مصرف لبناني يجمد حسابات «جمعية المبرات» تطبيقًا لقانون العقوبات الأميركي

فضل الله: مؤسستنا لا تنتمي إلى «حزب الله»

مصرف لبناني يجمد حسابات «جمعية المبرات» تطبيقًا لقانون العقوبات الأميركي
TT

مصرف لبناني يجمد حسابات «جمعية المبرات» تطبيقًا لقانون العقوبات الأميركي

مصرف لبناني يجمد حسابات «جمعية المبرات» تطبيقًا لقانون العقوبات الأميركي

دخلت العقوبات المالية الأميركية على ما يسمّى «حزب الله» حيّز التنفيذ، لكن هذه العقوبات لم تتوقف عند الحزب ومؤسساته ومسؤوليه، إنما طالت مؤسسة خيرية لبنانية عائدة للمرجع الديني الشيعي الراحل السيّد محمد حسين فضل الله، وغير تابعة للحزب لا تنظيميًا ولا عقائديًا.
جمعية المبرات الخيرية، التي يشرف عليها الشيخ علي فضل الله، نجل المرجع الراحل محمد حسين فضل الله، أفادت وكالة «رويترز»، في تصريحات له، بأن «بعض المصارف اللبنانية جمدت بعض حساباتنا خشية العزلة الدولية، رغم عدم وجود انتماء سياسي للجمعية». وبينما لم تذكر المؤسسة اسم المصرف الذي جمّد حساباتها، فإنها اتهمت المصارف اللبنانية بـ«تطبيق القيود على نطاق واسع بشدة». وللعلم، يهدد القانون الأميركي الذي أقر في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بمعاقبة أي منظمة تقدم تمويلاً لما يسمّى «حزب الله» الذي تعده الولايات المتحدة بأنه تنظيم إرهابي.
وأكد الشيخ علي فضل الله، في تصريحه لـ«رويترز»، أن «جمعية المبرّات لم يرد اسمها في القانون الأميركي، وما يحصل الآن هي إجراءات احتياطية تتخذها بعض المؤسسات التي تتعامل في هذا الأمر، بعيدا عن الدقة المطلوبة، لكي لا يظلم أحد». وتابع: «شعرنا من خلال لقائنا مع بعض المصارف أن لديها خوفا، وأحبت أن تأخذ احتياطات أكثر من اللزوم. لم يكن مفروضا هذا الأمر، لو ذكرت جمعية المبرات على اللائحة قد نبرر لها، لكن لم تذكر». والواقع أن «جمعية المبرّات» تتولّى رعاية عدد كبير من دور الأيتام، كما ترعى ذوي الإعاقة والمصابين بالتوحّد وتوفر مأوى للمسنين، ولها مؤسسات صحية في كثير من المناطق اللبنانية، فضلا عن امتداداتها في مناطق أخرى في العالم ومن ضمنها الولايات المتحدة وأفريقيا وأستراليا، حيث توجد مؤسسات تربوية تابعة لها. ولدى هذه الجمعية أيضا مؤسسات لتأمين الموارد بما فيها فنادق ومطاعم ومحطات وقود.
وأضاف فضل الله: «جمعية المبرّات الخيرية في الأساس لم يكن عندها أي بعد سياسي، ولم تكن في كل مراحلها تستند إلى أي إطار سياسي، لا تستند لا في وجودها ولا في استمرارها.
وهي لن تستند. هذه المؤسسات منذ أن انطلقت هي من الناس وإلى الناس ونحن شفافون في هذا الموضوع». وأكد أن الجمعية «لا تتلقى أي دعم من أي دولة بما في ذلك إيران»، متابعًا: «أموالنا دائما من الناس وبعيدا عن أي تسييس، ولذلك نحن حريصون على بقاء هذه الصورة».
ما يجدر ذكره أن قانون منع التمويل الدولي عما يسمّى «حزب الله» أثار نزاعا لم يسبق له مثيل بين الحزب والبنك المركزي اللبناني الذي ينظر إليه كركيزة للدولة اللبنانية الضعيفة التي تفتقر إلى مقومات الفعالية، حيث انتقد مسؤولو الحزب مصرف لبنان المركزي لموافقته على هذه الضوابط التي يصفها بأنها «تأتي في إطار حرب على الجماعة الشيعية»، ويعد أن القانون «سيؤدي إلى صدع كبير بين اللبنانيين والمصارف»، ولوّح بأن «شيعة كثيرين سيوقفون تعاملاهم مع البنوك خوفا من تأثرهم بهذه الضوابط».
في المقابل، يقول حاكم مصرف لبنان رياض سلامة إن التزام المصرف بتطبيق القانون الأميركي «أمر ضروري لتحقيق الاستقرار للمصارف اللبنانية، وإن عدم التطبيق يعني انعزال النظام المصرفي عن العالم». ويضيف: «يتعين على البنوك التي تنوي إقفال حساب فرد أو منظمة على أساس هذا القانون، تقديم مبرر لهذا القرار، وأن تنتظر ردا من هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان، التي تتمتع باستقلالية وبصفة قضائية».
هذا، ومن المقرر أن يعقد اجتماع يوم الثلاثاء المقبل بين رئيس الوزراء تمام سلام ووزير المالية علي حسن خليل وحاكم مصرف لبنان، لوضع الأطر التي ترعى تطبيق القانون الأميركي من دون المساس بحسابات شريحة من اللبنانيين، خصوصًا من الطائفة الشيعية غير المنتسبين أو المؤيدين للحزب. في حين النائب في كتلة ما يسمّى «حزب الله»، علي فياض، أن «هناك جانبين الأول تقني والآخر سياسي». ودعا فياض الحكومة إلى «متابعة هذا الموضوع على المستوى السياسي وتحويله إلى قضية وطنية، في موازاة متابعة البنك المركزي هذا الأمر على المستوى التقني». وأردف فياض: «نحن لدينا كل الحق في أن ندافع عن أنفسنا، ومن المبكر أن نتحدث كيف، ولكن كل اللبنانيين تحت سقف واحد، والسقف إذا سقط فسيسقط على رأس الجميع وليس على رأس واحد فقط»، لافتًا إلى أن «الاستقرار الاجتماعي إذا ما تهدد سيترك تأثيراته السلبية على مجمل الأوضاع».
من جانبه، رأى الخبير الاقتصادي اللبناني غازي وزني أن «هناك تخوفًا كبيرًا جدا لدى (ما يسمى) حزب الله من أن تطال هذه الإجراءات بيئته، أو شريحة واسعة من الطائفة الشيعية، خصوصا أن الطائفة الشيعية على صعيد القطاع المصرفي تمثل ودائعها ثلث ودائع القطاع المصرفي»، وكشف عن «وجود أكثر من 52 مليار دولار للطائفة الشيعية موجودة في القطاع المصرفي اللبناني». وعبّر وزني - وهو شيعي - عن تخوفه من أن «تؤثر الأضرار على ما يتراوح بين 10 إلى 15 ألف شيعي». وأوضح أن «اللائحة الأميركية تشمل 92 فردا أو مؤسسة». يذكر أنه منذ 2001 وضعت الولايات المتحدة أكثر من مائة فرد وكيان على صلة بما يسمى «حزب الله» على قوائم عقوبات بموجب تشريع حالي يهدف إلى مواجهة مصادر تمويل الإرهاب، لكن هذا القانون الجديد يستهدف ما يسمّى «حزب الله» بشكل خاص.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.