ليبيا: وزير دفاع حكومة السراج يصل طرابلس للمرة الأولى وحفتر يقيله من بنغازي

المبعوث الأممي يطالب بتمكين المجلس الأعلى للدولة وتسليح الجيش

ليبيا: وزير دفاع حكومة السراج يصل طرابلس للمرة الأولى وحفتر يقيله من بنغازي
TT

ليبيا: وزير دفاع حكومة السراج يصل طرابلس للمرة الأولى وحفتر يقيله من بنغازي

ليبيا: وزير دفاع حكومة السراج يصل طرابلس للمرة الأولى وحفتر يقيله من بنغازي

كشف رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، مارتن كوبلر، أمس، النقاب عن أنه أبلغ المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني المقترحة برئاسة فائز السراج، أنه تم التأكيد مجددا في المؤتمر الدولي الذي عقد في العاصمة النمساوية فيينا الأسبوع الماضي، على رفع حظر السلاح المفروض على ليبيا.
وقال كوبلر، ضمن سلسلة تغريدات له عبر موقع «تويتر»: «يمكن إعفاء القوات النظامية تحت إمرة المجلس من هذا الحظر». وبعدما أعلن أنه التقى المهدي البرغثي وزير الدفاع في حكومة السراج الذي وصل أمس للمرة الأولى إلى العاصمة طرابلس، للبدء في ممارسة مهام عمله، أشاد بشجاعته.
في المقابل أعلنت غرفة عمليات الجيش الليبي الذي يقوده الفريق خليفة حفتر في شرق البلاد، في بيان مقتضب بثته عبر صفحتها الرسمية على موقع «فيسبوك»، أن القيادة العامة للجيش كلفت العقيد ‏جمال الزهاوي قائدا جديدا للكتيبة 204 دبابات، التي كان يترأسها وزير الدفاع الليبي الجديد.
وعلى الرغم من أن البرغثي كان إلى وقت قريب أحد قادة القوات التي تحارب المتطرفين في مدينة بنغازي بشرق ليبيا، لكن قبوله حقيبة الدفاع في الحكومة الجديدة المدعومة من الأمم المتحدة، لن يؤثر على المعارك التي يخوضها الجيش في المدينة ضد الجماعات الإرهابية. وقال مسؤول في الجيش الليبي لـ«الشرق الأوسط» طلب عدم تعريفه: «وجوده (البرغثي) تماما مثل عدمه، لن يغير شيئا، وقوات الجيش ماضية في طريقها لتحرير بنغازي من قبضة المتطرفين».
وتخوض القوات التابعة لحكومة الوفاق معارك ضد تنظيم داعش قرب سرت، على بعد نحو 450 كيلومترا شرق طرابلس، في محاولة لمنع التنظيم من التقدم غرب المدينة الخاضعة لسيطرته منذ منتصف العام الماضي.
وتخشى الدول الكبرى تمدد تنظيم داعش في ليبيا الغارقة في الفوضى الأمنية والسياسية منذ نحو عامين، والتي لا تبعد سواحلها سوى نحو 300 كيلومتر عن أوروبا.
وتخضع القوات العسكرية في الغرب الليبي لسلطة حكومة الوفاق، بينما يقود الفريق خليفة حفتر مدعوما من البرلمان المعترف به دوليا، قوات في الشرق الليبي مؤيدة لحكومة موازية لا تحظى بالاعتراف الدولي وترفض تسليم السلطة.
وجاء نجاح التنظيم في التمدد غرب سرت الأسبوع الماضي، وذلك للمرة الأولى منذ سيطرته على المدينة، في وقت تعلن فيه الحكومة الليبية وقوات الحكومة الموازية في الشرق قرب مهاجمة قواعد التنظيم المتشدد لاستعادة سرت، مسقط رأس القذافي، في حملتين منفردتين.
من جهة أخرى، أعرب المبعوث الأممي كوبلر عن تقديره للخطوات التي اتخذها المجلس الرئاسي لحكومة السراج حتى الآن لتحسين الوضع المعيشي، ومن ضمنها الإصرار على حل مشكلة السيولة.
ولفت إلى أنه أجرى ما وصفه بمحادثات مفيدة جدًا، مع أعضاء من المجلس، أول من أمس، بمقر المجلس في القاعدة البحرية الرئيسية في العاصمة طرابلس، مؤكدا أن الوضع الإنساني والاقتصادي من أولويات المجلس.
وأشاد كوبلر بدور المجلس الأعلى للدولة، الذي التقى رئيسه عبد الرحمن السويحلي في طرابلس أيضا، ورأى أن «دور المجلس مهم جدًا في بناء ليبيا، ويجب تعديل الإعلان الدستوري من أجل السماح لهذا المجلس بالعمل بشكل كامل».
واعتبر أن «مجلس النواب ومجلس الدولة كتوأمين، ومن المهم جدًا أن يعملا معًا للتغلب على كافة التحديات»، على حد قوله.
من جهته، قال مكتب السويحلي إنه التقى كوبلر بمقر المجلس في طرابلس، حيث ناقشا خطوات تطبيق الاتفاق السياسي الليبي، وضرورة وفاء الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بوعودهما والتزاماتهما تجاه ليبيا، خصوصا فيما يتعلق بتوفير الإمكانات العسكرية والدعم اللازم لمحاربة تنظيم داعش.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الروسية رفضها العقوبات التي فرضتها مؤخرا الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، ضد رئيس مجلس النواب الليبي المستشار عقيلة صالح، المتهم بعرقلة مساعي بعثة الأمم المتحدة لإحلال السلام عبر تشكيل حكومة السراج.
وقالت الخارجية الروسية في بيان نشره الموقع الإلكتروني الرسمي لمجلس النواب الليبي، إن «موسكو تأسف من تصرف هذه الأطراف باستخدامها عقوبات ليس من شأنها، وإنما من شأن مجلس الأمن الدولي، وهو تدخل في شؤون ليبيا، وموضع شكوك».
واعتبرت أن محاولات التأثير على الوضع في ليبيا، عن طريق معاقبة الساسة الليبيين أمر عقيم، لافتة إلى أنه من الأجدى جذب ممثلي القوى السياسية الليبية ذات النفوذ في كل أنحاء ليبيا. وشددت على أنه «بغير ذلك سيكون من الصعب تحريك الوضع نحو الأفضل، والشروع في حل مشكلات البلاد الملحة، بما فيها مكافحة خطر الإرهاب».
وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية مؤخرا، إدراج رئيس البرلمان المتواجد في مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي عقيلة صالح، على قائمة عقوبات تشمل حظر السفر وتجميد أموال، بعد عدة أسابيع من فرض الاتحاد الأوروبي إجراءات مماثلة ضده.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.