الحكومة المغربية تعلن عن أكبر مشروع لمحاربة الفساد

الصحة والأمن والعدل الأكثر تضررًا

الحكومة المغربية تعلن عن أكبر مشروع لمحاربة الفساد
TT

الحكومة المغربية تعلن عن أكبر مشروع لمحاربة الفساد

الحكومة المغربية تعلن عن أكبر مشروع لمحاربة الفساد

أعلن المغرب أمس عن مشروع لمحاربة الفساد وصف بأنه الأكبر والأول من نوعه في تاريخ البلاد، ستساهم في تنفيذه القطاعات الحكومية وهيئات الحكامة، ورجال الأعمال والمجتمع المدني، وسيتصدى لمحاربة الرشوة في قطاعات الصحة والأمن والعدل والجماعات الترابية (البلديات) الأكثر عرضة للفساد.
وقالت الحكومة إن المشروع يشكل بداية رسمية لتنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد التي اعتمدتها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ويتوخى تحسين ترتيب المغرب في مختلف المؤشرات الدولية لمحاربة الفساد، حيث جرى أمس في الرباط التوقيع على 10 برامج بين عدد من الوزارات والقطاع الخاص، وهيئة محاربة الرشوة، ستشكل ائتلافًا وطنيًا ضد الفساد، وتشمل تلك البرامج مختلف المجالات منها تحسين خدمة المواطن وتعزيز الرقابة والمساءلة والزجر، وتكريس الشفافية والنزاهة الوصول إلى المعلومة.
وقال محمد مبديع وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة خلال إطلاق مشروع التعاقد حول تنفيذ الاستراتيجية الوطنية لمحاربة الفساد أمس بالرباط إن «الأمر لا يتعلق بتصريح نيات بل خطة عملية».
وتنتقد مؤسسات دولية انتشار الرشوة في قطاعات عدة في المغرب على الرغم من إقرار الحكومات السابقة إجراءات لمحاربتها، فإنه يظل «ظاهرة مقلقة في المجتمع، وتمثل تهديدا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية في البلاد». وتنتقد التقارير الدولية ضعف التنسيق بين المؤسسات في مجال محاربة الرشوة، الأمر الذي يفسر ضعف عدد المحاكمين بتهم الفساد. فيما تقر الحكومة نفسها بوجود ما تسميه «تطبيعًا مع الفساد في المجتمع».كما أن الشكوك في القدرة على المرور إلى التنفيذ تصاحب كل خطة تعلن عنها الحكومة.
ونوه عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة أمس بمشروع تنفيذ الاستراتيجية، وقال: «إذا اجتمعت الإدارة ورجال الأعمال والمجتمع المدني سننتصر على الفساد» بيد أنه أقر بأنه لا يمكن القضاء على الفساد بصفة نهائية، لكن الشعوب القوية هي التي يغلب فيها الصلاح على الفساد».
وقال ابن كيران إن المغاربة أصبحوا مقتنعين بأنه لا يمكن تحقيق النجاح إلا عن طريق أحد مسالك الفساد، لكني أريد أن أقنعهم أن النجاح الحقيقي والرفاهية تكمن في الصلاح وليس في الفساد»، مستشهدًا بعدد طلبات التدخل والوساطة التي يتلقاها من الناس، من أجل توظيف أبنائهم والتي يرفض تلبيتها. وأضاف أنه «يتعين على النخبة أن تغير ثقافتها، لأن عهد الحصول على الامتيازات مقابل الولاء للدولة انتهى». وزاد قائلا: «لم نعد محتاجين إليكم، لأن هناك إجماعًا اليوم على الملكية والاختيار الديمقراطي للدولة».
وأشركت الحكومة «ترانسبرانسي المغرب» في إعداد استراتيجية محاربة الفساد، ومشروع التنفيذ، إلا أن الجمعية عبرت عن بعض التحفظات رغم مساندتها للمشروع ككل.
في غضون ذلك، قال فؤاد عبد المومني، الكاتب (الأمين) العام للجمعية المغربية لمحاربة الرشوة خلال إطلاق المشروع إن الجمعية «ستنخرط في هذا المشروع لإنجاحه إلا أنها ستظل يقظة وحذرة حتى ترى إجراءات ملموسة وفعالة»، داعيًا الحكومة إلى احترام الجدولة الزمنية التي وضعتها لتنفيذ الخطة والتي تبدأ من العام الحالي، وتمتد إلى 10 سنوات، مقسمة إلى ثلاث مراحل. وذلك حتى لا يتحول المشروع إلى «مجرد إعلان تواصلي»، حسب تعبيره. وقال أيضًا إنه «لا يمكن مواجهة ظاهرة خطيرة ومعقدة بتدابير معزولة وحملات إعلانية مرتبطة بمحفزات سياسية ظرفية»، وذلك في إشارة إلى الخطط والبرامج السابقة التي ظلت حبرًا على ورق.
وانتقدت «ترانسبرانسي المغرب» مشروع القانون المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، التي ستحل محل «الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة» بسبب ضعف الصلاحيات الموكولة إليها، كما انتقدت مشروع قانون الحق في الحصول على المعلومة، الذي قيد هذا الحق بكثير من الضوابط، وهي التحفظات نفسها الذي عبر عنها أمس البشير الراشدي رئيس قسم الأخلاقيات في اتحاد مقاولات المغرب (اتحاد رجال الأعمال) الشريك في تنفيذ استراتيجية محاربة الفساد في القطاع الخاص.
وأعلنت الحكومة أمس أنه سيجري تقييم حصيلتها في مجال محاربة الفساد سنويًا، وأنه جرى تحديد 239 مشروعا موزعة على 10 برامج وفق منهجية مبنية على تحليل المخاطر أخذًا بعين الاعتبار الأولوية التي ستمنح للمجالات الأكثر عرضة للفساد وهي الصحة والأمن والعدل والجماعات الترابية (البلديات)، والتركيز على الإجراءات العملية وذات التأثير المباشر على الفساد.
أما البرامج المعلن عنها أمس فهي برنامج تحسين خدمة المواطن، التي ستشرف عليه وزارة الداخلية، وبرامج الإدارة الإلكترونية، والأخلاقيات والشفافية والوصول إلى المعلومات، والرقابة والمساءلة، والمتابعة والزجر الذي سيشرف عليه وزارة العدل، وبرنامج نزاهة القطاع الخاص وبرنامجي التواصل والتربية والتكوين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.