عدن تحيي الذكرى الأولى لمجزرة التواهي الأليمة

حقوقيون يستعدون لملاحقة مرتكبي الجريمة

عدن تحيي الذكرى الأولى لمجزرة التواهي الأليمة
TT

عدن تحيي الذكرى الأولى لمجزرة التواهي الأليمة

عدن تحيي الذكرى الأولى لمجزرة التواهي الأليمة

أحيا المئات من نشطاء حقوق الإنسان ومنظمات المجتمع المدني والأهالي بعدن، أول من أمس السبت، الذكرى الأولى لمجزرة التواهي الأليمة التي نفذتها ميليشيات الحوثي وصالح بحق المدنيين الذين كانوا يريدون مغادرة المدينة عبر البحر إلى مدينة البريقة يوم 6 مايو (أيار) من العام الماضي.
وفي الفعالية التي أقيمت على الرصيف الذي تعرضت فيه العبارة لقذائف الهاون بالتواهي، ألقي عدد من الكلمات من قبل السلطة المحلية والمجلس الشعبي وأسر الشهداء والمنظمات الحقوقية، أكدوا في مجملها على ضرورة الاهتمام بأسر الشهداء والجرحى.. مترحمين على شهداء مجزرة التواهي التي ارتكبتها ميليشيات الحوثيين وصالح في أثناء اجتياحها المدينة في حرب مارس (آذار) 2015.
ودعت الكلمات إلى ضرورة محاكمة مرتكبي مجزرة التواهي عبر المحاكم الدولية لكون قصف المدنيين العاديين جريمة يحاسب عليها القانون الدولي. وكانت فعاليات إحياء ذكرى المجزرة قد بدأت بمسيرة انطلقت من أمام المرسم الحر بالتواهي إلى أن وصلت إلى رصيف التواهي، حيث رمى المشاركون بالورود في البحر، ثم وقفوا دقيقة حدادا على أرواح الشهداء.
كما أقيم بالمناسبة معرض صور بالمرسم الحر تضمن عددا من اللوحات لشهداء مديرية التواهي ومجزرة الميناء.
ووقف المئات من أهالي وسكان عدن على رصيف التواهي «رأس مربط» بعدن في موقف مؤثر جدًا، ودموع القهر والألم تساقطت فيه بغزارة، ووضعوا أكاليل الزهور على مكان سقوط شهداء وجرحى مجزرة التواهي المروعة التي راح ضحيتها العشرات من النساء والأطفال والشيوخ العزل والحزن يعتري وجوههم الشاحبة وهم يتلون بحسرة وأمل الفاتحة على أرواح شهداء مجزرة الميليشيات الحوثية وقوات المخلوع صالح.
إلى ذلك، دعا في مكان وقوع الجريمة عدد من المنظمات الحقوقية والمدنية وناشطون وحقوقيون مدافعون عن حقوق الإنسان، إلى تجميع كل الوثائق والأدلة، والاتفاق على إعداد ملف حقوقي متكامل وفقًا للمعايير الدولية، وبدء التحرك في ملف الجريمة وإيصالها للمنظمات الدولية والمجتمع الخارجي، والعمل معًا لتقديم مرتكبيها إلى العدالة مهما كان الأمر.. «وهو أقل واجب تجاه الضحايا الأبرياء».
وفي معرض حديثه لـ«الشرق الأوسط»، قال مراد محمد سعيد، رئيس مركز «هاي كولتي» إن «ما حدث في 6 مايو من العام الماضي مجزرة كبرى بحق الشعب الجنوبي، ويجب عدم السكوت عنها، ويجب إيصالها إلى أعلى سلطة في القضاء ضد المعتدين من الحوثيين وأتباع صالح».
ومضى قائلاً: «لأول مرة ننشر في مركز (هاي كولتي) بعدن العشرات من الصور التوثيقية لمجزرة التواهي الأليمة خلال فترة نزوح أهالي عدن عبر المنفذ البحري برصيف مواني التواهي، قبل عام من معرض صور يحكي عن المجزرة شارك بتوثيقه المركز بعدسات بعض من الناجين من المجزرة».
المحامي صالح ذيبان، رئيس «رابطة سيادة النظام والقانون»، قال إن «جرائم الحرب التي حدثت في حق الإنسانية كثيرة على مر العصور؛ حتى قبل وجود توصيف قانوني لتلك الجرائم الجمعية والممنهجة بوصفها جرائم ضد الإنسانية، لكن عددا قليلا من تلك الانتهاكات الفظيعة المرتكبة ضد المدنيين خاصة، ظلت خالدة في تاريخ العالم المعاصر».
ومضى بالقول: «مدينة عدن قبل عام تحديدا كانت مسرحا لوقوع مجزرة بحق جماعة من سكان مدينة التواهي المدنيين العزل الذين أجبروا تحت وطأة استهداف منازلهم بالقصف المدفعي والصاروخي العشوائي، على اللجوء للنزوح قسرا كملاذ أخير للنجاة بحياتهم، إلا أن خيارهم بالنزوح كانت تحيط به رائحة الموت التي نفذت خطة وقعتها أيدي عناصر الميليشيات الحوثية وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح».
وأضاف رئيس رابطة المحامين لسيادة القانون أن التواهي تعرضت لقصف مدفعي شديد أدى إلى تسارع أفكار وخطوات المدنيين للنجاة، «ونظرا لأن منفذي المديرية عن طريق البر تسيطر عليهما الميليشيات الحوثية، فلم يكن أمامهم غير النزوح عن طريق البحر، وكانوا يعتقدون أن وجهتهم للحياة من جديد تبدأ من لحظة تمكن النساء والأطفال من الوصول إلى بوابة الرصيف السياحي، ولم يعلموا أن الميليشيات كانت تراقب مشاهد الهلع والتدافع للمدنيين وهي تستهدفهم ضمن خططها العسكرية القائمة على صناعة الرعب وانتهاج التدمير والقتل الجماعي والفردي دون التفريق بين المدنيين والعسكريين».
وأردف: «لم يكن يدور بخلد أكثر الأشخاص تشاؤما أن يتم استهداف تجمع للمدنيين العزل معظمهم من الأطفال والنساء وكبار السن، ولكن حدث ذلك، وتساقطت القذائف بكثافة على المدنيين الذين يقفون على الرصيف أو على القوارب التي همت بالتحرك بحرا وهي مكتظة بالفارين من جحيم القصف العشوائي على مدينتهم».
وأوضح المحامي ذيبان قائلاً: «في مشهد مأساوي تفرقت الأسر بين قتيل وجريح ونازح نجا بأعجوبة من قذائف الميليشيات الحوثية، وتناثرت أشلاء جثت الضحايا وأعضائهم الجسدية على سطح البحر، ودك الرصيف فوق القوارب، وكان مصير عدد من الجثث الاستقرار في قاع البحر، ولقي العشرات مصرعهم، وعشرات جرحوا بجراح متفاوتة».
وقال ذيبان إن شهود عيان أفادوا حينها بقيام عدد من أفراد الميليشيات بمنع الإسعافات عن المصابين، و«أسرت عددا من المصابين ومن نجو من القصف، كما تم تصفية عدد ممن كانوا على الرصيف بشكل عشوائي ودون وجود مقاومة منهم»، مضيفًا: «المؤكد أن معظم من راح ضحية هذه المجزرة هم من فئة المهمشين».
من جهتها، جددت مجموعة العمل من أجل الجنوب بكندا مطالبتها للأمم المتحدة والمنظمات الدولية بالتحرك الفوري لتقديم مرتكبي جريمة التواهي المروعة وهم «ميليشيا الحوثيين وقوات المخلوع صالح» إلى المحاكمة وتحقيق العدالة للضحايا من المدنيين من أهالي عدن والجنوب.
وقالت في بيان لها: «نحيي الذكرى الأولى لمجزرة التواهي المروعة التي راح ضحيتها العشرات من النساء والأطفال والشيوخ العزل بين قتلى وجرحى بقذائف الغازي لعدن في حرب مارس (آذار) 2015».
ودعت مجموعة العمل من أجل الجنوب بكندا المنظمات الحقوقية المحلية والدولية ونشطاء حقوق الإنسان إلى توثيق ورصد وجمع شهادات الناجين من مجزرة التواهي وتضمين ملف حقوقي متكامل حقوقها وتحريكها محليا وعربيا ودوليا.
كما أشادت بجهود كل من شارك في توثيق وإحياء هذه الذكرى الأليمة، مشيرة إلى أن مجزرة التواهي تعد من أبشع الجرائم ضد الإنسانية في القرن الواحد والعشرين ويجب أن لا تمر مرور الكرام فمرتكبوها من تحالف الحوثيين وصالح معترفون بجريمتهم على لسان ناطقهم محمد عبد السلام وتصريحاته موثقة في حينها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام.



نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
TT

نيجيريا تقترب من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)
وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

كشف وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري، الدكتور بلو محمد متولي، لـ«الشرق الأوسط»، عن اقتراب بلاده من توقيع اتفاقيات عسكرية مع السعودية، بشأن برامج التدريب المشتركة، ومبادرات بناء القدرات، لتعزيز قدرات القوات المسلحة، فضلاً عن التعاون الأمني ​​الثنائي، بمجال التدريب على مكافحة الإرهاب، بجانب تبادل المعلومات الاستخبارية.

وقال الوزير إن بلاده تعمل بقوة لترسيخ الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، «حيث ركزت زيارته إلى السعودية بشكل أساسي، في بحث سبل التعاون العسكري، والتعاون بين نيجيريا والجيش السعودي، مع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان».

الدكتور بلو محمد متولي وزير الدولة لشؤون الدفاع النيجيري (فيسبوك)

وأضاف قائلاً: «نيجيريا تؤمن، عن قناعة، بقدرة السعودية في تعزيز الاستقرار الإقليمي والتزامها بالأمن العالمي. وبالتالي فإن الغرض الرئيسي من زيارتي هو استكشاف فرص جديدة وتبادل الأفكار، وسبل التعاون وتعزيز قدرتنا الجماعية على معالجة التهديدات الأمنية المشتركة».

وعن النتائج المتوقعة للمباحثات على الصعيد العسكري، قال متولي: «ركزت مناقشاتنا بشكل مباشر على تعزيز التعاون الأمني ​​الثنائي، لا سيما في مجال التدريب على مكافحة الإرهاب وتبادل المعلومات الاستخبارية»، وتابع: «على المستوى السياسي، نهدف إلى ترسيخ الشراكة الاستراتيجية لنيجيريا مع السعودية. وعلى الجبهة العسكرية، نتوقع إبرام اتفاقيات بشأن برامج التدريب المشتركة ومبادرات بناء القدرات التي من شأنها أن تزيد من تعزيز قدرات قواتنا المسلحة».

وتابع متولي: «أتيحت لي الفرصة لزيارة مقر التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب في الرياض أيضاً، حيث التقيت بالأمين العام للتحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، اللواء محمد بن سعيد المغيدي، لبحث سبل تعزيز أواصر التعاون بين البلدين، بالتعاون مع الدول الأعضاء الأخرى، خصوصاً في مجالات الأمن ومكافحة الإرهاب».

مكافحة الإرهاب

في سبيل قمع الإرهاب وتأمين البلاد، قال متولي: «حققنا الكثير في هذا المجال، ونجاحنا يكمن في اعتماد مقاربات متعددة الأبعاد، حيث أطلقنا أخيراً عمليات منسقة جديدة، مثل عملية (FANSAN YAMMA) التي أدت إلى تقليص أنشطة اللصوصية بشكل كبير في شمال غربي نيجيريا».

ولفت الوزير إلى أنه تم بالفعل القضاء على الجماعات الإرهابية مثل «بوكو حرام» و«ISWAP» من خلال عملية عسكرية سميت «HADIN KAI» في الجزء الشمالي الشرقي من نيجيريا، مشيراً إلى حجم التعاون مع عدد من الشركاء الدوليين، مثل السعودية، لتعزيز جمع المعلومات الاستخبارية والتدريب.

وحول تقييمه لمخرجات مؤتمر الإرهاب الذي استضافته نيجيريا أخيراً، وتأثيره على أمن المنطقة بشكل عام، قال متولي: «كان المؤتمر مبادرة مهمة وحيوية، حيث سلّط الضوء على أهمية الجهود الجماعية في التصدي للإرهاب».

وزير الدولة النيجيري ونائب وزير الدفاع السعودي في الرياض (واس)

وتابع الوزير: «المؤتمر وفر منصة للدول لتبادل الاستراتيجيات والمعلومات الاستخبارية وأفضل الممارسات، مع التأكيد على الحاجة إلى جبهة موحدة ضد شبكات الإرهاب، حيث كان للمؤتمر أيضاً تأثير إيجابي من خلال تعزيز التعاون الأعمق بين الدول الأفريقية وشركائنا الدوليين».

ويعتقد متولي أن إحدى ثمرات المؤتمر تعزيز الدور القيادي لبلاده في تعزيز الأمن الإقليمي، مشيراً إلى أن المؤتمر شدد على أهمية الشراكات الاستراتيجية الحيوية، مثل الشراكات المبرمة مع التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب (IMCTC).

الدور العربي ـ الأفريقي والأزمات

شدد متولي على أهمية تعظيم الدور العربي الأفريقي المطلوب لوقف الحرب الإسرائيلية على فلسطين ولبنان، متطلعاً إلى دور أكبر للعرب الأفارقة، في معالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، على العرب الأفارقة أن يعملوا بشكل جماعي للدعوة إلى وقف إطلاق النار، وتقديم الدعم والمساعدات الإنسانية للمواطنين المتضررين.

وأكد متولي على أهمية استغلال الدول العربية الأفريقية أدواتها في أن تستخدم نفوذها داخل المنظمات الدولية، مثل «الأمم المتحدة» و«الاتحاد الأفريقي»؛ للدفع بالجهود المتصلة من أجل التوصل إلى حل عادل.

وحول رؤية الحكومة النيجيرية لحل الأزمة السودانية الحالية، قال متولي: «تدعو نيجيريا دائماً إلى التوصل إلى حل سلمي، من خلال الحوار والمفاوضات الشاملة التي تشمل جميع أصحاب المصلحة في السودان»، مقراً بأن الدروس المستفادة من المبادرات السابقة، تظهر أن التفويضات الواضحة، والدعم اللوجيستي، والتعاون مع أصحاب المصلحة المحليين أمر بالغ الأهمية.

وأضاف متولي: «حكومتنا مستعدة للعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، لضمان نجاح أي مبادرات سلام بشأن الأزمة السودانية، وبوصفها رئيسة للجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا والاتحاد الأفريقي، تدعم نيجيريا نشر الوسطاء لتسهيل اتفاقات وقف إطلاق النار والسماح بوصول المساعدات الإنسانية».

وفيما يتعلق بفشل المبادرات المماثلة السابقة، وفرص نجاح نشر قوات أفريقية في السودان؛ للقيام بحماية المدنيين، قال متولي: «نجاح نشر القوات الأفريقية مثل القوة الأفريقية الجاهزة (ASF) التابعة للاتحاد الأفريقي في السودان، يعتمد على ضمان أن تكون هذه الجهود منسقة بشكل جيد، وممولة بشكل كافٍ، ومدعومة من قِبَل المجتمع الدولي».

ولفت متولي إلى تفاؤل نيجيريا بشأن هذه المبادرة بسبب الإجماع المتزايد بين الدول الأفريقية على الحاجة إلى حلول بقيادة أفريقية للمشاكل الأفريقية، مبيناً أنه بدعم من الاتحاد الأفريقي والشركاء العالميين، فإن هذه المبادرة لديها القدرة على توفير الحماية التي تشتد الحاجة إليها للمدنيين السودانيين، وتمهيد الطريق للاستقرار على المدى الطويل.