الإفراج عن تقرير «لجنة شيلكوت» البريطانية بشأن حرب العراق

التحقيقات استغرقت 7 سنوات.. والخلافات حول قدر المعلومات السرية التي يمكن نشرها سبب تأخيره

الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش يقلد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وسام الحرية الرئاسي في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن  يناير 2009 (غيتي)
الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش يقلد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وسام الحرية الرئاسي في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن يناير 2009 (غيتي)
TT

الإفراج عن تقرير «لجنة شيلكوت» البريطانية بشأن حرب العراق

الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش يقلد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وسام الحرية الرئاسي في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن  يناير 2009 (غيتي)
الرئيس الأميركي السابق جورج دبليو بوش يقلد رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وسام الحرية الرئاسي في الغرفة الشرقية من البيت الأبيض في واشنطن يناير 2009 (غيتي)

يتم الإفراج أخيرا عن تقرير لجنة شيلكوت البريطانية الخاصة بتحقيقات حرب العراق في السادس من يوليو (تموز) المقبل. والقول إنه من التقارير التي طال فعلا انتظارها سيكون بخسا وتحقيرا من شأن التقرير المهم للغاية. والتحقيقات التي اتخذت اسمها من اسم رئيس اللجنة، السير جون شيلكوت، كانت قد بدأت في عام 2009 للتحقيق في دور المملكة المتحدة في حرب العراق.
وعلى الرغم من بدء التحقيقات قبل 7 سنوات وآخر جلسات الاستماع المعنية بذات القضية كانت في عام 2011. فإن نشر تقرير اللجنة قد تأخر مرارا وتكرارا في جزء كبير منه؛ بسبب الخلافات حول قدر المعلومات السرية التي يمكن الإفراج عنها، ومن جانب الإنصاف، يبدو مؤكدا أن التقرير سوف يكون شاملا.
وفي خطاب أرسله السير شيلكوت إلى رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يعلن فيه عن ميعاد نشر التقرير، وكشف في خطابه أنه بلغ 2.6 مليون كلمة إجمالا. وللقيمة المرجعية، فإن هذا الرقم المذكور يساوي ضعف عدد الكلمات التي تحويها سلسلة روايات هاري بوتر كاملة وثلاثة أضعاف عدد الكلمات الواردة في إنجيل الملك جيمس.
غير أن هذه الحقيقة من غير المرجح أن تسبب هدوءا لدى النقاد؛ حيث تحتل حرب العراق مكانا جدليا مميزا في التاريخ البريطاني الحديث، وربما بأكثر مما تحتله الحرب نفسها في الولايات المتحدة الأميركية. ويتساءل الكثيرون ما إذا كانت الـ15 مليون دولار التي أنفقت في إجراء التحقيقات وإعداد التقرير سوف تسفر حقا عن أي عمل حقيقي وملموس.
كانت بريطانيا الحليف الرئيسي للولايات المتحدة في غزوها للعراق عام 2003، وهي الحقيقة التي أكسبت، في وقت لاحق، رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير لقب «كلب بوش الأمين». ولقد كانت تكاليف الحرب باهظة للغاية بالنسبة للمملكة المتحدة؛ حيث لقي 179 جنديا بريطانيا مصرعهم خلال الصراع الذي دام بين عامي 2003 و2011، كما تعرض الكثيرون للإصابات المختلفة. وفي السنوات الأخيرة، يبدو أن هناك حالة من الإجماع المتزايد داخل بريطانيا أن تلك الحرب كانت من القرارات الخاطئة. ولقد أعلن جيريمي كوربين، زعيم حزب العمال المعارض، أنه يود «الاعتذار للشعب العراقي للمعاناة الرهيبة التي ساعد البريطانيون في حدوثها» إذا ما تم انتخابه رئيسا لوزراء البلاد. ولقد أشار إلى احتمال أن يواجه بلير المحاكمة جراء الحرب غير المشروعة التي خاضها.
وإنه لبيان جريء، ولكن يبدو أن الكثيرين يؤيدون وجهة نظر كوربين حول تلك المسألة. وفي أحد استطلاعات الرأي التي جرت عام 2013، اعتقدت نسبة 53 في المائة ممن شملهم الاستطلاع أن تلك الحرب كانت خاطئة، بينما اعتقدت نسبة 27 في المائة منهم أن الحرب كانت قرارا صحيحا، واعتقدت نسبة 48 في المائة من المواطنين أن بلير قد تعمد تضليل الرأي العام البريطاني حول أسلحة الدمار الشامل في العراق، وأفادت نسبة 22 في المائة أن رئيس الوزراء السابق ينبغي أن يحاكم بوصفه مجرم حرب. (وتظهر استطلاعات الرأي الأخرى أن كثيرًا من المواطنين البريطانيين كانوا يبالغون في حجم المعارضة للحرب في ذلك الوقت، حتى نكون منصفين).
وكان التأخير المطول في إصدار تقرير لجنة شيلكوت قد أضاف زخما كبيرا إلى أجواء الشك والريبة وتبادل الاتهامات حول حرب العراق. ولكن الآن من الصعب القول ما إذا كانت التحقيقات التي طال انتظارها سوف تساعد في إنهاء حالة الجدل التي تحيط بمشاركة بريطانيا في الحرب، أو ربما تزيد من حدة الجدال الدائر حول تلك الحرب.
في حين إن كانت هناك تحقيقات بريطانية سابقة في الحرب على العراق، فإن لجنة شيلكوت، والمعروفة رسميا باسم لجنة التحقيقات العراقية، قد صُممت لأن تكون أكبر وأشمل مراجعة رسمية للمشاركة البريطانية في الحرب على العراق. ولقد كُلف السير جون شيلكوت برئاسة اللجنة التي تضم خمسة من الأعضاء والمعنية بالتدقيق في الأحداث الجارية في الفترة بين عام 2001 و2009 بهدف الوقوف على «الدروس التي ينبغي الاستفادة منها» من تلك الحرب.
بعد عدد من الخطط المبدئية للإبقاء على سرية التحقيقات، أعلن السير شيلكوت أن التحقيقات سوف تتم علانية «حيثما كان ذلك ممكنا». ومُنحت هيئة اللجنة الحق في استدعاء أي مواطن بريطاني للإدلاء بشهادته، على الرغم من عدك إمكانية إجبار الرعايا الأجانب في بريطانيا على القيام بالمثل. ولقد قال السير شيلكوت بنفسه أنه على الرغم من أن التحقيقات لا ترقى لمستوى المحاكمة القضائية ولا يمكنها توجيه اللائمة بحق أي إنسان، فإن اللجنة لن تخجل من توجيه الانتقادات اللازمة.
عقدت جلسات الاستماع العلنية في الفترة بين شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2009 وفبراير (شباط) عام 2011. واشتملت قائمة الشهود على مسؤولين في الاستخبارات البريطانية، والدبلوماسيين، والضباط العسكريين، والمسؤولين السياسيين. ولقد استدعي السيد بلير، الذي استقال من منصبه كرئيس لوزراء البلاد في عام 2007، للشهادة أمام اللجنة مرتين (على الرغم من صيحات المارة التي وصمته بالقاتل خارج مبنى التحقيقات، فإنه بدا واثقا بنفسه بشكل ملحوظ، وأخبر اللجنة أنه ليس لديه ما يندم عليه حول إسقاط صدام حسين ونظام حكمه). وإجمالا، استدعت اللجنة أكثر من 150 شاهدا واستعرضت أكثر من 150 ألف وثيقة، بتكلفة إجمالية بلغت 15 مليون دولار.
في عام 2009 عندما بدأت التحقيقات، كان من المتوقع على نطاق واسع أن يتم نشرها نتائج التحقيقات في عام 2011 أو 2012، ولكن الأمر لم يكن كذلك. وإحدى المشكلات الواضحة في تأخير نشر التقرير كانت أن إنتاج وثيقة تضم 2.6 مليون كلمة من المهام الصعبة، وأن القليل من الناس كانوا يعلمون بحجم العمل المطلوب من لجنة التحقيق في بداية الأمر، وفقا لصحيفة «لندن تايمز»، وقيل إن المسودة الأولى لتقرير اللجنة كانت مليئة بالأخطاء. وكانت هناك مشكلة أخرى مؤسفة وغير متوقعة، وهي وفاة السير مارتن جيلبرت، وهو أحد المؤرخين الذين عملوا في اللجنة، الذي أصابه المرض وتوفي في عام 2015.

*خدمة {واشنطن بوست} خاص بـ {الشرق الأوسط}



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.