توجيه الاتهام بالقتل العمد لطالب معارض بعد احتجاجات طلابية في الخرطوم

النيابة لم تكشف هوية القتيل أو ملابسات الاتهام وما زالت تحت التحقيق

توجيه الاتهام بالقتل العمد لطالب معارض  بعد احتجاجات طلابية في الخرطوم
TT

توجيه الاتهام بالقتل العمد لطالب معارض بعد احتجاجات طلابية في الخرطوم

توجيه الاتهام بالقتل العمد لطالب معارض  بعد احتجاجات طلابية في الخرطوم

وجهت سلطة النيابة بالسودان اتهامًا بالقتل العمد لطالب جامعي، على خلفية الاحتجاجات الطلابية التي شهدتها جامعة الخرطوم كبرى الجامعات السودانية الشهر الماضي، دون أن تكشف عن هوية القتيل أو مكان الجريمة لهيئة الدفاع أو ذوي الطالب المتهم.
وقال حزب المؤتمر السوداني المعارض، الذي ينتمي له الطالب بجامعة الخرطوم عاصم عمر حسن أمس، إن نيابة الخرطوم شمال وجهت للطالب المعتقل على خلفية الاحتجاجات التي شهدتها جامعة الخرطوم أخيرًا، تهمة القتل العمد دون أن تحدد لذويه أو محاميه القتيل حتى أمس.
واعتقل الأمن السوداني الطالب المنتمي لمؤتمر الطلاب المستقلين الذراع الطلابية لحزب المؤتمر السوداني الثالث من مايو (أيار) الجاري من أمام جامعة الخرطوم واقتاده إلى مقر أمني، ثم أحاله لقسم الشرطة ودون في مواجهته بلاغًا تحت المادة 139 من القانون الجنائي السوداني الأذى الجسيم، ثم أبلغت شرطة القسم أمس فريق المحامين المدافع عنه بأن لائحة الاتهام تعدلت إلى المادة 130 القتل العمد.
وقال المتحدث باسم الحزب المحامي محمد حسن عربي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أبلغت الشرطة الأحد هيئة الدفاع المكونة من خمسين محاميًا بأن الطالب المحتجز لديها يواجه تهمة القتل العمد»، وأوضح أن مكان عضو حزبه ظل مجهولاً طوال الفترة التي سبقت تحويله إلى قسم الشرطة.
وكشف مسؤول الإعلام في الحزب رفض الشرطة إبلاغ هيئة الدفاع بحيثيات البلاغ ومن هو القتيل الذي يواجه الطالب تهمة قتله، كما رفضت طلب هيئة الدفاع التي يترأسها المحامي نبيل أديب بمقابلة المتهم.
ووصف عربي الوضعية القانونية للطالب بأنها مرتبكة بقوله: «هذا وضع قانوني مثير للقلق ومعيب»، ما يزيد من المخاوف على سلامته. وأكد عربي براءة الطالب وبراءة حزبه من ممارسة أي أعمال عنف طوال تاريخه، ووصف الاتهام بأنه محاولة أمنية لتشويه العمل السلمي المعارض، مطالبًا بالسماح لهيئة الدفاع وعائلة الطالب بمقابلته، وتمليكهم المعلومات عن الحادثة التي يواجه فيها الاتهام بالقتل.
وتطالب لجنة التضامن السودانية، وهي منظمة مدنية معنية بالدفاع عن الضحايا والتضامن مع ذويهم، بإطلاق سراح العشرات من الطلاب وخريجي الجامعات أو تقديمهم لمحاكمة عادلة، وما يزالون قيد الاعتقال التحفظي على خلفية أحداث الاحتجاجات الطلابية، وأن أعدادهم تتزايد يوميًا.
ولا تعد الاتهامات الموجهة لطالب جامعة الخرطوم الأولى من نوعها، إذ شهدت الساحة السياسية السودانية اتهامات مشابهة لطلاب معارضين بقتل طلاب منتمين للحزب الحاكم، ففي فبراير (شباط) 2007 واجه عشرة طلاب اتهامات بقتل طالب منتمٍ للحزب الحاكم برأتهم المحكمة من الاتهام بعد أن قضوا أكثر من عام رهن الحبس.
كما اتهم طالب بجامعة الجزيرة وسط البلاد بقتل طالب منتمٍ للحزب الحاكم، وحكمت عليه محكمة بالإعدام، لكن محكمة الاستئناف نقضت الحكم، والقضية ما تزال قيد النظر لدى المحكمة العليا.
ويخضع طالب بجامعة شرق النيل للحكم بالسجن لخمس سنوات، بعد أن أدانته محكمة بالقتل شبه العمد، فيما لا تزال أحداث القضية التي شهدتها جامعة القاهرة فرع الخرطوم ثمانينات القرن الماضي والتي اتهم فيها طلاب يساريين بقتل طالبين منتميين للحركة الإسلامية ماثلة، وتثار بين فينة وأخرى، رغم من أن المحكمة برأت المتهم بالقتل وقتها، ولأسباب سياسية لاحقة يثير منتمون للحزب الحاكم سيرة تلك القضية محاولين إلصاق الاتهام بالأمين العام للحركة الشعبية – الشمال ياسر عرمان، على الرغم من أنه لم يكن متهمًا في تلك القضية بادئ الأمر.
وتشهد الجامعات السودانية مظاهرات واحتجاجات إثر إعلان الحكومة السودانية نيتها في تفكيك ونقل وبيع جامعة الخرطوم أقدم الجامعات السودانية، ونقلها من وسط المدينة إلى ضاحية سوبا جنوبي الخرطوم.
ولم يفلح النفي الرسمي للمعلومات التي ترددت ببيع الجامعة في تهدئة الطلاب، بل توسعت الاحتجاجات إثر مقتل طالب بجامعة كردفان، وآخر بجامعة أم درمان الأهلية الشهر الماضي.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.