3 قاصرين فلسطينيين تعرضوا للتنكيل طيلة 3 أيام بأيدي جهاز المخابرات الإسرائيلية

تسللوا من قطاع غزة بحثا عن مصدر للرزق

3 قاصرين فلسطينيين تعرضوا للتنكيل طيلة 3 أيام بأيدي جهاز المخابرات الإسرائيلية
TT

3 قاصرين فلسطينيين تعرضوا للتنكيل طيلة 3 أيام بأيدي جهاز المخابرات الإسرائيلية

3 قاصرين فلسطينيين تعرضوا للتنكيل طيلة 3 أيام بأيدي جهاز المخابرات الإسرائيلية

كشف النقاب في تل أبيب، أمس، عن عملية تنكيل قاسية تعرض لها ثلاثة فتية قاصرين من قطاع غزة، عندما وقعوا بأيدي جنود إسرائيليين، استمرت ثلاثة أيام متواصلة.
وقالت مصادر في الشرطة العسكرية، التي تحقق في الشبهات المتعلقة بهذه القضية، وقد استدعت الجنود المشبوهين للإدلاء بإفاداتهم، إن الشبهات تدور حول قيام الجنود بتعرية الفتية الفلسطينيين وضربهم، ومنعهم من النوم، وإطفاء السجائر على أجسادهم، في أثناء احتجازهم في قاعدة عسكرية. ويتبين من تقرير ضابط الأحداث، الذي تم تحويله إلى النيابة العسكرية، أن الفتية مروا بتجربة اعتقال مؤلمة.
ويعود الحادث إلى تاريخ العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) عام 2015، حيث وقعت مواجهات بالقرب من السياج الحدودي، في منطقة مخيم البريج للاجئين في القطاع. وقام عشرات الشبان في حينه بإشعال الإطارات، ورشق الحجارة، وتمكن بعضهم من اختراق البوابة الحديدية والعبور إلى إسرائيل. وكان من بين هؤلاء ثلاثة قاصرين اعتقلهم الجيش بمساعدة الكلاب المدربة. وحسب المعلومات التي وصلت إلى السلطات، فقد تعرض الفتية إلى الضرب من قبل الجنود. ويفصّل الأولاد، في الإفادات التي أدلوا بها أمام الناشط في مركز «بتسيلم» خالد عزايزة، الساعات التي أمضوها في المعسكر عقب اعتقالهم، بشكل مشابه. وحسب الإفادات، فقد تعرض الفتية إلى الضرب أيضًا بكعب البندقية، وتم احتجازهم وهم مقيدون كما يبدو في ساحة المعسكر، ومنعهم من النوم، وسكب الماء عليهم وإطفاء السجائر على أجسادهم.
وفي حديث أدلى به أحدهم، ويدعى عبد (16 عاما)، قال: «أحاط بنا الجنود، وأرسلوا الكلاب لتهاجمنا بين الشجيرات، وبعد اعتقالنا قاموا بتقييدنا وتغطية أعيننا. وهنا، بدأ الكابوس الذي استمر لثلاثة أيام، فقد قاموا بتعريتنا وشتمونا وضربونا على كل مكان في أجسادنا، سواء بالركل أو بكعب البنادق. وفي الليل، نمنا نصف عراة على الأرض دون أغطية».
وحسب أقوال عبد، فقد قام الجنود بضربهم في اليوم التالي، وسكبوا على أجسادهم مشروبات خفيفة «وكان هذا عمل مثير للاشمئزاز ومخيف، وكما يبدو فقد قصدوا ذلك، إذ إنهم قضوا الوقت بالضحك بصوت عال، وفي الليل، قاموا بإسماعنا موسيقى صاخبة لمنعنا من النوم».
وقال فتى آخر في نفس الجيل، يدعى محمد، إن الجنود قاموا بإطفاء السجائر على جسمه. ويتعلم محمد في الصف الثامن، وليس له أي ماضٍ جنائي، تماما مثل رفيقيه الآخرين. وتحدث هو أيضًا عن تعرضه إلى الضرب والإهانة، وإجباره على احتساء مشروب كحولي. وقال والده إن ابنه الذي يدرس في مدرسة تابعة للأونروا لم يعد إلى طبيعته منذ الحادث، وهو يخضع للعلاج النفسي، مضيفا: «لست متأكدا من أن ابني وصل إلى السياج لرشق الحجارة، وربما وصل إلى هناك بفعل الفضول، ولكن حتى إن كان ذلك صحيحا، فهذا لا يبرر في أي حال هذا السلوك، وهذا التنكيل، وأنا متأكد أن حالة ابني ليست وحيدة».
وقد فرضت المحكمة على محمد وتوفيق حكما بالسجن لمدة نصف سنة، وعلى عبد بالسجن لأربعة أشهر. وتم إطلاق سراحهم إلى غزة في الشهرين الأخيرين. وقد عقب الناطق العسكري على إفادات الثلاثة، فأكد أن الشرطة العسكرية فتحت تحقيقا في الموضوع، وتم تحويل نتائجه إلى النيابة العسكرية. وقالت المديرة العامة للجنة الشعبية ضد التعذيب في إسرائيل، د. راحيل سترومزا: «إن التقارير التي نشرت حول الموضوع تشير إلى شبهات واضحة بتعرض الثلاثة إلى التعذيب، الذي تشير إليه معاهدة مكافحة التعذيب، التي وقعتها إسرائيل. وحسب المعلومات المتوفرة لدينا، فإن هذا الحادث هو استثنائي فعلا، لكن ظاهرة التنكيل من قبل الجنود أوسع بكثير، ونسبة نحو 1 في المائة فقط من الشكاوى التي يجري تقديمها ضد تنكيل كهذا تنتهي بتقديم لوائح اتهام، بينما يجري إغلاق الملفات الأخرى دون أي تفسير. وعلى إسرائيل احترام مبادئ معاهدة مكافحة التعذيب والمبادئ الأخلاقية ومحاسبة المسؤولين في كل حادث تعذيب أو تنكيل أو معاملة غير إنسانية».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.