روسيا تبدأ بتوسعة مطار تدمر العسكري وتحصينه وإنشاء «قاعدة مؤقتة» لخبراء الألغام

مصدر معارض لـ «الشرق الأوسط»: تنامي الوجود العسكري يعزز نفوذها ويهدف لمنع سقوط الأسد

روسيا تبدأ بتوسعة مطار تدمر العسكري وتحصينه وإنشاء «قاعدة مؤقتة» لخبراء الألغام
TT

روسيا تبدأ بتوسعة مطار تدمر العسكري وتحصينه وإنشاء «قاعدة مؤقتة» لخبراء الألغام

روسيا تبدأ بتوسعة مطار تدمر العسكري وتحصينه وإنشاء «قاعدة مؤقتة» لخبراء الألغام

شرعت روسيا في تأهيل مطار تدمر العسكري بوسط سوريا، حيث أطلقت مشروع «تحصين وتوسعة المطار العسكري في المدينة»، بالتزامن مع إنشاء قاعدة عسكرية «مؤقتة» لإيواء خبراء فريق نزع الألغام في المدينة التاريخية، بحسب ما أكد مدير «المرصد السوري لحقوق الإنسان» رامي عبد الرحمن.
عبد الرحمن قال لـ«الشرق الأوسط» إن القوات الجوية الروسية «بدأت بتأهيل مطار تدمر العسكري، ضمن مشروع توسعة حرم المطار ومدرجاته»، مشيرًا إلى أن تلك الأعمال اللوجستية «تتضمن أيضًا تحصينه عسكريًا». ولفت إلى أن تلك التحصينات بدأت «بعد طرد قوات تنظيم داعش من المدينة إلى مسافة تتخطى 20 كيلومترًا خارجها»، لكنه أوضح أن الخطر على المدينة من التنظيم «لا يزال قائمًا كونها لا تعتبر آمنة حتى هذا الوقت».
تصريحات عبد الرحمن جاءت إثر معلومات أميركية تحدثت عن أن روسيا تنشئ قاعدة عسكرية جديدة في تدمر، هي ثاني أكبر قاعدة عسكرية روسية في سوريا، وهي المعلومات التي نفتها موسكو. ومما قاله عبد الرحمن: «لا معلومات دقيقة بحوزتنا حول تلك القاعدة التي يُرجح أن تكون معدة لإيواء الخبراء الروس الذين يعملون على إزالة الألغام من المدينة الأثرية».
يذكر أن وكالة «أسوشييتد برس» أفادت بأن روسيا بنَت مجمعًا عسكريًا في المنطقة التي تتضمن المدينة التاريخية في تدمر، مشيرة إلى صور جوية تظهر الشروع في تشييد هذا المجمع العسكري. ونقلت وسائل إعلام غربية معلومات عن مبادرة التراث الثقافي في المدرسة الأميركية للبحوث الشرقية، تفيد بأن الروس يشيدون قاعدة عمليات في جزء من الموقع المدرج في قوائم التراث العالمي لليونيسكو. واحتلت القاعدة الروسية، وفق المدرسة الأميركية، أكثر المناطق الأثرية حساسية في تدمر، أي المقبرة الشمالية، ونشرت فيها موسكو آليات ثقيلة ومواقع لأنظمة مضادة للطائرات وناقلات للجنود.
غير أن المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، نفى خبر إنشاء قاعدة عسكرية بقوله: «لا توجد قواعد روسية جديدة في تدمر السورية، ولن تكون. وفي الصور التي نشرتها اليونيسكو، والتي تذكرها وكالة «أسوشييتد برس» يظهر معسكر مؤقت لوحدات المركز الدولي لإزالة الألغام للقوات المسلحة الروسية، التي أزالت في وقت سابق الألغام من مدينة تدمر الأثرية، وتقوم اليوم بتطهير المدينة من الألغام».
من جهة أخرى، كان العقيد ستيف وارن، وهو المتحدث الأميركي، أثناء مؤتمر بالدائرة التلفزيونية المغلقة من بغداد، قد أكد الأربعاء الماضي أن القوات الروسية أقامت «قاعدة متقدمة» في تدمر، مضيفًا: «من المبكر معرفة إن كانت القاعدة لأمد بعيد أو قصير». وأردف أن هذه القاعدة تمنح الروس «رأس جسر لحضور أكثر استقرارا في المنطقة»، وأن «القدرات» العسكرية الروسية في سوريا «هي ذاتها تقريبا أو شبه مماثلة» لما كانت عليه قبل إعلان بوتين سحب القوة القتالية منها. وأقر وارن بأن الغارات الجوية الروسية أصبحت مركزة أكثر على مسلحي «تنظيم داعش» ولم تعد تركز على مسلحي المعارضة السورية.
الكشف عن المجمع العسكري «المؤقت»، وتحصين وتوسيع المطار العسكري في تدمر، يأتي بعد نحو شهر على إعلان مسؤول روسي زار دمشق، أن رئيس النظام السوري بشار الأسد «أكد أن الشركات الروسية ستكون لها أولوية الاستثمار في قطاعات النفط والغاز، وإعادة الإعمار في سوريا»، علما بأن منطقة تدمر تتوسط منطقة غنية بحقول النفط والغاز في وسط وشرق سوريا، كما تشكّل تدمر نقطة عبور لخطوط الأنابيب التي تنقل الغاز من الحقول المهمة في محافظتَي الحسكة شمال شرقي سوريا، ودير الزور شرق البلاد، بحسب دراسة نشرها مركز «كارنيغي» لـ«الشرق الأوسط».
لكن الربط بين إنشاء القاعدة و«حماية الاستثمارات الروسية» في شرق البلاد ووسطها، يعدّه معارضون سوريون مبالغة؛ «لأن روسيا قادرة على حماية استثماراتها من خلال القواعد العسكرية على الساحل». وأوضح المعارض السوري وعضو «الائتلاف الوطني» هشام مروة أن توسعة المطار «هو محاولة روسية لإنشاء قدم متقدمة لها في سوريا والمياه الدافئة»، واعتبر أن إدارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين «نجحت في تحقيق الحلم الروسي بتكريس نفسه في المياه الدافئة في ظل تردد الإدارة الأميركية وتحجيم دور أوروبا في العملية السياسية السورية، على الرغم من أن الأوروبيين معنيين بشأن ما يجري في الشرق الأوسط من خلال الهجمات الإرهابية وتداعيات اللجوء السوري إلى أوروبا».
وتابع مروة في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن تنامي الوجود العسكري الروسي «يندرج ضمن خطط بوتين لتعزيز نفوذ بلاده، وتقديم الإغراءات للأسد بالحفاظ على بقائه، وذلك بعد تدخل روسيا وإنهاء فرصة إقامة المنطقة الآمنة على الحدود التركية وحماية الأسد من السقوط». وأردف أن القواعد العسكرية «تحمي الأسد؛ لأن سقوطه ينهي الاستثمارات الروسية في سوريا، ذلك أن الروس ربطوا مصالحهم بالأسد»، معتبرًا أن ذلك «قرار خاطئ من الناحية الاستراتيجية؛ لأنه يربط الاستثمارات بنظام متهالك لا يقبل به شعبه، وهو أشبه بمراهنة خاسرة لأن مصالح روسيا هي مع الشعب السوري وليس مع الأسد».
على صعيد آخر، كان عضو مجلس الاتحاد الروسي دميتري سابلين، قد قال عقب لقائه ضمن وفد من البرلمانيين الروس، بالأسد في دمشق في أبريل (نيسان) الماضي، أن الأسد «أكد لنا على أهمية التعاون الاقتصادي المشترك بين موسكو ودمشق، في مجالات إعادة الإعمار، والمساهمة في بناء المناطق المتضررة، فضلا عن التعاون في قطاعات النفط والغاز». وإضافة لقطاع إعادة الأعمار الذي وعد الأسد الروس به، تتركز الاستثمارات الروسية في سوريا منذ ما قبل الأزمة السورية، على التنقيب عن النفط والغاز، بينها استثمار شركة «تاتنيفت» النفطية الروسية بنحو 28 مليون دولار في حقول النفط شرق سوريا قبل العام 2011. وتبلغ قيمة الالتزامات التعاقدية لشركات النفط والغاز الروسية في سوريا نحو 1.6 مليار دولار. وتتضمن منطقة وسط سوريا جبل الشاعر (150 كيلومترًا، شمال غربي تدمر)، وهو جزء من منطقة تحتوي على حقول غاز هائلة، يُقال إنها تُنتِج 3 ملايين متر مكعّب يوميًا، إضافة إلى حقول تدمر التي كان يتوقع أن تتمكن من إنتاج 9 ملايين متر مكعب من الغاز الخام يوميًا، وتشمل هذه الحقول آراك ودبيسان والهيل وحيّان وجحار والمهر ونجيب والسُخنة وأبو رباح، والتي تُسهِم مجتمعة في نصف إنتاج سوريا من الغاز الطبيعي الخام وغاز البترول المُسال، بحسب دراسة نشرها «كارنيغي».



انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
TT

انقلابيو اليمن ينزفون جراء تصعيدهم الميداني

سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)
سور مستشفى حكومي في صنعاء حوّله الحوثيون إلى معرض لصور قتلاهم (الشرق الأوسط)

شيّعت جماعة الحوثيين خلال الأسبوع الماضي 17 قتيلاً من عناصرها العسكريين، الذين سقطوا على خطوط التماس مع القوات الحكومية في جبهات الساحل الغربي ومأرب وتعز والضالع، منهم 8 عناصر سقطوا خلال 3 أيام، دون الكشف عن مكان وزمان مقتلهم.

وفقاً للنسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، شيّعت الجماعة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء كلاً من: ملازم أول رشاد محمد الرشيدي، وملازم ثانٍ هاشم الهجوه، وملازم ثانٍ محمد الحاكم.

تشييع قتلى حوثيين في ضواحي صنعاء (إعلام حوثي)

وسبق ذلك تشييع الجماعة 5 من عناصرها، وهم العقيد صالح محمد مطر، والنقيب هيمان سعيد الدرين، والمساعد أحمد علي العدار، والرائد هلال الحداد، وملازم أول ناجي دورم.

تأتي هذه الخسائر متوازية مع إقرار الجماعة خلال الشهر الماضي بخسائر كبيرة في صفوف عناصرها، ينتحل أغلبهم رتباً عسكرية مختلفة، وذلك جراء خروقها الميدانية وهجماتها المتكررة ضد مواقع القوات الحكومية في عدة جبهات.

وطبقاً لإحصائية يمنية أعدّها ونشرها موقع «يمن فيوتشر»، فقد خسرت الجماعة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، 31 من مقاتليها، أغلبهم ضباط، سقطوا في مواجهات مع القوات الحكومية.

وشيّع الانقلابيون الحوثيون جثامين هؤلاء المقاتلين في صنعاء ومحافظة حجة، دون تحديد مكان وزمان مصرعهم.

وأكدت الإحصائية أن قتلى الجماعة خلال نوفمبر يُمثل انخفاضاً بنسبة 6 في المائة، مقارنة بالشهر السابق الذي شهد سقوط 33 مقاتلاً، ولفتت إلى أن ما نسبته 94 في المائة من إجمالي قتلى الجماعة الذين سقطوا خلال الشهر ذاته هم من القيادات الميدانية، ويحملون رتباً رفيعة، بينهم ضابط برتبة عميد، وآخر برتبة مقدم، و6 برتبة رائد، و3 برتبة نقيب، و 13 برتبة ملازم، و5 مساعدين، واثنان بلا رتب.

وكشفت الإحصائية عن أن إجمالي عدد قتلى الجماعة في 11 شهراً ماضياً بلغ 539 مقاتلاً، بينهم 494 سقطوا في مواجهات مباشرة مع القوات الحكومية، بينما قضى 45 آخرون في غارات جوية غربية.

152 قتيلاً

وتقدر مصادر عسكرية يمنية أن أكثر من 152 مقاتلاً حوثياً لقوا مصرعهم على أيدي القوات الحكومية بمختلف الجبهات خلال سبتمبر (أيلول) وأكتوبر (تشرين الأول) الماضيين، منهم 85 قيادياً وعنصراً قُتلوا بضربات أميركية.

وشهد سبتمبر المنصرم تسجيل رابع أعلى معدل لقتلى الجماعة في الجبهات منذ بداية العام الحالي، إذ بلغ عددهم، وفق إحصائية محلية، نحو 46 عنصراً، معظمهم من حاملي الرتب العالية.

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (إكس)

وبحسب المصادر، تُحِيط الجماعة الحوثية خسائرها البشرية بمزيد من التكتم، خشية أن يؤدي إشاعة ذلك إلى إحجام المجندين الجدد عن الالتحاق بصفوفها.

ونتيجة سقوط مزيد من عناصر الجماعة، تشير المصادر إلى مواصلة الجماعة تعزيز جبهاتها بمقاتلين جُدد جرى استقطابهم عبر برامج التعبئة الأخيرة ذات المنحى الطائفي والدورات العسكرية، تحت مزاعم مناصرة «القضية الفلسطينية».

وكان زعيم الجماعة الحوثية أقرّ في وقت سابق بسقوط ما يزيد عن 73 قتيلاً، وإصابة 181 آخرين، بجروح منذ بدء الهجمات التي تزعم الجماعة أنها داعمة للشعب الفلسطيني.

وسبق أن رصدت تقارير يمنية مقتل نحو 917 عنصراً حوثياً في عدة جبهات خلال العام المنصرم، أغلبهم ينتحلون رتباً عسكرية متنوعة، في مواجهات مع القوات الحكومية.