تحليق مكثف لطائرات التحالف في سماء تعز

استهدفت تعزيزات الميليشيات الانقلابية بمنطقتي موزع والمخاء

طائرات التحالف حلقت فوق تعز بعد أن كثفت الميليشيات الانقلابية من تعزيزاتها العسكرية في تعز (إ.ب.أ)
طائرات التحالف حلقت فوق تعز بعد أن كثفت الميليشيات الانقلابية من تعزيزاتها العسكرية في تعز (إ.ب.أ)
TT

تحليق مكثف لطائرات التحالف في سماء تعز

طائرات التحالف حلقت فوق تعز بعد أن كثفت الميليشيات الانقلابية من تعزيزاتها العسكرية في تعز (إ.ب.أ)
طائرات التحالف حلقت فوق تعز بعد أن كثفت الميليشيات الانقلابية من تعزيزاتها العسكرية في تعز (إ.ب.أ)

واصلت الميليشيات الانقلابية أمس تحشيداتها ودفعت بتعزيزات عسكرية كبيرة مصحوبة بتحركات مكثفة في مناطق متفرقة من محافظة تعز. وردًا على ذلك نفذت مقاتلات التحالف العربي الذي تقوده السعودية سلسلة غارات استهدفت تعزيزات عسكرية للميليشيات الانقلابية بتعز، غربي اليمن. وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن طيران التحالف شن خمس غارات جوية استهدفت تعزيزات لميليشيات الحوثي وقوات المخلوع علي صالح بمنطقتي موزع والمخاء. وأوضحت المصادر أن ثلاث غارات استهدفت تعزيزات للميليشيات بمنطقة موزع كانت تحوي صواريخ فيما استهدفت غارتان تعزيزات للميليشيات بمنطقة المخاء كانت قادمة من محافظة الحديدة.
ويأتي ذلك، في الوقت الذي تشتد المواجهات بين الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في تعز، من جهة، والميليشيات الانقلابية، من جهة أخرى، خاصة في جبهات القتال الشرقية والشمالية، حيث تحاول الميليشيات التقدم والسيطرة على مواقع ومعسكر اللواء 35 مدرع غرب المدينة.
ورافق المواجهات العنيفة، القصف العنيف من الميليشيات الانقلابية على الأحياء السكنية وقرى وأرياف المحافظة. وقال عضو مجلس النواب اليمني والناطق باسم المقاومة في تعز، محمد مقبل الحميري، إن «مواجهات أمس السبت كانت عنيفة بين مقاومة أبناء حمير في مديرية مقبنة في تعز وبين ميليشيات الانقلابيين في منطقة العبدلة».
وحذر في منشور له نشره على صفحته الخاصة بالتواصل الاجتماعي «فيسبوك» أبناء المنطقة المتحوثين (الموالين للميليشيات الانقلابية)، بالقول: «نخاطب المتحوثين من أبناء المناطق المجاورة أن يعرفوا أن بني حمير وكل أحرار المنطقة دماؤهم مُرة، فلا يلعب المتحوثون بالنار لأنهم سيدفعون الأثمان غالية، ونحن لا نريد لهم أن يدخلوا في مستنقع لن يستطيعوا الخروج منه، ونريد أن نحتفظ بالإخاء بيننا وبينهم».
ومن جهته، قال مصدر في المقاومة الشعبية في تعز لـ«الشرق الأوسط» إن «تبة الدفاع الجوي، شمال المدينة ومنطقة ميلات في الضباب ومحيط معسكر اللواء 35 مدرع في المطار القديم، غرب المدينة، ومواقع أخرى، شهدت مواجهات عنيفة وسط نار كثيفة من قبل الميليشيات الانقلابية التي تحاول منذ عدة أيام وبشكل عنيف منذ بدء سريان هدنة وقف إطلاق النار في أبريل (نيسان) الماضي، التقدم إلى مواقع الجيش والمقاومة دون تحقيقها أي تقدم يذكر سوى تكبدها الخسائر الفادحة في الأرواح والعتاد».
في المقابل، أعلنت اللجنة الأمنية في المحافظة عن وضعها خطة استثنائية للحفاظ على أمن المدينة خلال شهر رمضان المبارك. وجاء ذلك خلال اجتماعها الدوري برئاسة العميد عبد الواحد سرحان، القائم بأعمال مدير الأمن، وبحضور أعضاء اللجنة الأمنية، للضبط والتقييم.
وأقرت اللجنة الخطة الأمنية الاستثنائية لشهر رمضان المبارك، التي قالوا بأنها «ستعمل من خلالها على حفظ الأمن والاستقرار في الأسواق العامة داخل المدينة».
دعا مجلس تنسيق المقاومة الشعبية في تعز الوفد الحكومي المشارك في مشاورات الكويت مع الانقلابيين، وقف المشاورات وانسحاب الوفد منها، معتبرين أن استمراره لا يعدو كونه غطاء لهذه الحرب المتواصلة والحصار الجائر على تعز». وطالب مجلس تنسيق المقاومة السلطة الشرعية القيام «بواجبها في دعم المقاومة والجيش الوطني بما يمكن من فك الحصار ثم تحرير المحافظة، واستمرار دول التحالف العربي بدعم المقاومة والجيش الوطني ومساندتها لإنهاء الانقلاب، وقيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن بفرض تنفيذ قرار مجلس الأمن رقم 2216. وأكد المجلس في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن «هذه المشاورات بدت بكل وضوح عديمة الجدوی، ولا طائل من ورائها».
وقال إنهم «يفهمون عدوانية وعداء الحوثي والمخلوع تجاه تعز، ولكن ما لا نفهمه هو استمرار بقاء وفد الشرعية، رغم عدم التزام الطرف الآخر بأي عهد أو اتفاق، الأمر الذي يجعلنا نتساءل كيف يحلو لوفد الحكومة الجلوس مع عصابات تفتقر إلى شرف الخصومة، وتفتقد لرجولة ومسؤولية المفاوض، ناهيك عما يرد إليهم، علی مدار الساعة، ما تعانيه تعز من ضراوة الحرب المتسترة خلف أكذوبة الهدنة».
وأضاف البيان: «غير أن ما لا نفهمه أكثر هو غياب تعز نهائيا عن بال المبعوث الأممي، إلا أن كان يظن أن نيران المدافع والدبابات وصواريخ الكاتيوشا التي يمطر بها الانقلابيون تعز يوميًا نوع من الألعاب النارية، فذلك - أيضًا - ظن يسيء إلی سيادته!».
وشدد مجلس تنسيق المقاومة في تعز على أن مطالبتهم بانسحاب وفد الشرعية لأنهم لم «يلمسوا أي متغير إيجابي وبالذات منذ إعلان ما يسمی بالهدنة، وذلك أمر تؤكده الأحداث والممارسات الإجرامية الهمجية من قبل ميليشيات الحوثي وصالح الانقلابية، ففي فترة المشاورات زادت ضراوة الهجمات على المدينة وسقط عشرات الشهداء، من المدنيين وفيهم أطفال ونساء، ومئات الجرحى، ولحقت بالمنشآت والممتلكات العامة والخاصة أضرار كبيرة، إضافة إلى استمرار الحصار على المدينة ومضاعفة التعزيزات العسكرية وإعادة تموضع القوات».
إلى ذلك، أعلن مجلس إسناد ودعم الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الشمايتين، إحدى مديريات محافظة تعز في الحجرية، بأن لجنة الجرحى بدأت بمباشرة عملها صباح أمس السبت، وذلك في مستشفى خليفة العام في مدينة التربة، عاصمة قضاء الحجرية، حيث ستقوم بمعاينة جرحى الحرب الذين تستدعي حالاتهم السفر إلى الخارج، وذلك تنفيذًا لتوجيهات محافظ لمحافظة علي المعمري.
ومن جهته، أكد محافظ محافظة تعز، علي المعمري، أن ملف جرحى تعز يحظى بأولوية لدى السلطة المحلية التي ستبذل كل جهودها من أجل إيجاد حلول حقيقية لإنهاء معاناة الحرب التي شنتها عليهم ميليشيات الحوثي والقوات الموالية للمخلوع علي عبد الله صالح.
وقال المحافظ المعمري إن «اللجنة الطبية بدأت في النزول الميداني وزيارة الجرحى لرفع التقارير الخاصة بمن يستحقون السفر إلى الخارج لتلقي العلاج، وستنتهي من عملها قريبًا، وسيشرع شخصيًا في التواصل مع مركز الملك سلمان للإغاثة من أجل تسفيرهم ومعالجتهم». وشدد محافظ المحافظة، خلال لقائه الشخصيات الاجتماعية والسياسية والوجهاء والمشايخ والأعيان في المحافظة رشاد الأكحلي وكيل المحافظة والكثير من قادة وضباط الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في المدينة، على أهمية أن يعي الجميع مسؤوليته في الحفاظ على الأمن والسكينة العامة، ودعم جهود السلطة المحلية والأجهزة الأمنية في تطبيع الأوضاع داخل المدينة من أجل تجسيد نموذج الدولة في المحافظة.
كما أكد المحافظ المعمري أن «هيكلة الجهاز الأمني في محافظة تعز سيساهم في ضبط الأمن في المدينة»، داعيًا الجميع إلى «إسناد الجهاز الأمني ودعمه للقيام بدوره في ضبط الأمن والتخفيف من الجريمة وفرض هيبة القانون في المدينة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.