حلب تشهد هدوءًا نسبيًا.. وحمص يستهدفها تفجيران يوديان بحياة 10 أشخاص

المرصد السوري: قوات النظام غير قادرة على تثبيت مناطق سيطرتها

حلب تشهد هدوءًا نسبيًا.. وحمص يستهدفها تفجيران يوديان بحياة 10 أشخاص
TT

حلب تشهد هدوءًا نسبيًا.. وحمص يستهدفها تفجيران يوديان بحياة 10 أشخاص

حلب تشهد هدوءًا نسبيًا.. وحمص يستهدفها تفجيران يوديان بحياة 10 أشخاص

ساد هدوء نسبي مدينة حلب، اليوم (الخميس)، في أعقاب اتفاق أميركي - روسي، على تمديد اتفاق تهدئة، انهار تحت وطأة أعمال عنف استمرت نحو أسبوعين بين مقاتلي المعارضة وقوات النظام، وسقط فيها عشرات القتلى.
وذكر المرصد، أنّ شخصًا واحدًا على الاقل لقي حتفه في قصف شنته المعارضة خلال الليل في حي الميدان بالجزء الذي يسيطر عليه النظام من المدينة.
وقال ساكن في المنطقة الشرقية من المدينة يعيش في حي الشعار التي تسيطر عليها المعارضة، إنّه على الرغم من أن الطائرات الحربية قد حلقت خلال الليل، لكن لم تحدث غارات مكثفة كالتي وقعت على مدى أكثر من عشرة أيام من القصف الجوي العنيف. وأضاف أنّ السكان في العديد من الاحياء خرجوا من بيوتهم وأنّ عددًا أكبر من المعتاد من المتاجر فتحت أبوابها. فيما ذكر ساكن آخر أن المدنيين في عدة أحياء شعروا بوجود اتجاه عام نحو التهدئة.
بعيدًا عن الهدنة وفي وسط سوريا، قتل عشرة مدنيين وأصيب 40 آخرون بجروح اليوم، في تفجيرين استهدفا بلدة المخرم الفوقاني في محافظة حمص، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الانسان.
وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن إنّ "التفجيرين، احدهما بسيارة مفخخة والثاني انتحاري، أسفرا عن مقتل عشرة مدنيين على الاقل واصابة 40 آخرين بجروح".
ويسيطر تنظيم "داعش"على بلدة جب الجراح القريبة من المخرم الفوقاني، وكان شن قبل أيام هجومًا في تلك المنطقة أسفر عن مقتل 16 عنصرا من قوات النظام.
ويأتي الاعتداء اليوم، بعد ساعات على سيطرة تنظيم "داعش" على حقل الشاعر للغاز وسط محافظة حمص.
كما أفاد عبد الرحمن بأنّ سيطرة تنظيم "داعش" على حقل الشاعر تظهر أنّ "قوات النظام ليست قادرة على تثبيت مناطق سيطرتها، كما أنّ التنظيم مصمم على التقدم في حمص على الرغم من طرده من مدينة تدمر الاثرية".
وتسيطر قوات النظام على مجمل محافظة حمص باستثناء بعض المناطق الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في الريف الشمالي وبينها الرستن وتلبيسة، واخرى في الريف الشرقي تحت سيطرة تنظيم "داعش".
واجرت واشنطن وموسكو منذ بداية الاسبوع مفاوضات لإحياء اتفاق وقف الاعمال القتالية الذي بدأ سريانه في سوريا قبل شهرين؛ لكنه انهار في مدينة حلب التي شهدت تصعيدا عسكريا منذ 22 ابريل (نيسان)، أسفر، حسب حصيلة للمرصد، عن مقتل أكثر من 285 مدنيا بينهم نحو 57 طفلا.
وبعد مفاوضات مكثفة، اعلنت واشنطن وموسكو مساء أمس اتفاق تهدئة في حلب لمدة 48 ساعة.
واعتبر سالم المسلط المتحدث باسم الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لاطياف واسعة من المعارضة السورية، أنّ "وقف اطلاق النار يجب أن يشمل كامل سوريا، وحلب ضمنا، من دون استثناء. وإلّا فإنّه لن ينجح"، مضيفًا أنّ "المعارضة السورية ملتزمة بإنهاء معاناة شعبنا، والسوريون في كل مكان يستحقون وقفا لإطلاق النار".
من جانب آخر، أكّد القيادي في فصيل "جيش الاسلام" في مدينة حلب احمد سندة الالتزام بالتهدئة. وقال لوكالة الصحافة الفرنسية "نحن مع أي مبادرة تخفف من معاناة المدنيين وتحقن دماءهم وسنلتزم بها". ولكنّه أضاف أنّ "النظام بعد خمس سنوات من الثورة لم يعد بإمكانه الالتزام بأي هدنة او تهدئة معلنة".
وعقدت الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة اجتماعا أمس، لبحث الوضع في حلب؛ حيث قال مساعد الأمين العام للأمم المتحدة جيفري فيلتمان "أريد أن أكون واضحا تماما مرة جديدة: الاعتداءات المتعمدة والمباشرة ضد المستشفيات هي جرائم حرب". ورأى أنّ على المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي أن تحقق في جرائم حرب محتملة في سوريا.
وأثار استهداف المستشفيات في الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام والفصائل المعارضة على حد سواء في حلب، غضبا دوليا؛ فقد أصيبت ستة مستشفيات على الاقل في القصف في الجهتين الشرقية والغربية للمدينة خلال الايام الاخيرة.
وطالب مجلس الامن الثلاثاء جميع الاطراف المتحاربة بحماية المستشفيات والعيادات الطبية في قرار تبناه بالاجماع.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.