بريطانيا: زعيم «العمال» يتعهد بإلحاق الهزيمة بحزب المحافظين في انتخابات 2020

كوربن جدد تأكيده على موقفه المؤيد لبقاء بلاده في «الأوروبي»

زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن يتحدث أمام الجمهور بجامعة لندن للاقتصاد (تصوير: جيمس حنا)
زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن يتحدث أمام الجمهور بجامعة لندن للاقتصاد (تصوير: جيمس حنا)
TT

بريطانيا: زعيم «العمال» يتعهد بإلحاق الهزيمة بحزب المحافظين في انتخابات 2020

زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن يتحدث أمام الجمهور بجامعة لندن للاقتصاد (تصوير: جيمس حنا)
زعيم حزب العمال البريطاني جيريمي كوربن يتحدث أمام الجمهور بجامعة لندن للاقتصاد (تصوير: جيمس حنا)

أعلن زعيم حزب العمال البريطاني جيرمي كوربن مساء أول من أمس، أن لجنة «تشيلكوت» ستكشف كذب رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير بشأن أسلحة الدمار الشامل، واتفاقه السري مع رئيس الولايات المتحدة السابق جورج بوش.
وقال كوربن خلال ندوة خاصة في جامعة لندن للاقتصاد البريطانية حضرتها «الشرق الأوسط» إن «تقرير تشيلكوت سيصدر خلال أسابيع قليلة، وسيخبرنا بما يجب علينا أن نعرفه، وما نعرفه بالفعل حسب اعتقادي هو عدم وجود أسلحة دمار شامل، كما لم تكن هناك قدرة على شن الهجوم خلال 45 دقيقة، وعقد صفقة سرية مع بوش الابن مقدمًا».
ومن المنتظر أن يصدر تشيلكوت تقريره في السادس من يوليو (تموز) المقبل، الذي طال انتظاره بشأن غزو العراق في 2003. وذلك بعد سبع سنوات من بدء التحقيق.
وأدلى كوربن بتصريحات خلال خطابه تخليدًا للراحل رالف ميليباند، وهو عالم ماركسي ووالد السياسي إد ميليباند، الذي سبق كوربن في رئاسة حزب العمال. ورغم أن كوربن دعم بعض الإنجازات المحلية التي أدخلها بلير إلى حزب العمال، فإنه أخذ عليه تشبثه الوثيق بالسياسات النيوليبرالية، التي أرست جذورها رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت ثاتشر.
ومن جانبه، لعب كوربن دورًا بارزًا في معارضة غزو العراق عام 2003 داخل وخارج البرلمان. وردًا على سؤال ما إذا كان ينبغي محاكمة بلير لارتكابه جرائم حرب، قال كوربن إنه «إذا ما ارتكب جرائم حرب فيجب محاكمته. كما يجب محاكمة كل من ارتكبوا جرائم حرب»، مضيفا بالقول: «أعتقد أن حرب العراق كانت غير شرعية، أنا واثق من ذلك. وبالفعل فقد أكد كوفي أنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، أن تلك الحرب كانت غير شرعية. وعلى بلير أن يوضح ذلك. ولكن هل ستتم محاكمته بالفعل؟ لا أعرف. وهل من الممكن أن تتم محاكمته؟ من المحتمل ذلك».
يذكر أن بعض أعضاء مجلس العموم البريطاني يحاولون إحياء حملة سابقة لمساءلة بلير عن دوره في الحرب، إما من خلال محاكمة دولية، أو أن تتم مساءلته في جلسة برلمانية خاصة.
وأضاف كوربن أن «رؤساء حزب العمال السابقين ارتكبوا أخطاء بمحاولة تخفيض سقف الوعود مع الوفاء بأكثر من المتوقع»، لافتًا النظر إلى أن «تلك البساطة والتواضع الذي اتسم به بيان حكومتنا في الانتخابات الأخيرة ربما يعزز الرأي القائل بأن السياسة لا يمكن أن تغير الأشياء نحو الأفضل».
وبخصوص الانتخابات العامة المزمع إجراؤها في 2020. أعرب زعيم حزب العمال أنه يتوجب على الحزب «الفوز بمقاعد لم نفز بها لعدة عقود، أو أن نفوز بمقاعد لم يسبق لنا أن فزنا بها من قبل، وهذه مهمة طموحة»، موضحا أن تحقيق ذلك يتطلب من الحزب «التحلي بالطموح والجرأة في انتخابات 2020. وسنقدم وعودًا كبيرة، وسنفي بها جميعًا حال فوزنا في الانتخابات».
وجدد كوربن تأكيده على موقفه المؤيد لبقاء بريطانيا في الاتحاد الأوروبي بقوله إن «أولئك الذين يعملون في الخدمات الصحية لدينا، جاءوا في كثير من الأحيان للعيش في هذا البلد سواء من خارج أوروبا أو من أوروبا نفسها.. والهجرة في الواقع هي إضافة لاقتصادنا ككل، فهؤلاء الأشخاص يدفعون الكثير من الضرائب، ويحصلون على إعانات أقل بكثير في المتوسط من بقية المجتمع، ويقدمون مساهمة مذهلة»، مشيرا إلى أنه «يلوم الإجراءات التقشفية والاستقطاعات التي تقوم بها حكومة حزب المحافظين في نقص الأماكن في المدارس والمستشفيات والخدمات».



كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
TT

كيف كسرت الحرب في أوكرانيا المحرّمات النووية؟

نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)
نظام صاروخي باليستي عابر للقارات من طراز «يارس» الروسي خلال عرض في «الساحة الحمراء» بموسكو يوم 24 يونيو 2020 (رويترز)

نجح الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، في خلق بيئة مواتية لانتشار أسلحة نووية جديدة في أوروبا وحول العالم، عبر جعل التهديد النووي أمراً عادياً، وإعلانه اعتزام تحويل القنبلة النووية إلى سلاح قابل للاستخدام، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

في عام 2009، حصل الرئيس الأميركي، باراك أوباما، على «جائزة نوبل للسلام»، ويرجع ذلك جزئياً إلى دعوته إلى ظهور «عالم خالٍ من الأسلحة النووية». وفي ذلك الوقت، بدت آمال الرئيس الأميركي الأسبق وهمية، في حين كانت قوى أخرى تستثمر في السباق نحو الذرة.

وهذا من دون شك أحد أخطر آثار الحرب في أوكرانيا على النظام الاستراتيجي الدولي. فعبر التهديد والتلويح المنتظم بالسلاح الذري، ساهم فلاديمير بوتين، إلى حد كبير، في اختفاء المحرمات النووية. وعبر استغلال الخوف من التصعيد النووي، تمكن الكرملين من الحد من الدعم العسكري الذي تقدمه الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير (شباط) 2022، ومن مَنْع مشاركة الدول الغربية بشكل مباشر في الصراع، وتخويف جزء من سكان هذه الدول، الذين تغلّب عليهم «الإرهاق والإغراءات بالتخلي (عن أوكرانيا) باسم الأمن الزائف».

بدأ استخفاف الكرملين بالأسلحة النووية في عام 2014، عندما استخدم التهديد بالنيران الذرية للدفاع عن ضم شبه جزيرة القرم من طرف واحد إلى روسيا. ومنذ ذلك الحين، لُوّح باستخدام السلاح النووي في كل مرة شعرت فيها روسيا بصعوبة في الميدان، أو أرادت دفع الغرب إلى التراجع؛ ففي 27 فبراير 2022 على سبيل المثال، وُضع الجهاز النووي الروسي في حالة تأهب. وفي أبريل (نيسان) من العام نفسه، استخدمت روسيا التهديد النووي لمحاولة منع السويد وفنلندا من الانضمام إلى «حلف شمال الأطلسي (ناتو)». في مارس (آذار) 2023، نشرت روسيا صواريخ نووية تكتيكية في بيلاروسيا. في فبراير 2024، لجأت روسيا إلى التهديد النووي لجعل النشر المحتمل لقوات الـ«ناتو» في أوكرانيا مستحيلاً. وفي الآونة الأخيرة، وفي سياق المفاوضات المحتملة مع عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، جلبت روسيا مرة أخرى الخطاب النووي إلى الحرب، من خلال إطلاق صاروخ باليستي متوسط ​​المدى على أوكرانيا. كما أنها وسعت البنود التي يمكن أن تبرر استخدام الأسلحة الذرية، عبر مراجعة روسيا عقيدتها النووية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع مع قيادة وزارة الدفاع وممثلي صناعة الدفاع في موسكو يوم 22 نوفمبر 2024 (إ.ب.أ)

التصعيد اللفظي

تأتي التهديدات النووية التي أطلقتها السلطات الروسية في الأساس ضمن الابتزاز السياسي، وفق «لوفيغارو». ولن تكون لدى فلاديمير بوتين مصلحة في اتخاذ إجراء عبر تنفيذ هجوم نووي تكتيكي، وهو ما يعني نهاية نظامه. فالتصعيد اللفظي من جانب القادة الروس ورجال الدعاية لم تصاحبه قط تحركات مشبوهة للأسلحة النووية على الأرض. ولم يتغير الوضع النووي الروسي، الذي تراقبه الأجهزة الغربية من كثب. وتستمر الصين أيضاً في لعب دور معتدل، حيث تحذّر موسكو بانتظام من أن الطاقة النووية تشكل خطاً أحمر مطلقاً بالنسبة إليها.

إن التهوين من الخطاب الروسي غير المقيد بشكل متنامٍ بشأن استخدام الأسلحة النووية ومن التهديد المتكرر، قد أدى إلى انعكاسات دولية كبيرة؛ فقد غير هذا الخطاب بالفعل البيئة الاستراتيجية الدولية. ومن الممكن أن تحاول قوى أخرى غير روسيا تقليد تصرفات روسيا في أوكرانيا، من أجل تغيير وضع سياسي أو إقليمي راهن محمي نووياً، أو إنهاء صراع في ظل ظروف مواتية لدولة تمتلك السلاح النووي وتهدد باستخدامه، أو إذا أرادت دولة نووية فرض معادلات جديدة.

يقول ضابط فرنسي: «لولا الأسلحة النووية، لكان (حلف شمال الأطلسي) قد طرد روسيا بالفعل من أوكرانيا. لقد فهم الجميع ذلك في جميع أنحاء العالم».

من الجانب الروسي، يعتبر الكرملين أن الحرب في أوكرانيا جاء نتيجة عدم الاكتراث لمخاوف الأمن القومي الروسي إذ لم يتم إعطاء روسيا ضمانات بحياد أوكرانيا ولم يتعهّد الغرب بعدم ضم كييف إلى حلف الناتو.

وترى روسيا كذلك أن حلف الناتو يتعمّد استفزاز روسيا في محيطها المباشر، أكان في أوكرانيا أو في بولندا مثلا حيث افتتحت الولايات المتحدة مؤخرا قاعدة عسكرية جديدة لها هناك. وقد اعتبرت موسكو أن افتتاح القاعدة الأميركية في شمال بولندا سيزيد المستوى العام للخطر النووي.