خلافات طائفية ومخاوف أمنية تؤدي لإلغاء الانتخابات المحلية في بلدتين بشرق لبنان

مصدر نيابي لـ «الشرق الأوسط» : قلقون من خضات تعكر صفو العملية الانتخابية الأحد

رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري لدى حضوره مناسبة اعلان أسماء المرشحين على قائمة حزب المستقبل للانتخابات المحلية في بيروت (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري لدى حضوره مناسبة اعلان أسماء المرشحين على قائمة حزب المستقبل للانتخابات المحلية في بيروت (رويترز)
TT

خلافات طائفية ومخاوف أمنية تؤدي لإلغاء الانتخابات المحلية في بلدتين بشرق لبنان

رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري لدى حضوره مناسبة اعلان أسماء المرشحين على قائمة حزب المستقبل للانتخابات المحلية في بيروت (رويترز)
رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري لدى حضوره مناسبة اعلان أسماء المرشحين على قائمة حزب المستقبل للانتخابات المحلية في بيروت (رويترز)

قبل يومين من موعد الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظتي بيروت والبقاع اللبنانيتين، تتزايد المخاوف من خضات واهتزازات تعكر صفو العملية الانتخابية، ولاسيما، مع إعلان وزارة الداخلية يوم أمس تأجيل هذه العملية في بلدتي جديتا وحوش الحريمة في منطقة البقاع (شرق البلاد) لأسباب أمنية وأخرى قالت: إنها «طائفية».
الوزارة تحدثت في بيان عن تلقيها رسالة من أهالي بلدة جديتا، وهي إحدى قرى قضاء زحلة، تطلب التأجيل لأسباب تتعلق بـ«التوزيع الطائفي» للأعضاء في المجلس البلدي، لافتة إلى أن طلب التأجيل أرفق بتوقيع نواب المنطقة إضافة إلى فعاليات البلدة وأعضاء من البلدية. وتُضاف إلى هذه الرسالة، توصية سابقة من مجلس الأمن المركزي عللت التأجيل بـ«الغليان والتشنج الذي يسود البلدة حاليا بعد أن بدأت المعركة الانتخابية فيها تتخذ طابعا طائفيا ومذهبيا قد يؤدي إلى إثارة النعرات وانفجار الخلاف والفتنة وحصول إشكالات أمنية بين أبناء البلدة».
غير أنه لم يرُق لأهل جديتا خبر تأجيل الانتخابات في بلدتهم؛ إذ سادت موجة من الغضب في صفوف عدد كبير منهم ارتأوا تنظيم تجمعات، والبحث في تنظيم اعتصام وقطع الطرق الرئيسية والداخلية، خاصة أن بعض المحتجين اعتبروا أن القرار صدر نتيجة «اتصالات تولاها أحد رؤساء اللوائح المتنافسة».
رئيس بلدية جديتا وهيب قيقانو الذي التقته «الشرق الأوسط» قال: «إن السبب الذي أوردته الوزارة للتأجيل متعلق بشكل أساسي بتأليف اللوائح الثلاث المتنافسة في البلدة، التي لا تحترم أيا منها التوازن الطائفي المتبع منذ عشرات السنوات، الذي تحول عُرفا أقوى من القانون». ولفت إلى أن المجلس البلدي الحالي، كما كل المجالس البلدية المتعاقبة، يضم 4 أعضاء موارنة و4 أعضاء سنة و4 كاثوليك و3 من الروم الأرثوذكس، «لكن اللوائح المرشحة للانتخابات الحالية لم تلتزم بهذا التوزيع ما أثار استياء وإشكالية معينة لا ترتقي لحد الحديث عن تموضع مذهبي».
واعتبر قيقانو أن التوصيفات التي قدمها بيان وزارة الداخلية «غير دقيقة»، وخاصة لجهة حديثها عن حالة تشنج وغليان تشهدها البلدة. وقال: «إن توكيل المحافظ بشؤون البلدية لم يكن خيارا موفقا أيضا باعتبار أن الأنسب كان إبقاء هذه المهام بيد المجلس البلدي الحالي تسهيلا لتسيير أمور أهالي البلدة».
أما تأجيل الانتخابات البلدية والاختيارية في بلدة حوش الحريمة بقضاء البقاع الغربي، فاتخذه مجلس الأمن المركزي خشية من تجدد الاشتباكات المسلحة خلال العملية الانتخابية، وذلك بعد أيام من سقوط قتيل في البلدة على خلفية ثأر بين عائلتي عيسى وأحمد خلال اشتباكات مسلحة. وهنا تؤكد مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن «الوضع في حوش الحريمة كان يستدعي حقيقة هذا التأجيل باعتبار أن عائلة القتيل كانت قد شكلت لائحة بوجه عائلة القاتل، واتخذت المعركة الانتخابية أبعادا ثأرية قد تتفاقم مع استمرار الحملات التحضيرية حتى يوم الأحد».
وعلى صعيد آخر، بعكس ما كان متوقعا، لم تشمل عملية تأجيل الانتخابات بلدة عرسال الحدودية التي يحتل مسلحون قسما من أراضيها كما تشهد جرودها عمليات عسكرية بشكل مستمر؛ إذ تقرر إقامة مراكز الاقتراع في مواقع الجيش الموجودة في البلدة أو الملاصقة لها.
في هذه الأثناء، علق النائب الدكتور عاصم عراجي، في حوار مع «الشرق الأوسط» على مسألة تأجيل الانتخابات في جديتا وحوش الحريمة، قائلا: «إن الأشكال في بلدة جديتا اتخذ أشكالا مختلفة، أحدها ماروني - ماروني، والآخر ماروني - مسيحي (من الطائفتين الكاثوليكية والأرثوذكسية) كما سني – سني، ليتحول بعدها لماروني - سني بعد تداخل الأمور في بعضها». وأوضح: «تواصلتُ مع وزارة الداخلية، وتمنيت ألا يطول التأجيل لأكثر من شهرين أو 3 حتى تعود الأجواء لطبيعتها في البلدة ويتم تنفيس الاحتقان القائم».
ومن جهته، قال مصدر نيابي لـ«الشرق الأوسط»: «أن هناك مخاوف حقيقة وقلقا من خضات تعكر صفو العملية الانتخابية الأحد خاصة في منطقة البقاع»، مستغربا «حجم الاحتقان الكامن في النفوس، وكأنه أشبه بانعكاس للصراع والتوتر الحاصل في المنطقة ككل وفي سوريا بالتحديد».
وتجدر الإشارة إلى أن المجلس النيابي اللبناني ارتأى تأجيل الانتخابات النيابية مرتين على التوالي لأسباب أمنية، ويعد مراقبون أن إتمام الاستحقاق البلدي هذا الشهر سيُسقط التبريرات التي تقدمت بها السلطة الحاكمة لإلغاء الانتخابات عامي 2013 و2015.
وفق وزارة الداخلية اللبنانية، سيشارك أكثر من 26 ألف موظف و20 ألف عنصر من العناصر الأمنية والعسكرية لأكثر من 13 ألف قلم اقتراع في لبنان خلال هذا الشهر، وفي كل مرحلة انتخابية لمواكبة صناديق الاقتراع وحمايتها وحفظ الأمن في مختلف القرى والبلدات اللبنانية، كما سيُنتخب نحو 1030 مجلسا بلديا ونحو 3000 مختار. ويوم أمس، دعا رئيس مجلس الوزراء تمام سلام جميع اللبنانيين «إلى الإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع في الانتخابات البلدية والاختيارية التي تبدأ مرحلتها الأولى يوم الأحد المقبل». وحث سلام، في تصريح بعد استقباله في السراي الحكومي وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، للاطلاع منه على سير التحضيرات التي تقوم بها وزارته على المستويين الإداري والأمني، أهالي بيروت على «جعل الثامن من أيار يوم عرس وطني تظهر فيه المدينة حيويتها، وتجدد مجلسها البلدي، مؤكدة أنها الحاضنة الجامعة الحريصة على التوازن بين جميع مكوناتها والمتمسكة بوحدة الصف والعيش المشترك بين جميع أبنائها».



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.