رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع

السراج قال لـ«الشرق الأوسط» إن استمرار حكومة الثني يعد عبثًا بمقدرات الشعب

رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع
TT

رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع

رئيس المجلس الرئاسي الليبي: قطعنا شوطًا لحل الأزمة.. والاتفاق السياسي يستوعب الجميع

طالب فايز السراج، رئيس المجلس الرئاسي الليبي ورئيس الوزراء، عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب، وأعضاء المجلس بتحمل مسؤوليتهم التاريخية، وعقد جلسة لأداء حكومة الوفاق الوطني اليمين الدستورية لتتمكن من تفعيل دورها على الأرض، مؤكدًا أن المجلس الرئاسي يعمل على توسيع قاعدة المشاركة السياسية، والتصدي للجماعات الإرهابية، وشدد السراج الذي يزور القاهرة حاليًا على أن المجلس يعمل على استيعاب أعضاء الجماعات المسلحة، ما بين العمل في مؤسسات الشرطة والجيش والمؤسسات المدنية.
وقال السراج في حوار خاص مع «الشرق الأوسط» إن التاريخ سوف يُحمّل عقيلة صالح مسؤولية قضايا كثيرة في مرحلة تاريخية فارقة من حياة الشعب الليبي، مؤكدا خلو العاصمة طرابلس من أي وجود لعناصر تنظيم داعش الإرهابي. وانتقد السراج ما يسمى بحكومة عبد الله الثني، مشيرا إلى القرار الصادر من مجلس الأمن الذي يرفض التعامل مع أي كيان آخر غير المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق، ومؤكدا أن استمرار حكومة الثني يعد عبثا بمقدرات الشعب الليبي.
وفيما يلي أهم ما جاء في الحوار:
* تحدثت في جامعة الدول العربية عن ثلاثة ملفات تمثل أولوية بالنسبة لكم حاليا، وهي مكافحة الإرهاب، ومصير الأموال الليبية المجمدة، وملف الهجرة غير الشرعية، فكيف تعتزم حكومتك التعامل مع هذه الملفات؟
- بداية لا بد من حصول الحكومة على ثقة البرلمان، وأن تكون الحكومة فاعلة على الأرض، لأنه دون ذلك لا نستطيع مكافحة الإرهاب، وكذلك إنجاز أي تقدم على صعيد الملفات الأخرى، خاصة التنمية والإصلاح، والخروج من دائرة الخطر وصولا إلى بر الأمان.
* وما الأسباب التي تعطل منح البرلمان الثقة إلى حكومة الوفاق الوطني؟
- الحكومة تشكلت بالفعل ولديها الثقة، ولكن يلزمها أداء اليمين الدستورية أمام البرلمان، وسبق أن قدمنا للبرلمان تشكيل الحكومة الأولى ثم الثانية، ولكنه لم يرد علينا حتى الآن لا بالسلب ولا بالإيجاب، وقد وقعت أحداث في مجلس النواب، ولم يتمكن من عقد جلسة لمناقشة منح الثقة للحكومة، وما تم هو صياغة بيان وقع عليه 103 نواب بالموافقة، ثم حدثت عدة مواقف بعدها أدت إلى فقدان الثقة بين أعضاء مجلس النواب وأعضاء المجلس الرئاسي، وبالتالي نحن على اتصال بهم، خاصة النائبين الأول والثاني لرئاسة المجلس من أجل الخروج من هذه الأزمة، لأنه على الرغم من تشكيل الحكومة نحاول تفعيل الوزارات، وتمكينها من استلام مهامها، ومباشرة العمل لأن التعامل مع الأزمات يحتاج إلى وزارات تعمل، ولجان تتابع التنفيذ، وتفعيل الكثير من مؤسسات الدولة لمواجهة كل الأزمات سواء الاقتصادية والسياسية والأمنية.
* قد يعزو البعض عدم منح الثقة لحكومة الوفاق إلى مخاوف وشكوك لدى البعض مما يقولون إنه اختراق الغرب لهذه الحكومة في لحظة لا تتحمل منطق الإملاء، كما أن هناك من يعتبر أن ملف المصالحة مع النظام السابق يعد عائقا أيضا أمام عمل الحكومة؟
- منذ الخطاب الأول لنا، وفور دخولنا طرابلس طرحنا مجموعة محاور أساسية للرد على المتشككين، الذين راهنوا على صعوبة دخولنا لطرابلس، والجميع شاهد مدى الترحيب بالمجلس الرئاسي على اعتبار أنه يساهم في حل المشكلات الاقتصادية وتخفيف المعاناة، وعودة النازحين لبيوتهم ومكافحة الإرهاب، ووضع حلول للتجاوزات والاختراقات الأمنية التي تنتشر في بعض المناطق، كما نحاول العمل على لم شمل الليبيين وتوحيد المؤسسات، وبالتالي نحن مع المصالحة، ومصلحة كل أبناء الشعب الليبي لإنقاذ البلاد وضمان تجاوزها مخاطر المرحلة.
* من الذي يعطل، في تقديرك، أداء الحكومة القسم الدستوري أمام البرلمان؟
- حلف اليمين كما هو متعارف عليه يتم أمام المؤسسة التشريعية، وقد تعثر من قبل، وهذا أدى إلى تأخر مباشرة الوزراء لعملهم والقيام بمهامهم؟
* بصراحة هل الذي يعطل هذه الإجراءات هو رئيس البرلمان عقيلة صالح، كما يقول البعض؟
- أعتقد أن التاريخ سوف يحمل عقيلة صالح مسؤولية قضايا كثيرة، خاصة خلال هذه المرحلة التاريخية والفارقة من حياة الشعب الليبي وبحثه عن الاستقرار والحل السياسي، ويجب أن نتوقف عن هذه المناورات السياسية لأن كل هذا ليس في مصلحة ليبيا وشعبها، وما يحدث حاليا هو عبث سياسي ويضر بالشعب ويمثل وقودا لاستمرار الأزمة الليبية.
* ما رسالتك إلى رئيس البرلمان؟
- رسالتي له ولأعضاء مجلس النواب هي ضرورة أن يتحملوا المسؤولية، لأن هذه الحكومة هي حكومة لكل الليبيين. ونحن نعمل على توسيع قاعدة المشاركة السياسية، لأن التحديات كبيرة وتحتاج إلى كل الجهود، كما ندعو مجلس النواب لأن يمارس دوره الطبيعي، ونحن حريصون على تماسك مجلس النواب لأن لديه استحقاقات أخرى تحتاج لجهوده.
* هل للبرلمان الليبي شروط أو مطالب لتجاوز الخلافات؟ وهل لديك رؤية لإنهاء الخلاف؟
- طبيعة المرحلة تفرض على الجميع الابتعاد عن فرض الشروط، وأي شخص وطني ولديه فكر عقلاني يجب أن يتسم بالمرونة للخروج من الأزمة.
* هل هناك خلافات محددة هي التي تضعكم في معسكرين المجلس الرئاسي من جهة، والبرلمان في جهة أخرى؟
- كل مجموعة لديها رؤية مختلفة عن الآخر، وعلى سبيل المثال فبالنسبة لموضوع الاتفاق السياسي الذي وقع في الصخيرات فقد تحدثنا معهم حول حلول تنطلق من أرضية هذا الاتفاق السياسي، وأي شيء آخر خاص بالمجلس الرئاسي نحن على استعداد للتجاوب معه وطرح وزارة جديدة، وإلغاء وزارة، وليس لدينا حق في إعادة الاتفاق السياسي أو تغيير أي من بنوده.
* هل يمكن للمبعوث الأممي مارتن كوبلر إنجاز الاتفاق السياسي خلال الأسابيع المقبلة؟
- الأمم المتحدة راعية للاتفاق، وقد بذلت جهدا كبيرا عن طريق البعثة الأممية، وكثير من الدول تدعم الاتفاق منذ البداية، وكوبلر يبذل مساعي بين أطراف الحوار، شرقا وغربا وجنوبا، لإيجاد مخرج وحلول للأزمة، بالإضافة إلى أطراف أخرى محلية وبعض الدول في المجتمع الدولي، والجميع يحاول البحث عن آليات لتنفيذ الاتفاق.
* لكن الملاحظ هو أنه كلما بدا أن الوضع الليبي أصبح على وشك أن يسير خطوة للأمام نجده يتراجع على أثر ذلك خطوات إلى الخلف.. ما سبب ذلك؟
- لا نريد العودة إلى الخلف، وقد تجاوزنا الأمور الأصعب، واتخذنا الكثير من الخطوات الإيجابية، وتم توقيع الاتفاق السياسي، وتم اعتماده في مجلس النواب، وهذه النقطة مهمة جدا، ويجب أن يستوعبها الجميع، بمن في ذلك المعارضون.
* هل هناك وقت محدد تتوقع فيه أن نشهد أداء للحكومة اليمين أمام مجلس النواب، وهل تتوقع أن يتم ذلك في المنظور القريب؟
- أتوقع ذلك، ونحن نتواصل مع مجلس النواب، ونأمل أن تعقد جلسة في القريب العاجل لأداء اليمين بعد الحصول على الثقة من خلال بيان النواب المائة وثلاثة.
* رئيس مجلس النواب عقيلة صالح التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، وأنت التقيت الرئيس السيسي أيضا.. هل هناك إذن وساطة مصرية لتقريب وجهات النظر وتقليص مساحات الخلاف؟
- كان لقائي مع الرئيس عبد الفتاح السيسي إيجابيا جدا، وهو داعم بقوة للاتفاق السياسي ولحكومة الوفاق الوطني، وخطابنا لكل الدول العربية والصديقة هو أن يكون لهم دور إيجابي وتوفيقي بين الأطراف الليبية، ونحن نتفق أيضا على أن كل جهود المصالحة الوطنية يجب أن تكون من خلال المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق الوطني.
* تقصد المصالحة مع النظام القديم وبعض قياداته الموجودة في مصر وتونس، وبعض العواصم الأخرى؟
- أقصد المصالحة بين كل أبناء الشعب الليبي، والمصالحة الوطنية هي أحد المرتكزات الثلاثة التي يقوم عليها برنامج المجلس الرئاسي وهذه المرتكزات هي الأمن، والاقتصاد، والمصالحة والوطنية.
* وهل بدأت خطوات المصالحة الوطنية؟
- قمنا باتصالات مع أبناء ليبيا، ونحن نتواصل مع المشايخ والقبائل والشخصيات الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني.
* وماذا عن النظام القديم؟
- تم التواصل مع الموجودين خارج ليبيا وحتى من يوجد في مصر.
* تردد أن بعض قيادات الجيش التي كانت تعمل في الجيش الليبي من النظام السابق انضمت مؤخرا إلى الجيش الوطني الليبي للانخراط في مكافحة الإرهاب. ما مدى صحة ذلك؟
- بصفة عامة المؤسسة العسكرية تحاول بناء قوتها وتفعيل عملها على أسس صحيحة، ونحن لا نتحدث عن شخصنة المؤسسة العسكرية، وإنما عن دورها كمسؤولة عن تأمين البلاد ومكافحة الإرهاب، وحتى برنامج مكافحة الإرهاب الذي أعده المجلس الرئاسي سيكون مشروعا وطنيا وسينفذ بسواعد ليبية.
* ماذا عن علاقتكم مع الفريق خليفة حفتر، خاصة وأن لديه تحفظات على مشروع المبعوث الأممي كوبلر؟
- لن أجيب على الجزء الخاص بالفريق والمبعوث الأممي، لكن فيما يخص العلاقة مع الفريق حفتر فقد حدث بيننا لقاء صريح منذ ثلاثة أشهر تقريبا، وكانت جلسة مصارحة ناقشنا فيها الكثير من الموضوعات المهمة، وكان هناك توافق على أهمية بناء المؤسسة العسكرية بقوة وبسواعد ليبية وضرورة مكافحة الإرهاب، وعلى أن نتوافق على كل المجالات السياسية والعسكرية وكل برنامج المجلس الرئاسي.
* كيف تصف لنا الوضع في ليبيا الآن؟ وهل انتهت ما يسمى بحكومة عبد الله الثني أم أنه ما زال يمارس دوره كرئيس لحكومة موازية؟
- حكومة عبد الله الثني موجودة كأفراد في مدينة البيضة، وأتمنى أن يعيدوا النظر في مواقفهم وتغليب المصلحة الوطنية، لأن وجود الكيانات الموازية واستمرارها في العمل يربك المواطن، وأعتقد أن مجلس الأمن واضح في قراره بعدم التعامل مع هذا الوجود الموازي، وأن استمراره يدخل ضمن العبث بمقدرات الليبيين.
* دخلت إلى العاصمة الليبية طرابلس، رغم وجود مظاهر تشير إلى عدم السيطرة على المدينة، التي توجد بها تنظيمات تابعة لدول خارجية.. كيف ترون ذلك؟
- كما هو معروف نحن دخلنا طرابلس على متن زورق سدادة الليبي، وهو تابع للبحرية الليبية التي نعتبرها فخرا للجميع، وقد وصلنا إلى القاعدة البحرية في طرابلس دون إراقة أي نقطة دم، واستقبلتنا جماهير حاشدة وسط تفاؤل بعودة الحياة إلى طبيعتها. ومن جانبنا نحاول ترجمة هذا الترحيب لتنفيذ مكاسب حقيقية يشعر بها المواطن الليبي، أما بالنسبة للوضع الأمني في طرابلس فهو هادئ.. بالتأكيد هناك بعض المخاوف من وجود بعض التنظيمات الإرهابية هنا أو هناك، وقد تكون هناك خلايا نائمة، لكن بشكل عام الوضع الأمني أفضل من ذي قبل.
* يتردد أن عددا من التنظيمات المسلحة الموجودة في طرابلس ممولة من الخارج. فهل تؤكد صحة ذلك؟
- المجلس الرئاسي والحكومة مهتمان ببناء الوطن مع كل أبناء الشعب الليبي، والخطاب الذي تحدثنا به منذ البداية هو وجوب استيعاب الجميع في مؤسسات الجيش والشرطة، وفق ضوابط معينة ومعايير محددة جدا، ومن لا يرغب، في الاستمرار بالعمل العسكري يذهب للعمل المدني خاصة وأن الكثير منهم أبدى رغبته في ذلك، البعض قال إنه تعب من العمل العسكري ويرغب في حياة عادية، وهناك من يحاول استكمال تعليمه، وبدورنا سوف نتجاوب مع جميع الرغبات.
* هل تسلمت مقر الوزارات في طرابلس؟
- بالفعل تم تسلم عدد من مقررات الوزارات، فيما يجري تأمين باقي المقرات الأخرى تحت حماية وزارة الداخلية، وكل ما يتردد عن سطوة وسيطرة ميليشيات على الوزارات الحكومية عار تماما عن الصحة.
* بعض التقارير أشارت إلى انتقال عناصر من «داعش» مقبلة من سوريا والعراق إلى ليبيا. ما مدى صحة ذلك؟
- التطرف والإرهاب يتمددان في مناطق كثيرة، وتنظيم داعش موجود في ليبيا بسبب الفراغ الأمني، وعدم وجود مؤسسات الدولة الفاعلة، لكن في طرابلس لا يوجد تنظيم داعش.. قد تكون هناك خلايا نائمة، وكما نعرف فالتنظيم موجود في مدينة سرت ومصراتة، وبوابة أبوغرين، وقد شكلنا غرفة عمليات عسكرية خاصة بين مصراتة وسرت، مهمتها تنظيف هذه المدن والمواقع من تنظيم داعش.
* هل تم حسم قضية وجود سفارتين لليبيا في مصر؟ ألا ترى في ذلك تعطيلا وإرباكا للعمل الدبلوماسي؟
- لقد تم الحديث مع وزارة الخارجية المصرية، وقريبا سيتم وضع حد لهذا الإرباك الحاصل بالفعل، لأنه يجب أن تكون هناك سفارة واحدة وقائم بالأعمال مؤقت، حتى يتم تعيين سفير، وقد قمنا بإبلاغ الخارجية المصرية بهذا الخصوص، وهذا في مصلحة تطوير العلاقات المشتركة، وكذلك بالنسبة لليبيين الموجودين في مصر.
* ما الدعم المطلوب من الدول العربية لليبيا حاليا؟
- المطلوب أن تمر أي مبادرات عربية سياسية من خلال المجلس الرئاسي الليبي حتى نتمكن من بناء الدولة على أساس يخدم العملية السياسية في لليبيا، انطلاقًا من الاتفاق الذي دعمته الأسرة الدولية والعربية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم