البرلمان الفرنسي يناقش مشروع إصلاح قانون العمل المثير للجدل

بعد سلسلة احتجاجات وأحداث شغب تكررت لمدّة نحو شهرين، عرض مشروع إصلاح قانون العمل الفرنسي المثير للجدل على البرلمان، حيث يتوقع له مصير صعب بسبب انقسام الأكثرية اليسارية.
وقبل عام على الانتخابات الرئاسية، يرجح أن يكون مشروع القانون النص المهم الأخير في ولاية الرئيس الاشتراكي فرنسوا هولاند، كما أنه المشروع الذي دفع بالعدد الأكبر من يساريي فرنسا للنزول إلى الشارع.
فمع بدء النواب مناقشة النّص أمس، نظّمت نقابات عمال وطلاب تجمعا جديدا قرب مقر الجمعية الوطنية للاعتراض على نص «مرفوض» في نظرهم. ومن الصباح، تظاهر العشرات في محيط المبنى، في محاولة لمواجهة النواب عند وصولهم.
ونظمت هذه الجهات منذ 9 مارس (آذار) نحو ست مظاهرات وطنية، تخللت بعضها صدامات، إذ تعرض رجال الأمن للرشق بمختلف أنواع المقذوفات وقام مشاغبون بتخريب ممتلكات. وفيما تتّهم السلطات مخربين بالاندساس بين المواكب، يندّد المنظمون بانتشار مفرط لعناصر الشرطة يزيد التوتر برأيهم.
كما أدّت التعبئة التي بلغت أوجها في 31 مارس بمشاركة 390 ألف شخص في فرنسا بحسب السلطات، إلى نشوء حركة «الليل وقوفا» التي نصبت خيم اعتصام منذ شهر في ساحة الجمهورية، في وسط باريس.
وتراجع زخم المسيرات تدريجيا، وبقي نحو 170 ألف شخص الخميس في شوارع المدن الفرنسية، فيما هيمن رفض المشروع على مسيرات عيد العمال في الأول من مايو (أيار) بمشاركة 84 ألف شخص، وشهدت توترا في باريس.
ويهدف النص إلى إعطاء مزيد من المرونة للشركات، خصوصا من حيث تنظيم دوامات العمل، وإلى توضيح قواعد التسريح من العمل لأسباب اقتصادية. وفي مواجهة الغضب الشعبي، بادرت الحكومة إلى بعض التسويات فأسقطت مسألة تحديد سقف التعويضات المترتبة في حال التسريح التعسفي، ما أثار استياء نقابة أصحاب الشركات. ويطالب المعارضون بالسحب التام لنص مشروع القانون الذي يرون أنه مؤات أكثر من اللازم لأصحاب العمل، لكنه في المقابل يهدد الأمن الوظيفي وخصوصا للشباب.
إلى جانب الشيوعيين وعدد من البيئيين، يشاطر نواب اشتراكيون هذه المخاوف مهددين بالتصويت ضد مشروع القانون بصيغته الحالية. وأكد عدد من المحتجين عشية طرح النص في البرلمان أنه «ليس مفيدا لفرنسا ولا للمصلحة العامة، كما أنه لا يتماشى والإصلاحات المنتظرة من حكومة يسارية». وحاليا «ما زال ينقص 40 صوتا للحصول على أكثرية والتصويت على القانون»، على ما أفاد مقرر مشروع القانون، النائب كريستوف سيروغ، في مقابلة مع صحيفة «لوباريزيان» أول من أمس.
ولحشد التأييد، يُتوقع أن يخضع النص إلى تعديلات أثناء مناقشته، تضاف إلى تعديلات سابقة على مستوى لجنة الصياغة، قبل تصويت رسمي في 17 مايو. ويفترض أن يناقش النواب نحو 5000 تعديل. وكتب نواب يرفضون النص مقالة قالوا فيها أن «الوقت ما زال متاحا» للعثور على «طريق جديد»، مطالبين بتعديلات كبيرة.
من جهته، اعتبر وزير الاقتصاد إيمانويل ماكرون أن هذه النقاشات «ستؤدي إلى التوازن». ويذكر أن الحكومة قد تلجأ كملاذ أخير إلى أداة دستورية أخرى سبق أن استخدمتها في إقرار إصلاح اقتصادي أثار جدلا في 2015.
وتتيح المادة 49 - 3 من الدستور للسلطة التنفيذية التزام مسؤوليتها لتفادي طرح مشروع قانون على التصويت. وبذلك، يتم إقرار النص في حال لم تطرح المعارضة مذكرة للثقة بالحكومة في غضون 24 ساعة. لكن رئيس الوزراء مانويل فالس أكد صباح أمس أن اللجوء إلى هذه المادة «ليس من خياراتنا الفضلى»، مستبعدا في الوقت نفسه سحب النص.
ويهدد اعتماد المادة 49 - 3 بزيادة نسبة الاستياء بين ناخبي اليسار، الذين يبدو قسم كبير منهم غير راض عن حصيلة الرئيس الفرنسي. فرغم تدني شعبيته إلى مستويات قياسية (نحو 15 في المائة من التأييد فحسب)، يستعد هولاند على ما يبدو للترشح مجددا ويراعي قاعدته الانتخابية، رغم أنه لم يعلن رسميا نواياه بشأن استحقاق 2017.