حماس تبحث عن غطاء قانوني لتنفيذ الإعدام في حق المجرمين.. دون موافقة عباس

عقب تزايد جرائم القتل في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ

حماس تبحث عن غطاء قانوني لتنفيذ الإعدام في حق المجرمين.. دون موافقة عباس
TT

حماس تبحث عن غطاء قانوني لتنفيذ الإعدام في حق المجرمين.. دون موافقة عباس

حماس تبحث عن غطاء قانوني لتنفيذ الإعدام في حق المجرمين.. دون موافقة عباس

يحاول مسؤولون ونواب عن حركة حماس في المجلس التشريعي البحث عن «غطاء قانوني» لتنفيذ أحكام قضائية، صدرت في الأشهر الأخيرة، تقضي بتنفيذ عمليات «إعدام» بحق مرتكبي «الجرائم الجنائية» ضد المدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة، وذلك عقب تزايد جرائم القتل في السنوات الأخيرة بشكل ملحوظ، بصرف النظر عن القانون الأساسي الذي ينص على ضرورة توقيع الرئيس الفلسطيني على أي قرار بالإعدام قبل وقوعه كي يصبح نافذا.
وقال مشير المصري، أمين سر كتلة حماس البرلمانية في المجلس التشريعي بغزة، إنهم بصدد بلورة موقف قانوني يجد بديلا في ظل ما قال إنه «غياب الرئيس محمود عباس، وإصراره على عدم التوقيع على تنفيذ الأحكام القضائية بقطاع غزة»، عادا أن توقيع الرئيس عباس من عدمه «أمر شكلي»، وأن تنفيذ الأحكام يُعد الخيار الأسلم للحفاظ على الأمن المجتمعي.
وشهد الشهر الحالي ثلاث حالات قتل، إحداها في مدينة غزة بدافع السرقة، وأخرى كانت بدافع «الثأر العائلي»، فيما كانت الثالثة على يد فتاة قتلت شقيقها من زوجة والدها. فيما تشير المصادر النيابية في غزة أن 13 حكما قضائيا بالإعدام تم استيفاء جميع الإجراءات القانونية بشأنها بحاجة إلى التنفيذ.
ولجأت حماس إلى تأليب العائلات ضد عباس من أجل خلق حالة رأي عام في غزة تدفع لتنفيذ عمليات الإعدام، وقالت مصادر مطلعة من حركة حماس لـ«الشرق الأوسط» إن قيادة الحركة كانت بحاجة إلى تفويض من العائلات ليس لإيجاد «غطاء قانوني» يتعلق بموافقة الرئيس عباس من عدمه، بل لخلق رأي عام في وجه أي اعتراضات من مؤسسات دولية، وأممية ودول غربية حتى تظهر الحركة بأنها طبقت ما أرادات العائلات التي قتل أبناؤها.
وكان إسماعيل هنية، نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، استقبل منذ أيام العشرات من كبار العائلات المعنية والوجهاء في منزله بغزة، داعيا أمامهم الجهات التنفيذية إلى تطبيق أحكام الإعدام، وفق الأصول المتبعة من خلال استكمال الإجراءات القضائية والقانونية، مشيرا إلى أنه سيتم التنسيق بين المجلس التشريعي والهيئات القضائية والشرعية لتوفير «غطاء للجهات التنفيذية لتطبيق الأحكام».
وجاء استقبال هنية لهؤلاء الوجهاء بعد أيام معدودة من تصريحات للقيادي في حماس محمود الزهار، عبر فضائية «الأقصى»، قال فيها إن الرئيس محمود عباس هو من يتحمل تعطيل أحكام الإعدام بغزة، داعيا مسؤولي العائلات للاجتماع مع المجلس التشريعي ليطالبوا بتطبيق الأحكام ليتم تنفيذها فورا، وهو ما تم فعليا حيث تظاهر أفراد هذه العائلات المعنية وأفراد عوائل قتلو أبناؤهم في باحة المجلس بغزة، للمطالبة بإعدام «قتلة أبنائهم».
وقال أحمد بحر، النائب الأول للمجلس التشريعي الفلسطيني، أمام المتظاهرين، إنه سيتم خلال أقرب وقت تنفيذ أحكام الإعدام، وإنه يجري دراسة ذلك في إطار المجلس، محملا الرئيس عباس المسؤولية المباشرة لعدم تنفيذ أحكام الإعدام خلال الفترة الماضية بسبب عدم مصادقته عليه.
ويرفض الرئيس الفلسطيني منذ توليه الحكم في 2005 التوقيع على أي حكم بالإعدام، ويسري ذلك على الضفة الغربية كذلك. فيما تخطط حماس ضمن إطار تسلسلي للأحداث، بدأ بضغوط العائلات التي قتل أبناؤها، لاتخاذ قرار قريب بالتنفيذ خصوصا أنها نفذت عمليات إعدام في ظروف خاصة في وقت سابق.
وبحسب المعلومات المتوفرة من عدة مراكز حقوقية، فإن حماس منذ سيطرتها على قطاع غزة في يونيو (حزيران) 2007. نفذت ثماني عمليات إعدام بحق فلسطينيين، حيث سجلت أول عملية إعدام في الثاني من أكتوبر (تشرين الأول) 2013 ضد الشاب هاني أبو عليان، الذي أدين بجريمتي قتل مختلفتين وبفترات زمنية متفاوتة، وقد أثارت تصرفات حماس جدلا كبيرا ومعارضة في الشارع الفلسطيني ولدى السلطة.
وعبرت حكومة التوافق الوطني عن رفضها تصريحات قيادات حماس حول إيجاد «غطاء قانوني» لتنفيذ أحكام الإعدام، مبينة أن تلك الأحكام بحاجة لمراجعة قضائية، وأنه لا يتم تنفيذها إلا بمصادقة رئيس الدولة وفقا للدستور المعمول به.
وقال المتحدث باسم الحكومة، يوسف المحمود، إن هناك ضمانات شديدة لعقوبة الإعدام في القوانين الفلسطينية، وذلك لأن المشرع الفلسطيني قد تعامل بجدية مع قضايا حقوق الإنسان، وضمان المحاكمة العادلة، مضيفا أن «هذه العقوبة شرعها القانون الأساسي لغايات ردع المجرمين الخطرين على المجتمع، ومن الممكن للمحاكم أن تحكم بها بمواجهة جرائم جنائية حصرية شديدة الخطورة»، وتابع موضحا أنه «من المستحيل توافر الشروط والضمانات القانونية للحكم بعقوبة الإعدام أو ضمانات تنفيذه في غزة، لأسباب متعددة تتعلق بعدم إنهاء ما ترتب على واقع الانقسام، وأهمها أن المحاكم فيها ما زالت لا تتبع مجلس القضاء الأعلى الفلسطيني، كما أن النيابة العامة في غزة لا تتبع النائب العام الفلسطيني»، داعيا حركة حماس لتمكين الحكومة من تسلم القطاع لتنفيذ رؤيتها لإعادة المؤسسات للشرعية وتنفيذ القوانين المعمول بها.
من جهتها، دعت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إلى معالجة قضايا الإجرام وغيرها بما يجنب المجتمع مزيدا من الاحتقان الداخلي، عادّة أن الإعدام ليس علاجا جذريا يعالج ظاهرة بدأت تتسع في أوساط المجتمع، إذ قال كايد الغول، القيادي في الجبهة، إن «المطلوب في تنفيذ حكم الإعدام الانضباط للقانون والمرجعيات التي يحددها القانون»، مشيرا إلى أنه بسبب الانقسام يتم تجاوز كثير من المرجعيات القانونية، وأنه تم مسبقا اتخاذ قرارات إعدام سابقة.
ودعا الغول إلى البحث في الأسباب الحقيقية التي أدت لزيادة الاحتقان الداخلي وزيادة حالات القتل وبعض المظاهر الاجتماعية التي لم يشهدها المجتمع الفلسطيني وعلاجها جذريا.
وانتقل الجدل إلى صفحات التواصل الاجتماعي بين مؤيد لخطوة حماس ومعارض لأخذها القانون على هواها، في وقت يعتقد فيه أن تنفذ حماس الإعدام بحق العشرات إذا ما تجاوزت توقيع الرئيس الفلسطيني.
ووفقا لإحصائية أعدها المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، فإن أحكام الإعدام الصادرة بغزة منذ بداية العام 2016 وحده بلغت 10 أحكام، من بينها 4 أحكام دفعة واحدة في يناير (كانون الثاني) الماضي. وتشير الإحصائية إلى أن عدد أحكام الإعدام في مناطق السلطة الفلسطينية منذ العام 1994 بلغت 176 حكمًا، منها 146 حكمًا في قطاع غزة، و30 حكمًا في الضفة الغربية. ومن بين الأحكام الصادرة في قطاع غزة، صدر 88 حكمًا منها منذ العام 2007، أي بعد سيطرة حركة حماس، كما نفذت السلطة الفلسطينية منذ تأسيسها، 32 حكمًا بالإعدام، منها 30 حكمًا نُفذت في قطاع غزة، واثنان نفذا في الضفة الغربية. ومن بين الأحكام المنفذة في قطاع غزة، نُفذ 19 حكمًا منذ العام 2007، دون مصادقة الرئيس الفلسطيني خلافًا للقانون الذي يعد تنفيذ الأحكام حقا حصريا له ولا يجوز التنفيذ من دون مصادقته.
وأدان المركز الاستخدام المفرط لعقوبة الإعدام في قطاع غزة واستمرار العمل بها، مطالبا الرئيس عباس بإصدار مرسوم رئاسي لوقف استخدام هذه العقوبة أمام المحاكم الفلسطينية، ومشددا على أن عرض مدنيين على القضاء العسكري مخالفة دستورية، وانتهاك لحق المواطن في العرض على قاضيه الطبيعي، المكفول في المادة (30) من القانون الأساسي الفلسطيني لعام 2003.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.