رئيس وزراء الأردن الأسبق: الكونفدرالية مع فلسطين ستقوم بعد إقامة الدولة

المجالي قال إن نتنياهو طرحها مرات عدة.. لكن جواب عمان كان قاطعًا بالرفض

عبد السلام المجالي
عبد السلام المجالي
TT
20

رئيس وزراء الأردن الأسبق: الكونفدرالية مع فلسطين ستقوم بعد إقامة الدولة

عبد السلام المجالي
عبد السلام المجالي

حسم رئيس الوزراء الأردني الأسبق عبد السلام المجالي الجدل حول «الخيار الأردني»، الذي زاد الحديث حوله في الشهور القليلة الماضية مع وصول السلطة الفلسطينية إلى طرق مسدودة فيما يخص الحل السياسي مع إسرائيل، قائلا إنه «يؤمن شخصيا بالكونفدرالية الأردنية – الفلسطينية، ولكن ليس في هذا الوقت، بل بعد قيام الدولة الفلسطينية».
وقال المجالي من نابلس في الضفة الغربية، أمس: إن «الكونفدرالية بين دولة ودولة تعد الحل الأمثل والأكثر خيرا لفلسطين والأردن»، وأضاف خلال لقائه بعشرات الشخصيات الفلسطينية في نابلس: إن «المملكة لا تعيش من دون فلسطين، وفلسطين لا تعيش من دون الأردن، ولكن يجب الانتظار».
وكشف المجالي عن أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد تطبيق الكونفدرالية في هذا الوقت، واليوم قبل الغد، وأنه طرحها مرات عدة بطرق مختلفة، لكن جواب العاصمة عمان كان واضحا وقاطعا بالرفض.
وجاء حديث المجالي عن الكونفدرالية في وقت زاد فيه الحديث داخل أوساط الفلسطينيين والأردنيين عن إمكانية تنفيذها في هذا الوقت، مع تبادل للزيارات المكثفة لمسؤولين وشخصيات بين عمان ورام الله، ودعم مشاريع اقتصادية وأمنية مشتركة. وزيارة المجالي نفسه، التي جاءت بعد وزير الخارجية الأردني ومدير الأمن الأردني ومدير الجمارك، وبالتزامن مع زيارة وفد برلماني أردني لفلسطين، ساهمت في إحياء التوقعات حول العمل على إقامة كونفدرالية. وقد زار المجالي رئيس الوزراء الفلسطيني رامي الحمد الله في مكتبه، والتقى مسؤولين وشخصيات فلسطينية وأكاديميين في عدد من المدن الفلسطينية.
وتعني الكونفدرالية، التي نودي بها أكثر من مرة في العقود الماضية، إقامة مجلس تشريعي مشترك وحكومة مشتركة بالمناصفة، وتكون للسلطة العليا ثلاث مهمات، وهي الأمن والاقتصاد والخارجية، على أن تكون باقي السلطات من صلاحيات الحكومة المشتركة.
ويشجع مفكرون من البلدين اللجوء لهذه الخطوة، لكن لا يوافق المسؤولون فورا على ذلك. وفي هذا السياق، قال البروفسور سري نسيبة، وهو أحد السياسيين الفلسطينيين الذين عملوا لوقت مع الزعيم الراحل ياسر عرفات، إنه «لا يرى أي حلول تلوح في الأفق أو أي مفاوضات قد تؤدي إلى أي حل بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي في هذا الوقت»، مشددا القول على أن «الخيار الأردني يظل هو الحل الوحيد والمخرج الذي يمكن أن يهرب إليه الفلسطينيون».
واتفق سياسيون إسرائيليون مع ما ذهب إليه نسيبة؛ إذ قال السياسي الإسرائيلي أوري سافير: «إن التعثر المتزايد في تحقيق حل الدولتين، يدفع ببعض الأطراف في السلطة إلى التفكير مجددا في طرح مبادرة سياسية من خارج الصندوق لتحقيق الاستقلال، تقوم على إعلان كونفدرالية أردنية - فلسطينية تعتمد على إقامة دولتين مستقلتين، بينهما علاقات قوية». وأضاف سافير، وهو مدير عام الخارجية السابق: إن «للخيار الأردني الفلسطيني فوائد كثيرة، أولها أن حل الدولتين لن يكون منوطا فقط بالحكومة الإسرائيلية، كما أن ملك الأردن عبد الله الثاني يحظى بدعم وتقدير من الغرب، وقواته الأمنية لديها مكانة مرموقة هناك، فضلا عن أن التدخل الأردني في الملف الفلسطيني سيساعد في حفظ الأمن على طول حدود نهر الأردن والحدود المشتركة مع إسرائيل، ويقوي العلاقات الاقتصادية والسياحية».
وأشار سافير إلى أن الحكومة الإسرائيلية ستدعم الخيار الأردني مع الفلسطينيين، وقد نقلت موقفها هذا إلى ملك الأردن؛ مما قد يشجع الولايات المتحدة على الدفع بقوة لطرح مثل هذا الخيار، رغم العقبات الماثلة أمام تحقيقه؛ لأن الأردن كفيل بأخذ دور كبير في المنطقة.
ولم يتوقف الأمر عند سياسيين، بل أظهر استطلاع للرأي أجرته جامعة النجاح الوطنية الفلسطينية قبل أسبوع، تأييد نسبة كبيرة من العينة المستطلعة إجراء اتحاد كونفدرالي مع الأردن بصفته حلا لاحتلال إسرائيل الضفة الغربية، حيث أيد 42.3 في المائة من أفراد العينة إنشاء الاتحاد الكونفدرالي على أساس دولتين مستقلتين مع صلات مؤسسية قوية بينهما، فيما عارض 39.3 في المائة فكرة الكونفدرالية مع الأردن، بينما لم يبد الباقون رأيهم في الموضوع».
وتحدث المجالي أمس عن أهمية الكونفدرالية للبلدين بعد إقامة الدولة الفلسطينية، متهما الأمة العربية بأنها تخلت بإصرار عن الفلسطينيين، ولا سيما أن الفلسطينيين غير مؤهلين تأهيلا كافيا ليتحملوا المسؤولية، خصوصا المالية، حسب تعبيره.



«هدنة العيد» في غزة... فُرص التهدئة تتزايد

فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT
20

«هدنة العيد» في غزة... فُرص التهدئة تتزايد

فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون فارون من القصف الإسرائيلي في بيت لاهيا شمال قطاع غزة (أ.ف.ب)

ساعات حاسمة يترقبها قطاع غزة لتأمين هدنة بالتزامن مع دخول عيد الفطر عبر مخرجات مفاوضات تستضيفها الدوحة، مقابل تحديات عديدة أبرزها احتمال استمرار التصعيد العسكري الإسرائيلي، منذ انهيار اتفاق وقف إطلاق النار منذ 18 مارس (آذار) الماضي.

ومع ترويج منابر إسرائيلية إعلامية استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يقول خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» إن التزام حكومة بنيامين نتنياهو بالتهدئة التي يعكف عليها الوسطاء منذ أيام هو الضمان الأكبر لرؤية هدنة إنسانية في عيد الفطر واستمرارها وإلا الانهيار سيعود مجدداً.

وقال مصدر مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن حركة «حماس» أبدت مرونة مع الوسيطين مصر وقطر لتأمين هدنة في عيد الفطر، وفرص التوصل لها واستمرارها مع عيد الفصح لدى اليهود أكبر من تحدياتها طالما التزم نتنياهو بها وضغطت واشنطن عليه.

وكانت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أفادت السبت، بأن «(حماس) قد تكون منفتحة على إطلاق سراح بعض الرهائن مقابل هدنة في عيد الفطر»، مشيرة إلى أن هيئة البث الإسرائيلية تحدثت عن أن الرهائن الذين سيطلق سراحهم سيكون من بينهم الجندي الإسرائيلي عيدان ألكسندر، الذي يحمل الجنسية الأميركية، مع مشاركة الولايات المتحدة وقطر بشكل مكثف في الاقتراح.

فلسطينيون يمرون بين أنقاض مبانٍ دُمرت خلال الحرب الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يمرون بين أنقاض مبانٍ دُمرت خلال الحرب الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

وجاء تقرير هيئة البث بعد يوم من تصريح دبلوماسي عربي رفيع المستوى لـ«تايمز أوف إسرائيل» بأن قطر عرضت على «حماس» مقترحاً أميركياً جديداً لإعادة وقف إطلاق النار من خلال إطلاق سراح ألكسندر، مقابل أن يصدر الرئيس دونالد ترمب بياناً يدعو فيه إلى التهدئة في غزة واستئناف المفاوضات من أجل إنهاء دائم للحرب، مشيراً إلى أن الوسطاء القطريين أبلغوا الحركة بأن الامتثال للمقترح الأميركي سيخلق لهم حسن نية مع ترمب، مما يزيد من احتمال أن يضغط على نتنياهو للموافقة على وقف دائم لإطلاق النار.

وكشف استطلاع رأي حديث أجرته «القناة 12» الإسرائيلية أن 69 في المائة من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء حرب غزة، مقابل اتفاق يفرج فيه عن جميع الرهائن المتبقين في القطاع، وفي المقابل يعارض 21 في المائة من الإسرائيليين مثل هذه الصفقة.

وحتى بين أنصار الائتلاف الحاكم في إسرائيل الذي يقوده نتنياهو، أيدت أغلبية بنسبة 54 في المائة مثل هذه الخطوة، مقارنة بمعارضة 32 في المائة لوقف الحرب مقابل عودة الرهائن، ويأتي هذا وسط بيان جديد من هيئة عائلات الأسرى الإسرائيليين، السبت يطالب بإبرام صفقة تبادل رهائن.

وباعتقاد الخبير الاستراتيجي والعسكري اللواء سمير فرج، فإن فرص التوصل لهدنة في عيد الفطر أكبر من العقبات، وخصوصاً بعد ما قدمته «حماس» من مرونة وتنازلات، حيث الأعياد لدى المسلمين واليهود.

ومدعماً فرص نجاح الهدنة، يقول أستاذ العلوم السياسية في «جامعة الأمة» بغزة، الدكتور حسام الدجني، إن أحد أهم أسباب التقدم وتحقيق اختراق نحو التهدئة هو حلول عيد الفطر لدى المسلمين و«الفصح» لدى اليهود، فضلاً عن حاجة «حماس» لتمرير صفقة تعيد فتح المعابر لدخول المساعدات لتجاوز التجويع الذي تمارسه إسرائيل ضد غزة، بخلاف استطلاعات الرأي التي تحث نتنياهو على التوصل لصفقة.

وكان عضو المكتب السياسي في «حماس»، باسم نعيم، أفاد في حديث «وكالة الصحافة الفرنسية»، بأن المحادثات بين الحركة والوسطاء من أجل استئناف وقف إطلاق النار في قطاع غزة «تكثّفت في الأيام الأخيرة»، وقال: «نأمل أن تشهد الأيام القليلة المقبلة انفراجة حقيقية»، لافتاً إلى أن الحركة تتعامل «بكل مسؤولية وإيجابية ومرونة».

وأفادت قناة «القاهرة الإخبارية»، الخميس الماضي، بأن وفداً أمنياً مصرياً توجه إلى الدوحة بهدف «مواصلة المباحثات الرامية للإفراج عن الأسرى والرهائن، في إطار مرحلة انتقالية للسعي لخفض التصعيد»، في قطاع غزة، تزامناً مع إجراء وزير الخارجية المصري، اتصالين هاتفيين مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان، والتركي هاكان فيدان، بشأن التهدئة بغزة، وفق بيانين لـ«الخارجية المصرية»، الجمعة.

يأتي ذلك وسط تصعيد إسرائيلي أسفر عن مقتل 921 شخصاً قتلوا في القطاع منذ أن استأنفت إسرائيل غاراتها الواسعة النطاق على القطاع في 18 مارس (آذار) الجاري، وأفادت «القناة 12» الإسرائيلية السبت، بأن الجيش شن موجة هجمات واسعة على قطاع غزة حيث سمع دوي انفجارات عنيفة.

وعلى رغم التصعيد فإن جهود مصر حثيثة نحو إبرام «هدنة العيد»، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً على أهمية أن تمارس واشنطن ضغطاً أكبر على إسرائيل لضمان نفاذها واستمرارها وعدم التذرع بأي حجج تعطلها أو تغير تفاصيلها.

وباعتقاد الدجني، فإن خروج رهينة إسرائيلي يحمل الجنسية الأميركية سيكون أحد أسباب ضغط واشنطن على إسرائيل لضمان استمرار أي تهدئة مستقبلية، مستدركاً: «لكن التهديدات والتحديات موجودة ولدى نتنياهو فقط، الذي قد يواصل الضغط العسكري، ظناً أن هذا سيضغط على (حماس) لمكاسب أكبر وهذا أصبح غير مجد والهدنة الأسلم للجميع».