شاشة الناقد

شاشة الناقد
TT

شاشة الناقد

شاشة الناقد

* The Huntsman: Winter›s War ‬
* إخراج: سيدريك نيكولاس ـ ترويان ‬
* فانتازيا | الولايات المتحدة | 2016‬
* تقييم الناقد: (من خمسة)‬

* مع نهاية هذا الفيلم: «الصياد: حرب الشتاء» تتمنّـى أمرًا واحدًا: أن لا يتبعه ربيع أو صيف أو أي موسم آخر وبل أن يكون آخر الأحزان أيضًا.‬
هذا فعل من تلك التي يحتار صانعوه ماذا يفعلون بعد نجاح يصيب الجزء الأول: يكملون القصّـة، يعودون إلى أحداث قبلها أو يتفرّعون عنها. كريغ مازن وإيفان سيليوتوبولوس كتبا سيناريو يريد أن يلعب الأوراق الثلاث جميعًا: أن ينشق عن الأصل بتغييب شخصية «سنو وايت»، وأن يضعنا لحين في فترة ما قبل الحكاية السابقة «سنو وايت والصياد» (2012) ثم الإيحاء بأن الأحداث تنتقل بموازاة السابقة ثم تتجاوزها أيضًا.‬
هذا يحتاج إلى براعة ليست في مقدور الكاتبين ولا في مقدور المخرج ترويان القادم من خلفية أشغال يدوية مختلفة طوال السنوات العشر الماضية. هو يحاول تنفيذ مشاهد القتال والمعارك جيّـدًا لكن نجاحه محدود وغير متميّـز. الواقعة الكبرى أن المشاهد الدرامية التي هي ما على أي فيلم أن يبني حكايته وأحقيته عليها، هي من سوء التمثيل وسوء الإدارة والتصوير بحيث قد تتحول إلى كابوس يقض مضاجع من يذهبون للنوم مباشرة من بعد مشاهدة الفيلم.‬
«هناك قصّـة أخرى لم تشهدها بعد». يقول معلق ما في مطلع الفيلم. العبارة ترد من باب التحفيز، أعتقد، لكن ما تفعله هي أن البرهنة على أنها ليست ضرورية. لا هي ولا التعليق المبثوث خلال كل فترات الفيلم كما لو أن صانعي الفيلم احتاجوا لدعم صوتي بعدما أدركوا فشلهم في توفير مشاهد وافية. الحقيقة أنهم استخدموا التعليق فقط لأجل التأكد من أن من قرر إغماض عينيه خلال العرض يستطيع الاستماع إليه. لا مهرب.‬
نحن قبل عقدين كاملين من الحكاية السابقة حيث يندلع الصراع بين الشقيقتين رافينا (تشارليز ثيرون) وفريدا (إميلي بْـلْـنت) في صراع مرير كل واحدة ضد الأخرى. رافينا هي الأكثر شرًّا كونها تريد استحواذ كل شيء. وفي حين أنها هدفت في الفيلم السابق: «سنو وايت والصياد» لأن تبقى أجمل مخلوقة على الأرض، فإنها هنا تضيف رغبة عاتية أخرى.. أن تبقى صاحبة السلطة الأعلى فوق الجميع.‬
في الوقت ذاته هناك أحداث تقودها المقاتلة سارا (جسيكا شستين) بصحبة الصياد - المقاتل إريك (كريس همسوورث) اللذان تعلما ضرب السيوف وهما ولدين تحت رعاية فريدة. عندما كبرا وأحب كل منهما الآخر، تدخلت فريدا لفض هذا النوع من الاشتباك، ولو إلى حين.‬
مفهوم المخرج ترويان للإخراج هو ترك الأمور التقنية لفريق المؤثرات يلعبون بالمشهد (والشاشة) كما الولد بكرة ملوّنة. الضجيج في الصورة والصوت من توابع سينما العصر لكن الرداءة من نتائج من لا موهبة لديه.‬



«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
TT

«العواصف» و«احتفال»

«العواصف» (فيستيڤال سكوب)
«العواصف» (فيستيڤال سكوب)

LES TEMPÊTES

(جيد)

* إخراج: دانيا ريمون-بوغنو

* فرنسا/ بلجيكا (2024)

الفيلم الثاني الذي يتعاطى حكاية موتى- أحياء، في فيلم تدور أحداثه في بلدٍ عربي من بعد «أغورا» للتونسي علاء الدين سليم («شاشة الناقد» في 23-8-2024). مثله هو ليس فيلم رعب، ومثله أيضاً الحالة المرتسمة على الشاشة هي في جانب كبير منها، حالة ميتافيزيقية حيث العائدون إلى الحياة في كِلا الفيلمين يمثّلون فكرةً أكثر ممّا يجسّدون منوالاً أو حدثاً فعلياً.

«العواصف» إنتاج فرنسي- بلجيكي للجزائرية الأصل بوغنو التي قدّمت 3 أفلام قصيرة قبل هذا الفيلم. النقلة إلى الروائي يتميّز بحسُن تشكيلٍ لعناصر الصورة (التأطير، والإضاءة، والحجم، والتصوير نفسه). لكن الفيلم يمرّ على بعض التفاصيل المكوّنة من أسئلة لا يتوقف للإجابة عليها، أبرزها أن بطل الفيلم ناصر (خالد بن عيسى)، يحفر في التراب لدفن مسدسٍ بعد أن أطلق النار على من قتل زوجته قبل 10 سنوات. لاحقاً نُدرك أنه لم يُطلق النار على ذلك الرجل بل تحاشى قتله. إذن، إن لم يقتل ناصر أحداً لماذا يحاول دفن المسدس؟

الفيلم عن الموت. 3 شخصيات تعود للحياة بعد موتها: امرأتان ورجل. لا أحد يعرف الآخر، وربما يوحي الفيلم، أنّ هناك رابعاً متمثّلاً بشخصية ياسين (مهدي رمضاني) شقيق ناصر.

ناصر هو محور الفيلم وكان فقد زوجته «فجر» (كاميليا جردانة)، عندما رفضت اعتلاء حافلة بعدما طلب منها حاجز إرهابي ذلك. منذ ذلك الحين يعيش قسوة الفراق. في ليلة ماطرة تعود «فجر» إليه. لا يصدّق أنها ما زالت حيّة. هذا يؤرقها فتتركه، ومن ثَمّ تعود إليه إذ يُحسن استقبالها هذه المرّة. الآخران امرأة ورجل عجوزان لا قرابة أو معرفة بينهما. بذا الموت الحاصد لأرواح تعود إلى الحياة من دون تفسير. الحالة نفسها تقع في نطاق اللا معقول. الفصل الأخير من الفيلم يقع في عاصفة من التراب الأصفر، اختارته المخرجة ليُلائم تصاعد الأحداث الدرامية بين البشر. تنجح في إدارة الجانبين (تصوير العاصفة ووضعها في قلب الأحداث)، كما في إدارة ممثليها على نحوٍ عام.

ما يؤذي العمل بأسره ناحيةٌ مهمّةٌ وقعت فيها أفلام سابقة. تدور الأحداث في الجزائر، وبين جزائريين، لكن المنوال الغالب للحوار هو فرنسي. النسبة تصل إلى أكثر من 70 في المائة من الحوار بينما، كما أكّد لي صديق من هناك، أن عامّة الناس، فقراء وأغنياء وبين بين، يتحدّثون اللهجة الجزائرية. هذا تبعاً لرغبة تشويق هذا الإنتاج الفرنسي- البلجيكي، لكن ما يؤدي إليه ليس مريحاً أو طبيعياً إذ يحول دون التلقائية، ويثير أسئلة حول غياب التبرير من ناحية، وغياب الواقع من ناحية أخرى.

* عروض مهرجان مراكش.

«احتفال» (كرواتيا إودڤيحوال سنتر)

CELEBRATION

(ممتاز)

* إخراج: برونو أنكوڤيتش

* كرواتيا/ قطر (2024)

«احتفال» فيلم رائع لمخرجه برونو أنكوڤيتش الذي أمضى قرابة 10 سنوات في تحقيق أفلام قصيرة. هذا هو فيلمه الطويل الأول، وهو مأخوذ عن رواية وضعها سنة 2019 دامير كاراكاش، وتدور حول رجل اسمه مِيّو (برنار توميتش)، نَطّلع على تاريخ حياته في 4 فصول. الفصل الأول يقع في خريف 1945، والثاني في صيف 1933، والثالث في شتاء 1926، والرابع في ربيع 1941. كلّ فصل فيها يؤرّخ لمرحلة من حياة بطله مع ممثلٍ مختلف في كل مرّة.

نتعرّف على مِيو في بداية الفيلم يُراقب من فوق هضبة مشرفة على الجيش النظامي، الذي يبحث عنه في قريته. يمضي مِيو يومين فوق الجبل وتحت المطر قبل أن يعود الفيلم به عندما كان لا يزال فتى صغيراً عليه أن يتخلّى عن كلبه بسبب أوامر رسمية. في مشهد لا يمكن نسيانه، يربط كلبه بجذع شجرة في الغابة ويركض بعيداً يلاحقه نباح كلب خائف، هذا قبل أن ينهار مِيو ويبكي. ينتقل الفيلم إلى شتاء 1926. هذه المرّة الحالة المعيشية لا تسمح لوالده بالاختيار، فيحمل جدُّ مِيو فوق ظهره لأعلى الجبل ليتركه ليموت هناك (نحو غير بعيد عمّا ورد في فيلم شوهاي إمامورا «موّال ناراياما» The Ballad of Narayama سنة 1988). وينتهي الفيلم بالانتقال إلى عام 1941 حيث الاحتفال الوارد في العنوان: أهالي القرى يسيرون في استعراضٍ ويرفعون أيديهم أمامهم في تحية للنازية.

«احتفال» معني أكثر بمراحل نمو بطله وعلاقاته مع الآخرين، وسط منطقة ليكا الجبلية الصعبة كما نصّت الرواية. ما يعنيه هو ما يُعانيه مِيو وعائلته وعائلة الفتاة التي يُحب من فقر مدقع. هذا على صعيد الحكاية وشخصياتها، كذلك وَضعُ مِيو وما يمرّ به من أحداث وسط تلك الطبيعة القاسية التي تُشبه قسوة وضعه. ينقل تصوير ألكسندر باڤلوڤيتش تلك الطبيعة وأجواءها الممطرة على نحوٍ فعّال. تمثيلٌ جيدٌ وناضجٌ من مجموعة ممثلين بعضُهم لم يسبق له الوقوف أمام الكاميرا، ومن بينهم كلارا فيوليتش التي تؤدي دور حبيبة مِيو، ولاحقاً، زوجته.

* عروض مهرجان زغرب (كرواتيا).