السودان والسعودية يستثمران «كنز البحر الأحمر» البالغ 20 مليار دولار

وزير البترول السعودي: انتهى وقت الكلام وبدأ وقت العمل

وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي مع نظيره السوداني أحمد صادق الكاروري في الخرطوم أمس (رويترز)
وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي مع نظيره السوداني أحمد صادق الكاروري في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

السودان والسعودية يستثمران «كنز البحر الأحمر» البالغ 20 مليار دولار

وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي مع نظيره السوداني أحمد صادق الكاروري في الخرطوم أمس (رويترز)
وزير البترول والثروة المعدنية السعودي علي النعيمي مع نظيره السوداني أحمد صادق الكاروري في الخرطوم أمس (رويترز)

وقعت المملكة العربية السعودية والسودان برنامج وخطط ودراسات لاستغلال الثروات المعدنية بحوض «أطلانتس 2» في البحر الأحمر، والذي يعرف اصطلاحيا بـ«كنز البحر الأحمر»، ويحتوي معادن الذهب والفضة والنحاس والمنغنيز ومعادن ثمينة أخرى، ويتوقع أن تصل عائداتها إلى 20 مليار دولار، كما اتفقتا على عقد ورشة عمل بالمملكة لعرض فرص الاستثمار في المعادن السودانية أمام رأس المال الخاص والعام في البلدين.
وقال وزير البترول والثروة المعدنية السعودي، علي النعيمي، في مؤتمر صحافي عقد بالخرطوم أمس، عقب اجتماعات مع الجانب السوداني: «إن الطرفين استعرضا تقارير شركة (منافع) السعودية المنفذة للمشروع، وأجريا تعديلا في مواقيت بدء الإنتاج المقترحة من قبل الشركة من ثلاث سنوات إلى أربع سنوات؛ وذلك لإعطائها فرصة أكبر لبدء الإنتاج». وأضاف النعيمي: إن «الاجتماعات كانت موفقة، ورأينا جدية الشركة، وإن شاء الله يعينهم على تنفيذ هذا البرنامج ليكون فيه منفعة للبلدين».
ووقعت الحكومتان السعودية والسودان في مايو (أيار) عام 2010، اتفاقية لاستغلال ما يعرف بـ«كنز البحر الأحمر»، بعد أن كانتا قد وقعتا عام 1974 اتفاقية لاستكشاف رواسب البحر الأحمر في المنطقة المشتركة، والتي يطلق عليها «أطلانتس 2». ونتج من الاتفاق عمليات رصد لمناطق عميقة في قاع البحر الأحمر، وأثبتت الأبحاث الجيولوجية وجود أكثر من 30 موقعا في قاع البحر الأحمر، تحتوي رواسب طينية متمعدنة بتركيز مرتفع من المعادن، مثل: الزنك، والنحاس، والفضة، والذهب، والكوبالت، والكادميوم.
ووصل وزير البترول والثروة المعدنية السعودي الخرطوم على رأس وفد رفيع في زيارة قصيرة استمرت ساعات عدة، بدعوة من نظيره السوداني أحمد محمد صادق الكاروري، والتقى خلالها الرئيس السوداني عمر البشير، وعقد جلسة مباحثات مشتركة بوزارة المعادن السودانية قبل أن يغادر عائدا إلى بلاده.
وبدا النعيمي متفائلا بما تم الاتفاق عليه، مبديا جدية حكومة بلاده على إنفاذ المشروع بقوله حين طلب منه تقديم إفادات للصحافيين: «انتهى الكلام.. الحين وقت عمل ما وقت كلام»، موضحا أن زيارته للسودان لبحث الاستثمارات المشتركة تنسجم مع توجهات المملكة العربية السعودية الجديدة بتقليص الاعتماد على العائدات النفطية.
وقال وزير المعادن السوداني: إنه ونظيره السعودي «اتفقا على التفاصيل كافة، المتعلقة منها بموقع (أطلانتس 2) لاستثمار المعادن في البحر الأحمر، أو استثمار المعادن في بقية أنحاء السودان».
وأوضح الكاروري: إن شركة «منافع» السعودية قدمت لهما تقريرا بشأن ما قامت به من عمل، ما أثبت جديتها في العمل والتزامها بالبرنامج، وأن الطرفين ناقشا الخطة التي تقدمت بها، بعد أن كانت اللجان الفنية قد ناقشتها قبل يوم، واتفقا على تعديل البرنامج الزمني ليبدأ الإنتاج بعد أربع سنوات بدلا عن مقترح الشركة الذي حدد ثلاث سنوات. مشيرا إلى أن عمليات الإنتاج الفعلية ستبدأ بعد أربع سنوات، أي في عام 2020.
وأضاف الكاروري: «من المعروف أن العمل في أعماق البحار يحتاج إلى خبرات وكفاءات وآليات فنية محددة؛ ما استدعى تقديم برامج بكلفة 74 مليون دولار حتى بلوغ مرحلة الإنتاج، وتشمل الجوانب الفنية والتحاليل الإضافية للوصول لمرحلة الجدوى الاقتصادية، والتي يعقبها الوصول لمرحلة الإنتاج».
وكشف الكاروري عن اتفاقه مع النعيمي على عقد ورشة عمل لعرض فرص الاستثمار في المعادن بالسودان، على أن تعقد في المملكة على القطاعين الخاص والعام. وقال: «نؤكد عمق العلاقة بين الدولتين، وبخاصة بعد ما قدم من طروحات جديدة وإعادة هيكلة الاقتصاد السعودي، ونأمل أن تثمر لفائدة البلدين».
وأجرت شركة «دياموند فيلدز انترناشونال الدولية لحقول الألماس المحدودة»، وهي شركة كندية مقرها مدينة فانكوفر، دراسة توقعت فيها تحقيق كلا البلدين عوائد مجزية، من استخراج معادن النحاس والفضة والزنك من قاع البحر الأحمر.
ونشر معهد «كيل للاقتصاد العالمي» بحثا في مارس (آذار) عام 2011، قدر القيمة الإجمالية للمعادن في قاع أحواض البحر الأحمر بنحو 9 مليارات دولار، وأن استخراجها ممكن؛ وأنها مربحة اقتصاديا.
وقدرت الهيئة العامة للأبحاث الجيولوجية السودانية الثروات المعدنية في المنطقة المشتركة بين البلدين من قاع البحر الأحمر بنحو 47 طنا من الذهب، ومليوني طن من الزنك، و500 ألف طن من النحاس، و3 آلاف طن من المنغنيز، و3 آلاف طن من الفضة، إلى جانب معادن أخرى.. وتوقعت أن تصل عائدات استغلال هذه الثروة إلى نحو 20 مليار دولار.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.