بريطانيا تصوت اليوم في انتخابات محلية وبلدية ساخنة

استطلاعات الرأي ترجح فوز المرشح المسلم بمنصب رئاسة بلدية لندن

المرشح لمنصب عمدة لندن عن حزب العمال صديق خان أمام حملته الانتخابية في شرق لندن أمس (أ.ف.ب)
المرشح لمنصب عمدة لندن عن حزب العمال صديق خان أمام حملته الانتخابية في شرق لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا تصوت اليوم في انتخابات محلية وبلدية ساخنة

المرشح لمنصب عمدة لندن عن حزب العمال صديق خان أمام حملته الانتخابية في شرق لندن أمس (أ.ف.ب)
المرشح لمنصب عمدة لندن عن حزب العمال صديق خان أمام حملته الانتخابية في شرق لندن أمس (أ.ف.ب)

يتوجه الناخبون في بريطانيا اليوم إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات محلية وبلدية ساخنة، وسيدلي الناخبون في ويلز واسكتلندا وآيرلندا الشمالية بأصواتهم لانتخاب أعضاء البرلمانات المحلية في المقاطعات الثلاث.
ويطلب شغل نحو 2700 مقعد، وتنظم اقتراعات لاختيار 4 عمد في لندن وبريستول وليفربول وسالفورد. وسيتم خوض معظم الانتخابات على أساس قضايا محلية، لكنها ستكون أيضا اختبارا لشعبية أكبر حزبين سياسيين، هما المحافظون والعمال.
وتعد الانتخابات الأكثر جذبا للاهتمام تلك التي ستجري في لندن، حيث من الممكن أن يصبح صديق خان، مرشح حزب العمال، أول عمدة مسلم للمدينة.
وكشفت استطلاعات الرأي الأخيرة، أمس، عن تقدم مرشح حزب العمال، صديق خان، بقوة في انتخابات رئاسة بلدية لندن، الذي سيصبح في حال فوزه أول مسلم يتولى هذا المنصب في بريطانيا. وبعد حملة محتدمة، أظهرت النتائج، أمس، أن خان يتصدر بـ14 نقطة على منافسه المليونير زاك غولدسميث، من حزب المحافظين. وبعد تجمع انتخابي نهائي مع كاميرون، قام غولدسميث بحملة مساء أول من أمس، في اللحظات الأخيرة، والتقى التجار في سوق «بيلينز غيت» للسمك، كما ساعد في توزيع الحليب عند الفجر في منطقة كنسنغتون الراقية.
ويحاول غولدسميث منذ أشهر ربط خان بالمتشددين، مشيرا إلى أنه «شارك عددا منهم المنبر مرات كثيرة في السابق»، وهو الاتهام الذي كرره كاميرون أمام البرلمان أمس. كما نأى خان بنفسه من فضيحة تتعلق بمعاداة السامية لحقت بحزب العمال. ودان أنصار خان تلك الاتهامات وعدّوا أنها «تهدف إلى تشويه سمعته». كما أعلن زعيم العمال، جيريمي كوربين، فتح تحقيق مستقل بعد أن واجه الحزب اتهامات لكبار مسؤوليه بمعاداة السامية، بدءا من رئيس بلدية لندن السابق كين ليفينغستون، الذي قال الأسبوع الماضي: إن «أدولف هتلر دعم الصهيونية». وأجج هذا المخاوف وسط الجالية اليهودية، التي يشعر أفرادها بالقلق بالفعل بسبب مستويات جرائم الكراهية المرتفعة.
وقال الحاخام أبراهام بينتر، أمس، إنه قبل نحو نصف قرن عندما أصبح مؤيدا نشطا لحزب العمال البريطاني «لم يكن يعاني مشكلة معاداة السامية مع الحزب مقارنة مع البلاد ككل». لكن رغم أن جماعات سياسية أخرى أقرت بضرورة التعامل مع التمييز ضد اليهود، قال بينتر إن «حزب العمال وهو أكبر أحزاب المعارضة في بريطانيا لا يزال يعيش في الماضي». وفي سياق متصل، طالب كاميرون خلال جلسة البرلمان الأسبوعية التي حضرتها «الشرق الأوسط»، من كوربين أن يعلن التخلي عن صداقته المعلنة مع حركة حماس وما يسمى «حزب الله»، وسط اتهامات مزعومة لحزب العمال بمعاداة السامية. وجاءت تلك المناقشات الساخنة بين زعيمي الحزبين الرئيسيين في البلاد، حيث أجاب كاميرون عن أسئلة النواب، وألقى الضوء على مزاعم اتهام الحزب المعارض بمعاداة السامية، مطالبا كوربين بتوضيح حقيقة موقفه من «حماس» وما يسمى «حزب الله»، اللذين وصفهما بأصدقائه.
وقال كاميرون: إن «كوربين أشار إلى (حماس) و(ما يسمى) (حزب الله) كأصدقاء، ويجب أن يسحب تلك التصريحات»، وتابع بالقول أمام البرلمان: إن «هؤلاء منظمات معادية للسامية وعنصرية.. يجب أن تقف وتؤكد أنهم ليسوا بأصدقاء».
في المقابل، دان كوربين اتهامات معاداة السامية، لكنه لم يحدد موقفه تجاه تلك الجماعات، وقال: «بكل تأكيد، فإن أي شخص يرتكب أفعالا عنصرية أو معادية للسامية، ليس بصديق».
ويتنافس عشرة مرشحين آخرين على خلافة المحافظ بوريس جونسون في منصب رئيس البلدية الذي يتولى مهمات النقل والشرطة والإسكان وتعزيز التنمية الاقتصادية، إلا أن أيا منهم لا يحظى بفرصة للفوز. وأظهر استطلاع نشرته صحيفة «ايفنينغ ستاندرد» أمس، تفوق خان بنسبة 35 في المائة مقارنة مع 26 في المائة لصالح غولدسميث.
كما أظهر استطلاع آخر أجراه معهد «كومريس» حصول خان على نسبة 45 في المائة مقارنة مع 36 في المائة لغولدسميث. واتسم السباق على منصب رئيس البلدية بالحملات السلبية بين المرشحين المختلفين تماما. وخان (45 عاما) نجل مهاجر باكستاني كان يعمل سائق حافلة ونشأ في إسكان حكومي، وعمل في البداية محاميا لحقوق الإنسان، قبل أن يصبح وزيرا في الحكومة.
أما غولدسميث (41 عاما) فهو نائب محافظ من دعاة البيئة، وابن قطب المال الراحل جيمس غولدسميث. واهتمت الصحف البريطانية أمس، بإمكانية انتخاب خان عمدة للندن، لخلافة العمدة الحالي بوريس جونسون. وأشارت صحيفة «الغارديان» إلى أن «خان، ذو الأصول الباكستانية، وبغض النظر عن عرقه وديانته وطبقته الاجتماعية، هو لندني حقيقي، وهذا هو سر كونه الخيار المفضل لمنصب عمدة لندن». وعادت الصحيفة على مشوار المرشح المسلم الذي يعدّ من بين المرشحين الأوفر حظا للفوز بالمنصب، قائلة إنه قادم من أسرة متواضعة، عاش في المساكن العامة، واستعمل وسائل النقل العمومية وعرف معنى الحرمان، وهو يجسد الطموح في المناطق الحضرية. وتعد الصحيفة فوزه «أسوأ كابوس للإرهابيين». من جهتها، أكدت صحيفة «إندبندنت» أنه إذا «فاز خان برئاسة بلدية لندن، فقد يصبح أول رئيس وزراء مسلم في تاريخ بريطانيا».
ويذكر أن 12 مرشحا يتنافسون على الفوز بعمدية لندن، أبرزهم خان وغولدسميث، وكلاهما يعدان المواطن اللندني بتوفير سكن بأسعار تلائم متوسط الدخل في المدينة، وبتحسين خدمات المواصلات والرعاية الصحية، ودعم الصناعات البريطانية الصغيرة. وتأتي الانتخابات في وقت مصيري لبريطانيا وللندن. فبعدها بأسابيع سيجرى استفتاء بقاء أو خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.



موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
TT

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

يشكّل تحديث العقيدة النووية لروسيا الذي أعلنه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مؤخراً، تحذيراً للغرب، وفتحاً ﻟ«نافذة استراتيجية» قبل دخول الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب البيت الأبيض، وفق تحليل لصحيفة «لوفيغارو» الفرنسية.

«إن تحديث العقيدة النووية الروسية يستبعد احتمال تعرّض الجيش الروسي للهزيمة في ساحة المعركة»، بيان صادر عن رئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريتشكين، لا يمكن أن يكون بياناً عادياً، حسب «لوفيغارو». فمن الواضح، حسب هذا التصريح الموجه إلى الغربيين، أنه من غير المجدي محاولة هزيمة الجيش الروسي على الأرض، لأن الخيار النووي واقعي. هذه هي الرسالة الرئيسة التي بعث بها فلاديمير بوتين، الثلاثاء، عندما وقّع مرسوم تحديث العقيدة النووية الروسية المعتمد في عام 2020.

ويدرك الاستراتيجيون الجيوسياسيون الحقيقة الآتية جيداً: الردع هو مسألة غموض (فيما يتعلّق باندلاع حريق نووي) ومسألة تواصل. «وفي موسكو، يمكننا أن نرى بوضوح الذعر العالمي الذي يحدث في كل مرة يتم فيها نطق كلمة نووي. ولا يتردد فلاديمير بوتين في ذكر ذلك بانتظام، وفي كل مرة بالنتيجة المتوقعة»، حسب الصحيفة. ومرة أخرى يوم الثلاثاء، وبعد توقيع المرسوم الرئاسي، انتشرت موجة الصدمة من قمة مجموعة العشرين في كييف إلى بكين؛ حيث حثّت الحكومة الصينية التي كانت دائماً شديدة الحساسية تجاه مبادرات جيرانها في ما يتصل بالمسائل النووية، على «الهدوء» وضبط النفس. فالتأثير الخارق الذي تسعى روسيا إلى تحقيقه لا يرتبط بالجوهر، إذ إن العقيدة النووية الروسية الجديدة ليست ثورية مقارنة بالمبدأ السابق، بقدر ارتباطها بالتوقيت الذي اختارته موسكو لهذا الإعلان.

صورة نشرتها وزارة الدفاع الروسية في الأول من مارس 2024 اختبار إطلاق صاروخ باليستي عابر للقارات تابع لقوات الردع النووي في البلاد (أ.ف.ب)

العقيدة النووية الروسية

في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي حين شنّت قوات كييف في أغسطس (آب) توغلاً غير مسبوق في منطقة كورسك في الأراضي الروسية، رد فلاديمير بوتين بتحديد أنه يمكن استخدام الأسلحة النووية ضد دولة غير نووية تتلقى دعماً من دولة نووية، في إشارة واضحة إلى أوكرانيا والولايات المتحدة. لكن في نسخة 2020 من الميثاق النووي الروسي، احتفظت موسكو بإمكانية استخدام الأسلحة الذرية أولاً، لا سيما في حالة «العدوان الذي تم تنفيذه ضد روسيا بأسلحة تقليدية ذات طبيعة تهدّد وجود الدولة ذاته».

وجاء التعديل الثاني في العقيدة النووية الروسية، الثلاثاء الماضي، عندما سمحت واشنطن لكييف باستخدام الصواريخ بعيدة المدى: رئيس الكرملين يضع ختمه على العقيدة النووية الجديدة التي تنص على أن روسيا ستكون الآن قادرة على استخدام الأسلحة النووية «إذا تلقت معلومات موثوقة عن بدء هجوم جوي واسع النطاق عبر الحدود، عن طريق الطيران الاستراتيجي والتكتيكي وصواريخ كروز والطائرات من دون طيار والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت». وحسب المتخصصة في قضايا الردع في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، هيلواز فايت، فإن هذا يعني توسيع شروط استخدام السلاح النووي الروسي.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب خلال اجتماع على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا باليابان 28 يونيو 2019 (رويترز)

انتظار عودة ترمب

لفترة طويلة، لاحظ صقور الاستراتيجية الجيوستراتيجية الروسية أن الردع الروسي تلاشى. وبالنسبة إليهم، فقد حان الوقت لموسكو لإعادة تأكيد خطوطها الحمراء من خلال «إعادة ترسيخ الخوف» من الأسلحة النووية، على حد تعبير سيرغي كاراجانوف، الخبير الذي يحظى باهتمام فلاديمير بوتين. ةمن هذا المنظار أيضاً، يرى هؤلاء المختصون اندلاع الحرب في أوكرانيا، في 24 فبراير (شباط) 2022، متحدثين عن «عدوان» من الغرب لم تكن الترسانة النووية الروسية قادرة على ردعه. بالنسبة إلى هؤلاء المتعصبين النوويين، ينبغي عدم حظر التصعيد، بل على العكس تماماً. ومن الناحية الرسمية، فإن العقيدة الروسية ليست واضحة في هذا الصدد. لا تزال نسخة 2020 من العقيدة النووية الروسية تستحضر «تصعيداً لخفض التصعيد» غامضاً، بما في ذلك استخدام الوسائل غير النووية.

وحسب قناة «رايبار» المقربة من الجيش الروسي على «تلغرام»، فإنه كان من الضروري إجراء تحديث لهذه العقيدة؛ لأن «التحذيرات الروسية الأخيرة لم تُؤخذ على محمل الجد».

ومن خلال محاولته إعادة ترسيخ الغموض في الردع، فإن فلاديمير بوتين سيسعى بالتالي إلى تثبيط الجهود الغربية لدعم أوكرانيا. وفي ظل حملة عسكرية مكلفة للغاية على الأرض، يرغب رئيس «الكرملين» في الاستفادة من الفترة الاستراتيجية الفاصلة بين نهاية إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ووصول الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، الذي يتوقع منه بوتين مبادرات سلام محتملة لإنهاء الحرب.

يسعى بوتين، وفق الباحثة في مؤسسة «كارنيغي»، تاتيانا ستانوفايا، لوضع الغرب أمام خيارين جذريين: «إذا كنت تريد حرباً نووية، فستحصل عليها»، أو «دعونا ننهي هذه الحرب بشروط روسيا».