إسرائيل تتخوف من تشدد الموقف الأميركي إزاء المستوطنات

تقيم مستوطنة جديدة وتحاول تخفيف حدة قرار مجلس الأمن

إسرائيل تتخوف من تشدد الموقف الأميركي إزاء المستوطنات
TT

إسرائيل تتخوف من تشدد الموقف الأميركي إزاء المستوطنات

إسرائيل تتخوف من تشدد الموقف الأميركي إزاء المستوطنات

كشف النقاب في تل أبيب، عن اتفاق توصل إليه المستوطنون المتطرفون مع الحكومة الإسرائيلية، يقضي بإقامة مستوطنة جديدة في الضفة الغربية.
وذكرت مصادر مطلعة في صفوف المستوطنين، أن وزارة الدفاع الإسرائيلية، اتفقت على التعاون مع حركة «أمناه» الاستيطانية، على إقامة مستوطنة جديدة بالقرب من مستعمرة «شيلو» (جنوب نابلس)، لتوطين نحو 40 عائلة تعيش في بؤرة «عمونة»، التي يفترض إخلاؤها من المستوطنين مع نهاية السنة. وستضم المستوطنة الجديدة 139 وحدة سكنية، يمكن «لأمناه» بيع 90 منها في السوق الحرة.
وكان المستوطنون قد أقاموا بؤرة عمونة في العام 1997، على أراض فلسطينية خاصة. وفي عام 2006 وقعت فيها مواجهة عنيفة أثناء إخلاء 9 مبانٍ دائمة. ومنذ 8 سنوات، تجري مداولات قانونية في المحكمة حول البؤرة، في أعقاب الالتماس الذي قدمه عدد من أصحاب الأراضي الفلسطينية، بواسطة تنظيم السلام اليهودي «يش دين». وكانت إسرائيل قد التزمت، في البداية، بهدم البؤرة حتى نهاية 2012، لكنها أعلنت بأنها ستهدم فقط المباني التي يشملها الالتماس. وادعى المستوطنون أنهم اشتروا قسائم عدة من الأرض بشكل قانوني، لكن وجهة نظر أخرى جرى تقديمها إلى المحكمة، تثبت أن قسما من الوثائق التي قدموها كان مزيفا. وفي نهاية 2014 أمر رئيس المحكمة العليا، أشير غرونيس، بإخلاء البؤرة كلها خلال عامين، أي حتى 25 ديسمبر (كانون الأول) 2016. وفي أعقاب القرار شكل سكان البؤرة طاقم نضال، أعلن أنه لا ينوي التوصل إلى اتفاق مع الدولة حول إخلاء البؤرة بشكل إرادي. وطالب بتشريع البؤرة بواسطة «حل قانوني خلاق»، كمصادرة الأرض من أصحابها، وتسليمها لسكان البؤرة. ويهدف وزير الدفاع، موشيه يعلون، من وراء قرار إنشاء المستوطنة الجديدة، إلى تحويل رسالة إلى سكان البؤرة، مفادها أنهم إذا قاموا بإخلائها بشكل إرادي، فسيحصلون على مستوطنة جديدة، وإذا لم يفعلوا فسيتم إخلاء المستوطنة من دون أن يحصلوا على حل بديل. وفي أعقاب توصلهم إلى اتفاق مع وزارته، تنوي حركة «أمناه» المطالبة بتشريع بؤر أخرى أقامتها بشكل غير قانوني، من بينها «إيش كوديش»، و«كيدا»، و«أحيا» و«عدي»، وغيرها.
بيد أن هذا القرار لم يمنع الحكومة الإسرائيلية من محاولة تغيير مضمون التقرير الذي سينشره أعضاء الرباعية الدولية: الولايات المتحدة، وروسيا، والأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، في الأسبوع الأخير من الشهر الحالي، والمتوقع أن يوجه انتقادات شديدة اللهجة إلى البناء في المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، حسب ما قاله موظفون كبار في القدس. ويسود التخوف الأساسي من تشدد الموقف الأميركي إزاء المستوطنات.
وكان وزراء خارجية الرباعية الدولية، قد اجتمعوا في فبراير (شباط) الماضي، في ميونيخ، وأعلنوا نيتهم نشر تقرير في موضوع الجمود السياسي بين إسرائيل والفلسطينيين. ولأول مرة تطرق البيان إلى التعاون الممكن بين الرباعية ومجلس الأمن الدولي. ومن بين أسباب قرار إعداد التقرير، كانت رغبة الرباعية في الرد على المبادرة الفرنسية لعقد مؤتمر دولي للسلام، وضمان عدم سيطرة الفرنسيين على قيادة الموضوع على الحلبة الدولية. وحسب ما قالته مصادر دبلوماسية غربية ومسؤولون إسرائيليون كبار، فإنه يتوقع أن يكون التقرير قصيرا نسبيا، ويشمل وصفا للأوضاع، وتوصيات بالخطوات التي يجب تنفيذها من قبل إسرائيل والفلسطينيين. وتقدر إسرائيل بأن التقرير سيتضمن انتقادا شديدا لها، خاصة في موضوع البناء في المستوطنات والقيود التي تفرضها على الفلسطينيين في مناطق «سي» في الضفة الغربية، التي تسيطر عليها مدنيا وأمنيا.
ويتوقع أن يشمل التقرير انتقادات للسلطة الفلسطينية، في كل ما يتعلق بالتحريض ضد إسرائيل، وعدم منع الهجمات الإرهابية ضد الإسرائيليين. وعلى الرغم من أنه من غير الواضح بعد، كيف ستكون الآثار العملية لانتقاد إسرائيل في التقرير؟ إلا أن إسرائيل تنسب له أهمية كبيرة. والسبب في ذلك، هو أنه لأول مرة منذ سنوات، ستعرض الرباعية الدولية موقفا آنيا من الجمود في العملية السلمية، بين إسرائيل والفلسطينيين، وسيفعل ذلك تقريبا، من دون أي اعتبار للجانبين. ومن المحتمل أن تشكل توصيات التقرير قاعدة لاستمرارية المبادرة الفرنسية، أو لخطوة تبلور ميراث الرئيس الأميركي براك أوباما في الموضوع الإسرائيلي الفلسطيني، قبل نهاية السنة. كما يمكن للتقرير أن يشكل قاعدة لاستئناف العملية السلمية بعد انتخاب الرئيس الأميركي المقبل.
وقال موظف رفيع في القدس، إن إسرائيل تجري اتصالات مع كل الدول الأعضاء في الرباعية الدولية، في محاولة لتخفيف حدة التقرير. ويركز العمل في هذا الشأن، مبعوث رئيس الحكومة الخاص، المحامي يتسحاق مولخو، الذي يجري اتصالات دائمة مع الموفد الأميركي للعملية السلمية فرانك ليفنشتاين. كما يجري مسؤولون كبار في وزارة الخارجية اتصالات مشابهة مع ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا.
وقال المسؤول الإسرائيلي، إن القدس معنية بمنع أي ذكر في التقرير لأي عمل مستقبلي في مجلس الأمن. فمثلا تخشى إسرائيل إمكانية قيام الرباعية بطرح التقرير للنقاش في مجلس الأمن، كي يتباه بقرار رسمي. كما يحتمل أن يوصي التقرير مجلس الأمن بالقيام بعمل ما في موضوع المستوطنات، أو طرح تعريف أساسي لاستئناف المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، من خلال التطرق إلى مسائل الحدود والقدس والأمن واللاجئين.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.