انتهاء التهدئة الأميركية الروسية.. والنظام ينقل المواجهة إلى شمال حلب

الفصائل المسلّحة تسيطر على بلدة الزارة وتأسر 25 عنصرًا من قوات الأسد

انتهاء التهدئة الأميركية الروسية.. والنظام ينقل المواجهة إلى شمال حلب
TT

انتهاء التهدئة الأميركية الروسية.. والنظام ينقل المواجهة إلى شمال حلب

انتهاء التهدئة الأميركية الروسية.. والنظام ينقل المواجهة إلى شمال حلب

انهارت هدنة وقف إطلاق النار في شمال سوريا على نطاق واسع، مع تعمّد النظام نقل المواجهة من مدينة خان طومان الواقعة جنوبي حلب، إلى الريف الشمالي للمحافظة، وسيطرته على مواقع مهمّة للمعارضة في منطقة حندرات.
وتزامن هذا التصعيد الميداني مع قصف جوي للطيران الحربي على نقاط الاشتباكات في حندرات قبل أن يعلن الجيش السوري الحرّ، ظهر أمس، استعادة كافة المواقع التي خسرها. لكن فصائل المعارضة المسلّحة سارعت إلى الردّ في مكان آخر، حيث هاجمت بلدة الزارة العلوية الواقعة على أطراف محافظة حماه والقريبة من محافظة حمص وسط سوريا، وتمكنت من السيطرة عليها بالكامل وأسر عدد من عناصر النظام والمسلحين الموالين له، بالإضافة إلى مدنيين من أبناء الطائفة العلوية.
وأعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن «قوات موالية للنظام السوري سيطرت على مواقع لمقاتلين معارضين شمالي حلب اليوم (أمس) الخميس مع انتهاء أجل التهدئة في المدينة». وقال: «إن القتال تركز في منطقة حندرات التي تسيطر عليها المعارضة، وهي منطقة مهمة لقربها من آخر طريق يصل إلى مناطق المعارضة في حلب». غير أن وكالة «رويترز» نقلت عن مقاتل في أحد الفصائل، أن «الثوار تمكنوا من استعادة بعض المواقع التي سيطرت عليها القوات الموالية للنظام في حندرات».
في هذا الوقت، كشف الناشط الإعلامي المعارض في حلب هادي العبد الله، أن النظام «وبعد فشله في تحقيق أي تقدم في مدينة خان طومان، حاول نقل الجبهة إلى مكان آخر، حيث حاول منتصف ليل الأربعاء - الخميس، التقدم من جهة عندان، لكنه فشل في ذلك». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أنه عند الساعة الخامسة من فجر أمس الخميس: «قصف بالطيران والراجمات مخيما في منطقة حندرات، واستطاع السيطرة على 6 نقاط فيها تحت وطأة غزارة النيران والصواريخ والقصف الجوي».
وأعلن العبد الله أن «الجيش الحرّ نفّذ ظهرًا هجومًا معاكسًا، وتمكن من استعادة كافة النقاط التي انسحب منها، وقتل 30 عنصرًا من النظام والقوات الإيرانية ولواء القدس الفلسطيني التابع لأحمد جبريل». وقال: «بعدما استعاد الثوار منطقة حندرات، بدأ الطيران الحربي يقصف بكثافة طريق الكاستلو الذي يصل حندرات بمدينة حلب، لكنه لم يحقق مبتغاه». وشدد العبد الله على أن طيران النظام «قصف عند الساعة الحادية عشرة من ليل الأربعاء بتوقيت حلب، وقبل ساعتين من انتهاء مهلة وقف إطلاق النار، حي بعيدين في المدينة ما أدى إلى سقوط شهيدين وأربعة جرحى من المدنيين».
وكانت تهدئة الـ48 ساعة التي أعلنها جيش النظام السوري في مدينة حلب، انتهت عند الساعة الواحدة من فجر أمس الخميس بتوقيت سوريا (22:00 بتوقيت غرينتش). ولم يعلن عن تمديد هذه التهدئة التي توسطت فيها الولايات المتحدة وروسيا بهدف إحياء اتفاق أوسع نطاقا لوقف الأعمال القتالية، كان قد انهار في أغلب أرجاء غرب سوريا.
التصعيد في حلب، قابله تصعيد مماثل في وسط سوريا، وتحت شعار «معركة الثأر لحلب»، هاجمت فصائل المعارضة، بلدة الزارة الواقعة في محافظة حماه، وأسرت مسلحين موالين للنظام ومدنيين من أبناء الطائفة العلوية. وكشف مصدر عسكري في المعارضة المسلّحة لـ«الشرق الأوسط»، أن «العملية بدأت مع ساعات الصباح، ردا على استهداف النظام والإيرانيين لمدينة حلب وريفها». وأكد أن غرفة العمليات المشتركة لثوار حماه، قررت الردّ على جرائم النظام وحلفائه من خارج حلب، حيث تمكن الثوار من تنفيذ هجوم مباغت على بلدة الزارة الواقعة على أطراف ريف حماه الغربي، والقريبة من الحدود الإدارية لمحافظة حمص، فتمكنوا من قتل عدد من عناصر النظام وأسر 25 آخرين.
المصدر العسكري أوضح أن «السيطرة على الزارة، قطعت الطريق على محاولات النظام المتكررة لفصل مدينة الحولة عن مدينتي الرستن وتلبيسة في ريف حمص الشمالي». ونفى في الوقت نفسه علمه بأسر مدنيين من داخل بلدة الزارة العلوية.
وكان المرصد السوري، أفاد بأن معارك عنيفة اندلعت بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، و«حركة أحرار الشام» و«جبهة النصرة» و«فيلق حمص» و«كتائب أهل السنة» و«أجناد حمص» من جهة أخرى، في أطراف ومحيط قرية الزارة التي يقطنها سوريون من الطائفة العلوية، والتي تقع في ريف حماه الجنوبي على الحدود الإدارية مع ريف حمص الشمالي، بالقرب من محطة الزارة الحرارية.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.