{الإفتاء} المصرية تستنكر هدم «داعش» لقصر ملك الدولة الآشورية

أكّدت في تقرير أن تدمير الآثار مُحرم شرعًا

{الإفتاء} المصرية تستنكر هدم «داعش» لقصر ملك الدولة الآشورية
TT

{الإفتاء} المصرية تستنكر هدم «داعش» لقصر ملك الدولة الآشورية

{الإفتاء} المصرية تستنكر هدم «داعش» لقصر ملك الدولة الآشورية

رفض خبراء مصريون أمس، ما أقدم عليه تنظيم داعش الإرهابي من هدمه لقصر ملك الدولة الآشورية بالعراق، وعد الخبراء ما فعله «داعش» جريمة كبرى في حق الإنسانية، بينما قال تقرير مصري إن «(داعش) يضرب بتعاليم الإسلام عرض الحائط ويهدم الآثار والتراث الإنساني».
وأضاف التقرير الذي أعدته دار الإفتاء المصرية أمس، إن «هدم الآثار مُحرم شرعا، وما يفعله (داعش) فكر مُشوه». ونددت الدار في تقرير أعده مرصد الفتاوى والآراء التكفيرية، بالاعتداءات الممنهجة والمُستمرة لـ«داعش» بحق الآثار والتراث الإنساني، وإقدامه على إزالة المعالم التاريخية والآثار الأشورية في العراق.
وكانت عناصر تنظيم داعش قد أقدمت على هدم بوابة المسقى التاريخية، وقصر ملك الدولة الآشورية في محافظة الموصل. ونشر التنظيم المُتطرف، صورا للآثار التي دمرها عناصرها في مدينة نينوى، التابعة لمحافظة الموصل العراقية، وأظهرت تلك الصور دمارًا لقصر الملك «سنحاريب» الآشوري وأسواره، وبوابة المسقى التاريخية.
وقال الخبراء المصريون إن الحفاظ على التراث «أمر لا يحرمه الدين»، لافتين إلى أن «هذه الآثار كانت موجودة في جميع البلدان التي فتحها المسلمون، ولم يأمر الصحابة الكرام بهدمها أو حتى سمحوا بالاقتراب منها». وسيطر «داعش» على الموصل في 2014 وقام بإزالة وتدمير وجرف وتفجير جميع معالم الموصل التاريخية والحضارية والأثرية ابتداء من متحف الموصل و‏الثور المجنح وآثار ‏الحضر و‏نمرود و‏الجوامع، وصولا إلى بوابة المسقى.
وسبق أن بث تنظيم داعش، في فبراير (شباط) عام 2015 فيديو يظهر مسلحين وهم يحطمون تماثيل ومنحوتات تعود إلى حقبات آشورية وأكادية في متحف الموصل، مستخدمين مطارق وآلات ثقب كهربائية. وقال تقرير دار الإفتاء إن هذه الاعتداءات الهمجية والمستمر ضد التراث الإنساني بشكل عام، تعبر عن تشوهات في فكر ومنهج تلك الفئة الضالة، والتي تعادي كل شيء حتى الحجر بما يحمله من قيم تراثية وتاريخية، ولا تنبع تلك الممارسات بأي حال من الأحوال من تعاليم الإسلام وقيمه العليا.
مضيفا: أن بوابة «المسقى» التي هدمها التنظيم يعود تاريخها إلى القرن السابع قبل الميلاد 705 - 618 قبل الميلاد، وهي عبارة عن بوابة لقصر الملك سنحاريب إمبراطور الدولة الآشورية الحديثة، ولا يوجد أي ذريعة لهدمها، حتى بالمبررات التي يسوقوها أصحاب الفكر المتطرف من أن تلك الآثار قد تعبد من دون الله - على حد وصفهم - فبوابة المسقى وقصر ملك الدولة الآشورية بالعراق لا يمكن بحال من الأحوال أن تُعبد من دون الله أو أن تمثل نوعا من الشرك، وهو ما يؤكد أن عداء تلك الفئة الباغية للحضارة والتراث الإنساني، هو عداء للإنسان ومنتجاته ومخرجاته الحضارية أينما وجد.
وأضاف مرصد الإفتاء أن الآثار هي تراث إنساني يعبر عن الأمم السابقة وإنجازاتها، وقد دعا الإسلام إلى الحفاظ عليها بل والاعتبار بها والتدبر فيها، فقال تعالى: «كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون»، وقال تعالى في موضع آخر: «ألم تر كيف فعل ربُك بعاد إرم ذات العماد التي لم يخلق مثلها في البلاد»، بما يعني أن الحفاظ على تراث السابقين، أمر ديني يحقق للإنسان الاعتبار والعظة.
وأكد تقرير مرصد دار الإفتاء، أن المُتفق عليه بين علماء الأمة هو حرمة هدم الآثار أو الاعتداء عليها أو طمسها تحت أي دعوى، بل إن جوهر الإسلام يدعو إلى الحفاظ عليها بما يتطلبه ذلك من الرعاية والصيانة والترميم؛ فالإسلام احترم الحضارات المُختلفة وحافظ على تراثها وآثارها باقية إلى يومنا هذا، وقد سار الصحابة على هذا النهج طوال عصور الفتوحات الإسلامية، ولم يرد أن المسلمين قاموا بتدمير آثار أمة من الأمم أو حضارة من الحضارات.
وجدد تقرير المرصد تأكيده على أن حماية الآثار والتراث الحضاري في الدول والمناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش إنما هو مسؤولية المجتمع الدولي بأكمله، وينبغي أن يضطلع المجتمع الدولي ومنظماته الأممية بدورها والقيام بمسؤوليتها في الحفاظ على الحضارة والتراث الإنساني من التخريب والضياع والتدمير، والتصدي لتلك الفئة التي لا تعبر عن فكر أو معتقد ديني، ومنعها من استكمال دورها في طمس وهدم الآثار والمعالم التاريخية كافة في المنطقة العربية والإسلامية.
في السياق ذاته، أكد الخبراء المصريون أن «ما يقوم به تنظيم داعش الإرهابي من تدمير وهدم للآثار بالمناطق الخاضعة لنفوذهم بالعراق وسوريا وليبيا بدعوى أنها أصنام، يُعد جريمة كبرى في حق العالم بأسره»، موضحين أن «داعش» المُتطرفة تبدع في إفزاع الناس ببشاعة جرائمها، التي تدعي كذبا استنادها للدين، والدين منها براء، فتارة تحرق، وأخرى تذبح، وثالثة تدمر الحضارات وتقضي على الثقافات والأعراق، مُنفذة بذلك أجندة استعمارية، تهدف لإفراغ أوطاننا العربية والإسلامية من مكوناتها التراثية والثقافية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.