المشاورات اليمنية تدخل أسبوعها الرابع.. و«الطريق ما زال مسدودا»

الوفد الحكومي يحذر من انهيار تام للاقتصاد.. ويطالب ولد الشيخ بـ«تدخل فوري»

أطراف النزاع اليمني خلال إحدى الجلسات المشتركة في الكويت (أ.ب)
أطراف النزاع اليمني خلال إحدى الجلسات المشتركة في الكويت (أ.ب)
TT

المشاورات اليمنية تدخل أسبوعها الرابع.. و«الطريق ما زال مسدودا»

أطراف النزاع اليمني خلال إحدى الجلسات المشتركة في الكويت (أ.ب)
أطراف النزاع اليمني خلال إحدى الجلسات المشتركة في الكويت (أ.ب)

تستمر مشاورات السلام في دولة الكويت للأطراف اليمنية المتنازعة برعاية الأمم المتحدة، وقد دخلت في أسبوعها الرابع دون أن تحقق أي نتائج، حتى اللحظة، على صعيد أجندة جدول الأعمال، باستثناء «تفاهمات» محدودة فيما يتعلق بقضية الأسرى والمعتقلين، الذين جرى الاتفاق على إطلاق سراح نصفهم قبل حلول شهر رمضان المبارك المقبل، رغم أن مسألة الخلط في تصنيف المحتجزين، بين معتقلين وأسرى حرب ومختطفين، قد تعيق التقدم الحاصل إلى الآن.
وأعرب مصدر سياسي يمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» عن عدم تفاؤله في التوصل إلى أي اتفاقات أو حلول مع وفد الانقلابيين، وذلك بسبب المراوغات المستمرة للوفد والانتقال من نقطة إلى أخرى، ثم التراجع وخلط الأوراق وتغير المواقف، مؤكدا أن «الحوار معهم صعب للغاية». وأشار إلى انعدام أو غياب أي ضغوطات من المجتمع الدولي على الانقلابيين للالتزام بقرارات الشرعية الدولية، وذلك في ضوء المشهد القائم في مشاورات الكويت.
وتمكن المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، أمس، من جمع الوفدين في جلسة عامة مشتركة، ناقشت مختلف القضايا، تقييما لما جرت مناقشته طوال أسبوع. ووفقا لمصادر في المشاورات، فقد «جاءت الجلسة بعد أن وصلت المناقشات في كل اللجان إلى طريق مسدود بسبب ارتباط تقدم اللجان الأخرى بالمسار السياسي الذي يحدده الحوثيون بتشكيل سلطة تنفيذية جديدة»، خلافا لأجندة جدول الأعمال المعدة وفقا لقرار مجلس الأمن الدولي 2216. وقالت المصادر إن الوفد الحكومي شدد، في جلسة أمس، على «ضرورة الالتزام بقرارات مجلس الأمن والمرجعيات المتفق عليها وأن أي نقاش خارج هذه المرجعيات هو نقاش مرفوض». وأكد الوفد أنه جاء إلى الكويت «بناء على اتفاقات معلنة لتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 وليس للدخول في مناقشات خارج هذا الإطار وأن الوفد جاء إلى الكويت لتنفيذ القرار 2216، وليس لمناقشة موضوعات أخرى».
وأضافت المصادر أن وفد الحكومة اليمنية استعرض في الجلسة العامة والمباشرة، «الحالة الاقتصادية للبلد، التي تقترب من حافة الانهيار بسبب السياسات الاقتصادية المدمرة التي تنتهجها الميليشيات في إدارة الدولة عبر نهب الموارد العامة وتعطيل حركة الاقتصاد وطرد رأس المال الوطني وسياسات السوق السوداء محملا المسؤولية الكاملة للميليشيات الانقلابية». وطالب الوفد «الأمم المتحدة بإلزام الطرف الآخر بعدم ربط التقدم في اللجان الأمنية والعسكرية ولجنة المعتقلين والمخفيين والأسرى بما يصنعونه من عراقيل في لجنة استعادة الدولة»، وشدد على أن «مسار استعادة مؤسسات الدولة وتسليم السلاح والانسحاب من المدن يجب أن يكون قبل أي نقاش سياسي».
وتطرقت الجلسة المباشرة إلى تصعيد الميليشيات الحوثية في معسكر «لواء العمالقة»، وقيامها باعتقال قائد اللواء وعدد من الضباط، بعد أن جاءت لجنة من صنعاء إلى مقر اللواء في مديرية حرف سفيان وطلبت مقابلة القائد والضباط الكبار، وأثناء اللقاء قامت باعتقالهم ونقلهم إلى العاصمة، وذلك بعد بضعة أيام على السيطرة على أسلحة المعسكر من قبل الميليشيات ونهبها، وفي ظل استمرار لجنة خاصة شكلتها الأمم المتحدة لتقصي الأوضاع هناك، وصف وفد الحكومة إلى مشاورات الكويت عملية الاعتقال بالتصعيد، الذي «يأتي في الوقت الذي تنظر فيه قضية المعسكر لدى الأمم المتحدة ولجان التهدئة. وكان الوفد الحكومي قد علق مشاوراته الأسبوع الماضي على خلفية الحصار والاقتحام الذي تعرض له المعسكر»، وسلم الوفد رسالة رسمية إلى ولد الشيخ «أعاد فيها الإشارة إلى الاتفاقات حول موضوع المعسكر وانقضاء المدة المحددة للمتابعة ولم يتم حتى اللحظة وقف التدهور والاستيلاء على المعسكر مما يؤكد إصرار الانقلابيين على عدم احترام أي التزام». ووفقا لما رشح من داخل المشاورات، فقد أشارت الرسالة إلى «استمرار الانتهاك الممنهج الذي تتعرض له تعز وعدم احترام الهدنة عبر استمرار الحصار وتزايد ضرب الأحياء المكتظة بالسكان واستغلال الهدنة بإعادة الانتشار وحشد القوات»، وعدت ذلك «يهدد تماما كل مسارات التهدئة»، وطالبت رسالة الوفد مبعوث الأمم المتحدة بـ«التدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات الجسيمة».
ومنذ انطلاق المشاورات في الـ21 من الشهر الماضي، ووفد الانقلابيين يضع كثيرا من العراقيل كي لا تحرز أي تقدم يذكر، بحسب المراقبين، فإلى جانب تأخر الوفد عن الحضور لافتتاح المشاورات في الـ18، كما كان مقررا، فقد استغرقت مسألة إقناعهم بالدخول في جدول الأعمال أياما، رغم أن أجندة جدول الأعمال كانت مقرة سلفا في الجولة الماضية من المشاورات في مدينة «بييل» السويسرية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وخلال الأسابيع الثلاثة الماضية، شهدت المشاورات مدا وجزرا ومشادات، غير أن أبرز ما ميزها هو تراجع وفد الانقلابيين (الحوثي - صالح)، عن كل اتفاق يتم التوصل إليه ومحاولة زرع العقبات أمام إحراز أي تقدم، سواء من خلال التصعيد الميداني وخرق هدنة وقف إطلاق النار، أو من خلال المواقف المتقلبة والمتذبذبة داخل المشاورات، التي يعتقد المراقبون أنها تشير إلى أمر واحد من اثنين، الأول: الخروج بنتائج تشرعن لانقلابهم، من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية وسلطة تنفيذية، حسبما يطالبون ويصرون على ذلك، والأمر الثاني: إفشال المشاورات، دون أن تكون عليهم تبعات ذلك أمام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي الذي يرعى مشاورات السلام والعملية السياسية برمتها في اليمن.
وقد تجاوزت مشاورات السلام اليمنية - اليمنية في الكويت كثيرا من العقبات، حتى اللحظة، بفضل الضغوط التي تمارسها الدولة المستضيفة ومبعوث الأمم المتحدة وسفراء الدول الـ18 + 4 الراعية للتسوية في اليمن، وقد أسفرت تلك الجهود عن عدم فشل المشاورات واستمرارها وتشكيل 3 لجان، واحدة سياسية تعنى بموضوع استعادة الدولة والتهيئة للحوار السياسي، والثانية تعنى بالجانب الأمني والعسكري وتتعلق بالانسحابات من المدن والمؤسسات وتسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، واللجنة الثالثة تعنى بقضية المعتقلين والأسرى والمختطفين والمخفيين قسرا لدى الميليشيات، غير أنه في الوقت الذي تحقق لجنة المعتقلين تقدما طفيفا في عملها، فإن اللجنة الأمنية والعسكرية لم تستطع مناقشة أي نقطة، وذلك بسبب تعنت وفد الانقلابيين وتمسكه بتشكيل الحكومة والسلطة التنفيذية، رغم أن قرار مجلس الأمن (2216) وأجندة المشاورات التي وضعت بموجبه، تؤكد تطبيقه وفقا لخطوات تنفيذية، يأتي في آخرها موضوع استئناف الحوار والتسوية، إذ يشدد القرار على إنهاء الانقلاب والانسحابات وتسليم الأسلحة.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.