لبنان: عرسال تصوّت ضدّ «المستقبل» وتثبت رفضها «التطرّف» لصالح «التغيير»

رئيس لائحة البلدية الفائزة: أولويتنا إنماء المدينة وشعارنا «لا عداء ولا ولاء لأي جهة»

بلدة عرسال شرق لبنان شهدت مصادمات بين الجيش اللبناني ومسلحين أكثر من مرة في السنوات الأخيرة (غيتي)
بلدة عرسال شرق لبنان شهدت مصادمات بين الجيش اللبناني ومسلحين أكثر من مرة في السنوات الأخيرة (غيتي)
TT

لبنان: عرسال تصوّت ضدّ «المستقبل» وتثبت رفضها «التطرّف» لصالح «التغيير»

بلدة عرسال شرق لبنان شهدت مصادمات بين الجيش اللبناني ومسلحين أكثر من مرة في السنوات الأخيرة (غيتي)
بلدة عرسال شرق لبنان شهدت مصادمات بين الجيش اللبناني ومسلحين أكثر من مرة في السنوات الأخيرة (غيتي)

خرقت نتائج الانتخابات البلدية في مدينة عرسال البقاعية كل التوقعات. فهذه المنطقة التي لطالما حاول البعض ولا سيما فريق 8 آذار، وعلى رأسهم ما يسمى «حزب الله» إلصاق تهمة التطرف بها، قالت كلمتها في صناديق الاقتراع يوم الأحد وانتفض أهلها على الواقع مؤكدين توقهم إلى التغيير.
الأرقام التي عكستها الانتخابات، أظهرت بحسب ما يقول مصدر في المنطقة: «توجها عاما لدى أهالي المنطقة نحو التغيير واستياء من النهج السابق الذي أوصل عرسال إلى ما وصلت إليه، محملّين في الوقت عينه المسؤولية إلى (تيار المستقبل) الذي تحسب المنطقة عليه، وهي التي ينتمي أهلها إلى الطائفة السنية، إضافة إلى غياب الدولة عنها».
انطلاقا من هذا الواقع، اتخذت الانتخابات البلدية طابعا تغييريا منذ إعداد اللوائح، وصولا إلى فوز «لائحة عرسال تجمعنا» التي يرأسها باسل الحجيري وتجمع عددا من الشخصيات المستقلة ويساريين، كما لاقت دعما من «الجماعة الإسلامية». وفي حين سجّل وصول سيدّة إلى المجلس البلدي معروفة بتوّجهها اليساري هي ريما الكرنبي، كان لافتا «شبه إقصاء» العرساليين لـ«تيار المستقبل» عن السلطة المحلية في منطقتهم، بخسارة لائحتي «مستقبل عرسال» المدعومة من «التيار» ومن رئيس البلدية السابق علي الحجيري و«عرسال أولاً» التي شكّلها «مستقبليون» معترضون على دعم «التيار» للرئيس السابق ورافضين لإعادة انتخابه عبر اختيار شخصيات مقبولة من مختلف العائلات، بحسب ما يقول مصدر في المنطقة.
ويؤكد رئيس لائحة البلدية الفائزة باسل الحجيري، أنه منذ اللحظة الأولى لاتخاذ قرار خوض المعركة الانتخابية، لم يكن هدف لائحة «عرسال تجمعنا» مواجهة أو تحدي أي طرف آخر ولا سيما سياسيا، ويوضح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» «مشروعنا كان واضحا هو إنماء منطقتنا التي عانت من مشكلات كبيرة طوال الخمس سنوات الماضية، تتّهم بعض الجهات السياسية، لا سيما تيار المستقبل بها، بتشكيلها مظلة للبلدية السابقة ورئيسها علي الحجيري، وبالتالي فإن الأداء السياسي والمحلي في تلك الفترة لم يكن من مصلحة المنطقة المحرومة، بل على العكس انعكس سلبا عليها وعلى أبنائها وأشغالهم». من هنا، يشدّد الحجيري على أنّ الهدف الأساسي لهذه البلدية هو إعطاء الأولوية لإنماء المدينة وتحسين أوضاع أهلها، من دون أن ينفي «أن طريق المجلس البلدي المنتخب ليس سهلا بل فيه الكثير من الألغام»، مؤكدا «لن نحارب أحدا بل سنبقى على مسافة واحدة من الجميع ولا سيما الأحزاب منها»، شعارنا هو «لا عداء ولا ولاء لأي جهة، وخطوطنا مفتوحة للتعاون مع الجميع لإنماء عرسال».
وبعدما كان البعض قد عبّر عن شكوكه في إمكانية إنجاز الاستحقاق الانتخابي في عرسال، خوفا من وقوع أحداث أمنية، رأى الحجيري أن حصول الانتخابات والأجواء التنافسية السلمية التي رافقتها، أكدت عدم صّحة الشائعات والاتهامات التي كانت تلصق بالمدينة وبأبنائها وبأن معظمهم مطلوبون للعدالة وإرهابيون، مضيفا: «الانتخابات البلدية وما أثبته أهل عرسال قد تؤسس لمرحلة جديدة تنعكس إيجابا على عرسال وأهلها».
وشكّلت بحسب الحجيري، نسبة المشاركة المرتفعة في الانتخابات، صدمة إيجابية في المدينة، بحيث وصلت للمرّة الأولى إلى 58 في المائة بعدما لم تكن تتخطى في مرات سابقة الـ35 في المائة، وذلك لأسباب عدّة منها، تعدّد اللوائح المتنافسة، حماسة العرساليين للتغير وإخراج مدينتهم من الأوضاع التي يعيشون في ظلّها. وفي حين لا ينفي صعوبة الوضع، ولا سيما المشكلات المتعلّقة بوضع اللاجئين السوريين، الذين يقدّر عددهم بنحو مائة ألف لاجئ، أشار إلى أن إيجاد حلول لهذه القضية لا بد أن يتم بالدرجة الأولى مع الدولة اللبنانية وبالدرجة الثانية مع اللاجئين أنفسهم، أي المدنيين: «لأننا لن نتواصل مع المسلحين»، بحسب تأكيده، وذلك بهدف تنظيم وجودهم وتجمعاتهم السكنية.
مع العلم، أنه ومنذ بدء الأزمة السورية عام 2011، عانت عرسال ولا تزال من تداعيات الأحداث، وهي الواقعة على الحدود الشرقية، بحيث شكّلت ملجأ رئيسيا للاجئين ووجهة لعدد كبير من المعارضين السوريين، وهو الأمر الذي أدّى إلى استغلال بعض الأفرقاء السياسيين هذا الواقع، متّهمين أهلها بإيوائهم ومدّهم بالسلاح، وهو ما أشار إليه أمين عام ما يسمى «حزب الله» حسن نصر الله، معتبرا كذلك أنّ المعركة في عرسال وجرودها ومخيمات اللاجئين فيها، هي جزء من معركة طرد المسلحين من القلمون الغربي (عند الحدود بين البلدين).
وكانت أحداث عرسال التي وقعت في شهر أغسطس (آب) 2014 نتيجة لهذا الواقع، بحيث وقعت مواجهات بين الجيش اللبناني ومسلحين سوريين ومتطرفين، نتج عنها سقوط عدد من القتلى والجرحى في صفوف الجيش، إضافة إلى معتقلين لدى جبهة النصرة و«داعش»، أفرجت الجبهة عنهم في نهاية العام الماضي فيها لا يزال مصير الموجودين لدى التنظيم مجهولا.
وكان لوزير الداخلية، نهاد المشنوق الذي زار عرسال متفقدا، يوم الانتخابات البلدية، موقفا في هذا الإطار، قائلا إن «خير أهالي عرسال وجميلهم على كل لبنان لأنهم يحملون أكبر الأثقال من النازحين السوريين»، مؤكدا أن الدولة موجودة داخل عرسال، لكن هناك ظروفا أمنية تتطلب أحيانا الانسحاب في وقت ما والعودة بعده، وتصرف الأهالي اتجاه الانتخابات والتصويت يلزم الدولة أكثر وأكثر أن تكون مسؤولة عن عرسال بكل المعاني.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.