أزمة الرئاسة في البرازيل تهز «يسار» أميركا الجنوبية

إبعاد ديلما روسيف جعل التيار اليساري يخسر أنبوبًا للأكسجين كان يمتد إلى مختلف أنحاء القارة

الرئيس الأرجنتيني ماكري أمام مناصريه
الرئيس الأرجنتيني ماكري أمام مناصريه
TT

أزمة الرئاسة في البرازيل تهز «يسار» أميركا الجنوبية

الرئيس الأرجنتيني ماكري أمام مناصريه
الرئيس الأرجنتيني ماكري أمام مناصريه

أوقف تصويت في مجلس الشيوخ البرازيلي الرئيسة اليسارية ديلما روسيف عن ممارسة مهامها، وأسند بالتالي منصب الرئاسة بالوكالة إلى نائبها السياسي الوسطي ميشال تامر، الذي تتهمه روسيف (68 سنة) بـ«الضلوع في مؤامرة» ضدها. وكان المجلس قد اتخذ القرار بحق روسيف عن ممارسة مهامها تمهيدًا لمحاكمتها بشأن مزاعم بارتكاب مخالفات في الميزانية. لكن الرئيسة، المُبعَدة عن منصبها، التي تعهدت بمحاربة ما وصفته بـ«الظلم» بكل السبل القانونية، تنفي هذه التهم.
إزاحة روسيف، ابنة المهاجر البلغاري، عن رئاسة أكبر دولة لاتينية في العالم، جاءت مؤشرًا على تراجع نسبي ملحوظ للموجة اليسارية التي اشتدت على مستوى معظم دول أميركا اللاتينية عبر صناديق الاقتراع في أعقاب انتهاء «الحرب الباردة»، وهو ما أسقط فعليًا ذرائع الانقلابات العسكرية. ومنذ ذلك الحين ثبّت اليسار أقدامه ورسّخ حضوره على حساب اليمين على امتداد القارة باستثناء دولتين فقط، هما كولومبيا وباراغواي. في حين نجح حتى الماركسيون، وليس فقط الاشتراكيون المعتدلون، في بلوغ قصور الحكم في بعض الدول، ومنها فنزويلا وبوليفيا وغيانا وأوروغواي.
يبدو أن أزمة الرئاسة في البرازيل تلقّن اليسار في دول أميركا الجنوبية درسًا مؤلمًا بعد سنوات من ازدهار اليسار اللاتيني على حساب قوى اليمين والوسط، وها هي القوى الوسطية واليمينية – ولو بوجهها الديمقراطي غير العسكري – يعود من جديد إلى المشهد السياسي في القارة، تعود من جديد لتغير المشهد السياسي في المنطقة ومعه خريطتها الجيو - سياسية.
بعد «إقالة» الرئيسة البرازيلية ديلما روسيف من منصبها الرئاسي مؤقتًا، لا شك أن اليسار في أميركا الجنوبية خسر أنبوبًا للأكسجين كان يمتد إلى مختلف أنحاء القارة من شمالها إلى جنوبها. وكانت البرازيل – وهي الدولة الأكبر، كما أنها الوحيدة الناطقة باللغة البرتغالية، في القارة – قد جسّدت إنجاز اليسار في أعقاب عقود من حكم اليمين والديكتاتوريات العسكرية، إثر وصول الرئيس السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الشهير بـ«لولا» إلى سدة الحكم ونجاح برنامجه الرئاسي في اجتثاث الفقر من البلاد، وقدرته على انتشال أكثر من ثلاثين مليون مواطن من تحت خط الفقر وتصعيدهم إلى الطبقة المتوسطة. منجزات لولا الشخصية النقابية اليسارية ومؤسس حزب العمال صاحب «الكاريزما» الشعبية الكبيرة، كانت دليلاً قاطعًا على قدرة اليسار أولاً على الوصول إلى السلطة بوسائل ديمقراطية، وثانيًا تمكنه من بناء تحالفات عريضة تتيح له الوقت الكافي لتنفيذ سياساته ومحاسبته عليها.
ومن ثم بعد إكمال لولا (70 سنة) ولايته الرئاسية الثانية، رشح حليفته الوزيرة الاشتراكية لخلافته، ونجحت عبر التحالف مع قوى يسارية ووسطية من الفوز بمنصب الرئاسة عام 2011. والمؤكد أن دعم لولا وتزكيته لها كانا عنصرًا حاسمًا في فوزها.
اليوم يشكل تصويت مجلس الشيوخ البرازيلي بوقف الرئيسة عن ممارسة مهامها، واتهامها نائبها ميشال تامر (الرئيس الحالي بالوكالة) بـ«التآمر» عليها تغيرين مهمين في المشهد السياسي البرازيلي: الأول، هزيمة رئيسة تعد وريثة لتركة اليسار، والثاني انهيار التوافق التحالفي العريض بين اليسار والوسط الذي سهّل انتخابها، مما يقلب الأمور بشكل دراماتيكي.

ظاهرة قارية

أهمية ظاهرة «لولا»، في واقع الأمر تنبع من كونها أكثر من مجرد «ظاهرة برازيلية»، بل ظاهرة قارية تتجسد بتعميم نموذج اليسار الآتي إلى قصور الحكم عن طريق صناديق الاقتراع على امتداد أميركا الجنوبية. فبعدما انتخب «لولا» ونجح في تطبيق برنامجه، أدرك الرئيس اليساري أهمية التأسيس لمرحلة من سيأتي بعده، وبالتالي، مواصلة المسيرة داخل البرازيل، وتحصينها عبر تعميمها في الدول المجاورة في أميركا الجنوبية، ثم عموم أميركا اللاتينية بما فيها أميركا الوسطى وجزر الكاريبي.
وحقًا، انطلق ونشط التعميم، وخطت قيادات في القارة على خطى التأسيس لتركة اليسار. فقام الرئيس الفنزويلي السابق الراحل هوغو شافيز باعتماد سياسات اشتراكية صريحة تقوم على بناء شبكة أمان للطبقات الفقيرة عندما كانت أسعار النفط في قمتها، مما ساعد على إنجاح برامجه في وجه معارضة الطبقات الغنية المنخرطة في أحزاب اليمين التقليدية. وبعدما اطمأن إلى التركة اختار «تلميذه» ومساعده نيكولاس مادورو ليخلفه في منصب الرئاسة.
وبنسبة أقل راديكالية، تكرر النموذج كذلك في الأرجنتين، حيث خلفت السياسية اليسارية المعتدلة كريستينا فيرنانديز دي كيرشنر زوجها الرئيس اليساري المعتدل نيستور كيرشنر، واستمر حكم الزوجين 12 سنة بين 2003 و2015. وفي هذه الأثناء انتزع سياسيان يساريان شابان هما رافاييل كورييا الأكاديمي المتخرج في جامعات الولايات المتحدة الرئاسة في الإكوادر، وإيفو موراليس النقابي العمالي المتحدر من شعب الآيمارا (من الأميركيين الأصليين) الرئاسة في بوليفيا. كذلك انتزع أولانتا هومالا، وهو ضابط سابق - متحدر أيضًا من شعب الكيتشوا من الأميركيين الأصليين - الرئاسة في بيرو. وعزّزت كل من أوروغواي وتشيلي توجهها يسارًا مع انتخاب الرئيسين تاباري فاسكيز وميشال باشليت، ومع أن رجل الأعمال الثري سباستيان بينييرا استفاد من انقسام اليسار التشيلي ليفوز بانتخابات 2010 قبل استعادة الرئيسة (والطبيبة) الاشتراكية باشليت الرئاسة لليسار، فإن اليسار احتفظ بالحكم في أوروغواي عبر فاسكيز والرئيس اليساري السابق خوسيه موخيكا بلا انقطاع منذ 2005.

ماذا حدث الآن؟

نكسة اليسار التي أخذت تتبلور في أميركا الجنوبية، وتشهد نكسات متلاحقة، تعود في الحقيقة إلى بضعة عوامل، لعل أبرزها:
- الفساد، الذي لحق بأداء بعض الزعامات اليسارية التي غفلت عن قدرة الناخبين على محاسبتها، كما حاسبوا القادة اليمينيين من قبل. وفي مقدمة من دفع ثمن الفساد اليسار الأرجنتيني وأسرة كيرشنر، وكانت النتيجة الفوز الذي حققه عمدة بوينس آيرس المليونير موريسيو ماكري - الرئيس السابق لنادي بوكا جونيورز الشهير في عالم كرة القدم - في انتخابات الرئاسة الأخيرة في الأرجنتين.
- انخفاض أسعار النفط، الذي أثر على مداخيل بعض دول القارة المنتجة للنفط مثل فنزويلا والإكوادور. ومن ثم، أثر سلبًا على برامج التنمية والرعاية الاجتماعية.
- الممارسات السياسية الخاطئة على الصعيد الداخلي.
- سوء اختيار القيادات البديلة، التي حلت محل القيادات البارزة المؤسسة.
- الانفتاح الأميركي على أميركا اللاتينية، الذي خفف من حدة العداء لواشنطن، في بعض الدول، ولا سيما بالنسبة للطبقة الوسطى.

حالة فنزويلا

إن دولة مثل فنزويلا، التي كانت في يوم الأيام ثاني أكبر مصدّر للنفط في العالم، تعاني حاليًا من أزمة معيشية وسياسية من ملامحها نقص حاد في المواد الغذائية ومصاعب اقتصادية طاحنة، وصفها الرئيس مادورو بأنها «مؤامرة تحاك ضد بلاده». وانعكست هذه الأزمة في الهزيمة الانتخابية المؤلمة لليسار في الانتخابات البرلمانية، ولا يبدو في الأفق أن الوضع سيتحسن مع فقدان مادورو حليفًا مهمًا في مواجهته ضد اليمين الفنزويلي – المدعوم من واشنطن - في أعقاب إزاحة روسيف في البرازيل، إذ ما عاد بإمكانه التفاؤل بالحصول على دعم البرازيل لسد حاجة فنزويلا من السلع الأساسية وسط الشح الناجم عن انخفاض أسعار النفط ناتج البلاد الأساسي. وبالتالي، فإن الوضع الراهن سيفرض مزيدًا من الضغوط على الداخل الفنزويلي، مما سيدفع الحكومة اليسارية لمحاولة السيطرة على الوضع وضبط الأسواق بإجراءات تقشفية موجعة.
محللون اقتصاديون رصدوا أخيرًا ارتفاع أسعار السلع الغذائية في فنزويلا بنسبة 180 في المائة، ويتوقعون ارتفاعها بنسبة 700 في المائة بنهاية العام الحالي، مع بقاء أسعار النفط المنخفضة على حالها، وغياب أي تصور لرفع الأسعار قد يدفع إلى تغير المشهد السياسي هناك. وهنا نشير إلى أن مصادر في الاستخبارات الأميركية أعربت عن قلق واشنطن المتزايد من احتمال حدوث انهيار اقتصادي وسياسي في فنزويلا، ويدفع لذلك مخاوف من التخلف عن سداد الديون وتزايد الاحتجاجات في الشوارع والتدهور في قطاع النفط الحيوي في البلاد.
وفي الاتجاه ذاته، في تقييم متشائم للأزمة المتفاقمة في فنزويلا تبدي أوساط أميركية مطلعة شكها في أن يسمح الرئيس مادورو بإجراء استفتاء هذا العام على الرغم من الاحتجاجات التي قادتها المعارضة للمطالبة باستفتاء لتحديد ما إذا كان سيبقى في السلطة. لكن واشنطن، مع ذلك، ترى أنه من غير المحتمل تمكن مادورو من إكمال مدة رئاسته التي من المقرّر أن تنتهي بعد الانتخابات في أواخر 2018.
وفي حين يقول مسؤولون أميركيون إن أحد «السيناريوهات» الواردة سيكون إجبار حزب مادورو أو شخصيات سياسية على الاستقالة، من دون استبعاد احتمال وقوع انقلاب عسكري، فإن الأوساط الأميركية تحرص على القول إنه لا توجد دلائل على نسج أي مؤامرة فعلية أو إن الرئيس اليساري فقد دعم كبار ضباط الجيش له.
وكان أسوأ مثال على الاضطراب الذي تتسبب به الأزمة المعيشية الراهنة ما حدث في وقت سابق من الشهر الحالي عندما أقدمت حشود في فنزويلا على سرقة دقيق ودجاج، بل وملابس، في موجة من أعمال النهب. وللعلم، سبق لمادورو أن تعهد بأنه لن يقدم استقالته قبل انتهاء فترة رئاسته عام 2019، وكرّر اتهام المعارضة بالسعي إلى تدبير انقلاب ضده لتدمير «الميراث الاشتراكي» لسلفه الراحل شافيز.

و.. الأرجنتينية

أما في الأرجنتين، فإن ابتعاد الرئيسة كريستينا فيرنانديز دي كريشنر عن سدة الحكم، ووصول غريمها اليميني ماوريسيو ماكري غيّرا بشكل كبير المعادلة السياسية، مع العلم بأن ماكري اضطر للانتظار حتى الجولة الانتخابية الثانية الحاسمة في انتخابات الرئاسة بعدما تخلف في الجولة عن منافسه اليساري المحسوب على الرئيسة دانيال سيولي. وهذا يعني أن هذه الانعطافة نحو اليمين قد تكون أو لا تكون نهائية. جدير بالذكر أن دي كريشنر رفضت المثول أمام القضاء في قضايا فساد بعد اتهامها بالإضرار بالمال العام بسبب عملية مضاربة بأسعار صرف العملات أجراها المصرف المركزي في الأشهر الأخيرة من ولايتها. وحسب الحكومة اليمينية الحالية – التي كانت حينذاك في المعارضة – فإن هذه العملية كلفت ثالث أكبر اقتصاد في أميركا اللاتينية خسائر بمئات ملايين الدولارات.

صفحة جديدة في كوبا

على مستوى مختلف تمامًا، هناك كوبا..
كوبا التي كانت تمثل رأس حربة اليسار – بل واليسار الثوري – في الأميركتين، منشغلة الآن بمسار السلام مع الولايات المتحدة، العدو اللدود السابق، وباتت الآن منفتحة على الغرب بعد سنوات من القطيعة، مما يفتح صفحة جديدة لهذه الدولة - الجزيرة بالنسبة للاستثمارات الغربية والأميركية.. المتعطشة للحضور فيها.
وبعد الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى كوبا ولقائه بالرئيس راوول كاسترو، تعقد الحكومة الكوبية جولات من المباحثات مع الولايات المتحدة بهدف تحسين العلاقات بين البلدين وتقييم التقدم الذي حققه خصما «الحرب الباردة» السابقان نحو تجاوز صراعهما الذي استمر عقودا وتحديد مجالات جديدة للتعاون. وبعد قطيعة دبلوماسية وتجارية طالت لأكثر من 50 سنة وقع الجانبان اتفاقات بشأن مسائل ذات اهتمام مشترك، مثل البيئة والخدمات البريدية والرحلات الجوية المباشرة.
ويبقى الآن من معاقل اليسار الإكوادور وبوليفيا. والحقيقة أن لكلا البلدين مشكلات قد تؤدي إلى إضعاف قبضة اليسار على السلطة فيه. ففي بوليفيا أخفق الرئيس إيفو موراليس عبر استفتاء أن يجدد فترة حكمة من جديد، وهو ما يعني اختفاءه عن السياسة بعد انقضاء فترته الرئاسية الحالية. أما الإكوادور - وهي دولة عضو في «أوبك»، مثل فنزويلا - فلديها ما يكفيها من أزمات اقتصادية في طليعة أسبابها انخفاض أسعار النفط. ومن ناحية أخرى، بات من الواضح إلى أن «الحلف البوليفاري» اليساري الذي قام في أميركا الجنوبية وكانت البرازيل والأرجنتين وفنزويلا أبرز أركانه فقد الآن فاعليته وتأثيره الإقليمي. أيضًا يشكو من الشلل الآن تجمع آخر هو «اتحاد أميركا الجنوبية» (أوناسور)، وبدا عجزه السياسي واضحًا في الآونة الأخيرة؛ عجزه عن دعم موقف روسيف في وجه معارضيها وعلى رأسهم نائبها، الرئيس الحالي المؤقت، تامر.
مما لا شك فيه، أن ما حدث في البرازيل هزّ الخريطة الجيو - سياسية في أميركا الجنوبية، وهو ما يتوقع أن يؤسس لحقبة جديدة من التحالفات والتكتلات يتجسد فيها انحسار نفوذ اليسار لأول مرة في القارة منذ نهاية «الحرب الباردة»، ومعها مسلسل الانقلابات العسكرية.



ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل
TT

ألمانيا... الحزب الديمقراطي الحر «شريك الحكم» شبه الدائم

شيل
شيل

مع أن «الحزب الديمقراطي الحر»، الذي يعرف في ألمانيا بـ«الحزب الليبرالي»، حزب صغير نسبياً، مقارنةً بالقطبين الكبيرين «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» (المحافظ) و«الحزب الديمقراطي الاجتماعي» (الاشتراكي)، فإنه كان غالباً «الشريك» المطلوب لتشكيل الحكومات الائتلافية المتعاقبة.

النظام الانتخابي في ألمانيا يساعد على ذلك، فهو بفضل «التمثيل النسبي» يصعّب على أي من الحزبين الكبيرين الفوز بغالبية مطلقة تسمح له بالحكم منفرداً. والحال أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، تحكم ألمانيا حكومات ائتلافية يقودها الحزب الفائز وبجانبه حزب أو أحزاب أخرى صغيرة. ومنذ تأسيس «الحزب الديمقراطي الحر»، عام 1948، شارك في 5 حكومات من بينها الحكومة الحالية، قادها أحد من الحزبين الأساسيين، وكان جزءاً من حكومات المستشارين كونراد أديناور وهيلموت كول وأنجيلا ميركل.

يتمتع الحزب بشيء من الليونة في سياسته التي تُعد «وسطية»، تسمح له بالدخول في ائتلافات يسارية أو يمينية، مع أنه قد يكون أقرب لليمين. وتتمحور سياسات

الحزب حول أفكار ليبرالية، بتركيز على الأسواق التي يؤمن بأنها يجب أن تكون حرة من دون تدخل الدولة باستثناء تحديد سياسات تنظيمية لخلق أطر العمل. وهدف الحزب الأساسي خلق وظائف ومناخ إيجابي للأعمال وتقليل البيروقراطية والقيود التنظيمية وتخفيض الضرائب والالتزام بعدم زيادة الدين العام.

غينشر

من جهة أخرى، يصف الحزب نفسه بأنه أوروبي التوجه، مؤيد للاتحاد الأوروبي ويدعو لسياسات أوروبية خارجية موحدة. وهو يُعد منفتحاً في سياسات الهجرة التي تفيد الأعمال، وقد أيد تحديث «قانون المواطنة» الذي أدخلته الحكومة وعدداً من القوانين الأخرى التي تسهل دخول اليد العاملة الماهرة التي يحتاج إليها الاقتصاد الألماني. لكنه عارض سياسات المستشارة السابقة أنجيلا ميركل المتعلقة بالهجرة وسماحها لمئات آلاف اللاجئين السوريين بالدخول، فهو مع أنه لا يعارض استقبال اللاجئين من حيث المبدأ، يدعو لتوزيعهم «بشكل عادل» على دول الاتحاد الأوروبي.

من أبرز قادة الحزب، فالتر شيل، الذي قاد الليبراليين من عام 1968 حتى عام 1974، وخدم في عدد من المناصب المهمة، وكان رئيساً لألمانيا الغربية بين عامي 1974 و1979. وقبل ذلك كان وزيراً للخارجية في حكومة فيلي براندت بين عامي 1969 و1974. وخلال فترة رئاسته للخارجية، كان مسؤولاً عن قيادة فترة التقارب مع ألمانيا الديمقراطية الشرقية.

هانس ديتريش غينشر زعيم آخر لليبراليين ترك تأثيراً كبيراً، وقاد الحزب بين عامي 1974 و1985، وكان وزيراً للخارجية ونائب المستشار بين عامي 1974 و1992، ما جعله وزير الخارجية الذي أمضى أطول فترة في المنصب في ألمانيا. ويعتبر غينشر دبلوماسياً بارعاً، استحق عن جدارة لقب «مهندس الوحدة الألمانية».