تونس: «النهضة» تعقد مؤتمرها العاشر وسط رفض المعارضين لتوجهات الغنوشي

مصادر: انقسام حاد يشق صفوف الحركة احتجاجا على خيارات الرئيس

تونس: «النهضة» تعقد مؤتمرها العاشر وسط رفض المعارضين لتوجهات الغنوشي
TT

تونس: «النهضة» تعقد مؤتمرها العاشر وسط رفض المعارضين لتوجهات الغنوشي

تونس: «النهضة» تعقد مؤتمرها العاشر وسط رفض المعارضين لتوجهات الغنوشي

قال عبد الحميد الجلاصي، القيادي في حركة النهضة التونسية، إن القانون الأساسي المنظم لعمل الحزب الذي عقد أمس مؤتمره العاشر في العاصمة التونسية، سيحدد رئاسة الحركة بدورتين فقط، تنفيذا لقرارات المؤتمر التاسع الذي عقد سنة 2012، موضحا أن هذا التعديل الذي سيرى النور خلال المؤتمر الحالي سيجعل الدورة المقبلة هي الأخيرة بالنسبة لراشد الغنوشي، رئيس الحركة، في حال إعادة انتخابه على رأس «النهضة».
وبشأن الأسماء المرشحة لخلافة الغنوشي على رأس الحركة، أكد الجلاصي عدم تقديم ترشحات لهذا المنصب، مشيرا إلى أن المرشحين سيقدمون ترشيحاتهم خلال أيام المؤتمر، وسيشهد تجربة هي الأولى من نوعها في العالم العربي، تتمثل في انتخاب رئيس المؤتمر بشكل مباشر عن طريق التصويت الإلكتروني بالنسبة إلى جميع المؤتمرين البالغ عددهم 1180 مؤتمرا من جميع الأعمار والفئات.
وفي أجواء من الانتظار سواء بالنسبة إلى خصوم «النهضة» في المشهد السياسي أو مؤيديها، انطلقت مساء أمس أشغال المؤتمر العاشر للحركة بحضور نحو 12 ألف شخص في حفل الافتتاح، وسط انتظارات كثيرة لما ستؤول إليه أمور الحزب الإسلامي الوحيد، الذي نجا حسب مراقبين، من تبعات ثورات الربيع العربي، خاصة على مستوى الفصل بين الجانب السياسي والجوانب الدعوية.
وتعد مسألة الفصل بين السياسي والدعوي، وعدم الخلط بين الدين والسياسة أحد المطالب الأساسية التي تتمسك بها المعارضة للتطبيع مع حركة النهضة، وخاصة الأحزاب اليسارية، وكذا توضيح أسس العلاقة التي تربط حركة النهضة، باعتبارها حزبا سياسيا تونسيا، بالتنظيم العالمي لـ«الإخوان المسلمين»، المرفوض سياسيا من قبل عدة أنظمة، وإعادة هيكلة الحزب، والتخلي عن مجلس الشورى وتعويضه بمجلس وطني، والانتهاء الفعلي من طور الإسلام السياسي، كما عبر عن ذلك زعيمه راشد الغنوشي.
وبخصوص تغيب السفير الولايات المتحدة عن أشغال افتتاح المؤتمر العاشر، قال أسامة الصغير، المتحدث باسم الحركة، لـ«الشرق الأوسط» إنه تعذر على السفير الأميركي حضور المؤتمر؛ بسبب التزاماته خارج تونس، ونفى الأخبار الرائجة حول رفضه الدعوة؛ بسبب حضور قيادات حركة المقاومة الفلسطينية «حماس» ضمن الأطراف المشاركة في افتتاح المؤتمر، مؤكدا في المقابل مشاركة قيادات سياسية من حركة حماس في أشغال المؤتمر العاشر.
من جهته، قال رياض الشعيبي، رئيس حزب البناء الوطني، الذي ترأس لجنة إعداد المؤتمر التاسع لحركة النهضة قبل أن يستقيل من النهضة سنة 2014. في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» إن مسألة الفصل بين ما هو سياسي ودعوي جاء في تونس وغيرها من البلدان العربية والإسلامية، على غرار المغرب وتركيا، نتيجة تجربة سياسية خاضتها تلك الأحزاب. لكن هذا لا يعني أن هذا الخيار هو المدخل الوحيد للعمل السياسي، بل هو بمثابة الاجتهاد التنظيمي الذي يتناسب مع طبيعة التجربة السياسية، على حد تعبيره.
ونفى الشعيبي وجود نموذج أو نمط سياسي جاهز، وقال: «إن بعض التيارات الإسلامية رأت في الفصل بين السياسي والدعوي مدخلا لتطبيع دورها السياسي، وذلك بعد تجارب سياسية خاضتها»، موضحا أنها قد تكون محقة في ذلك.
ومن ناحيته، قال الجلاصي، في تصريح إذاعي: «إن تخلي الحركة عن الجانب الدعوي والفصل الفعلي بين الدعوي والسياسي جاء لأن الواقع السياسي التونسي فرض هذا الأمر، وهو ما سيؤدي إلى تخلي الحركة عن الجانب الدعوي».
وذكرت مصادر مقربة من حركة النهضة (فضلت عدم ذكر اسمها) أن انقساما حادا يشق صفوف حركة النهضة خلال هذه الفترة، وأن القواعد الانتخابية غير راضية عن خيارات راشد الغنوشي، وترى فيها تنازلات مؤلمة دونما سبب واضح، على حد تقديرها. وأشارت المصادر ذاتها إلى انقسام حاد بين القمة والقاعدة في حركة النهضة، ذلك أن القيادات العليا وأعضاء مجلس الشورى (150 عضوا) والكتلة النيابية في البرلمان (69 نائبا) تتوافق مع التوجهات التي أقرها رئيس الحركة راشد الغنوشي. وفي المقابل تؤكد وجود تململ واضح من مؤيدي الحركة على مستوى القاعدة، وهذا ما يبرز في صفحات التواصل الاجتماعي، التي لا ترى ضرورة للفصل بين الدعوي والسياسي لإرضاء الخصوم السياسيين وتقديم تنازلات بلا معنى.
ويطال هذا الانقسام منذ نتائج انتخابات 2014 الإعلان عن تحالف حركة النهضة مع حركة نداء تونس، والالتحاق بالائتلاف الحكومي؛ إذ إن تلك القواعد ترى أن التحالف مع جزء من منظومة الحكم السابقة لا يتماشى وطبيعة التضحيات التي قدمها أبناء الحركة من تعرض للتعذيب، وفصل عن العمل، وتهجير وسجون ومنافٍ.
ولكن القيادات السياسية العليا وإثر خروج تنظيم «إخوان مصر» من الحكم، اعتمدت استراتيجية مغايرة تؤمن مشاركتهم في الحكم، وصل إلى حد إعلان الغنوشي قبل يومين عن خروج حركة النهضة من «مأزق الإسلام السياسي»، في إشارة إلى انتهاء الخلط بين السياسي والدعوي.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».