مقتل 4 رجال شرطة بهجوم انتحاري مزدوج غرب بغداد تبناه «داعش»

قيادات التيار الصدري تربط بين مظاهرات أنصاره وتفجير مدينة الصدر.. ومصادر عراقية تحذر من وقوع «فتنة»

متظاهرون عراقيون  يرددون شعارات مناهضة للحكومة رافعين ملصقات تطالب بإقالة وزير الداخلية لفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من السيارات المفخخة في مواقع انفجارات شهدتها بغداد اليومين الماضيين (أ.ف.ب)
متظاهرون عراقيون يرددون شعارات مناهضة للحكومة رافعين ملصقات تطالب بإقالة وزير الداخلية لفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من السيارات المفخخة في مواقع انفجارات شهدتها بغداد اليومين الماضيين (أ.ف.ب)
TT

مقتل 4 رجال شرطة بهجوم انتحاري مزدوج غرب بغداد تبناه «داعش»

متظاهرون عراقيون  يرددون شعارات مناهضة للحكومة رافعين ملصقات تطالب بإقالة وزير الداخلية لفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من السيارات المفخخة في مواقع انفجارات شهدتها بغداد اليومين الماضيين (أ.ف.ب)
متظاهرون عراقيون يرددون شعارات مناهضة للحكومة رافعين ملصقات تطالب بإقالة وزير الداخلية لفشل قوات الأمن في حماية المواطنين من السيارات المفخخة في مواقع انفجارات شهدتها بغداد اليومين الماضيين (أ.ف.ب)

أعلنت مصادر أمنية وطبية مقتل أربعة من عناصر الشرطة بينهم ضابط برتبة عقيد وإصابة 14 أغلبهم من قوات الأمن أمس الخميس في هجوم انتحاري مزدوج بأحزمة ناسفة تبناه تنظيم (داعش) واستهدف مقرا للشرطة في منطقة أبو غريب غرب بغداد. ويأتي الهجوم غداة مقتل ما لا يقل عن 94 شخصا في ثلاثة تفجيرات استهدفت مناطق متفرقة في بغداد وتبناها (داعش) أيضا.
وقال ضابط برتبة عقيد في الشرطة «قتل أربعة من عناصر الشرطة ومعتقل وأصيب 14 بينهم ثلاثة معتقلين بجروح في هجوم انتحاري مزدوج بأحزمة ناسفة».
وأضاف وفقا لوكالة الصحافة الفرنسية أن «الهجوم وقع في ساعة مبكرة ضد مركز شرطة الانتصار في ناحية أبو غريب» على بعد 20 كيلومترا إلى الغرب من بغداد. وأوضح أن «الانتحاريين فجرا نفسيهما داخل المقر بعد اقتحامه خلال قيام مسلحين بالاشتباك مع حراس المقر». وأكد العقيد في الشرطة «مقتل ضابط برتبة عقيد هو مدير مركز شرطة الانتصار، وإصابة ضابط آخر برتبة ملازم أول بجروح جراء الهجوم».
وناحية أبو غريب تقطنها غالبية سنية وتقع بين بغداد ومدينة الفلوجة التي تخضع لسيطرة المتشددين. وهي من المناطق المتوترة وتشهد أعمال عنف شبه يومية.
وفي سياق متصل أعلن قائمقام قضاء الرمادي بمحافظة الأنبار إبراهيم العوسج أمس في تصريحات إعلامية صد هجوم لتنظيم داعش وتدمير ثلاث مفخخات شمال الرمادي.
وقال العوسج وفقا لوكالة الأنباء الألمانية إن «تنظيم داعش شن هجوما على القوات الأمنية المتواجدة في منطقة البوعيثة شمال الرمادي، بواسطة ثلاث مفخخات وعناصر للتنظيم بكافة الأسلحة».
وأضاف العوسج أن «القوات الأمنية من الجيش والشرطة ومقاتلي العشائر المتواجدة في المنطقة تمكنت من صد الهجوم ودمرت ثلاث مفخخات يقودها انتحاريون، فضلا عن قتل تسعة إرهابيين من عناصر داعش المهاجمين»، لافتا إلى «مشاركة طيران القوة الجوية والمروحي والتحالف بصد الهجوم».
إلى ذلك ربط عدد من قيادات التيار الصدري بين التفجير الذي شهدته مدينة الصدر الشيعية شرق العاصمة بغداد أول من أمس وأسفر عن سقوط عشرات القتلى والمظاهرات التي ينظمها المنتمون للتيار منذ فترة. إلا أن مصادر حكومية بارزة نفت وجود أي علاقة بين الأمرين وشددت على أن تنظيم داعش يعمل على إثارة الوقيعة، داعية الشركاء السياسيين إلى عدم الانجرار لمحاولات بذر الخلافات والفتن.
وحمل حاكم الزاملي رئيس لجنة الأمن والدفاع بالبرلمان العراقي والقيادي بكتلة الأحرار (التيار الصدري) وزير الداخلية محمد سالم الغبان مسؤولية التفجيرات التي شهدتها العاصمة العراقية الأربعاء وتحديدا مدينة الصدر، وقال: إن تبنيه لسياسة حزبية ضيقة دفعته للتركيز على ملاحقة المتظاهرين أكثر من السعي لملاحقة عناصر تنظيم داعش.
واعتبر الزاملي في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية أن التفجيرات التي شهدتها مدينة الصدر جاءت ردا على المظاهرات الغاضبة الأخيرة التي نظمها أنصار الزعيم مقتدى الصدر.
وقال: «وزير الداخلية انشغل بملاحقة المعتصمين والمتظاهرين الذين طوقوا المنطقة الخضراء، وترك الأبرياء الذين يبحثون عن قوت يومهم بمدينة الصدر فريسة سهلة لعناصر تنظيم داعش».
وأضاف: «إدارة وزارة الداخلية حزبية وغير مهنية، ونرى أن الوزير هو من يتحمل مسؤولية ذلك، كان عليه أن يفعّل جهاز الاستخبارات لمنع وقوع تلك التفجيرات والقبض على من تسول له نفسه القيام بمثل هذه الجريمة البشعة، ولكن بدلا من ذلك، تمت إقالة أكثر من 500 ضابط من كبار الضباط المشهود بمهنيتهم وإحلال آخرين محلهم، وذلك كله نتيجة لنفس السياسات الحزبية الضيقة». واتهم الوزارة «بعدم نشر ما يقرب من 40 جهاز كشف مفرقعات حديث تم استيرادها قبل عامين، لا في مدينة الصدر ولا في غيرها».
وأعرب عن اعتقاده أن تنظيم داعش هو من نفذ التفجير، وشدد على ضرورة «وضع خطط وحلول حتى لا يتمكن التنظيم من استهداف المزيد من الأبرياء». وأشار إلى أن المظاهرات التي نظمها التيار الصدري مؤخرا كان هدفها تغيير الوزراء غير المهنيين كوزير الداخلية، متعهدا بالعمل بأقصى سرعة لمنع تكرار ما حدث عبر اللجوء للقضاء. وقال: «سنطالب بإقالة وزير الداخلية وإحالته للقضاء، فمعظم التفجيرات سببها الخلل والقصور الأمني».
وفي ذات الإطار، طالب النائب عن الكتلة الصدرية رسول الطائي رئاسة الوزراء العراقية بإقالة القيادات الأمنية التي كانت بموقع المسؤولية بمسرح التفجيرات التي شهدها العراق اليومين الماضيين.
وقال الطائي لـ«د.ب.أ»: «هذه ليست أول مرة تحدث بها تفجيرات في العاصمة، وطالبنا مرارا القيادات الأمنية، وتحديدا قائد عمليات بغداد، بالاهتمام ونشر كاميرات المراقبة حول المداخل للسيطرة والحد من قدرة أي تنظيم إرهابي على ارتكاب جرائمه ولكن لم تتم الاستجابة، هناك إهمال أيضا
فيما يتعلق بمدينة الصدر المظلومة التي فقدت أمس العشرات من أبنائها، وهذه ليست أول مرة تتعرض فيها مدينة الصدر لتفجيرات».
وأضاف: «لا نريد أن نتهم أحدا ولن نقول إن التفجير جاء ردا على المظاهرات... ولكن أقول للحكومة التي تتحدث عن هيبة الدولة: هيبة الدولة ليست مستمدة فقط من فرض النظام العام على المواطنين، ولكن أيضا من توفير الأمن والحماية لأبناء شعبها».
من جهته شدد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية العميد سعد المعن على أن «التفجيرات التي وقعت بالأمس إرهابية، ولا علاقة لها بأي أحداث سياسية».
وقال المعن: «تنظيم داعش هو المسؤول عن تفجير الصدر، والتنظيم يحاول دائما أن يكون لعملياته بعد طائفي». وأضاف: «الحديث عن وجود تعمد في التقصير الأمني لا أساس له، فالأجهزة الأمنية تبذل جهودا كبيرة على كافة الجبهات... ونحن كقوة أمنية بعيدون تماما عن التجاذبات السياسية».
وحول السبب في حدوث مثل هذه الخروقات الأمنية الدموية، قال: «التنظيم يغير من طرق وأساليب عملياته باستمرار... من تفخيخ سيارات لتفخيخ بشر وللأسف ينجح في بعض الأحيان في تنفيذ هجمات». وفيما يتعلق بتعقب وزارته للمشاركين في اقتحام المنطقة الخضراء مؤخرا، قال: «الموضوع ليس بالصورة التي يثيرها البعض، وكما يعلم الجميع فإن الاعتداء على المال العام والمقار الرسمية أمر مرفوض ومجرّم، وبالتالي هناك إجراءات قانونية لا بد أن تتخذ».
وحث العراقيين على عدم الانجرار لمحاولات بذر الفتن والخلافات بين القوى والشركاء السياسيين، وحذر من أن ذلك «قد ينعكس سلبا على جهود العراق العسكرية في ساحات القتال مع ذلك التنظيم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».