مسلسل السرقات السنوي للمهرجان يستمر في قلب مدينة «كان»

فيلم «ما وراء الجبال والهضاب» يصور عائلة مشتتة ترمز للدولة الإسرائيلية

أب وابنته في {ما وراء الجبال والهضاب}
أب وابنته في {ما وراء الجبال والهضاب}
TT

مسلسل السرقات السنوي للمهرجان يستمر في قلب مدينة «كان»

أب وابنته في {ما وراء الجبال والهضاب}
أب وابنته في {ما وراء الجبال والهضاب}

كثافة الإجراءات الأمنية التي تشهدها المدينة، وانتشار رجال البوليس والدرك في كل الشوارع المهمّة وأمام كل الفنادق الأولى ومحطات القطار والحافلات ودور العروض وسواها، لم يمنع إحدى العصابات (ربما هي ذاتها التي تقوم بمهامها كل سنة) من اقتحام منزل وسرقة محتوياته.
المنزل تم استئجاره من قبل شركة توزيع ألمانية بمناسبة المهرجان ويقع في قلب المدينة. اللصوص اقتحموا المنزل بتسلق الجدار المحيط به ثم معالجة الباب الذي يفصل ما بين الحديقة والداخل. ما إن أصبحوا فيه حتى تفرّقوا كل حسب وظيفته.
بعضهم فتش في الحقائب. بعضهم حمل كل المعدات الإلكترونية التي وجدوها، وهي متعددة، وآخرون فتشوا جيوب السراويل والجاكيتات المعلقة في الخزنة. ولم يوفروا حتى الباسبورات فاستولوا عليها.
حدث كل ذلك يوم أول من أمس (الأحد) ما بين العاشرة صباحًا والسادسة مساءً (تغيب شمس كان نحو التاسعة). لكن إذا ما كانت معاينة المكان لمعرفة ما إذا كان ساكنوه موجودين فيه أم لا أمر مؤكد، فإن المؤكد أيضًا معرفتهم بمحتوياته، فالغنيمة، حسب ناطق باسم الشركة، تقدر بنحو 30 ألف يورو بما في ذلك المال النقدي والجواهر وساعة باهظة الثمن.
البوليس الفرنسي جاء وحقق ولم يستطع أن يعد الضحية بأنه قادر على القبض على العصابة. بل حسب أحد رؤساء الشركة، ألكسندر فان دورمن، قال له أحد المحققين: «إنه مهرجان كان السينمائي.. ماذا تتوقع؟».
غياب الوزير
بات معتادًا في كل عام، من سنة 2013 وحتى الآن، وقوع حوادث سطو خلال أيام المهرجان. في العام المذكور اقتحم اللصوص إحدى غرف أكبر الفنادق «أوتيل دو كاب» وخرجوا بغلة من الجواهر قدرته بمليونين و600 ألف دولار.
في سنة لاحقة تم إقتحام غرفة الملياردير الإسرائيلي لف ليفييف وسرقة 150 مليون دولار على شكل نقود وجواهر وساعات. هذا من دون أن ننسى حادثة السطو على محل جواهر قبل عامين أو ثلاثة.
كل هذا ما يجعل تعرض ناقد أو صحافي ما للسرقة أمرًا يُثير التندر وليس الأسى كون هذا الفريق من الناس يحمل من الثروة أقل من اسمها: بضع مئات من الدولارات وساعة رخيصة أو هاتف جوال. على ذلك وقع أحد النقاد المصريين فريسة حادثة عندما جلس في أحد المقاهي وبجانبه حقيبته الصغيرة. عندما نهض ليغادر المكان اكتشف غيابها: «ارتاب في امرأة جلست ورائي واستبدلت حقيبتي المليئة بحقيبة أخرى فارغة ربما سرقتها من شخص آخر».
على صعيد أكبر حجمًا (من مجرد سرقة حقيبة يد على أي حال) شهد المهرجان عرض فيلم إسرائيلي بعنوان «وراء الجبال والهضاب». قبل الدخول امتزج بالجمهور، المنتظر فتح البوابات رجال لم نشاهدهم نحن، الذين بتنا نعرف الصحافيين والنقاد والسينمائيين وجهًا وجهًا، أحد من قبل. اثنان منهما وقفا ورائي مباشرة بعدما سمعوني أتحدث العربية مع زميل كويتي. بحركة مقصودة مددت يدي إلى جيبي الداخلي سريعًا وسحبت ورقة تحت عيون مسلطة تتوقع أن أسحب مسدسًا على سبيل المثال.
داخل الصالة الكبيرة كان هناك جزء كبير من المقاعد محجوز لمن لم يحضر. وقيل إن وزيرًا إسرائيليًا كان قد أخبر المهرجان أنه يريد حضور عرض هذا الفيلم، مما يفسر سبب حجز مقاعد بقيت خاوية حتى نهاية الفيلم. وقيل لاحقًا إن الوزير عدل عن برنامجه ذاك فأناب عنه مخرج الفيلم وممثليه.
البعض ربما ما زال يشعر بعاطفة تلقائية مناوئة حيال أي نشاط آت من إسرائيل، لكن إلى جانب أن علينا التفريق بين السينما والسياسة وقبول أفلام جيدة وانتقاد أفلام رديئة بصرف النظر عن هوياتها، يجب علينا أيضًا أن نقر أن الحكومة الإسرائيلية لا تهتم فقط بالسينما وتدعمها مباشرة وتحث على إعداد وتنفيذ مشاريع مشتركة وتنتج أفلاما مهرجاناتية تحمل اسم الدولة العبرية أينما ذهبت، بل تواجه كذلك حالات من عدم الاكتراث الرسمي الفعلي بوضع السينما في العالم العربي ينتج عنه أن الأفلام العربية القليلة التي تخترق حواجز الوصول إلى البرامج الرسمية والمسابقات، لا يحتفل بها على صعيد رسمي ولا هي، في الأصل، نتاج هذا الصعيد.
حتى مع إعجاب كثيرين من المشاهدين بالفيلم المصري «اشتباك»، الذي افتتح مسابقة «نظرة ما» مر العمل بأقل اهتمام رسمي ممكن ومن دون أي تقدير رسمي كونه الفيلم المصري الأول الذي دخل مسابقة رسمية في مهرجان «كان» من أيام بعض أفلام المخرج الراحل يوسف شاهين.
عداوة مُطلقة
الفيلم الإسرائيلي المعروض هو «ما وراء الجبال والهضاب» لإيران كوليرين، ذاك الذي صنع سابقًا فيلمًا أفضل عنوانه «زيارة الفرقة» (2007). ليس هناك جبال في الفيلم لكن هناك هضبة كبيرة ترتفع عن مستوى الأرض وتمتد لتفصل بين المستوطنين الإسرائيليين وبين المواطنين الفلسطينيين في الجانب الآخر.
الناقد الأميركي جاي وايزنبيرغ أول من لاحظ أنه في الوقت الذي يقدم الفيلم معالجة عميقة لوضع يشعر فيه الإسرائيليون بضرورة التماسك في وجه فشل الدولة في إيجاد حلول أمنية ناجعة، فإن الفيلم إشكالي بسبب «تصوير العرب على أنهم إما إرهابيون أو مغتصبون»، حد قوله.
صحافي إسرائيلي سمعته يقول بعد العرض: «قرأت السيناريو قبل ثلاث سنوات وأجزم بأنه كان يعد بفيلم أفضل من هذه النتيجة المنحازة». الكثير من النقاد والصحافيين العرب الذين أحبوا «زيارة الفرقة» (عن توهان فرقة عزف مصرية دخلت إسرائيل بالخطأ فأحسن استقبالها من قِبل المسؤولين والمواطنين معًا) توقعوا عملاً جيدًا أو أفضل من الفيلم السابق. لكن في حين أن الفيلم الحالي له حسنات محسوبة من بينها أنه يضع نموذجه من العائلة الإسرائيلية في مواجهة مع أسئلة غير مجاب عليها (حول الهوية الفردية والجماعية كما حول المستقبل ومفهوم الحياة القلق في المستوطنات). بالتالي يحقق فيما قد يحدث لها تبعًا للأحداث التي رسمها.
نتعرف على الكولونيل المتقاعد ديفيد غرينبوم (ألون دوت‪(‬وزوجته رينا (شيري ناداف ناعور) التي تعمل مدرسة، وعلى ولديه أومري (ناوم إمبر) وابنته ييفات (ميلي إيشيت). كلهم يعيشون في شقة واسعة ومريحة ولو أن المخرج يصوّرها باستبعاد الجماليات تاركًا لها الشكل التصميمي البارد والقبيح (الباحة الداخلية الصغيرة للبناية مكشوفة في يوم ممطر). ديفيد يميني معاد للعرب وفي أحد المشاهد يخرج مسدسه ويطلق ست رصاصات على شاب فلسطيني كانت الفتاة ييفات تعرّفت إليه في لقاء موجز.
السبب عداوة ظاهرة والمخابرات الإسرائيلية المحلية تدرك أن ديفيد هو قاتل ذلك الشاب الذي وُجدت جثته صباح اليوم التالي، وأن ابنته ذهبت للتعزية بأهله. يستغلون هذه المعرفة للطلب من الأب السماح لابنته بزيارات متعددة لصديق القتيل (شاب اسمه المعلن عماد) لأن المخابرات ترتاب أنه وشلّته (بمن فيهم القتيل) هم إرهابيون. بالتالي الحكاية العاطفية التي كانت في صدر الموضوع ممثلة بالفتاة التي تحب سماع فيروز وتسعى للتعرف على جيرانها من دون حسابات مسبقة، يتم تبديدها لصالح تصوير أن الفلسطينيين لا يؤمن لهم وأن الفتاة تقبل التجسس لأنها، وكما يقول الأب لزوجته في مشهد لاحق، «شعب طيبون».
هذه العبارة هي رد ديفيد على زوجته التي جاءت تعترف له بأنها مارست الحب مع أحد طلابها. في مشهد غير مقنع، نراه يطأطئ رأسه قليلاً ويهدئ من روعها ويخبرها بأنهم أناس طيبون.
وفي النهاية ها هم الأربعة يحضرون مباراة كرة القدم ويرقصون على أنغام موسيقى احتفائية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».