عهد كامل‬.. خطوات حثيثة صوب الفيلم الروائي الأول‬

المخرجة السعودية عهد كامل‬
المخرجة السعودية عهد كامل‬
TT

عهد كامل‬.. خطوات حثيثة صوب الفيلم الروائي الأول‬

المخرجة السعودية عهد كامل‬
المخرجة السعودية عهد كامل‬

‬من المفترض أن تكون الممثلة والمخرجة السعودية عهد كامل على بعض خطوات قليلة من مباشرة تصوير فيلمها الروائي الطويل الأول «سائقي وأنا» الذي تستمد بعض أحداثه ومفارقاته من محيط حياتها هي عندما كانت تعيش في كنف أبويها وكانت تقصد المدرسة وتعود منها بسيارة العائلة التي كان يقودها مهاجر. ‬
الغالب أن الفيلم لن يكون سيرة ذاتية بل يكفي اختيار صلبه من معايشة واقعية ما زالت المخرجة المعروفة تحتفظ بذكرياتها، وهي التي حققت أفلامًا قصيرة من قبل دارت جميعًا حول أوضاع اجتماعية تتمحور حول الإنسان ومتغيّرات حياته. عن الموت في «حرمة» وعن الخروج من السجن في «قندرجي» الذي وضعت أحداثه في العراق.‬
منذ سنوات والمخرجة عهد كامل تحوم حول فكرة قيامها بتحقيق فيلم روائي طويل. لن تكون الأولى في السعودية التي تقوم بذلك فقد سبقتها بالطبع المخرجة هيفاء المنصور عندما أطلقت، قبل سنوات قليلة: «وجدة». لكن كون عهد كامل المرأة السعودية الثانية التي ستقدم على هذه المهمّة لا يعني أن الطريق ممهدة أو سهلة. ما زال عليها، حسبما تقول، أن تعتمد على مصادر تمويل داخلية وذلك على عكس المنصور التي وجدت تمويلها من شركات أوروبية في الأساس، وأن تختار خطواتها الفنية والدرامية بعناية شديدة لأنه من بين أهداف العمل التأكيد على العمل السينمائي في الزمن الحاضر.‬
بل ربما تكون النتيجة أعلى، إنتاجيًا، مما قد يتوقعه البعض من حيث قدرة الفيلم، حين إتمامه، على إقناع المزيد من المستثمرين السعوديين بالخيار السينمائي كاستثمار عملي يعزز طموح الفنانين المحليين، خصوصا أن المرحلة المقبلة تعد بمزيد من الانفتاح والتمهيد لخطوات عملية في سبيل تطوير البنية الإبداعية في شتى جوانب الحياة الفنية والثقافية في المملكة.‬
يكاد المرء يدرك ما سيكون عليه فيلم هذه المخرجة المقبل من حيث أسلوب عملها. في «قندرجي» مالت، بتصوير من فكتور كريدي، إلى إشباع المكان بروح وأجواء الموقع الفعلية. في «حرمة» تعاملت بالقدر نفسه من احترام التقاليد والمعايشة الواقعية. في كليهما رفضت أيضًا الاندفاع في سرد ضاج أو متسارع الإيقاع لتلبية توقعات ما. في مطلع «القندرجي» يعود القندرجي (المصري عمرو واكد) إلى بيته الريفي حيث زوجته (عهد كامل) وابنهما ببعض اللهفة. في نهايته، بعد نحو ربع ساعة، هو مهموم كما لو أدرك كيف سيكون من الصعوبة بمكان كبير مواصلة ما يعرف بالحياة الطبيعية. «حرمة»، قبل عامين، انتقل إلى موضوع آخر ولو أنه حافظ على النبرة الصادقة في عرض الوضع الوارد.‬
هي ليست وحدها في عداد السعوديين الذين انتقلوا من الفيلم القصير إلى الطويل. عبد الله المحسين وهيفاء المنصور ومحمود صبّاغ من بين الذين سبقوها. وهناك آخرون يتحينون الفرصة لدخول الفيلم الروائي الطويل في السنوات القريبة المقبلة.‬



أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
TT

أغنييشكا هولاند: لا أُجمّل الأحداث ولا أكذب

أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)
أغنييشكا هولاند (مهرجان ڤينيسيا)

بعد أكثر من سنة على عرضه في مهرجاني «ڤينيسيا» و«تورونتو»، وصل فيلم المخرجة البولندية أغنييشكا هولاند «حدود خضراء» إلى عروض خاصّة في متحف (MoMA) في نيويورك. «لا يهم»، تقول: «على الأفلام التي تعني لنا شيئاً أن تشقّ طريقاً للعروض ولو على مدى سنة أو أكثر».

فيلمها الأخير «حدود خضراء» نال 24 جائزة صغيرة وكبيرة واجتاز حدود نحو 30 دولة حول العالم. ترك تأثيراً قوياً منذ افتتاحه في المهرجان الإيطالي، حيث نال جائزةَ لجنة التحكيم الخاصة وفوقها 8 جوائز فرعية.

مردّ ذلك التأثير يعود إلى أن الفيلم (بالأبيض والأسود) تحدّث عن مهاجرين سوريين (ومهاجرة من أفغانستان) علِقوا على الحدود بين بروسيا وبولندا، وكلّ حرس حدود كان يسلبهم شيئاً ومن ثمّ يعيدهم إلى حيث أتوا. الحالة لفتت نظر جمعية بولندية أرادت مساعدة هؤلاء الذين تناقص عددهم بعدما اختفى بعضهم وسُجن آخرون. الدراما كما قدّمتها هولاند (75 سنة حالياً) نابعة من مواقف ونماذج حقيقية وأحداثٍ وقعت عالجتها المخرجة بأسلوب تقريري غير محايد.

نقطة حياة: «حدود خضراء» (مترو فيلمز)

لحظات إنسانية

> حال مشاهدتي لفيلم «حدود خضراء» في «مهرجان ڤينيسيا» خطر لي أنه يلتقي مع أفلام سابقة لكِ تناولت قضايا مهمّة وحادّة مثل «يوروبا، يوروبا» و«الحديقة السّرية» و«أثر» (Spoor) الذي عُرض في «برلين». كيف تُصنّفين أفلامك؟ وكيف تختارين قضاياها؟

- أفلامي السابقة تنوّعت كثيراً في موضوعاتها باستثناء أنني قصدت دوماً تناول ما اعتقدت أنه أجدى للمعالجة. والأفلام التي ذكرتها هي بالنسبة لي من بين أهم ما أخرجته. اخترتها لجانبها الإنساني أو، أُصحّح، لقضاياها الإنسانية. اخترتها لأن الأحداث وقعت في لحظات تاريخية ليست فقط مهمّة، بل هي لحظاتٌ بدت فيها الإنسانية بمنحدرٍ. هناك كثيرٌ ممّا يحدث في هذا العالم، وما حدث سابقاً يشكّل صدمة لي ولملايين الناس والفيلم هو صلتي مع هذه الأحداث. رأيي فيها.

«حدود خضراء» الفرار صوب المجهول (مترو فيلمز)

> «حدودٌ خضراء» هو واحد من أفلام أوروبية تناولت موضوع المهاجرين، لكن القليل منها انتقد السّلطات على النحو الذي ورد في فيلمك.

- أنا لست في وارد تجميل الأحداث. ولا أريد الكذب على المشاهد وأقول له إن ما تعرّض له مهاجرون مساكين على الحدود التي لجأوا إليها بحثاً عن الأمان غير صحيح، أو أنه حدث في شكل محصور. ومهنتي هذه استخدمها لقول الحقيقة، ولأفيد المشاهد بما أصوّره ولا يمكنني الكذّب عليه أو خداعه. ما شاهدته أنتَ على الشّاشة حصل وربما لا يزال يحصل في دول أوروبية أخرى.

نحو المجهول

> كيف كان رد فعل الجمهور البولندي حيال فيلمك؟

- إنها تجربة مهمّة جداً بالنسبة لي. سابقاً كان هناك حذرٌ من قبول ما أقدّمه لهم من حكايات. كثيرون قالوا إن هذا لا يمكن أن يحدث. نحن في أوروبا والعالم تغيّر عمّا كان عليه. والآن، مع هذا الفيلم، وجدتُ أن غالبية النّقاد وقراء «السوشيال ميديا» يوافقون على أن هذا يحدث. هناك من يأسف وهناك من يستنكر.

> نقدُك لحرس الحدود البولندي والبروسي في هذا الفيلم يؤكّد أن المعاملة العنصرية لا تزال حاضرة وربما نشطة. اليمين في أوروبا يجد أن طرد اللاجئين الشرعيين أو غير الشرعيين بات أولوية. صحيح؟

- نعم صحيح، لكن الاكتفاء بالقول إنه موقف عنصريّ ليس دقيقاً. نعم العنصرية موجودة ولطالما كانت، وعانت منها شعوب كثيرة في كل مكان، ولكن العنصرية هنا هي نتاج رفض بعضهم لقاء غريبٍ على أرض واحدة، هذا رفض للإنسانية التي تجمعنا. للأسف معظمنا لا يستطيع أن يمدّ يده إلى الآخر في معاملة متساوية. الحروب تقع وتزيد من انفصال البشر عن بعضهم بعضاً. ثم لديك هذا العالم الذي يسير بخطوات سريعة نحو المجهول في كل مجالاته.

> هل تقصدين بذلك التقدم العلمي؟

- بالتأكيد، لكني لست واثقة من أنه تقدّمَ حقاً. الذكاء الاصطناعي؟ هذا وحده قد يذهب بما بقي من ضوابط أخلاقية ومجتمعية. أعتقد أن التأثير الأول لذلك أننا نعيش في زمن نعجِز عن فهم تغيّراته، والنتيجة أننا بتنا نهرب إلى حيث نعتقده ملجأً آمناً لنا. نهرب من التّحديات ونصبح أكثر تقوقعاً معتقدين أن ذلك خير وسيلة للدفاع عن مجتمعاتنا.

ضحايا

> عمَدتِ في «حدود خضراء» إلى تقسيم الفيلم إلى فصول. هذا ليس جديداً لكنه يطرح هنا وضعاً مختلفاً لأننا ننتقل من وضع ماثلٍ ومن ثَمّ نعود إليه لنجده ما زال على حاله. ما الذي حاولتِ تحقيقه من خلال ذلك؟

- هذه ملاحظة مهمّة. في الواقع هناك قصصٌ عدة في هذا الفيلم، وكل شخصية تقريباً هي قصّة قابلة للتطوّر أو التوقف. وهناك 3 فرقاء هم الضحايا والمسعفون ورجال السُّلطة. بعضُ هذا الأسلوب المطروح في الفيلم مشتقٌ من العمل الذي مارسته للتلفزيون وهو يختلف عن أسلوب السّرد السينمائي، وقد اعتمدت عليه هنا لأنني وجدته مناسباً لفيلمٍ يريد تقديم الأحداث في شكلٍ ليس بعيداً عن التقريرية.

> هناك أيضاً حربٌ أوروبية دائرة على حدود بولندا في أوكرانيا. هل يختلف الوضع فيما لو كان أبطال فيلمك أوكرانيين هاربين؟

- نعم. يختلف لأنّ الرموز السياسية للوضع مختلفة. البولنديون يشعرون بالعاطفة حيال الأوكرانيين. السلطات لديها أوامر بحسن المعاملة. لكن هذا لم يكن متوفراً وليس متوفراً الآن للاجئين غير أوروبيين.