مصادر معارضة: النظام يتحضر لهجوم واسع على حلب بعد الغارات الجوية

خبراء عسكريون يؤكدون أن الطائرات التي قصفت المدينة روسية

شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)
شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)
TT

مصادر معارضة: النظام يتحضر لهجوم واسع على حلب بعد الغارات الجوية

شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)
شباب من الأحياء الشرقية لحلب، رفعوا لافتات أمس بعدة لغات تطالب بإنقاذ المدينة التي تحترق (غيتي)

أعلنت مصادر المعارضة السورية أن قوات النظام السوري وحلفاءها تتحضر لشن هجمات واسعة ضد مناطق سيطرة المعارضة في مدينة حلب، بعد 10 أيام من القصف الجوي الذي انحسر إلى حد ما أمس، بالتزامن مع دعوات للتوصل إلى اتفاق هدنة في المدينة.
وقال المعارض السوري البارز سمير النشار لـ«الشرق الأوسط»: «بعد 10 أيام من القصف، والأنباء الواردة من الميدان عن حشود إيرانية، يبدو أن هناك مخططا متفقا عليه لمحاولة استعادة النظام أحياء مدينة حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة»، معتبرا أنه «بصرف النظر عن التحركات الدبلوماسية الهادفة لصرف الأنظار عن الاستعدادات الحقيقية، تفيد معلوماتي من المدينة أن هناك تحركات من قوات النظام وقوات (وحدات حماية الشعب) الكردية استعدادا لهجوم واسع في المدينة».
ونقل النشار عن خبراء عسكريين في المعارضة تأكيدهم «أن الطائرات التي قصفت حلب، ليست نظامية، بل روسية بدليل دقة الأهداف، واستهداف المراكز الحيوية مثل 3 مراكز طبية وعدد من الأفران، بهدف إجبار السكان البالغ عددهم أكثر من 150 ألفا على إخلاء المدينة». وقال: «إن قصف المراكز الحيوية يهدف إلى تدمير الروح المعنوية ومحاولة تفريغ الأجزاء المحررة من المدنيين، تمهيدا للمعركة التي ستشهد المزيد من الاشتباكات». وقال: «إن القصف المكثف يمثل الجائزة الكبرى للنظام في محاولة تسهيل عملية سيطرته على أحياء المعارضة».
وإذ أشار النشار إلى أن القصف «متواصل في حلب»، شكك في احتمال نجاح النظام في استعادة المدينة بأكملها، ذلك أن «المقاتلين أمام خيارين، الموت أو النصر، لذلك قد تكون هناك معارك طاحنة وخسائر كبيرة في صفوف المدنيين».
وانتقد النشار التحركات الدبلوماسية الأخيرة، مشككا في إمكانية التوصل إلى تهدئة حاسمة. وقال: «إن تصريحات وزير الخارجية الأميركي جون كيري الأخيرة حول تحميل النظام والمعارضة مسؤولية القصف في حلب من غير التمييز بينهما ليست مخيبة للآمال فحسب، بل مستهجنة»، معتبرًا أن التحركات الأميركية والروسية للتوصل إلى هدنة في حلب هي مناورات لتهدئة الرأي العام بالتزامن مع الحملات الإعلامية والاعتصامات والتعاطف العالمي مع حلب. ووصف المحاولات الروسية والأميركية بأنها «محاولة لامتصاص نقمة الرأي العام والإظهار بأن هناك جهودا دبلوماسية لإيهام الرأي العام بأن الجهود الدولية تسعى إلى إيقاف قتل السوريين».
وشهدت مدينة حلب منذ صباح أمس هدوءا حذرا بعد ليل طويل من الغارات الجوية المكثفة التي استهدفت الأحياء الشرقية. وذكرت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن بعض السكان «تجرأوا على فتح متاجرهم والعودة إلى عملهم، وهناك حركة بسيطة في الشوارع».
وأكد مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن «تراجع حدة القصف المتبادل منذ صباح اليوم (أمس)». وقال: «استهدفت غارات حيين في الجهة الشرقية صباحا».
وكان القصف تجدد ليل الأحد الاثنين؛ إذ استهدفت الطائرات الحربية بعد منتصف الليل الأحياء الشرقية، وبينها بستان القصر وصلاح الدين، دون سقوط إصابات. وأفاد المرصد السوري أيضا بـ«مقتل ثلاثة مدنيين، بينهم طفل، وإصابة العشرات بجروح جراء سقوط قذائف محلية الصنع أطلقتها الفصائل الإسلامية والمقاتلة» على الأحياء الغربية، وبينها الخالدية وشارع النيل.
ولاحقا أفاد المرصد بسقوط المزيد من القذائف على مناطق في أحياء الميدان وشارع النيل والأعظمية وحلب الجديدة، الخاضعة لسيطرة النظام.
هذا، وقصفت مروحيات النظام بالبراميل المتفجرة مناطق في بلدة كفرداعل بالريف الغربي لحلب، وأماكن أخرى في بلدة حريتان بريف حلب الشمالي.
وفي سياق منفصل، ذكرت وكالة أنباء «الأناضول»، أمس، أن المدفعية التركية قصفت مواقع لتنظيم داعش في سوريا، بينما شنت طائرات من دون طيار أقلعت من قاعدة جوية في جنوب تركيا غارات على الجهاديين؛ مما أدى إلى مقتل أكثر من ستين من مقاتلي التنظيم. وجاءت عمليات القصف هذه ردا على إطلاق صواريخ بشكل متكرر من قبل التنظيم المتطرف داخل سوريا على منطقة كيليس الواقعة على الحدود التركية؛ مما أدى إلى مقتل 18 شخصا منذ بداية العام الحالي.
وقالت وكالة «الأناضول» الحكومية أن 63 من أعضاء تنظيم داعش قتلوا في غارات الطائرات المسيرة والقصف المدفعي في سوريا، لكن من غير الممكن التحقق من هذه الأرقام من مصادر مستقلة على الفور. وأضافت أن المدفعية التركية المتمركزة على الحدود السورية قصفت مواقع للتنظيم وقتلت 34 من مقاتلي التنظيم. وأوضحت أن أربع طائرات بلا طيار أقلعت من قاعدة «أنجرليك» الجوية التركية التي يستخدمها التحالف الدولي لشن غاراته على التنظيم، قتلت 29 من المتطرفين.
وتزامن ذلك مع الإعلان عن تجدد الاشتباكات بين الفصائل الإسلامية والمقاتلة من طرف، وتنظيم داعش من طرف آخر، في منطقة سندرة بالريف الشمالي لحلب، وسط استمرار عمليات الكر والفر والسيطرة المتبادلة بين الجانبين.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.