دعوات للتصدي لاستغلال الجماعات الإرهابية وسائل الإعلام الجديدة

الزميل الدوسري: الظاهرة تطورت بشكل كبير وأصبحت تطال كل المجتمعات

الزميل سلمان الدوسري وعبد الوهاب بدرخان وهيثم الهيتي وعائشة سلطان في  جلسة «الإنسانية في مواجهة الإرهاب» التي عقدت ليلة أمس في منتدى الإعلام العربي والتي أدارها محمد الطميحي (تصوير: عبد الله رمال)
الزميل سلمان الدوسري وعبد الوهاب بدرخان وهيثم الهيتي وعائشة سلطان في جلسة «الإنسانية في مواجهة الإرهاب» التي عقدت ليلة أمس في منتدى الإعلام العربي والتي أدارها محمد الطميحي (تصوير: عبد الله رمال)
TT

دعوات للتصدي لاستغلال الجماعات الإرهابية وسائل الإعلام الجديدة

الزميل سلمان الدوسري وعبد الوهاب بدرخان وهيثم الهيتي وعائشة سلطان في  جلسة «الإنسانية في مواجهة الإرهاب» التي عقدت ليلة أمس في منتدى الإعلام العربي والتي أدارها محمد الطميحي (تصوير: عبد الله رمال)
الزميل سلمان الدوسري وعبد الوهاب بدرخان وهيثم الهيتي وعائشة سلطان في جلسة «الإنسانية في مواجهة الإرهاب» التي عقدت ليلة أمس في منتدى الإعلام العربي والتي أدارها محمد الطميحي (تصوير: عبد الله رمال)

دعت قيادات إعلامية وخبراء إلى أهمية توحيد جهود الإعلام العربي أمام التحديات الراهنة في المنطقة، خاصة في ظل ما تواجهه دول الوطن العربي من صعاب متمثلة في الاضطرابات السياسية والتنظيمات الإرهابية.
وفي الجلسة الرئيسية التي عُقدت تحت عنوان «الإنسانية في مواجهة الإرهاب» ناقش منتدى الإعلام العربي، في دورته الخامسة عشرة، المرحلة الاستثنائية التي يمر الإعلام العربي بها، حيث أكد المتحدثون أهمية مواجهة الفكر الظلامي بخطاب مستنير، معولين في ذلك على دور المنابر الإعلامية واطلاعها بمسؤولياتها تجاه ما تعانيه الساحة الإعلامية من تشتت.
وناقشت الجلسة عدة محاور، أهمها: وقف استغلال الجماعات الإرهابية لوسائل الإعلام الجديد، وأفضل السبل لتفعيل ذلك، كما تناولت كيفية إعادة القيمة الإنسانية التي غابت عن إعلامنا العربي جراء ما يواجهه من تحديات سياسية وأمنية، كما بحثت في ضرورة إيجاد الرؤية الواضحة التي تُعيد ترتيب الأولويات، والأسباب التي حادت بالإعلام عن دوره الرئيسي كأداة تخدم الإنسانية.
وتحدث في الجلسة، التي أدارها الإعلامي بقناة العربية محمد الطميحي، الزميل سلمان الدوسري رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط»، والكاتب والمحلل السياسي عبد الوهاب بدرخان، وهيثم الهيتي، الباحث والمحلل السياسي، والكاتبة الإماراتية عائشة سلطان. وبدأت الجلسة بتعريف المتحدثين لمفهوم الإرهاب، حيث قال سلمان الدوسري رئيس تحرير «الشرق الأوسط»: «المفهوم المعتمد من قبل الأمم المتحدة، وهو أي عمل إجرامي بهدف سياسي»، مشيرًا إلى أن مفهوم الإرهاب وتعريفه ما زال فضفاضا، خاصة مع تضارب مصالح الدول، وأن تعريفه يأتي تبعًا لحسابات وأجندات سياسية، وهو ما أدى إلى تفشي خطر الإرهاب ليصبح ظاهرة عالمية، وتطور من خلايا إلى جيوش عابرة للحدود.
وأوضح الدوسري: «الكثير من المجتمعات لا تشعر في الوقت الحالي بخطر الإرهاب، كما هو الحال في كل الأزمات التي مر بها العالم من قبل، لكن المجتمع الدولي سيشعر في المستقبل بأننا كنا نمر بـ(حرب عالمية ثالثة) وسيؤرخ لتلك المرحلة فيما بعد»، كما أكد أن التعامل الإعلامي مع الإرهاب تخطى مجرد تغطية الخبر، لأن الظاهرة تطورت بشكل كبير وأصبحت تطال كل المجتمعات، ولا أحد يمكن أن يجزم بأنه في منأى عن الخطر في أي مكان في العالم، وهو ما يعكسه تغير النظرة للإرهاب بعد أن كان البعض يعتقد أنه بعيد عن هذا عنه، وشعر بوجوده وضرورة التصدي له.
وحول مساهمة الإعلام في التسويق للإرهاب وتصدر أخباره الصفحات الأولى للصحف، لفت رئيس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» إلى الفارق بين تغطية الحدث بمهنية، وتجنب الإثارة من خلال نشر صور القتلى والجرحى، وبين التوجه المتعمد لتعميم ما يحدث في إحدى الدول على دول أخرى، مشيرًا إلى ضرورة مواجهة الآلة الإعلامية للتنظيمات الإرهابية، وهي الجزئية التي قال بشأنها أيمن الظواهري إن نصف المعركة تدار على الساحة الإعلامية، ما يستدعي توحيد الجهود والتوصل إلى استراتيجية إعلامية موحدة لمواجهة خطر الإرهاب.
من جهتها أكدت الكاتبة الإماراتية عائشة سلطان على وجود دول تخشى التعريف الصحيح للإرهاب، مخافة أن تطالها اتهامات مباشرة بدعم الإرهاب، وعرفت الإرهاب من وجهة نظرها بأنه حالة إجرامية من جماعات منظمة بهدف سياسي.
وقالت: «تركُّز العمليات الإرهابية في منطقة الشرق أوسط واتهام العالم للمنطقة بأنها المصدر الأول للإرهاب يعود بالأساس إلى نشأة الإرهاب في المنطقة لكن ذلك بمساعدة أطراف خارجية عززت من وجود العناصر الإرهابية وأسهمت في تمدد الظاهرة وانتشارها في العالم»
وعن تغيُر المجتمعات وانتشار الفكر المتطرف، أكدت الكاتبة الإماراتية أن هناك حالة من التطرف أدت بالشباب إلى الانخراط في صفوف التنظيمات الإرهابية وتحديدًا «داعش»، حيث تعرَّض بعضهم لعمليات غسل دماغ أدت إلى اعتناقهم الفكر الظلامي، بينما عانى بعضهم من تربية خاطئة دفعت بهم إلى مواقع التواصل الاجتماعي لاستقاء الفكر الهدام وتبني العنف، لافتة إلى ضرورة مواجهة الفكر بالفكر من خلال مشروع إعلامي يجابه الإرهاب، مستبعدة نجاعة غلق المواقع الإلكترونية أو السيطرة على منصات التواصل الاجتماعي كحل نهائي وحاسم للمشكلة.
ولفت الكاتب عبد الوهاب بدرخان، إلى تستر الجماعات الإرهابية تحت غطاء الدين، وإساءتها إلى صورة الإسلام، موضحًا أن المنطقة تمر بمرحلة حرجة تخطت التحيزّ الغربي للانتهاكات الإسرائيلية، لتدخل في نفق العراق وسوريا المظلم.
وقلل بدرخان خطوة مواجهة الإرهاب من خلال ميثاق إعلامي، مشددًا على أن التنظيمات الإرهابية يجب مواجهتها من خلال منظومة متكاملة يشارك فيها فئات ومؤسسات المجتمع من رجال دين وتربويين وأكاديميين وإعلاميين.
من جانبه أكد هيثم الهيتي أن الإرهاب أصبح يُستخّدم كدعاية ضد الإسلام والمسلمين في كل دول العالم، مشيرًا إلى ضرورة محاربة الفكر المتطرف الذي أنتج الكثير من الجماعات المتطرفة في المنطقة، وذكر الهيتي نتائج استطلاع للرأي قام به لصالح معهد «غالوب» الأميركي في عام 2010، حيث أظهرت نتيجة الاستطلاع أن 80 في المائة من سكان المناطق المحتلة حاليًا من تنظيم داعش كانت تريد انتخاب سياسيين علمانيين، وأن 10 في المائة فقط منهم كانوا مع الفكر المتطرف، مشيرًا إلى رغبة العراقيين حاليًا في البعد عن الطائفية والعيش في سلام وأمان في ظل دولة قانون قوية وآمنة.
ونوّه الهيتي إلى ضرورة أن يتمتع الإعلام بالحيادية في تغطية قضايا الإرهاب، وتحليه بالمهنية الكافية التي تبعده عن الطائفية وتعزيز الفرقة، مؤكدًا انجراف بعض وسائل الإعلام إلى هذا النسق، ما يستوجب البحث عن إطار جامع يتم العمل من خلاله على مواجهة ظاهرة الإرهاب في العالم العربي.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم