إيران: غموض حول مقتل قائد مشاة البحرية في الجزر الإماراتية المحتلة.. والحرس الثوري ينعاه

ناظري أبرز قيادي مختص في «حرب العصابات».. وسليماني يلمح إلى سقوطه في خان طومان

قائد مشاة البحرية في الحرس الثوري الإيراني محمد ناظري خلال جولة له في وقت سابق جنوب إيران (فردا نيوز)
قائد مشاة البحرية في الحرس الثوري الإيراني محمد ناظري خلال جولة له في وقت سابق جنوب إيران (فردا نيوز)
TT

إيران: غموض حول مقتل قائد مشاة البحرية في الجزر الإماراتية المحتلة.. والحرس الثوري ينعاه

قائد مشاة البحرية في الحرس الثوري الإيراني محمد ناظري خلال جولة له في وقت سابق جنوب إيران (فردا نيوز)
قائد مشاة البحرية في الحرس الثوري الإيراني محمد ناظري خلال جولة له في وقت سابق جنوب إيران (فردا نيوز)

في وقت انشغل فيه الإيرانيون بالتقارير الآتية من ميادين الحرب في جنوب حلب حيث تكبدت القوات العسكرية الإيرانية خسائر كبيرة في صفوفها، أعلن بيان رسمي صادر من الحرس الثوري أمس مقتل قائد مشاة البحرية، الجنرال محمد ناظري أثناء قيامه بمهام في مياه الخليج جنوب البلاد. وسبقت بيان الحرس الثوري روايات متناقضة نشرتها المنابر الإعلامية التابعة للحرس حول مقتل محمد ناظري، قبل تأكيد مقتله رسميا من دائرة العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني.
في هذا الصدد، أفاد الموقع الإعلامي الناطق باسم الحرس الثوري «سباه نيوز» أن قائد الوحدات الخاصة في بحرية الحرس الثوري قتل أثناء قيامه بمهام في منطقة «نازعات»، وهي تسمية تطلقها إيران على الجزر الإماراتية المحتلة (طنب الصغرى والكبرى وأبو موسى). وعلى خلاف رواية «سباه نيوز»، ذكر تقرير وكالة أنباء الحرس الثوري «فارس» أن محمد ناظري قتل بسبب «عارض كيماوي» لدى عودته بعد أن ألقى خطابا بمناسبة تأسيس الحرس الثوري في ميناء «لنجة» قرب بوشهر إلى جزيرة «فارو» في منطقة «نازعات». وألحق الحرس الثوري بيانه الرسمي ببيان ثان كاشفا عن موعد ومكان تشييع ناظري, ووفق البيان، فإن الحرس الثوري يشيع ناظري بحضور أبرز قادة إيران العسكريين مساء اليوم في بلدة محلاتي، المنطقة العسكرية الحساسة شمال شرقي طهران.
وأفادت وكالة «فارس» نقلا عن مساعد قائد البحرية في الحرس الثوري، علي رضا تنغسيري، أنه قتل في «عارض كيماوي» أثناء قيامه بمهامه قبالة الجزر الإماراتية الثلاث. هذا، ولم يذكر التقرير مزيدا من التفاصيل حول «العارض الكيماوي» وحول طبيعة المهمة التي أشار إليها بيان الحرس الثوري في تلك المنطقة. وكانت «تسنيم»، المنبر الإعلامي لمخابرات الحرس الثوري الإيراني، ذكرت في تقرير أولى أن ناظري توفي في جزيرة «فارو» إثر جلطة قلبية، كما أن وكالتي «مهر» الحكومية و«مشرق» المقربة من الحرس الثوري ذكرتا السبب نفسه في تقاريرها الأولى. يذكر أن ناظري كان من بين قادة الحرس الثوري الذين ترددت أسماؤهم في عملية احتجاز البحارة الأميركيين منتصف يناير (كانون الثاني) الماضي، وكذلك احتجاز البحارة البريطانيين في أبريل (نيسان) 1997. ولم تذكر المصادر الإيرانية اسم ناظري بين قادة البحرية الذين استسلموا وسام «الفتح» من خامنئي بسبب احتجاز البحارة الأميركيين.
وبعد البيان الرسمي من الحرس الثوري، نشرت وسائل إعلام إيرانية صورة من زيارة قائد فيلق «القدس» الجنرال قاسم سليماني إلى منزل ناظري في طهران بعد ساعات من مقتله، ونقلت مواقع عن سليماني قوله إن «ناظري لم يتغير منذ تأسيس الحرس الثوري في 1979»، مضيفا أنه يتدرب على يد ناظري منذ تأسيس الحرس. وللمرة الثانية يظهر سليماني في طهران خلال الأيام الثلاثة الماضية بعدما تناقلت وسائل إعلام السبت الماضي معلومات حول توجهه مجددا إلى حلب بعد خسائر كبيرة لحقت بفيلق «القدس» والقوات الإيرانية في تلك المنطقة. وأرسلت تصريحات سليماني بتلميحات تطعن بجميع الروايات التي تناقلتها المواقع حول مقتل ناظري، حيث قال: «إنني لا أتذكر (جهادا) مهمًا لم يشارك فيه ناظري» مؤكدا أنه «قدم خدماته حتى آخر لحظات حياته».
بدورها، شككت مواقع إيرانية بالرواية الرسمية من الحرس الثوري، حيث ذكرت أن طهران تسترت على مقتله في سوريا. وإذا ما تأكد مقتل ناظري في سوريا، فإنه قد يكون من أبرز قتلى قادة الحرس الثوري بعد مقتل اللواء حسين همداني الذي قتل بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي في ضواحي حلب.
يذكر أن ناظري يعد من أبرز قادة الحرس الثوري في «الحروب غير المتكافئة» و«حروب العصابات» بعد اللواء همداني الذي قال الحرس الثوري إنه شارك في سوريا بسبب خبرته في إدارة «حروب العصابات».
ويعد ناظري من أبرز قادة القوات الخاصة في بحرية الحرس الثوري، وكان له حضور فعال في حرب الخليج الأولى. وبحسب وكالة أنباء «تسنيم»، فإن اختصاصه الحروب «غير المتكافئة». وبحسب «تسنيم» فإن ناظري يحمل في سجله قيادة الحرس الثوري في «حروب العصابات» في منطقة كردستان العراق، ومن بينها عملية «فتح 8» في يوليو (تموز) 1987. ووفق الرواية الإيرانية، فإن ناظري حينئذ كان قائد «اللواء 66» من القوات الخاصة في الحرس الثوري، وقام بعمليات ضد القوات العراقية شمال الموصل بدعم من القوات الكردية. وتولى ناظري قيادة مشاة البحرية الإيرانية في خليج عدن لحماية السفن الإيرانية وفق ما ذكرت وكالة أنباء «مشرق».
ويأتي الإعلان عن مقتل ناظري في حين تتوالى أسماء القتلى الإيرانيين في عملية خان طومان، بينما يلف الغموض مصير عدد كبير من تلك القوات، وقال المتحدث باسم الحرس الثوري في محافظة مازندران، حسين علي رضايي إن جثث 12 من قواته ما زالت بيد «جيش الفتح»، بينما أعلن الحرس الثوري الإيراني عن تشييع أول جثة آتية من خان طومان تعود للواء جواد دوربين. وفي حين أكد وصول 9 جرحى، لم يكشف عن مصير الجرحى الآخرين الذين قالت طهران إن عددهم 21، فيما أفادت تقارير أن 15 جثة ما زال مصيرها مجهولا. وكان موقع «انتخاب» شبه الرسمي قد ذكر السبت الماضي أن عدد الإيرانيين والأفغان القتلى في خان طومان بلغ 83. من جهته، ذكر موقع «تهران برس» أن ناظري أشرف لسنوات على تدريب القوات الخاصة في الجيش الإيراني، ومنها «لواء القبعات الخضر 65» الذي كشفت إيران الشهر الماضي عن مشاركته في الحرب السورية. وكان قائد قوات الجيش الإيراني، عطاء الله صالحي قد نفى مسؤولية الجيش عن إرسال قوات خاصة إلى سوريا، إلا أن قيادي في القوات البرية التابعة للجيش ذكر أن إرسال القوات جاء بناء على أوامر من خامنئي.
وتقول طهران إن قواتها توجد في سوريا بـ«طلب رسمي» من دمشق، وإن نخبة قواتها تقوم بتقديم خدمات «استشارية» إلى قوات النظام السوري، إلا أن المقاطع المصورة المنتشرة عن عمليات القوات على وسائل الإعلام الإيرانية تظهر أن تلك القوات تقوم بعلميات عسكرية، خلافا لما تدعيه طهران.
وقبل أسبوعين أعلنت دائرة العلاقات العامة في الحرس الثوري الإيراني مقتل العقيد حسن أكبري، القيادي في مخابرات الحرس الثوري الإيراني والمسؤول الأول عن فريق حماية المرشد الأعلى علي خامنئي. وقال الحرس الثوري الإيراني إن أكبري قتل أثناء مشاركته في تدريبات عسكرية معقدة. ويلف الغموض ظروف مقتل أكبري، ولم تذكر وسائل الإعلام الإيرانية أي تفصيل حول طبيعة الإصابة التي أدت إلى مقتله، ولا مكان وقوع الحادث، إلا أنها نشرت صورا لخامنئي في اليوم الثاني من إعلان مقتله وهو في زيارة إلى أسرة كبير فريق حمايته في وقت لم تتوقف فيه إعلانات مقتل قيادات بارزة في حرب إيران على الأراضي السورية.
إلى ذلك، نعى رئيس السلطة القضائية الإيرانية، صادق لاريجاني في بيان رسمي صدر من مكتبه أمس، قتلى القوات العسكرية الإيرانية الذين قضوا في الدفاع عن «الديار العلوية» و«المبادئ العلوية»، فيما قدم تعازيه إلى «المهدي المنتظر» كما قدم مواساته إلى أهالي محافظة مازندران بسبب سقوط كتيبة منها في خان طومان، والتي ينحدر منها لاريجاني.



أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
TT

أزمة «تجنيد الحريديم» تحتدم في ساحات القضاء الإسرائيلي

جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)
جنود إسرائيليون يقفون حراساً في مرتفعات الجولان على الحدود مع سوريا ولبنان (وكالة الصحافة الفرنسية)

شهدت جلسة للمحكمة العليا الإسرائيلية، عقدت الأربعاء، لمناقشة التماسات ضد امتناع «الحريديم» (اليهود المتشددين دينياً) عن الخدمة في الجيش، مشادات وشغباً، وسط اتهامات للحكومة بتعمد تقديم «رد متأخر» حول موقفهم، وغضب من أهالي الجنود الذين يقاتلون في قطاع غزة.

ونقلت وسائل إعلام عبرية، أنه خلال مناقشة التماس قدمته منظمات وروابط محلية ضد الحكومة ووزير الدفاع يسرائيل كاتس لأنهم «لا يطبقون واجب التجنيد ضد الحريديم»، اندلعت أعمال شغب بعد أن اقتحمت تمار ليفي، من حركة «أمهات على الجبهة» القاعة، وصرخت قائلة: «إن العلمانيين (في إشارة إلى من يتم تجنيدهم) ليسوا حمير المتشددين».

ونقلت «القناة 12» الإسرائيلية أن ليفي وقفت فوق كرسي وصرخت في قاعة المحكمة «إنكم تفتتون النسيج الاجتماعي لهذا البلد. لا يمكن أن نرسل أولادنا بعمر 18 عاماً إلى غزة ولبنان ولا يتم إرسال آخرين»، ثم يتمكن حارس المحكمة من إخراجها من الجلسة.

80 ألفاً

وناقشت الجلسة رد الحكومة المتأخر، وقال قضاة المحكمة إنهم صدموا عندما عرفوا أن عدد أعضاء المتشددين الذين لم يتم تجنيدهم، بحسب رد الدولة، هو 80 ألفاً.

ووبخ القضاةُ ممثلي الحكومة لأنهم ردوا متأخراً في الصباح الباكر قبل ساعات من الجلسة.

وكان كاتس معنياً، كما نشر، بتأخير الرد الرسمي، الذي أكد أن الجيش الإسرائيلي سيكون قادراً ابتداء من عام 2026 على استيعاب جميع اليهود المتشددين.

«الحريديم» في مظاهرة بالقدس ضد قرار تجنيدهم بالجيش الإسرائيلي 30 يونيو 2024 (أ.ب)

ونقل المستشار القانوني للحكومة، غالي بهراف ميارا، موقف الدولة بشأن تجنيد المتشددين، إلى المحكمة، وأشار إلى أن الجيش سيكون قادراً على استيعاب أرقام محددة من الحريديم هذا العام، وفي عام 2026 لن يكون هناك حد على الإطلاق.

وقالت الحكومة إن «الجيش أرسل أوامر التعبئة إلى نحو 7000 من اليهود المتشددين في سن الخدمة العسكرية».

وكان الجيش الإسرائيلي أعلن الثلاثاء، عن زيادة كبيرة في التجنيد من الطائفة اليهودية المتشددة لفترة التجنيد الثانية لعام 2024.

وفقاً للمتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، «انضم 338 مجنداً جديداً من اليهود المتشددين إلى وحدات مختلفة: 211 بوصفهم مقاتلين و127 في مهام دعم».

ويؤكد الجيش الإسرائيلي أن «هذا الدمج يتم مع احترام الظروف وأسلوب الحياة الديني للمجندين، مع تكييف البرامج القائمة».

لكن بحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فإن إرسال الجيش الإسرائيلي 7000 أمر تجنيد إضافي لأعضاء المجتمع الحريدي جاء بعد أن فشلت المرحلة الأولى من خطة تجنيد الجنود الحريديم إلى حد كبير.

نزاع شائك

ومن بين 3000 أمر تجنيد صدرت للمتدينين الحريديم خلال الصيف الماضي، استجاب 300 شخص منهم وحضروا إلى مراكز التجنيد.

وجاءت أوامر الجيش بعد حكم تاريخي للمحكمة العليا في يونيو (حزيران) الماضي، وفيه أنه «لم يعد هناك أي إطار قانوني يسمح للدولة بالامتناع عن تجنيد طلاب المدارس الدينية الحريدية في الخدمة العسكرية».

والنزاع حول خدمة المجتمع الحريدي في الجيش هو أحد أبرز النزاعات الشائكة في إسرائيل، حيث لم تنجح محاولات الحكومة والقضاء على مدار عقود من الزمان في التوصل إلى حل مستقر لهذه القضية.

وتقاوم الزعامات الدينية والسياسية الحريدية بشدة أي جهد لتجنيد الشباب الحريديم.

يعارض «الحريديم» الخدمة في الجيش (أرشيفية - أ.ف.ب)

ويقول العديد من اليهود الحريديم إن «الخدمة العسكرية تتعارض مع أسلوب حياتهم، ويخشون أن يصبح المجندون علمانيين».

ولكن الإسرائيليين الذين يخدمون في الجيش يقولون إن هذه «الإعفاءات الجماعية القائمة منذ عقود تثقل كاهلهم بشكل غير عادل، وهذا الشعور تفاقم منذ هجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) والحرب التالية، التي قتل فيها أكثر من 780 جندياً واستدعي نحو 300 ألف مواطن للخدمة الاحتياطية».

وفي العام الماضي، تم إدراج 63 ألف رجل من الحريديم على أنهم مؤهلون للخدمة العسكرية، وارتفع الرقم إلى 80 ألفاً هذا العام.

وتعمل أحزاب الائتلاف الحريدية على تشريع قانون معروف باسم «قانون التجنيد» من شأنه أن يتضمن زيادة في التجنيد، لكن مع الحفاظ على نطاق واسع من الإعفاء للرجال الحريديم، وهو ما خلف مزيداً من الجدل الصاخب والنقاش في إسرائيل.

وبداية العام الحالي، أعلن وزير الدفاع السابق، عضو الكنيست يوآف غالانت، استقالته من الكنيست، وتطرق إلى موضوع قانون التجنيد الذي كان سبباً في إقالته من منصبه، قائلاً: «في الشهرين الأخيرين منذ إقالتي من منصب وزير الدفاع، سقط أمر ما. الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء ووزير الدفاع تقوم بتسريع قانون التجنيد (الإعفاء) الذي يتعارض مع احتياجات الجيش الإسرائيلي وأمن دولة إسرائيل. لا أستطيع قبول ذلك ولا أستطيع أن أكون شريكاً في ذلك».