واشنطن مستعدة لتخفيف حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا

لمساعدة حكومة الوفاق على مواجهة تنظيم داعش المتطرف

واشنطن مستعدة لتخفيف حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا
TT

واشنطن مستعدة لتخفيف حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا

واشنطن مستعدة لتخفيف حظر تصدير الأسلحة إلى ليبيا

أفاد مسؤولون ودبلوماسيون أميركيون أمس (الخميس) بأن الولايات المتحدة مستعدة لتخفيف الحظر المفروض من الأمم المتحدة على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، وذلك بهدف مساعدة حكومة الوفاق الوطني الليبية على محاربة تنظيم داعش المتطرف.
ويمكن للأمم المتحدة، بموجب مشروع قرار يدعمه البيت الأبيض، إدراج استثناءات على حظر أقره مجلس الأمن الدولي في 2011 على بيع الأسلحة إلى ليبيا أثناء سعي الرئيس السابق معمر القذافي إلى قمع انتفاضة شعبية أطاحت به في النهاية.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لوكالة الصحافة الفرنسية طالبًا عدم نشر اسمه: «إذا أعدت الحكومة الليبية قائمة مفصلة ومتجانسة بما تحتاج إليه لمحاربة تنظيم داعش، واستجابت لكل شروط الاستثناء، فأعتقد أن أعضاء مجلس (الأمن الدولي) سينظرون ببالغ الجدية في هذا الطلب».
وقال المسؤول: «هناك رغبة صحية جدًا داخل ليبيا في التخلص بأنفسهم من تنظيم داعش، وأعتقد أن هذا أمر علينا أن ندعمه ونستجيب له».
وأطاحت انتفاضة شعبية مدعومة من طيران حلف شمال الأطلسي بنظام القذافي الذي قتل في أكتوبر (تشرين الأول) 2011. لكن البلاد غرقت بعد أشهر من ذلك في فوضى عارمة سيطرت خلالها عشرات المجموعات المسلحة على مناطق مختلفة في البلاد ونشأت سلطات عدة يبقى منها اليوم حكومة معترف بها دوليًا مستقرة في طرابلس، وحكومة ترفض تسليمها السلطة مستقرة في الشرق، حيث يوجد أيضًا البرلمان المتعاطف مع حكومة الشرق.
واستغل تنظيم داعش الفوضى للسيطرة على منطقة واسعة حول سرت، مسقط رأس القذافي في وسط ليبيا، على بعد مئات الأمتار من أوروبا. ويخشى الغرب أن ينجح التنظيم المتطرف في استخدام ميناء سرت ومطارها لشن هجمات في أوروبا.
واستهدف المتطرفون منشآت نفطية مجاورة لسرت وأوقفوا عائداتها المالية الثمينة.
وقدر البنتاغون في وقت سابق من هذه السنة وجود نحو 6000 مقاتل من تنظيم داعش في ليبيا، متوقعًا وفود مقاتلين أجانب للانضمام إليهم.
وتحظى حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بدعم قوي من إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وحلفائها الأوروبيين الذين يريدون مساعدتها على إرساء سلطتها ومواجهة المتطرفين.
واعتبر أوباما أخيرًا أن أحد أبرز الأخطاء التي ارتكبها خلال ولايته تتعلق بليبيا. وخفف المسؤولون في واشنطن وروما وغيرهما من وتيرة الحديث عن إرسال قوات إلى البلاد لتدريب ومواكبة العسكريين الليبيين، في انتظار طلب رسمي من الحكومة بذلك.
وقال المسؤول الأميركي: «كل الحديث عما قد نفعل، ما نستطيع أن نفعل، يهدف إلى تلبية حاجات الحكومة الليبية. فعندما نتحدث عن تدريب نتحدث عن تجهيزات، إننا نتحدث عما يحتاجون».
وعلى الرغم من أن مجموعات مسلحة عدة عبرت عن ولائها لحكومة الوفاق، فإن فصائل مسلحة كثيرة ترفض الانصياع لسلطة الحكومة، أبرزها تلك التابعة لقيادة اللواء خليفة حفتر في شرق البلاد، وأخرى مرتبطة بتنظيم القاعدة.
وفي حال تخفيف حظر الأسلحة، سيترتب على رئيس الوزراء فايز السراج تشكيل قوة موالية للحكومة قادرة على مواجهة متطرفين أثبتوا استعدادهم للقتال حتى الموت.
وقتل الخميس 4 مقاتلين من قوات حكومة الوفاق وأصيب 24 في هجوم لتنظيم داعش على مناطق خاضعة للحكومة.
وأحرز المتطرفون تقدمًا خلال الأيام الأخيرة في اتجاه مدينة مصراتة الساحلية بعد بروز بوادر هجوم وشيك للقوات الحكومية.
ويتعين على حكومة السراج كذلك التعامل مع مخاوف بشأن سقوط أسلحة الغربيين في أيدي مجموعات خطرة أو استخدامها في خصومات محلية.
ويقول الخبير في الشؤون الليبية في مركز كارنيغي للسلام الدولي فريدريك فيري: «ليست هناك سلسلة قيادة موحدة وما زالت بعض الفصائل المسلحة أكثر تركيزًا على التقاتل فيما بينها من مواجهة تنظيم داعش».
ويضيف: «الخطر الحقيقي يكمن في استخدام تلك الفصائل الأسلحة في المواجهات بينها».
في هذه الأثناء، اتخذت الحكومة خطوات صغيرة لاستعادة السيطرة على الوزارات والبدء في تشكيل قوة جيش وطنية فعلية.
وأعلنت الحكومة تشكيل قوة «حرس رئاسي» في وقت سابق هذا الأسبوع لحماية المباني الحكومية والمواقع الحكومية والمنشآت الحيوية والشخصيات المهمة.
وقال المسؤول الأميركي «إنه تطور بطيء لكنه ثابت وملموس».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم