«إفتاء مصر»: إباحة «داعش» نقل أعضاء الأسرى «حرام شرعًا»

مصدر: التنظيم يُتاجر بالأعضاء البشرية وليس لنقلها للمسلمين كما يدعي

«إفتاء مصر»: إباحة «داعش» نقل أعضاء الأسرى «حرام شرعًا»
TT

«إفتاء مصر»: إباحة «داعش» نقل أعضاء الأسرى «حرام شرعًا»

«إفتاء مصر»: إباحة «داعش» نقل أعضاء الأسرى «حرام شرعًا»

بينما أكد مُراقبون أن تنظيم «داعش» المُتطرف مُنخرط في أنشطة الاتجار في الأعضاء البشرية، ردت دار الإفتاء بمصر على فتوى «داعش» بإباحة نقل أعضاء أسراه، قائلة: «إن ذلك حرام شرعا». وكان «داعش» وصف أسراه بالمرتدين مُحللا في فتوى له «إباحة استئصال أعضاء بشرية من أسراه لزرعها في جسد من يحتاجها من المسلمين حتى وإن كان ذلك معناه موت الأسير»، وهي الفتوى التي أثارت جدلا في الأوساط الدينية والغربية.
وشددت «دار الإفتاء» في ردها على «داعش» أمس، على أن الحكم الشرعي في مسألة أخذ أعضاء الأسير أنها غير جائزة، سواء كان أخذ العضو يعرضه للموت أم لا، وقال مصدر مصري إنه «لا يجوز عند جمهور العلماء نقل بعض أعضاء الإنسان لآخر إذا تأكد الطبيب الثقة موت المنقول عنه، لأن الحي أفضل من الميت وتوفير الحياة لإنسان نعمة كبيرة». وحذر المصدر نفسه من أن «داعش» يُخدر أسراه ويستولي على أجزاء من أجسادهم تحت تهديد السلاح، للاتجار بالأعضاء البشرية، وليس نقلها للمسلمين كما يدعي التنظيم المُتطرف.
واستدلت دار الإفتاء إلى رأيها عن فتوى «داعش» بعدة أمور منها، أن الاعتداء على أعضاء الإنسان مسلما كان أو غير مسلم فيه امتهان له، وهو الذي قد كرمه الله تعالى، حيث قال: (ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر)، فضلاً عن أن هذا الفعل يُعد من التمثيل، والمثلة: «تشويه الخلقة»، يُقال: «مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه.. والاسم: المثلة، فأما مُثل، بالتشديد فهو للمبالغة، ومنه الحديث «نهى أن يُمثل بالدواب» أي تنصب فترمى أو تقطع أطرافها وهي حية».
وأضافت دار الإفتاء في تقرير أعده مرصد الآراء والفتاوى التكفيرية أمس، لقد ورد النهي عن المُثلة في أحاديث كثيرة منها ما روى مسلم والترمذي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا أمر أميرا على جيش أو سرية، أوصاه في خاصته بتقوى الله وبمن معه من المسلمين خيرا». وأشار المرصد أن النبي نهى عن المُثلة بالحيوان، فروى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعن من مثل بالحيوان، فكيف بالتمثيل بالإنسان؟، وتحريم المُثلة لا خلاف في تحريمه.
وأكدت دار الإفتاء أن فعل هذا (أي نقل الأعضاء) بما يؤدي إلى وفاة المفعول به مناف للإحسان المأمور به في الشريعة، ولو كان في قتل من يستحق القتل، ولو كان المقتول من بهيمة الأنعام، فكيف إذا كان أسيرا عند عصابة لا شرعية لها من الخوارج المبتدعة (في إشارة لداعش)؟، وقد روى مسلم عن شداد بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته، وليرح ذبيحته».
وسبق أن ذكرت وكالة «رويترز» مؤخرا أنها اطلعت على فتوى لـ«داعش» تُجيز الحصول على أعضاء الأسير حيًا لإنقاذ حياة مسلم، حتى وإن كان ذلك معناه موت الأسير.
وصدرت ترجمة أميركية رسمية لوثيقة الفتوى التي تحمل شعار «داعش» نائب رئيس ديوان البحوث والإفتاء، وقال مسؤولون أميركيون وقتها، إن الوثيقة كانت بين مجموعة من البيانات والمعلومات حصلت عليها القوات الأميركية الخاصة خلال غارة بشرق سوريا.. وتتهم السلطات في العراق التنظيم الإرهابي باستئصال أعضاء بشرية من العراقيين والاتجار فيها.
وأوضح مرصد الفتاوى التكفيرية أن ما ورد من تخيير ولاة الأمر الشرعيين في الأسير المأخوذ في الحرب الشرعية بين المسلمين وغيرهم لم يرد فيه ما يفعله أولئك (أي الدواعش)، وقال الله تعالى: (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب حتى إذا أثخنتموهم فشدوا الوثاق فإما منا بعد وإما فداء حتى تضع الحرب أوزارها).
واستطرد المرصد قائلا: «هذا مع كون أولئك (أي داعش) ليسوا بولاة أمور شرعيين، وليست الحرب بينهم وبين غيرهم شرعية، وليس من تم أسرهم لديهم كلهم من غير المسلمين؛ بل إن منهم من هو من المسلمين يشهد الشهادتين؛ لكنه في اعتقادهم الفاسد غير الموحد بتوحيدهم البدعي، ولا يقول بأصولهم الفاسدة المُخترعة، فوجب أن يكون عندهم مرتدا عما يعتقدون أنه الإسلام».
كما شدد المرصد على أمر الله تعالى بالإحسان إلى الأسير ومدح من يفعل ذلك.. ويضاف إلى ذلك ما ورد من المُعاملة الحسنة التي كان يعاملها الرسول الكريم للأسرى، وقد أمرنا بالاقتداء به.



مقاول يمني في صنعاء مهدّد بالإعدام لرفضه التنازل عن أملاكه

عنصر أمن تابع للحوثيين ضمن دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر أمن تابع للحوثيين ضمن دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
TT

مقاول يمني في صنعاء مهدّد بالإعدام لرفضه التنازل عن أملاكه

عنصر أمن تابع للحوثيين ضمن دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)
عنصر أمن تابع للحوثيين ضمن دورية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

إلى ما قبل نهاية العام الماضي، كان هاشم الهمداني أحد المقاولين اليمنيين ورجال الأعمال المعروفين، لكنه الآن بات مهدَّداً بالإعدام في سجن تابع للجماعة الحوثية بصنعاء، مع مجموعة من أقاربه، حيث يطلب منه ما يسمى «الحارس القضائي» التنازل عن أملاكه مقابل الإفراج عنه، بدعوى أن هذه الأملاك تخص الرئيس الراحل علي عبد الله صالح.

وعمل الهمداني - وفق أسرته - في قطاع المقاولات منذ ثمانينات القرن الماضي، وكان أحد مؤسِّسي فرع البنك العربي في اليمن، وتولى موقع المدير الإقليمي فيه، لكنه تحوّل في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، إلى أحد المعتقَلين المنسيين؛ لأنه رفض التنازل للقيادي الحوثي صالح الشاعر عن أبرز ممتلكاته، بما فيها إحدى العمارات.

الهمداني ضحية جديدة لرغبة قيادي حوثي بالاستيلاء على الممتلكات (إعلام محلي)

وحسب إفادة أسرة الهمداني، فقد اقتحم الحوثيون المنازل التي يمتلكها أو يسكنها الرجل، ومنازل جميع أفراد أسرته، وتم إيداع جميع المعتقَلين في إحدى زنازين جهاز المخابرات الحوثي، ثم توسّعت الحملة لتشمل كل شخص يتولى متابعة قضيتهم من الأقارب، ومن بين المعتقلين نجل المقاول، ويدعى عمرو، وإخوته إبراهيم وأسامة ومحمد، بالإضافة إلى اثنين من أبناء عمومته، وأصهاره، وأحد أصدقائه.

ويتمتع القيادي الحوثي صالح الشاعر، وهو مسؤول الجوانب اللوجيستية في وزارة دفاع الحوثيين، وأحد تجار السلاح المعروفين، بنفوذ وسلطة مطلقة في مصادرة الأموال ممن يشك في ولائهم.

وتقول أسرة الهمداني إن الجماعة الحوثية وضعته وأقاربه في زنازين انفرادية، بسجن تابع لجهاز «الأمن والمخابرات»، في منطقة شملان بالضواحي الشمالية لمدينة صنعاء، لمدة 3 أشهر، قبل نقلهم إلى السجن الجماعي في منطقة حي الأعناب بشمال المدينة، بينما لا يزال المقاول يقبع في زنزانة انفرادية حتى الآن، ويعاني من أمراض الضغط والسكري، كما أن ظروف اعتقاله قاسية جداً، ومُنعت عن جميع المعتقلين الزيارة أو التواصل مع ذويهم.

اختلاق ذريعة

وكما عُرف عن الحوثيين عند التخطيط لمصادرة ممتلكات المشكوك في ولائهم، بدأوا باختلاق مشكلة مع والد الهمداني، بسبب خلاف حول قطعة أرض، حيث اعتقل على خلفية ذلك، وعندما فشلوا في مصادرة الأرض اختلقوا رواية أن الرجل متعاون مع الحكومة الشرعية والتحالف الداعم لها، ثم اعتقلوا المقاول وأقاربه للتحقيق معهم بهذه التهمة.

ورغم مُضي أكثر من 8 أشهر، فإن أسرة المقاول أفادت بأنها لم تُوكل محامياً؛ لأنها تلقّت تحذيرات من الحوثيين بعدم فعل ذلك، أو التواصل مع وسائل الإعلام أو المنظمات الحقوقية؛ لأن المسألة ستأخذ مساراً قانونياً، وسيتم إطلاق سراح المعتقلين، وهو ما لم يحدث، كما لم تتم إحالتهم إلى النيابة.

ابن وإخوة وأقارب الهمداني أودعوا السجن للضغط عليه (إعلام محلي)

ومثلما يحدث عند كل اعتقال، تذكر أسرة الهمداني أن قوات كبيرة من مخابرات الحوثيين بسياراتها العادية والمدرّعة، مسنودة بالعناصر النسائية، المعروفة باسم «الزينبيات»، اقتحمت بيوت العائلة، وصادرت جوالات الرجال والنساء، وأجهزة التخزين الإلكترونية، وجميع وثائق ملكية الأراضي والمباني.

وتُبيّن الأسرة أن المقاول عندما اعتُقل كانت زوجته حاملاً، ومع ذلك لم يُسمح لها بزيارته، أو حتى الاتصال به، وبعد الولادة كذلك، وحتى الآن لم يرَ الرجل مولودته الجديدة وقد بلغت من العمر شهرين ونصف الشهر.

تهديد بالإعدام

وحسب مصادر مقرّبة من أسرة الهمداني، فإن الحوثيين يريدون الضغط عليه للتنازل عن ملكية مساحة كبيرة من الأرض في مديرية بني مطر، بالضواحي الغربية من صنعاء، كان قد اشتراها قبل 17 عاماً، كما يريدون إرغامه على التنازل عن عمارته في حي عطان وسط صنعاء، وأنهم يرهبونه أثناء استجوابه بأنهم سيُصدرون حكماً بإعدامه إذا رفض مطالبهم.

ونقلت المصادر عن الأسرة القول، إن المحققين الحوثيين هدّدوا المقاول بالإحالة إلى المحكمة بتهمة التخابر مع ما يسمونه «العدوان»، والعمالة للولايات المتحدة، وهي تُهَم عقوبتها الإعدام، حيث سبق أن صدرت عشرات الأحكام بحق مدنيين بموجب هذه التهمة.

ويزعم الحوثيون أن أراضي الهمداني وعمارته من ممتلكات الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، الذي قُتل على أيديهم عندما قاد انتفاضة مسلّحة ضد سلطتهم نهاية عام 2017 في صنعاء، ويدّعون كما حصل من قبل مع آخرين أنه تم تسجيل الأراضي والعمارة باسم المقاول.

وتقول مصادر تجارية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إن قيادات متنفّذة في جماعة الحوثي تتبع هذا الأسلوب مع رجال الأعمال، عندما تريد مصادرة ممتلكاتهم، أو مشاركتهم في أعمالهم.

اعتقل عدنان الحرازي وصدر حكم بإعدامه لرفضه مشاركة قيادي حوثي (إعلام حوثي)

وكانت الجماعة دهمت، مطلع العام الماضي، شركة «بردوجي»، التي تعمل وسيطاً لدى المنظمات الإغاثية للتحقّق من بيانات المستفيدين من المساعدات الغذائية، واعتقلوا مالكها عدنان الحرازي، على خلفية رفضه إدخال القيادي الحوثي أحمد حامد، مدير مكتب مجلس الحكم الانقلابي شريكاً، وبعد عام على إغلاق الشركة وسجن مالكها، أصدرت محكمة أمن الدولة الحوثية حكماً بإعدامه.

وأكّدت أسرة المقاول الهمداني أن الحوثيين اعتقلوا جميع الذكور، ولم يتبقَّ سوى النساء والأطفال الذين لا يجدون من يدافع عن مظلوميتهم، وناشدت كل أحرار العالم التضامن معهم، ورفع الظلم والجور عنهم، والسماح لهم بصورة عاجلة بزيارة أقاربهم والاتصال بهم، والإفراج عنهم بصورة عاجلة، ورد اعتبارهم، وإعادة كل ما تم أخذه من منازلهم، وحمايتهم من الانتهاكات وحماية ممتلكاتهم.