يافطة ضخمة ضد عباس تثير أزمة جديدة

حماس تصر على أنه يشارك في الحصار.. وفتح تدعو إلى التصدي

يافطة ضخمة ضد عباس تثير أزمة جديدة
TT

يافطة ضخمة ضد عباس تثير أزمة جديدة

يافطة ضخمة ضد عباس تثير أزمة جديدة

تسببت يافطة كبيرة نصبتها حركة حماس في قطاع غزة منذ يومين، تتهم من خلالها الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، بالتسبب بحصار قطاع غزة ووفاة الأطفال فيه محترقين، بأزمة جديدة بين حركة فتح وحماس، مما يهدد فرص عقد لقاءات جديدة للمصالحة.
وقال المسؤول في حركة فتح، فيصل أبو شهلا، إن «هذا تصرف سيئ ومسيء». وأضاف - بحسب ما نشرت مواقع محلية في غزة - على لسانه، أن «هذا التصرف محاولة للهروب من المسؤولية، ومحاولة لإلصاق التهم بالغير. حماس هي المسؤولة عن قطاع غزة، وعن شركة الكهرباء، والبطالة والفقر، والجميع يعرف أنها هي التي تحكم قطاع غزة».
ووصف أبو شهلا وضع اليافطة، بتصرف لا يخدم المصالحة الوطنية ويعطلها. وقال إن «رفع اليافطات ضد الرئيس محمود عباس، هي محاولة للهروب، وسنبلغ حماس برفضنا هذا الموقف».
وتضع حماس وسط مفترق السرايا في غزة، يافطة ضخمة تحمل صورة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ورئيس وزرائه رامي الحمد الله، إلى جانب جثث أطفال متفحمة وكتب عليها «دماؤنا في أعناقكم».
ورفعت الصورة بعد تنظيم مسيرات ضخمة ضد عباس، تحمله مسؤولية حصار قطاع غزة وقطع الكهرباء عنها، إثر وفاة 3 أشقاء السبت الماضي، محترقين بنيران الشموع التي يستخدمها أهالي غزة بديلا للكهرباء المقطوعة عنهم معظم الوقت.
وكانت حادثة مصرع الأطفال الأشقاء أثارت جدلا كبيرا في الشارع الفلسطيني، وأشعلت حرب الاتهامات بين السلطة وحماس عن المسؤول عن حياة الناس في القطاع.
واتهم رئيس حماس في غزة، إسماعيل هنية، السلطة الفلسطينية ورئيسها بالمشاركة في حصار غزة، وبرفض مشاريع تقدمت بها جهات مختلفة لإنهاء أزمة الكهرباء بشكل كامل في القطاع، أو تحسينها. ورد أسامة القواسمي، الناطق باسم فتح، بقوله إن حماس تتحمل المسؤولية عن الوضع الإنساني الصعب الذي يعاني منه سكان القطاع، متهما الحركة بمنع الحكومة من العمل في القطاع، وجباية أموال الكهرباء والضرائب لصالح عناصرها، من دون الاكتراث لمعاناة المواطنين واستغلالها كمية كبرى من الكهرباء لصالح قياداتها دون دفع أي ثمن مقابل ذلك.
وحتى أمس استمر تفاعل الأزمة وسط استمرار تبادل الاتهامات. وأعلنت حركة حماس أمس، موافقتها على المبادرة الصادرة عن شبكة المنظمات الأهلية، التي تدعو إلى تشكيل هيئة وطنية لإدارة ملف الكهرباء في قطاع غزة بشكل كامل.
ودعت الحركة، في بيان للمتحدث الرسمي باسمها سامي أبو زهري، إلى وضع هذه الفكرة موضع التنفيذ. وقال أبو زهري إنه لا علاقة لحركته مطلقًا بشركة الكهرباء، وإن بإمكان «أي لجنة وطنية إدارة الشركة وتحمل مسؤولياتها».
وأضاف: «قد سبق للحركة في لقاء الفصائل مع الدكتور عمر كتانة (مسؤول الطاقة)، أن أكدت أنها لا تمانع أن تتسلم سلطة الطاقة في رام الله ملف الكهرباء بالكامل، على أن تتحمل مسؤولية علاج أزمة الكهرباء، وتوفير ما يلزم منها للجمهور».
وكان مدير شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أمجد الشوا، قد اقترح تشكيل هيئة وطنية صاحبة قرار وبتوافق الجميع لإدارة ملف الكهرباء في قطاع غزة، ابتداء من محطة التوليد والخطوط «الإسرائيلية»، وصولا إلى شركة التوزيع، ويتم تسليمها كل الملفات وتعمل من دون تدخل من أي طرف.
وأصدرت كتلة فتح البرلمانية بيانا، أمس، دعت فيه جميع القوى والفصائل والفعاليات الوطنية، إلى توحيد جهودها من أجل التصدي «لسياسة التمرد والانقسام، التي تتبعها حركة حماس في التعامل مع القضايا الوطنية وهموم ومصالح شعبنا».
وقالت كتلة فتح البرلمانية، في بيان صحافي، إن «مأساة وفاة ثلاثة أطفال من عائلة الهندي جاءت نتيجة استخدام الشموع في ظل انقطاع الكهرباء المتكرر معظم الوقت في قطاع غزة، نتيجة التدمير الإسرائيلي محطات التوليد وخطوط توزيع الكهرباء، واستمرار الحصار وتعثر إعادة الإعمار، بسبب الانقسام الذي تعمل حماس على استمراره وإحباط الجهود المبذولة منذ سنوات لإنهائه».
وأضافت في البيان: «إن ميليشيات حماس المسلحة تمنع حكومة الوفاق الوطني من القيام بأعمالها في قطاع غزة، وتسطو على المال العام، بما فيها الضرائب والرسوم وثمن الكهرباء لمكاتبها ومنازل قادتها، وتتصرف كأن قطاع غزة إمارة قائمة بذاتها وليست جزءا من دولة فلسطين».
وأشارت إلى أن «حماس تتحدث وتسعى من خلال ما تمتلكه من وسائل إعلام مرئية ومسموعة ومقروءة، إلى تجزئة شعبنا والفصل بين محافظاته الشمالية والجنوبية، سياسيا واقتصاديا، كما يتحدث قادة التمرد من حماس عن مشروع بناء ميناء لدولة فلسطين في غزه كأنهم في عالم آخر لترسيخ الانقسام، ويسعون للابتزاز المالي والسياسي لتلبية مطالبهم وليس احتياجات أبناء شعبنا في قطاع غزه».
وتابعت كتلة فتح: «لقد حان وقت الحقيقة بإنهاء الانقسام وتوحيد جهود وطاقات شعبنا والتصدي للانقساميين، الذين يعقدون الصفقات مع الاحتلال الإسرائيلي، ويضللون شعبنا والرأي العام بكلمة المقاومة». وأردف البيان: «يجب وضع حد لمعاناة أهلنا في قطاع غزة، وتصحيح المسار الوطني من خلال تعزيز الوحدة الوطنية ونظامنا السياسي، حتى نستطيع القيام بالأعباء المطلوبة في التنمية والبناء والتصدي للاحتلال، وتجسيد قيام دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.