الانقلابيون يسعون لخرق دفاعات المدن المحررة والجيش يقبض على عناصر قيادية

نائب رئيس هيئة الأركان أكد وصول صواريخ باليستية مهربة إلى الميليشيات

اللواء ركن ناصر الطاهري
اللواء ركن ناصر الطاهري
TT

الانقلابيون يسعون لخرق دفاعات المدن المحررة والجيش يقبض على عناصر قيادية

اللواء ركن ناصر الطاهري
اللواء ركن ناصر الطاهري

كشف اللواء ركن الدكتور ناصر الطاهري نائب رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة اليمنية، أن الجيش اليمني رصد معلومات عن وصول صواريخ باليستية لمعسكرات الانقلابيين، جراء عمليات التهريب في عدد من المواقع، خلال فترة الهدنة التي أبرمتها الحكومة مع ميليشيا الحوثي وحليفهم المخلوع علي صالح.
ولم يفصح نائب رئيس هيئة الأركان، أثناء حديثه لـ«الشرق الأوسط» عن مصادر هذه الصواريخ، وكيفية إدخالها، ومدى هذه الصواريخ التي أدخلت للبلاد، إلا أنه أكد أن غالبية منصات هذه الصواريخ دمرت في وقت سابق من قبل طيران التحالف العربي الذي تقوده السعودية، لكن الميليشيا استفادت من فترة الهدنة لجلب هذه الصواريخ.
وأضاف أن الميليشيا تمتلك صواريخ باليستية، تستخدم في ضرب كثير من المدن، ومنها مأرب وبعض الجبهات، موضحًا أن ضرب المدن بمثل هذه الصواريخ يعني أن الميليشيا تخطت مرحلة الانتهاك وخرق الهدنة المبرمة مع الحكومة اليمنية، الأمر الذي يتطلب الرد عليها بشكل سريع من قبل طيران التحالف العربي، وإجراء عمليات استطلاع على مدار الساعة لضرب هذه الأسلحة ومنع تحركها من مواقعها.
وقال اللواء ركن الطاهري: «الميليشيا وحليفها المخلوع، عملت على تعزيز مواقعها بأسلحة ومعدات ثقيلة منذ أول يوم في الهدنة، إضافة إلى الدفع بالعشرات إلى نقاط التماس مع الجيش الوطني»، موضحًا أن هذه الأسلحة التي سرقت من مخازن وزارة الدفاع قبل عملية الانقلاب على الشرعية، لم تكن الميليشيا قادرة على تحريكها من موقع لآخر في وقت سابق، نظرًا لوجود طائرات التحالف التي كانت تضرب الأهداف المتحركة للميليشيا.
وأشار إلى أن هذه النوعية من الأسلحة التي رصدها الجيش، كانت معدودة، ولا تمتلك الميليشيا كثيرا منها عندما انطلقت «عاصفة الحزم» لإعادة الشرعية، إلا أنها اليوم موجودة وبشكل موسع على جميع الجبهات، ويجري التعامل مع هذه النوعية من الأسلحة بالإمكانيات المتوفرة لدى الجيش.
وحول خروقات الهدنة، قال نائب رئيس هيئة الأركان: «الخروقات مستمرة منذ أول يوم لإعلان الهدنة، وفي كل الأوقات وعلى جميع الجبهات، وتهدف إلى خرق دفاعات الجيش الموجودة في المدن المحررة، من خلال نشر الآليات الثقيلة والأفراد في تلك المواقع»، مضيفًا أن الجيش يرفع كل هذه المعلومات للقيادة العليا للتعامل معها وإصدار أوامرها بما تقتضي الحاجة على الأرض.
وتطرق الطاهري، إلى أن الميليشيا تستفيد من كل إمكانيات الدولة التي استولت عليها في وقت سابق، في تجهيز الميليشيات، وتجنيد الأطفال بالقوة، وإغرائهم بالمال، وهي عوامل تجعل كثيرين ينخرطون في المرحلة الأولى للحصول على المال، في ظل الأوضاع الاقتصادية التي تعيشها البلاد، مؤكدًا أن كثيرًا من القصّر بعد تسلمهم المبالغ وتعرفهم على طبيعة المهام التي سيقومن بها يفرون من مواقعهم، ومنهم من سلم نفسه للقوات الحكومية.
وذكر أن هناك موارد مالية تبعث لصنعاء من عدد من المدن، وهذه الأموال جرى الحديث مع الحكومة الشرعية حولها، لوضع آلية لمنع جميع مصادر الدخل التي تصل إليها وتحديدًا من المناطق التي تقع تحت سيطرة الحكومة. وتابع: «طالبنا وقف جميع المبالغ التي تحول من النفط ومشتقاته إلى صنعاء، وضبط المنافذ لمنع الاستفادة منها، جراء الخروقات التي تمارسها الميليشيا، والتي تستوجب وقف مثل هذه الاتفاقيات التي يستفيد منها الحوثيون في عملية التسليح».
وحول المواجهات الأخيرة مع الميليشيا في بعض الجبهات، أكد اللواء الركن الطاهري، أن الجيش يقوم بدوره في صد أي هجوم، وأنه صامد لحماية المدن المحررة، لافتًا إلى أن هذه المواجهات شهدت سقوط كثير من الأسرى ومنهم قيادات حوثية، وهناك من أُطلق سراحهم عن طريق تبادل الأسرى، وهناك من رُحِّلوا إلى مواقع محددة لإكمال إجراءات التحقيق، كما أن بعض المغرر بهم أُطلق سراحهم بعد التأكد من جميع المعلومات».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.