استوكهولم تستعد للدورة الـ61 لمسابقة الأغنية الأوروبية «اليوروفيجن»

وسط إجراءات أمنية غير مسبوقة، بدأت بالأمس الـ«بروفات» الحية على مسارح قاعة الإريكسون غلوب، بالعاصمة السويدية استوكهولم، استعدادا للدورة الـ61 لمسابقة الأغنية الأوروبية (اليوروفيجن) السنوية التي ينظمها اتحاد الإذاعات الأوروبية.
وكانت السويد قد توجت مايو (أيار) 2015 بالنمسا التي استضافت الدورة لفوزها 2014 بأغنية أداها كونشيتا فورست، وهو فنان ملتحٍ في هندام نسائي. وتعد المسابقة أكبر برنامج ترفيهي يبث على الأثير، ويذاع حيا في خمس قارات، ويبث هذا العام للمرة الأولى بالولايات المتحدة الأميركية، فيما تعتبر من أعلى البرامج مشاهدة بأستراليا التي تشارك كضيف شرف للمرة الثانية.
وحسب وسائل إعلام سويدية، فإن الشرطة السويدية قد تلقت معلومات من جهاز الأمن العراقي تشير إلى أن خلية إرهابية تضم ما بين سبعة إلى ثمانية أفراد قد دخلوا السويد بنية تنفيذ هجوم على أهداف أمنية، وتتوقع السويد أن يحضر المنافسة جمهور يصل إلى 16 ألفًا.
وتشترك في هذه الدورة 42 دولة تم تقسيمها حسب القرعة إلى نصف نهائي أول يقام في العاشر من الشهر، ونصف نهائي ثاني يقام يوم 12مايو، فيما تقام التصفية النهائية يوم 14 مايو.
وتشارك في الجولة الختامية دون تصفية الدول المؤسسة لليوروفيشن، وهي فرنسا وبريطانيا وإسبانيا وألمانيا وإيطاليا. وكانت العاصمة النمساوية (فيينا)، باعتبارها المضيف للدورة الماضية، قد نظمت كثيرا من الاجتماعات والمشاورات، سيما أن الدورة الحالية سوف تشهد بعض التغييرات الجذرية، إذ تم الإعلان عن طريقة تصويت جديدة تمنح بموجبها كل دولة مشاركة نوعين من النقاط أو الأصوات، الأولى من 1 - 8 وتختص بها لجنة تحكيم محلية محترفة، والثانية 1 - 12 صوت لمواطني الدولة. ولكل دولة متحدث رسمي يعلن لمن صوتت، وبالطبع لا تصوت الدولة لفريقها.
هذا، وتجري المسابقة وفق إجراءات صارمة، وتتبع أساليب تنظيمية يتم التأكد منها خلال العام ما بين دورة ودورة، ومن ذلك أن توفر الدولة الفائزة، وبالتالي المضيفة موقعا آمنا وكافيا لإجراء المنافسة، وأن يكون مهيئا بكل المستلزمات المسرحية والإضاءة، بما في ذلك مركز صحافي، وفنادق بالقرب ذات فئات متفاوتة، ووسائل مواصلات، بما في ذلك أن يتوفر بالقرب مطار رئيسي. ومعلوم أن دولا سبق لها أن صرفت ملايين للاستضافة، مما أثار مشكلة «النفقات» التي يمكن أن تقعد بدول فقيرة، مما يبعدها من المنافسة خشية الفوز، وبالتالي الاستضافة. وفي هذا السياق، تم هذا العام طرد دولة رومانيا بسبب عجزها عن تسديد قيمة الاشتراك، وتقدر مديونيتها بـ14 مليون يورو، هذا فيما تعود للمنافسة كل من كرواتيا والبوسنة والهرسك وبلغاريا وأوكرانيا وبلغاريا. وكانت البرتغال قد أعلنت انسحابها لعجز هيئتها للإذاعة، بسبب مشكلات تنظيمية، من اختيار من يمثل البلاد.
سبق هذه الدورة كثير من التحركات التنظيمية التي أخذت طابعا سياسيا رغم حرص معلن على إبعاد السياسة ما أمكن، وحصر المنافسات فنيا، ومن ذلك غضب عارم أثارته تسريبات بفرض حظر على الأعلام المرفوعة أثناء التصفيات، وقصرها على أعلام الدول المشاركة فقط، بالإضافة لعلمي الاتحاد الأوروبي وعلم «قوس قزح» الذي يعتبرونه رمزا للتسامح والتنوع.
وكانت تسريبات قد أكدت أن المقصود من الحظر أعلام دولة فلسطين، وأعلام المطالبين بفصل إقليم الباسك الإسباني وويلز وأسكوتلندا وشبه جزيرة القرم وشمال قبرص، وتحسبا من رفع أعلام الجماعة الإرهابية «داعش». هذا وتعكس الأعلام داخل الموقع حماس وطني بالغ الأهمية. وللأعلام نفسها مقاييس مضبوطة، ومن ذلك ألا يتعدى حجم العصاة البلاستيكية للعلم 40X 60 سنتيمترا. ومن المحظورات كذلك التصريحات السياسية، والرسائل التجارية، والتعليقات المسيئة، خاصة أن الحفل يبث على الهواء مباشرة، كما تمنع أية لافتات تشجيعية مكتوبة بغير اللغة الإنجليزية أو لغة البلد المضيف.
إلى ذلك، يمكن متابعة الأغاني المتنافسة عبر فيديوهات انتشرت منذ أيام في الشبكة العنكبوتية، وعلى الصفحة الرسمية للمسابقة، فيما يمكن للموجودين باستوكهولم متابعة التصفيات قبل النهائية. من جانبها، سعت روسيا لتسريب فيديوهات تؤكد صحة ممثلها الفنان، سيرغي لازرارف الذي سقط أرضا وفي حالة انهيار تام بينما كان بموسكو يؤدي بروفة لأغنيته التي سيشارك بها.
وكما بدا في فيديو لذلك الحفل، فقد سقط لازرارف، وظل مرميا على الأرض لدقائق لاعتقاد أعضاء فرقته أن تلك مجرد حركة منه بينما كانت الجماهير تصفق منتشية، ليستدرك الجميع أخيرا أن الرجل غائب عن الوعي، فتم انتشاله وألغي الحفل. وتتوقع مصادر أن تنال الأغنية الروسية الإعجاب، فيما تستبعد مصادر أن تفوز بالمنافسة، إذ تحظى روسيا بمعارضة شديدة ضد سياسات الرئيس بوتين التوسعية، وللتشدد الروسي ضد المثليين ومحاربتهم. ومعلوم أن روسيا ظلت تتأهل منذ العام 2004 للدور النهائي دون أن تتوج بالفوز، ودون أن تنال المايكرفون الكريستالي.
يذكر أن من شروط المسابقة ألا يتعدى طول الأغنية المشاركة ثلاث دقائق، وألا يزيد عدد من بالمسرح عن ستة أشخاص. وسبق لفنلندا أن شاركت بأغنية لم يزد طولها عن دقيقة و27 ثانية، فيما شاركت النرويج في العام 1995 بأغنية لم تزد مفرداتها عن 24 كلمة معتمدة على عزف منفرد لأكثر من آلة. من جانبها، شاركت بلجيكا بأصغر مغنٍ حتى الآن، إذ بلغ عمر فنانها 13 سنة في دورة العام 1986، بينما بلغ عمر الفنان السويسري 95 في دورة العام 2013.
ومن القرارات السياسية التي أثرت على مشاركة دول في الـ«يوروفيشن»، مقاطعة النمسا للدورة 1969 التي أقيمت بالعاصمة الإسبانية مدريد، احتجاجا على سياسات الجنرال فرانسيسكو فرانكو. فيما قررت فرنسا 1974 الانسحاب من المنافسة حتى يتسنى لهيئة الإذاعة تغطية مراسم تشييع وفاة الرئيس جورج بومبيدو.
من جانبها، سبق للملكة المغربية عضو الاتحاد الأوروبي للإذاعات أن شاركت مرة واحدة، وذلك في العام 1980، ولم تنل غير ثلاث نقاط جاءتها من إيطاليا.
أما أهم مكافأة سياسية نالها فنان فاز بالمنافسة فقد كانت من نصيب المغنية الأوكرانية روسلانا، التي منحت مقعدا في برلمان بلادها، وذلك في العام 2004.