جراح سوري مقيم في الداخل على رأس الحكومة المؤقتة

جواد أبو حطب يتنقل مع زوجته الطبيبة لمعالجة الجرحى والمرضى في مستشفيات حلب وإدلب

د. جواد أبو حطب الجراح السوري المقيم في إدلب الذي انتخب رئيسًا للحكومة السورية المؤقتة («الشرق الأوسط»)
د. جواد أبو حطب الجراح السوري المقيم في إدلب الذي انتخب رئيسًا للحكومة السورية المؤقتة («الشرق الأوسط»)
TT

جراح سوري مقيم في الداخل على رأس الحكومة المؤقتة

د. جواد أبو حطب الجراح السوري المقيم في إدلب الذي انتخب رئيسًا للحكومة السورية المؤقتة («الشرق الأوسط»)
د. جواد أبو حطب الجراح السوري المقيم في إدلب الذي انتخب رئيسًا للحكومة السورية المؤقتة («الشرق الأوسط»)

نجح الائتلاف السوري المعارض في إحداث تغيير جذري في طريقة تعاطيه مع ملف الحكومة المؤقتة، التي فشلت على مر السنوات الماضية في أداء مهامها، خصوصا الخدماتية منها، في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة السورية، نظرا لابتعاد رؤسائها السابقين كما أعضائها عن هموم واحتياجات سكان تلك المناطق لتواجدهم خارج سوريا وعدم قدرتهم رغم كل الوعود التي أطلقوها على الانتقال للاستقرار بالداخل، ما انعكس شحا بالتمويل، دفع الرئيس السابق أحمد طعمة للاستقالة.
وانتخبت الهيئة العامة للائتلاف، مساء الاثنين، جواد أبو حطب، وهو عضو سابق بالائتلاف وجرّاح سوري مقيم في إدلب، رئيسا للحكومة السورية المؤقتة، وكلفته تعيين الوزراء، والعمل على إدارة المناطق المحررة، والتركيز على تقديم الخدمات للسكان فيها. ويشكل انتخاب أبو حطب الذي تنافس على الرئاسة مع 6 مرشحين آخرين هم، محمد وليد ثامر، ومحمد نور الدين حميدي، ومحمد ياسين نجار، وعوض العلي، مؤشرا واضحا على رغبة متنامية في إحداث تغيير جذري في طريقة عمل الأجهزة والمؤسسات التابعة للائتلاف، خصوصا أن الرئيس السابق للحكومة تواجه مع الفصائل المسلحة على الأرض نهاية العام الماضي، عند محاولته الدخول إلى سوريا عبر معبر باب السلامة، ما عده طعمة في حينها «انقلابا عسكريا» عليه، فيما طالب 27 فصيلاً مقاتلاً الائتلاف بـ«حجب الثقة» عنه وإحالته إلى «المحاسبة» متهمة إياه وحكومته بـ«التقصير».
وأوضح الائتلاف في بيان أصدره، أمس، أن الهيئة العامة عقدت اجتماعا استثنائيًا، الاثنين، تضمن جدول أعماله مناقشة التوسعة النسائية، واستكمال إجراءات تكليف رئيس للحكومة السورية المؤقتة، لافتا إلى أنّه تم الاستماع إلى برامج وخطط ورؤية المرشحين لعمل الحكومة، كما أشار إلى مشروع أبو حطب المقيم في إدلب عبر الإنترنت. وبعد التصويت، حصل أبو حطب على أغلبية أصوات الهيئة العامة بنتيجة 54 صوتًا من أصل 71 شاركوا بالعملية الانتخابية.
وبحسب فؤاد عليكو، عضو الهيئة السياسية للائتلاف، فإن أبو حطب لم يترك الداخل السوري منذ اندلاع الأزمة في العام 2011 إلا في حالات الضرورة، وللمشاركة في الاجتماعات المهمة، التي تتوجب حضوره شخصيا، لافتا إلى أنّه يتنقل مع زوجته الطبيبة النسائية بين المناطق المحررة لمعالجة الجرحى والمرضى، كما أنّه بالوقت عينه عميد لكلية الطب البشري في جامعة حلب. وقال عليكو لـ«الشرق الأوسط»: «الدكتور جواد أشبه بالجندي المجهول للإعلام لكنّه بالنسبة لنا عضو فعّال بالائتلاف منذ تأسيسه، ومطلع تماما على الوضع السياسي، وجدير بالمهمة التي أوكلت إليه، علما بأن المهمة الأساسية للحكومة تبقى خدماتية، فيما يتولى الائتلاف المهام السياسية».
وعد عليكو أن أبو حطب، ولكونه متواجدا في الداخل السوري، يبقى «الأكفأ» في مجال رئاسة الحكومة، مع التشديد على أن «مهمته ستكون صعبة للغاية وستعرضه للخطر لأن النظام لن يتوانى عن ملاحقته، لأن إدارة المناطق المحررة من الداخل لن تروقه على الإطلاق». وأضاف: «لكننا سنحرص على اتخاذ كل الإجراءات لضمان حمايته كما حماية الوزراء الذين سيعملون معه في إطار فريق عمل متكامل».
ويبقى الملف المالي التحدي الأكبر الذي سيواجه أبو حطب، باعتبار أن الحكومة السابقة كانت تشتكي من أنّها لم تتلق منذ بداية العام 2015 إلا 4 ملايين دولار، علما بأن لديها أكثر من 1000 موظف في الداخل السوري و250 موظفا في الخارج. وفي هذا السياق، ترى مصادر معنية أن «هذه المسألة قد لا تشكل أزمة بعد اليوم لأن العائق الذي كان يحول دون وصول الأموال اللازمة لم يعد موجودا باعتبار أن الرئيس متواجد في الداخل وهو قادر على إدارة الملفات المالية وتسلم الأموال التي كانت تتلقاها الجمعيات الأهلية والمجالس المحلية». وتضيف: «دور الحكومة لن يكون هامشيا بعد اليوم، ما سيدفع الدول أصدقاء سوريا والمنظمات الإنسانية للتعاطي معها بشكل مباشر يؤمن فعاليتها».
وبحسب السيرة الذاتية التي وزّعها الائتلاف السوري، فقد ولد أبو حطب في منطقة أشرفية الوادي في محافظة ريف دمشق في العام 1962، وحصل على شهادته الجامعية من كلية الطب البشري في جامعة دمشق عام 1988، ومن ثم تخصص في الجراحة العامة في عام 1998، كما اختص في جراحة القلب عام 2001، ومن ثم انتقل إلى إيطاليا للاختصاص في جراحة القلب لدى الأطفال في عام 2003.
وعمل أبو حطب سابقًا جراح قلب استشاري في مشفى جراحة القلب التابع لجامعة دمشق، وكان عضوًا في مجلس إدارة مشفى جراحة القلب الجامعي، ومديرًا للمعهد التقاني الطبي في جامعة حلب، وكان يشغل قبل تكليفه رئيسًا للحكومة، عمادة كلية الطب البشري في جامعة حلب التي تعمل في المناطق المحررة.



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.