تعطل ثالث لجلسة مجلس الوزراء العراقي.. وواشنطن تتعهد بعودة الأكراد لبغداد

الجبوري يختتم لقاءاته مع القيادات في السليمانية

صورة من وسط بغداد التي تعاني شللًا حكوميًا إثر عدم القدرة على عقد جلسة مجلس الوزراء (أ.ب)
صورة من وسط بغداد التي تعاني شللًا حكوميًا إثر عدم القدرة على عقد جلسة مجلس الوزراء (أ.ب)
TT

تعطل ثالث لجلسة مجلس الوزراء العراقي.. وواشنطن تتعهد بعودة الأكراد لبغداد

صورة من وسط بغداد التي تعاني شللًا حكوميًا إثر عدم القدرة على عقد جلسة مجلس الوزراء (أ.ب)
صورة من وسط بغداد التي تعاني شللًا حكوميًا إثر عدم القدرة على عقد جلسة مجلس الوزراء (أ.ب)

تحولت الأزمة السياسية إلى شلل تام أصاب كل مقومات العراق، رغم المساعي المبذولة داخليًا وخارجيًا للوصول إلى حلول وسط لها.
وفشل مجلس الوزراء العراقي في عقد جلسته المقررة، أمس الأحد، بسبب عدم اكتمال النصاب، والإشكالية القائمة بين الوزراء المستقيلين والمقالين والمصوت عليهم داخل البرلمان، والذين لم يؤدوا القسم بسبب الأزمة السياسية التي أعقبت جلسة التصويت.
وكان مجلس الوزراء العراقي لم يتمكن من عقد جلسته المقررة الثلاثاء الماضي، حيث كان التبرير الذي قدمته الحكومة كون الثلاثاء الماضي كان يوم عطلة رسمية في البلاد، بينما عقد في اليوم نفسه مجلس الأمن الوطني.
كما لم يتمكن من عقد جلسته الخميس الماضي، بسبب عدم اكتمال النصاب، وهو ما تكرر أمس الأحد.
لكن خبيرًا قانونيًا عزا سبب عدم انعقاد جلسة مجلس الوزراء بسبب الحاجة إلى النصاب لاتخاذ قرارات لا يطعن بشرعيتها أمام المحكمة الاتحادية.
وأكد سياسي عراقي طلب عدم الكشف عن هويته أن اللاعب الخارجي عاد للعمل بقوة في العراق اليوم، من أجل عدم وصول الأمور إلى نقطة اللاعودة، وهو من غير المسموح به بالنسبة للأميركان والإيرانيين.
وأشار السياسي إلى أن طهران بدأت تمارس ضغوطا على القيادات والفصائل المسلحة الشيعية التي نزلت مسبقا بعناصرها وأسلحتها إلى الشارع الأسبوع الماضي في بغداد، بعد اقتحام البرلمان من قبل أنصار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مما أظهر تفوق الصدر على ما عداه، وهو ما أدى إلى نزول فصائل أخرى لغرض إحداث التوازن».
وأضاف: «لكن الإيرانيين ضغطوا باتجاه عدم حصول مواجهة شيعية - شيعية، وهو ما تبين من خلال الاعتذار الذي قدمته سرايا الخراساني إلى الصدر وأنصاره».
ويشير مراقبون إلى أن زيارة رئيس البرلمان سليم الجبوري إلى إقليم كردستان جاءت بدعم أميركي، حيث تعهد الأميركان بإعادة النواب والوزراء الكرد إلى بغداد، بعد أن أعلنوا مقاطعتهم جلسات البرلمان والحكومة، بسبب التداعيات التي أعقبت اقتحام البرلمان، بالإضافة إلى رفضهم إجراء أي تغيير في وزرائهم بالحكومة».
من جهته، علق إبراهيم الصميدعي السياسي العراقي المستقل المختص القانوني بالقول: «بخلاف الجدل الدائر في الأوساط السياسية والقانونية في العراق بشأن ما يمكن أن يترتب على عدم عقد جلسات مجلس الوزراء، واحتمال الحكومة تتحول إلى تصريف أعمال أو مستقيلة، فإنه لا يوجد في الدستور العراقي ما يشير إلى ذلك، بل إن الوزارة تبقى قائمة حتى لو بقي رئيس الوزراء ووزير واحد».
وتبرز الإشكالية في الحاجة إلى نصاب كامل لعقد جلسة مجلس الوزراء في أن مجلس الوزراء يصدر قرارات وهي تحتاج إلى أغلبية داخل المجلس، «وإلا فإنها تتعرض للطعن أمام المحكمة الاتحادية»، بحسب المختص القانوني.
وفي تفسير الشلل الحالي الذي تشهده الحكومة، قال الصميدعي: «لدينا أزمة في السلطة التنفيذية تتمثل في عدد من الوزراء ممن قدموا استقالاتهم من الحكومة، لكنهم ما زالوا يواصلون عمل وزاراتهم بالحد الأدنى لمتطلبات الوظيفة العامة، لكنهم لا يحضرون جلسات مجلس الوزراء، ولدينا وزراء تمت إقالتهم لكن لم يصدر أمر ديواني بذلك، ولدينا وزراء تم التصويت عليهم داخل البرلمان، ولكن لم يصدر بعد أمر ديواني لمباشرة عملهم، لكونهم لم يؤدوا اليمين القانونية».
وأوضح الصميدعي أن «هذه الإشكالية ستبقى قائمة ما لم يعقد البرلمان جلساته ويحسم قضية التغيير الوزاري».
وفي هذا السياق أكد رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري أن اللقاءات ستتواصل مع جميع الأطراف المعنية للتوصل إلى «حل وطني للأزمة الراهنة».
وقال المكتب الإعلامي للجبوري في بيان له أمس الأحد إن «رئيس البرلمان سليم الجبوري اختتم لقاءاته مع القيادات الكردية في السليمانية».
وأكد البيان أن «لقاءاته بالقيادات الكردية تحمل رسالة اعتزاز بالكرد، وتؤكد مكانتهم المهمّة، بوصفهم طرفًا أساسيًا في دعم العملية السياسية».
وجزم البيان بأن «تلك اللقاءات جاءت كجزء من مهمتنا في تقريب وجهات النظر، وبلورة موقف موحد يدعم مسيرة العملية السياسية، ويسهم بالإسراع في عقد جلسة شاملة وموحدة لمجلس النواب». وأضاف أنه «سيستكمل تلك اللقاءات والحوارات مع جميع الأطراف المعنية في بغداد للتوصل إلى حل وطني للأزمة الراهنة».
وأشار بيان مكتب الجبوري إلى أن «الإصلاح يقتضي تفعيل الشراكة، وتقوية الدولة ومؤسساتها، ومحاسبة الفاسدين، وتحقيق التوافق في الخطاب بطابع وطني جامع غير مفرق». وعبر الجبوري عن «تفهمه للموقف الكردي بأهمية إيجاد ضمانات تحول دون تكرار ما حصل»، لافتًا إلى أن «جميع اللقاءات التي جرت رسخت موقفنا وقناعتنا التامة بضرورة احترام السلطة التشريعية وإيجاد الضمانات اللازمة لكي يمارس النواب دورهم بعيدًا عن أي ضغوط».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم