارجية لمحبي مراقبة حركة الناس من حولهم، وهذه الجلسة يزيد الطلب عليها في فصل الصيف، ولو أن الجلوس في الداخل قد يكون أجمل، نسبة لتاريخ المبنى وروعة الديكورات الموجودة وقطع الأثاث الأثرية. ويُعدّ المطعم أيضاً عنواناً للرومانسية ورجال الأعمال وجميع الباحثين عن الأجواء السويسرية التقليدية والهدوء.

ديكور تقليدي ومريح (الشرق الاوسط)

ميزة المطعم أنه يركّز على استخدام المواد محلية الصنع، لكي تكون طازجة ولذيذة، تساعد على جعل نكهة أي طبق، ومهما كان بسيطاً، مميزة وفريدة. الحجز في المطعم ضروري خصوصاً خلال عطلة نهاية الأسبوع. أسعاره ليست رخيصة، وقد تتناول «الفوندو» بسعر أقل في مطعم آخر في جنيف، ولكن يبقى لـ«Les Armures» سحره الخاص، كما أنه يتميّز بالخدمة السريعة والجيدة.

فوندو الجبن من أشهر الاطباق السويسرية (الشرق الاوسط)

ما قصة «الفوندو» السويسري؟

«الفوندو» السويسري هو طبق تقليدي من أطباق الجبن المميزة التي يعود أصلها إلى المناطق الجبلية والريفية في جبال الألب السويسرية، ويُعد اليوم رمزاً من رموز المطبخ السويسري. يعتمد هذا الطبق على فكرة بسيطة، ولكنها فريدة؛ إذ تتم إذابة الجبن (عادة مزيج من عدة أنواع مثل «غرويير» و«إيمينتال») في قدر خاص، يُدعى «كاكلون» Caquelon، ويُوضع فوق موقد صغير للحفاظ على حرارة الجبن. يُغمس الخبز في الجبن المذاب باستخدام شوكات طويلة، مما يمنح كل قطعة خبز طعماً دافئاً وغنياً.

مبنى "ليه أرمور" من الخارج (الشرق الاوسط)

كان «الفوندو» يُعد حلاً عملياً لمواجهة ظروف الشتاء القاسية، حيث كانت الأسر السويسرية تعتمد بشكل كبير على الأجبان والخبز غذاء أساساً، ومع قسوة الشتاء وندرة المؤن، كانت الأجبان القديمة التي أصبحت صلبة وإعادة استخدامها بتلك الطريقة تُذاب. وقد أضاف المزارعون لاحقاً قليلاً من النبيذ الأبيض وبعض التوابل لتحسين الطعم وتسهيل عملية إذابة الجبن.

مع مرور الوقت، ازداد انتشار «الفوندو» ليصبح طبقاً سويسرياً تقليدياً ورمزاً وطنياً، خصوصاً بعد أن روّج له الاتحاد السويسري لتجار الجبن في ثلاثينات القرن العشرين. جرى تقديم «الفوندو» في الفعاليات الدولية والمعارض الكبرى، مثل «المعرض الوطني السويسري» عام 1939؛ مما ساعد في التعريف به دولياً. أصبح «الفوندو» في منتصف القرن العشرين جزءاً من الثقافة السويسرية، وجذب اهتمام السياح الذين يبحثون عن تجربة الطهي السويسرية التقليدية.

من أقدم مطاعم جنيف (الشرق الاوسط)

هناك أنواع مختلفة من «الفوندو»، تعتمد على المكونات الأساسية:

• «فوندو الجبن»: الأكثر شيوعاً، ويُستخدم فيه عادة خليط من أنواع الجبن السويسري، مثل: «غرويير»، و«إيمينتال»، والقليل من جوزة الطيب.

• «فوندو الشوكولاته»: نوع حلو تتم فيه إذابة الشوكولاته مع الكريمة، ويُقدّم مع قطع من الفواكه أو قطع من البسكويت.

• «فوندو اللحم» (فوندو بورغينيون): يعتمد على غمر قطع اللحم في قدر من الزيت الساخن أو المرق، وتُغمس قطع اللحم بعد طهيها في صلصات متنوعة.

اليوم، يُعد «الفوندو» تجربة طعام اجتماعية مميزة؛ حيث يلتف الأصدقاء أو العائلة حول القدر الدافئ، ويتبادلون أطراف الحديث في أثناء غمس الخبز أو اللحم أو الفواكه؛ مما يعزّز من روح المشاركة والألفة.